لبيد: لن نهمل القضية الفلسطينية إلى الأبد

يائير لبيد وزير الخارجية الإسرائيلي رئيس حزب «يش عتيد» (أ.ف.ب)
يائير لبيد وزير الخارجية الإسرائيلي رئيس حزب «يش عتيد» (أ.ف.ب)
TT

لبيد: لن نهمل القضية الفلسطينية إلى الأبد

يائير لبيد وزير الخارجية الإسرائيلي رئيس حزب «يش عتيد» (أ.ف.ب)
يائير لبيد وزير الخارجية الإسرائيلي رئيس حزب «يش عتيد» (أ.ف.ب)

قال وزير الخارجية الإسرائيلي، يائير لبيد، إن الحكومة الإسرائيلية لن تهمل القضية الفلسطينية «إلى الأبد»، في تصريح يسلط الضوء على التنافر الكامن داخل الائتلاف الحكومي، ويمكن أن يرسم صورة أوضح عن كيف سيدير لبيد نفسه هذه الحكومة بعد حوالي العام ونصف العام.
وكان لبيد يتحدث إلى المؤتمر السنوي للاتحادات اليهودية في أميركا الشمالية، عندما سئل عن مستقبل العلاقات وإمكانية توسيع «اتفاقات ابراهام»، فأجاب بأنهم ماضون نحو مزيد من اتفاقيات التطبيع مع دول الشرق الأوسط، بدون أن يكون ذلك بديلاً لاستئناف محادثات السلام مع الفلسطينيين. وقال لبيد: «نعم بالطبع. لكن لن أذكر أسماء لأن هذا سيضر بالعملية، نحن نعمل مع الولايات المتحدة ومع الأصدقاء الجدد في الإمارات، وفي البحرين، والمغرب، من أجل توسيع الاتفاقات إلى بلدان أخرى»، قبل أن يضيف: «وهذا لا يعني أننا سنتجاهل إلى الأبد القضية الفلسطينية التي يتعين علينا العمل عليها أيضاً. سيتعين علينا دائماً أن نراقب كلاً من غزة وحزب الله في الشمال».
موقف لبيد حول القضية الفلسطينية، جاء بعد فترة وجيزة من تجاهل رئيس الوزراء نفتالي بنيت للقضية بالكامل، خلال خطابه أمام الأمم المتحدة في الشهر الماضي. كما جاءت تصريحات وزير الخارجية، في الوقت نفسه التي قالت فيه إيليت شاكيد وزيرة الداخلية، إن الحكومة الحالية برئاسة نفتالي بنيت أو رئيسها بالتناوب يائير لبيد، لن تناقش أي قضية تتعلق بإقامة دولة فلسطينية، كما أنها لن تسمح بإقامتها. وأكدت شاكيد في مقابلة مع صحيفة «ذا ناشيونال الإماراتية» الناطقة بالإنجليزية، أن هناك إجماعاً داخل الائتلاف الحكومي الحالي، على عدم معالجة أي قضية قد تسبب شرخاً داخلياً بما في ذلك موضوع الصراع مع الفلسطينيين.
وقالت شاكيد في المقابلة التي أجرتها خلال زيارتها للإمارات التي وصلت إليها الاثنين: «الوضع الحالي هو الأفضل للجميع، (إدارة الصراع مع الفلسطينيين وليس حله)، ومن الأفضل الحفاظ عليه». وأكدت: «نحن نؤمن بالسلام الاقتصادي لتحسين حياة الفلسطينيين والقيام بمناطق صناعية مشتركة، لكن ليس دولة لها جيش بالتأكيد».
ورفضت شاكيد وهي الشخصية الثانية بعد بنيت في زعامة حزب «يمينا»، فكرة انسحاب إسرائيل من حدود 1967، قائلة إن «إسرائيل تعلمت دروساً سابقة لا تقدر بثمن. كل الأراضي التي ننسحب منها تنبت منظمات إرهابية، لقد حدث ذلك في جنوب لبنان الذي يحكمه الآن حزب الله الممول من إيران، وهو يوجه آلاف الصواريخ تجاه إسرائيل، وحين انسحبنا من غزة أيضاً، قالوا إنها ستكون موناكو أخرى، لكننا نعرف ما حدث هناك، حماس استولت عليها وحولتها إلى دولة إرهاب، ولن نكرر هذه التجربة مرة أخرى».
وتعقيباً على لقاءات وزراء إسرائيليين بالرئيس محمود عباس، قالت شاكيد إن عباس ليس شريكاً لأي صفقة سلام حقيقية، ولا يريد الانتخابات لأنه يخشى أن يخسر أمام حماس، التي يمكن أن تتولى زمام الأمور.
وتضم الحكومة الإسرائيلية مجموعة من الأحزاب المتناقضة، بدءاً من «يمينا» اليميني المتشدد الذي يتزعمه بنيت، ويعارض منح الفلسطينيين دولة، وصولاً إلى حزب اليسار «ميرتس»، الذي التقى قادته مؤخراً بعباس ودعوا إلى الحفاظ على حل الدولتين، وصولاً إلى «يش عتيد»، الذي يتزعمه لبيد ويتخذ مواقف وسطية غير واضحة في المسألة الفلسطينية.
هذا الخليط في الائتلاف، هو الذي منع أي ضغط حقيقي من قبل الولايات المتحدة نحو عملية سلام جديدة، خشية من انهياره مبكراً.
ودعمت الإدارة الأميركية إجراء حوار ثنائي بين الطرفين من أجل كسر الجمود وبناء الثقة، لكن وزراء «ميرتس» و«كحول لفان» هم الذين التقوا عباس، قبل أن تؤكد الحكومة الإسرائيلية أنها لقاءات ليست سياسية ولا تعني بدء عملية سياسية.
ورفض بنيت وشاكيد وآخرون لقاء عباس، رغم أنه دعاهم لمثل هذا اللقاء. وقال موقع «تايمز أوف إسرائيل»، إن هذا المزيج الغريب للأحزاب الشريكة في الائتلاف الحاكم في إسرائيل «تمخض عن استعداد للدفع بإجراءات اقتصادية لتحسين حياة الفلسطينيين بشكل هامشي من جهة، مع رفض بنيت دخول مفاوضات سياسية أو حتى لقاء عباس من جهة أخرى».
وأضاف الموقع: «كان هذا الموقف معروضاً بالكامل في الأمم المتحدة عندما لم يتم ذكر القضية في خطاب بنيت الشهر الماضي». وقد قال رئيس الوزراء أمام الجمعية العامة: «الإسرائيليون لا يستيقظون في الصباح وهم يفكرون في الصراع». وقد علق مسؤول دبلوماسي، آنذاك، للصحافيين، بأن نية بنيت لم تكن الإيحاء بعدم وجود فلسطينيين، ولكن «في الماضي، كان هناك هوس بهذه القضية، (سمح لها) بتحديد هويتنا».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».