السفير المعلمي: يجب منع حزب الله والحوثيين من فرض إرادتهم السياسية بقوة السلاح

أكد أن اضطهاد الأقليات الدينية يمثل مخالفة شرعية جسيمة للدين الإسلامي

السفير المعلمي: يجب منع حزب الله والحوثيين من فرض إرادتهم السياسية بقوة السلاح
TT

السفير المعلمي: يجب منع حزب الله والحوثيين من فرض إرادتهم السياسية بقوة السلاح

السفير المعلمي: يجب منع حزب الله والحوثيين من فرض إرادتهم السياسية بقوة السلاح

أكدت المملكة العربية السعودية أن اضطهاد الأقليات الدينية يمثل مخالفة شرعية جسيمة للدين الإسلامي الحنيف، وأن المنطقة تعيش مرحلة من الاضطرابات لم يَشهد لها مثيلا من قبل، وأن الإسلام يتعرض لهجوم مزدوج من الداخل والخارج.
أوضح السفير عبد الله بن يحيى المعلمي مندوب المملكة الدائم لدى الأمم المتحدة في كلمة بلاده في جلسة مجلس الأمن حول ضحايا الهجمات المبنية على أسس عرقية أو دينية في الشرق الأوسط أمس، إن هناك فئات متطرفة ترتدي عباءة الدين «وهو منها براء»، مثل «داعش» و«القاعدة» و«حزب الله» وغيرها، تمارس أبشع أعمال القتل والاضطهاد ويقع ضحيتها أعداد كبيرة من المسلمين في الدرجة الأولى، كما يطال لهيبها أعدادا كثيرة من أبناء الطوائف الأخرى، ومن الخارج يواجه الإسلام حملة إعلامية واستفزازية تشمل ممارسات العنف التي يتعرض لها المسلمون في بعض أجزاء أوروبا وفي ميانمار وفي فلسطين وغيرها من الأماكن، كما تشمل ممارسات لا تقل ضررا حتى وإن لم تتسم بالعنف، مثل ما يتعرض له الدين الإسلامي من تشويه واستهانة بمقدساته ورموزه الدينية، مثل نشر الصور والرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم.
وبين أن الإسلام هو دين التسامح والانفتاح، وهو الدين الذي لا يفرق بين الأديان، ويشترط على معتنقيه أن يبرّوا غيرهم ويقسطوا إليهم، كما أنه الدين الذي لا يكتمل إيمان أفراده إلا إذا آمنوا برسالة عيسى وموسى وغيرهما من أنبياء الله عليهم السلام، وهو الدين الذي يقر بالحرية الدينية، كما أنه الدين الذي رعى أتباعه الأقليات الدينية عبر مئات السنين، ومنهم المسيحيون في فلسطين، واليهود في الأندلس، وغيرهم.
وقال المندوب السعودي: «إن كل ما نشاهده في عصرنا الحاضر من اضطهاد للأقليات الدينية في الشرق الأوسط، إنما يمثل مخالفة شرعية جسيمة للدين الإسلامي الحنيف واستغلالا مقيتا له وإساءة إلى صورته ومبادئه، كما أنه يُستغل في كثير من الأحيان ما يتعرض له المسلمون من اضطهاد وتهميش، سواء كان ذلك على أيدي أنظمة ظالمة مستبدة مثل النظام السوري الذي قتل مئات الألوف من أبناء الشعب السوري وشرد الملايين دون اعتبار لدين أو مذهب أو عرق، أو كان على أيدي إسرائيل التي ما فتئت تضطهد الشعب الفلسطيني بمسلميه ومسيحييه وتمارس تجاههم أبشع ممارسات القتل والتطهير العرقي».
وقال: «إن محاربة العنف والهجمات على الأقليات الدينية في الشرق الأوسط وفي كل مكان في العالم يجب أن تستند على ركنين أساسيين، الأول هو مكافحة الإرهاب بشتى صوره وأشكاله، ومحاصرة داعميه ومؤيديه، والثاني هو إحقاق الحق وإرساء مبادئ العدالة الدولية وسيادة القانون بين الدول وداخلها».
وأضاف أن الشرق الأوسط الذي يعاني من ظاهرة العنف والهجمات على الأقليات يحتاج من المجلس إلى علاج جذري لمشكلاته السياسية، وعلى رأسها إقرار الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وإتاحة الفرصة له لممارسة حقوقه المشروعة في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو (حزيران) 1967م وعاصمتها القدس الشريف، وكذلك التوصل إلى حل سياسي لقضية الشعب السوري يستند إلى بيان جنيف الذي دعا إلى إقامة سلطة تنفيذية ذات صلاحيات كاملة تقود الشعب السوري نحو تحقيق تطلعاته في العدالة والحرية والرخاء، كما أنه من الضروري منع القوى المتطرفة مثل حزب الله وميليشيات الحوثيين من فرض إرادتهم السياسية على الفئات الأخرى بالقوة المسلحة ومحاربة الإرهاب حربا لا هوادة فيها في كل مكان وبجميع الوسائل الممكنة.
وقال: «لقد أدركت المملكة العربية السعودية أهمية الحوار مع أتباع الديانات والثقافات الأخرى، فأسست بالتعاون مع مملكة إسبانيا وجمهورية النمسا وبمشاركة الفاتيكان مركز الملك عبد الله للحوار بين أتباع الثقافات في فيينا، ليتولى نشر فكرة الحوار والتفاهم بين مختلف الديانات والمذاهب، كما أنها رعت وما زالت ترعى قنوات الحوار المذهبي داخل الدين الإسلامي، وحاربت الإرهاب عبر المشاركة في التحالف الذي يتصدى لإرهاب (داعش) في الشمال وإرهاب الحوثيين في الجنوب، وأسهمت في تأسيس مركز لمكافحة الإرهاب تحت مظلة الأمم المتحدة، وأطلقت مبادرتها للسلام في فلسطين، وعندما اجتاحت عصابات (داعش) مساحات واسعة في العراق بادرت المملكة العربية السعودية إلى تقديم يد العون إلى أشقائنا العراقيين وقدمت تبرعا بمبلغ 500 مليون دولار للعمل على مساعدة من تعرض لأذى الهجوم الإرهابي دون النظر إلى الفروق الدينية أو المذهبية أو العرقية للمتضررين. هكذا تستمر بلادي في العمل على محاربة من يضطهد الأقليات وتسعى في الوقت ذاته إلى إيجاد قنوات للحلول السياسية الثقافية وللحوار والتفاهم». وخلص إلى القول: «هذا هو نهجنا وهو ما ندعو إليه بالحكمة والموعظة الحسنة».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم