أميركا وبريطانيا وفرنسا: لا تطبيع ولا إعمار قبل تقدم العملية السياسية في سوريا

«شبكة حقوق الإنسان» أكدت وجود 100 ألف معتقل

TT

أميركا وبريطانيا وفرنسا: لا تطبيع ولا إعمار قبل تقدم العملية السياسية في سوريا

قال مسؤولون في ثلاث دول غربية، هي أميركا وبريطانيا وأميركا، إنه «لا تطبيع للعلاقات مع النظام السوري ولن نقوم بتمويل إعادة البناء في سوريا حتى يظهر النظام تقدماً فعلياً للعملية السياسية» بموجب القرار الدولي 2254.
وكانت «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» و«حملة سوريا» نظمتا فعالية على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، بمشاركة عزرا زيا، وكيلة وزارة الخارجية الأميركية للأمن المدني والديمقراطية وحقوق الإنسان، والسفير فرنسوا سينيمو، الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية الفرنسية بشأن سوريا، وجوناثان هارجريفز، الممثل الخاص للمملكة المتحدة إلى سوريا ومشاركة سوريين.
وقالت زيا: «لا يمكن الوصول إلى السلام الدائم في سوريا من دون محاسبة النظام السوري على الفظائع التي ارتكبها، والتي بلغ بعضها جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب». وتابعت: «إن معاناة المعتقلين يجب أن تبقى في مقدمة جهود المجتمع الدولي لتخفيف معاناة الشعب السوري والعمل باتجاه حل سياسي، ولهذا تطالب الولايات المتحدة الأميركية بإطلاق السراح الفوري لجميع المعتقلين وخاصة النساء والأطفال والأكثر عرضة للإصابة بـ(كوفيد - 19). كما يجب على النظام أن يسمح لجهات مستقلة ومحايدة بالدخول دون قيود إلى مراكز الاحتجاز لديه، وعليه تقديم معلومات عن المختفين لأهاليهم وتسليم جثامين المتوفين إلى أحبائهم».
وقالت: «الولايات المتحدة الأميركية لن تطبع العلاقات مع النظام السوري ولن نقوم بتمويل إعادة البناء في سوريا حتى يظهر النظام تقدماً فعلياً للعملية السياسية بناءً على قرار مجلس الأمن 2254. كما ندعم جهود غير بيدرسون من أجل حل سياسي في سوريا، وتركيزه على إطلاق سراح معتقلين غير مشروط، بالتنسيق مع لجنة التحقيق المستقلة وعائلات المختفين». وأشارت إلى أنه في يوليو (تموز) الماضي «وبالتوافق مع قانون قيصر، قامت واشنطن بفرض عقوبات على سجون ومسؤولون في نظام الأسد على صلة بانتهاكات واسعة لحقوق الإنسان. وإن الجهود المبذولة من أجل المحاسبة يجب أن تترافق مع دعم للسوريين الناجين من الفظائع التي شهدناها في سوريا خلال العقد الماضي».
من جهته، قال سينيمو: «النظام السوري، الذي يتحمل القسم الأعظم من المسؤولية رفض أن يقوم بعمليات إطلاق سراح للمعتقلين، والأسوأ من ذلك أنه لا يزال مستمراً في ارتكاب انتهاكات فظيعة لحقوق الإنسان من بينها عمليات الاعتقال التعسفي والعنف الجنسي والإخفاء القسري للمعتقلين». وأضاف أنَّ شروط العودة الآمنة والكريمة غير متحققة و«النظام السوري يقوم بممارسات من شأنها التضييق على عودة اللاجئين بدلاً من تسهيلها».
وأشار إلى أن السلطة القضائية الفرنسية تدرس 40 قضية تتعلق بجرائم ارتكبت في العراق وسوريا وقد أصدرت مذكرات توقيف. مضيفاً: «لا يوجد سلام من دون عدالة، ولا عدالة من دون سلام، وأن السلام في سوريا لا يمكن تحقيقه إلا بحل سياسي ويبقى قرار مجلس الأمن 2254 أساساً لهذا الحل، لاحتوائه على شروط أساسية لبناء الثقة أولها إطلاق سراح المعتقلين».
وقال هارغريفز: «على عكس بعض التلميحات التي يسعى البعض لنشرها فإن النزاع في سوريا غير متوقف ولم ينتهي بالتأكيد، فالنظام السوري ما زال مستمراً في حربه ضد المدنيين السوريين، أرقام المعتقلين والمختفين من إحدى أكبر ضحايا هذه الحرب، وهي فضيحة مستمرة، ومن المعيب علينا جميعاً أن العديد من السوريين لا يزالون مختفين أو معتقلين بشكل غير قانوني. وإن حلَّ هذه القضية جزء أساسي من العملية السياسية بناء على القرار 2254».
وأضاف: «علينا أن نعطي أولوية للمحاسبة في سوريا بشكل أوسع، والسعي لمحاسبة جميع أطراف النزاع على الانتهاكات الفظيعة، وأبرزها النظام السوري وحلفاؤه المسؤولون عن معظم الانتهاكات وأفظعها. كما تؤمن المملكة المتحدة أنه لا يمكن الوصول إلى سلام دائم في سوريا دون مواجهة الإفلات من العقاب»، مضيفاً أن بريطانيا «كغيرها من الدول، لا تعتقد أنه من الممكن تحقيق تقدم سياسي حقيقي أو تطبيع أو تحسين العلاقات بدون تقدم ملحوظ في العملية السياسية ووقف الانتهاكات».
وأفاد مدير «الشبكة» فضل عبد الغني أن «عدد المختفين قسرياً كبير جداً، مقارنة مع عدد سكان سوريا، مما يجعل سوريا أسوأ بلد في العالم في هذا القرن على صعيد إخفاء المواطنين قسرياً، وسجلت الشبكة أن قرابة 102 ألف مواطن سوري لا يزالون قيد الاختفاء القسري... وأعداد المختفين قسرياً في ازدياد، لأن حملات الاعتقالات ما زالت مستمرة حتى الآن».



الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)

أعلنت الجماعة الحوثية في اليمن أنها ستكتفي، فقط، باستهداف السفن التابعة لإسرائيل خلال مرورها في البحر الأحمر، بعد بدء سريان وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بحسب رسالة بالبريد الإلكتروني أرسلتها الجماعة، الأحد، إلى شركات الشحن وجهات أخرى.

ونقل ما يسمى بـ«مركز تنسيق العمليات الإنسانية»، التابع للجماعة الحوثية، أن الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، ستقتصر، فقط، على السفن المرتبطة بإسرائيل بعد دخول وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ.

وأضاف المركز، الذي كلفته الجماعة بالعمل حلقةَ وصل بينها وشركات الشحن التجاري، أنها توعدت الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل باستئناف الضربات على السفن التابعة لها في حال استمرار هذه الدول في هجماتها الجوية على المواقع التابعة لها والمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وسبق للجماعة الحوثية تحذير الدول التي لديها وجود عسكري في البحر الأحمر من أي هجوم عليها خلال فترة وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وتوعدت في بيان عسكري، أنها ستواجه أي هجوم على مواقعها خلال فترة وقف إطلاق النار في غزة، بعمليات عسكرية نوعية «بلا سقف أو خطوط حمراء».

لقطة أرشيفية لحاملة الطائرات الأميركية هاري ترومان التي أعلن الحوثيون استهدافها 8 مرات (رويترز)

كما أعلنت الجماعة، الأحد، على لسان القيادي يحيى سريع، المتحدث العسكري باسمها، استهداف حاملة الطائرات أميركية هاري ترومان شمال البحر الأحمر بمسيرات وصواريخ لثامن مرة منذ قدومها إلى البحر الأحمر، بحسب سريع.

وسبق لسريع الإعلان عن تنفيذ هجوم على هدفين حيويين في مدينة إيلات جنوب إسرائيل، السبت الماضي، باستخدام صاروخين، بعد إعلان سابق باستهداف وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي، في حين اعترف الجيش الإسرائيلي باعتراض صاروخين أُطْلِقا من اليمن.

موقف جديد منتظر

وفي وقت مبكر من صباح الأحد كشفت وسائل إعلام تابعة للجماعة الحوثية عن استقبال 4 غارات أميركية، في أول ساعات سريان «هدنة غزة» بين إسرائيل، و«حركة حماس».

ويتوقع أن تكون الضربات الأميركية إشارة إلى أن الولايات المتحدة ستواصل تنفيذ عملياتها العسكرية ضد الجماعة الحوثية في سياق منعزل عن التطورات في غزة واتفاق الهدنة المعلن، بخلاف المساعي الحوثية لربط العمليات والمواجهات العسكرية في البحر الأحمر بما يجري في القطاع المحاصر.

ومن المنتظر أن تصدر الجماعة، الاثنين، بياناً عسكرياً، كما ورد على لسان سريع، وفي وسائل إعلام حوثية، بشأن قرارها اقتصار هجماتها على السفن التابعة لإسرائيل، والرد على الهجمات الأميركية البريطانية.

كما سيلقي زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي خطاباً متلفزاً، بمناسبة بدء اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وزعم سريع، السبت الماضي، وجود رغبة لدى الجماعة لوقف هجماتها على إسرائيل بمجرد دخول وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ، وإيقاف الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر؛ إذا توقفت الولايات المتحدة وبريطانيا عن مهاجمة أهداف في اليمن.

كما أكّد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الأسبوع الماضي، أن الهجمات على إسرائيل ستعود في حال عدم احترام اتفاق وقف إطلاق النار.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) من العام قبل الماضي تستهدف الجماعة الحوثية سفناً في البحر الأحمر بزعم تبعيتها لإسرائيل، حيث بدأت باحتجاز السفينة جالكسي ليدر التي ترفع علم جزر الباهاما في المياه الدولية، والتي لا تزال، وأفراد طاقمها البالغ عددهم 25 فرداً، قيد الاحتجاز لدى الجماعة.

السفينة «غالاكسي ليدر» التي تحتجزها الجماعة الحوثية منذ 14 شهراً (رويترز)

وأتبعت الجماعة ذلك بتوسع عملياتها لتشمل السفن البريطانية والأميركية، بصواريخ باليستية وطائرات مسيَّرة في المياه القريبة من شواطئ اليمن بزعم دعم ومساند سكان قطاع غزة ضد الحرب الإسرائيلية.

وتسببت تلك الهجمات في تعطيل جزء كبير من حركة التجارة الدولية، وأجبرت شركات الشحن والملاحة على تغيير مسار السفن التابعة لها، واتخاذ مسار أطول حول جنوب قارة أفريقيا بدلاً من عبور قناة السويس.

وأدى كل ذلك إلى ارتفاع أسعار التأمين وتكاليف الشحن وزيادة مدد وصولها، وبث مخاوف من موجة تضخم عالمية جديدة.

لجوء إلى التخفي

ويلجأ قادة الجماعة إلى الانتقال من مقرات إقامتهم إلى مساكن جديدة، واستخدام وسائل تواصل بدائية بعد الاستغناء عن الهواتف المحمولة والأجهزة الإلكترونية، رغم أنهم يحيطون أنفسهم، عادة، باحتياطات أمنية وإجراءات سرية كبيرة، حيث يجهل سكان مناطق سيطرتهم أين تقع منازل كبار القادة الحوثيين، ولا يعلمون شيئاً عن تحركاتهم.

أضرار بالقرب من تل أبيب نتيجة اعتراض صاروخ حوثي (غيتي)

وشهدت الفترة التي أعقبت انهيار نظام الأسد في دمشق زيادة ملحوظة في نقل أسلحة الجماعة إلى مواقع جديدة، وتكثيف عميات التجنيد واستحداث المواقع العسكرية، خصوصاً في محافظة الحديدة على البحر الأحمر.

كما كشفت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، خلال الأيام الماضية أن الاتصالات بقيادة الصف الأول للجماعة المدعومة من إيران لم تعد ممكنة منذ مطلع الشهر الحالي على الأقل، نتيجة اختفائهم وإغلاق هواتفهم على أثر التهديدات الإسرائيلية.

وأنشأت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا في ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه، تحالفاً عسكرياً تحت مسمى تحالف الازدهار، لمواجهة الهجمات الحوثية وحماية الملاحة الدولية، وفي يناير (كانون الثاني) الماضي بدأ التحالف هجماته على المواقع العسكرية للجماعة والمنشآت المستخدمة لإعداد وإطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة.

وأطلق الاتحاد الأوروبي، في فبراير (شباط) الماضي، قوة بحرية جديدة تحت مسمى «خطة أسبيدس»، لحماية الملاحة البحرية في البحر الأحمر، وحدد مهامها بالعمل على طول خطوط الاتصال البحرية الرئيسية في مضيق باب المندب ومضيق هرمز، وكذلك المياه الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب وخليج عمان والخليج، على أن يكون المقر في لاريسا اليونانية.

احتفالات حوثية في العاصمة صنعاء بوقف إطلاق النار في غزة (إعلام حوثي)

وتزامنت هجمات الجماعة الحوثية على السفن التجارية في البحر الأحمر مع هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ باليستية على مدن ومواقع إسرائيلية، ما دفع سلاح الجو الإسرائيلي للرد بضربات جوية متقطعة، 5 مرات، استهدف خلالها منشآت حيوية تحت سيطرة الجماعة.

وشملت الضربات الإسرائيلية ميناء الحديدة وخزانات وقود ومحطات كهرباء في العاصمة صنعاء.

ونظمت الجماعة الحوثية في العاصمة صنعاء، الأحد، عدداً من الاحتفالات بمناسبة وقف إطلاق النار في قطاع غزة، رفعت خلالها شعارات ادعت فيها أن عملياتها العسكرية في البحر الأحمر وهجماتها الصاروخية على الدولة العبرية، أسهمت في إجبارها على القبول بالهدنة والانسحاب من القطاع.

وتأتي هذه الاحتفالات مترافقة مع مخاوف قادة الجماعة من استهدافهم بعمليات اغتيال كما جرى مع قادة «حزب الله» اللبناني خلال العام الماضي، بعد تهديدات إسرائيلية باستهدافهم، وسط توقعات بإصابة قادة عسكريين كبار خلال الضربات الأميركية الأخيرة في صنعاء.