الكاظمي يدعو العراقيين إلى «صنع التغيير» بانتخابات الأحد

القوى السياسية الرئيسية منهمكة منذ الآن في مباحثات لاختيار مرشحي الرئاسات الثلاث

مركز انتخابي في بغداد أمس (أ.ف.ب)
مركز انتخابي في بغداد أمس (أ.ف.ب)
TT

الكاظمي يدعو العراقيين إلى «صنع التغيير» بانتخابات الأحد

مركز انتخابي في بغداد أمس (أ.ف.ب)
مركز انتخابي في بغداد أمس (أ.ف.ب)

في حين يتوجه نحو 25 مليون عراقي إلى صناديق الاقتراع يوم الأحد لانتخاب أعضاء برلمانهم الجديد المكون من 329 عضواً من بين 3240 مرشحاً، دعا رئيس الوزراء المنتهية ولايته، مصطفى الكاظمي، العراقيين إلى «صنع التغيير» بإرادتهم.
وقال الكاظمي، أمس (الخميس)، في تغريدة له على «تويتر» في اليوم الذي انتهى فيه عمل مجلس النواب وتحويل حكومته إلى تصريف الأعمال اليومية: «أنهى مجلس النواب (أمس) فترته النيابية تمهيداً لإجراء الانتخابات يوم الأحد المقبل». وخاطب الكاظمي العراقيين قائلاً إن «الانتخابات هي المسار الوطني لإنتاج مجلس نواب جديد، ولحماية وطننا وبناء الدولة. اختاروا من يمثلكم بحرية وعلى أساس قيم العراق الوطنية. اصنعوا التغيير بإرادتكم».
وطبقاً لما أعلنته المفوضية العليا المستقلة للانتخابات التي أعلنت جاهزيتها التامة لإجراء الاقتراع، فإن بين المرشحين المتنافسين 950 امرأة يتنافسن عبر نظام «الكوتا» على 25 في المائة من مقاعد البرلمان. كما بلغ عدد المرشحين المستقلين 789 مرشحاً. ويرى العديد من المراقبين السياسيين أن عدداً كبيراً من هؤلاء المرشحين اختاروا التنافس بصفة مستقلين في إطار مناورة سياسية تقوم بها الأحزاب الكبيرة، علماً بأن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات كانت قد صادقت على 33 تحالفاً انتخابياً. كما بلغت مراكز الاقتراع في كل العراق 8278 مركزاً، في حين بلغ عدد المراقبين الدوليين نحو 200 مراقب بحماية أكثر من 600 عنصر أمني، وهي المرة الأولى التي يبلغ فيها الأمر هذا العدد من المراقبين الدوليين الذين يجري إرسالهم إلى العراق بقرار من مجلس الأمن الدولي بناء على طلب من حكومة الكاظمي.
في السياق نفسه، أعلنت نحو 12 دولة؛ تتقدمها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، اهتمامها بإجراء انتخابات نزيهة وعادلة في العراق.
من جهته، أكد رئيس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، القاضي جليل عدنان، أن نتائج الانتخابات ستعلن بعد 24 ساعة من يوم الاقتراع، بعكس كل الانتخابات في الدورات الماضية التي كانت تتأخر لأسابيع عدة. وانهمكت القوى السياسية الرئيسية منذ الآن في مباحثات مضنية لاختيار مرشحي الرئاسات الثلاث (الجمهورية والوزراء والبرلمان) في ظل صراع محتدم داخل المكونات الثلاثة التي ينتمي إليها المرشحون لهذه المناصب (وهي المكون الكردي، والشيعي، والسني). وبينما يبدو منصب رئيس الوزراء محسوماً للشيعة بوصفهم الكتلة التي ستحصل على أعلى المقاعد في البرلمان المقبل، فإنه في الوقت الذي ربما يتعذر فيه حدوث تغيير بشأن منصبي رئاسة الجمهورية الذي تولاه الكرد طوال السنوات الـ18 الماضية، والبرلمان الذي تولاه العرب السنة، فإن رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي لا يزال يكرر طموحه في أن يتولى هو منصب رئيس الجمهورية. ففي آخر تصريح له، قال الحلبوسي إن «منصب رئاسة الجمهورية يجب ألا يكون حكراً على الأكراد». أما الأكراد فهم يصرون، من جانبهم، على أن يكون هذا المنصب من حصتهم؛ لكنهم مختلفون بشأن من يتولاه، علماً بأنه كان طوال الدورات الماضية من حصة «الاتحاد الوطني الكردستاني»، بينما الآن يصر «الحزب الديمقراطي الكردستاني» بزعامة مسعود بارزاني على تولي مرشح منه منصب رئاسة الجمهورية.
وبشأن ما إذا كانت الخريطة السياسية ستتغير بعد الانتخابات المقبلة، يقول الدكتور إحسان الشمري رئيس «مركز التفكير السياسي» في العراق، لـ«الشرق الأوسط» إن «القوى التقليدية، حسب قناعتي، ستهيمن على ما نسبته 80 في المائة من مقاعد البرلمان أو أقل قليلاً، بينما ستكون نسبة 15 إلى 20 في المائة لأحزاب أو شخصيات مستقلة». وأضاف أن «من بين السيناريوهات المطروحة العودة إلى العرف نفسه الذي سارت عليه القوى السياسية بشكل عام، وهو المحاصصة الطائفية والعرقية؛ بما في ذلك الرئاسات الثلاث التي ستبقى كما هي». وأضاف الشمري أن «كل هذه القوى الرئيسية ستشهد صراعات وخلافات وتقاطعات وتبادل اتهامات واحتكاكات وتدافعات؛ لكنها لن تصل إلى حد الاحتكاك المسلح». وأوضح الشمري أنه «لا يوجد تغيير كبير أو جذري إلا في حالة واحدة؛ هي مشاركة واسعة في الانتخابات بحدود 80 في المائة بحيث تتغير المعادلة بشكل كامل، لكن لا مؤشرات على ذلك حتى الآن».
وبين الشمري أنه «في حال أحكمت القوى السياسية سيطرتها ثانية على مؤسسات الدولة؛ فإننا سنكون أمام حالة ارتطام كبير، خصوصاً أن الشعب العراقي لن يسكت عن هذا الواقع ما لم تعمل هذه القوى على تقديم وجوه جديدة لإدارة الدولة، وهو أمر مستبعد تقريباً؛ الأمر الذي يجعلنا نرجح أننا سنكون أمام بوابة أزمة جديدة».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.