محاولات جادة لتشكيل حكومة ألمانية تميل يساراً

الأبواب تبقى مفتوحة لائتلاف «جامايكا» البديل مع المسيحيين

قائدا حزب الخضر روبرت هابيك وأنالينا بيربوك (إ.ب.أ)
قائدا حزب الخضر روبرت هابيك وأنالينا بيربوك (إ.ب.أ)
TT

محاولات جادة لتشكيل حكومة ألمانية تميل يساراً

قائدا حزب الخضر روبرت هابيك وأنالينا بيربوك (إ.ب.أ)
قائدا حزب الخضر روبرت هابيك وأنالينا بيربوك (إ.ب.أ)

بعد 10 أيام على صدور نتائج الانتخابات الألمانية، قرر أخيراً الحزبان الصغيران الخضر والليبراليون اللذان يمسكان بمصير الحكومة المقبلة، بدء المشاورات الحكومية سوياً مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي الفائز في الانتخابات بفارق ضئيل عن الاتحاد المسيحي، الذي تنتمي إليه المستشارة أنجيلا ميركل، والحزب الديمقراطي الحر بشأن تشكيل ائتلاف حاكم يُعرف باسم «ائتلاف إشارة المرور». وأفرزت الانتخابات الألمانية مجموعة أحزاب صغيرة رغم تقدم الحزب الاشتراكي على الآخرين، ولكنه لم يحصل إلا على 25.7 في المائة من مقاعد البرلمان، مما يعني بأنه سيتعين عليه الحكم مع حزبين آخرين وليس حزباً واحداً.
وهذه المرة الأولى التي تفرز فيها الانتخابات الألمانية مجموعة أحزاب صغيرة من دون أن يكون هناك حزب واحد كبير يمكنه أن يقود الحكومة. ورغم خسارة حزب ميركل «المسيحي الديمقراطي»، فإن مرشحه أرمين لاشيت ما زال يحتفظ بالأمل بأن يصبح المستشار المقبل في حال فشلت المفاوضات الثلاثية بين الاشتراكيين والليبراليين والخضر. وأكد الرئيس المشارك في حزب الخضر، روبرت هابيك، أن اقتراح الحزب الدخول في محادثات استطلاعية مع الاشتراكيين والأحرار لا يعتبر رفضاً تاماً لبحث ائتلاف «جامايكا» البديل، والذي يضم الأحرار والتحالف المسيحي. وقد عاد وأبدى لاشيت استعداده أمس للانتظار، لعل الفرصة تأتيه مجدداً في حال فشلت المشاورات الحكومة مع الاشتراكيين.
وقال تعليقاً على قرار الحزبين دخول مشاورات مع الاشتراكيين إن «الاتحاد يقف جاهزاً» من دون أن يضيف أكثر من ذلك. ولكن ماركوس زودر، زعيم الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري الحزب الشقيق لحزب ميركل، تحدث بخلاف لاشيت وعبر عن رفضه حث الاتحاد المسيحي على الاستمرار في الانتظار. وقال زودر، الذي كان يطمح بأن يرشحه الاتحاد المسيحي لمنصب المستشار، بأنه لا يمكن للاتحاد المسيحي «أن يبقى في وضع التأهب»، وأن الأمر يتعلق الآن «بالكرامة واحترام الذات»، مضيفاً بأنه لا يجب على الاتحاد المسيحي أن يتصرف وكأنه «إطار احتياطي»، أو كوسيلة ضغط. وفي إشارة إلى ضرورة احترام نتائج الانتخابات التي أظهرت خسارة تاريخية للاتحاد المسيحي، قال زودر إن على الاتحاد «أن يواجه الواقع» ويقبل بأنه لن يشارك على الأرجح في الحكومة المقبلة.
وكان كل من حزب الخضر والحزب الليبرالي قد أعلنا أمس في مؤتمرين صحافيين منفصلين أنهما قررا إطلاق المشاورات الحكومية الرسمية مع الاشتراكيين برئاسة أولاف شولتز. ولكن الحزبين أبقيا الباب مفتوحاً أمام إمكانية العودة للتفاوض مع الاتحاد المسيحي في حال فشلت المشاورات مع الاشتراكيين. وذكر هابيك أنه من المرجح أن يجد الحزب أكبر قدر من القواسم المشتركة مع الاشتراكيين والأحرار من حيث المضمون السياسي، خاصة فيما يتعلق بسياسة الشؤون الاجتماعية، موضحاً في المقابل أن هذا الترجيح يعني أنه لم يتم حسم الأمر، مشيراً إلى أنه لا يزال هناك أمور غير محسومة واختلافات كبيرة، وهذا ينطبق على كل من حزب الخضر والأحرار من جهة، والخضر والاشتراكيين من جهة أخرى.
وأكد هابيك أن هذا ليس «رفضاً تاماً» لائتلاف «جامايكا»، موضحاً أن التحالف المسيحي، المنتمية إليه المستشارة المنتهية ولايتها أنجيلا ميركل، يسعى جاهداً لتشكيل هذا الائتلاف والوصول إلى صيغة للتوافق مع الخضر، مشيراً في المقابل إلى أن الاختلافات «من جانبنا» أكبر في ائتلاف «جامايكا».
وتحدثت أنالينا بيربوك، مرشحة حزب الخضر، عن «غياب الثقة» مع الاتحاد المسيحي، مشيرة إلى التسريبات التي وصلت لصحيفة «بيلد» من الاجتماع الذي جمع بينهما قبل يوم، رغم الاتفاق على أن يكون مضمون اللقاء سرياً. وكان الحزب الليبرالي قد اشتكى أيضاً من تسريب تفاصيل لقائه بالاتحاد المسيحي للصحافة، وقال إن هذه التسريبات لا تساعد على بناء الثقة، وإنها تشير إلى انقسام الحزب. وانتقد لاشيت نفسه التسريبات ولكنه رفض تحميل المسؤولية لأحد.
ويعتقد البعض بأن زودر ومعسكره هم من سربوا تفاصيل المحادثات السرية لتخريب حظوظ لاشيت بأن يصبح المستشار المقبل. وستدخل الأحزاب الثلاثة الآن رسمياً في مشاورات حكومية مشتركة، بعد أن شهدت الأيام الماضية مشاورات ثنائية بين الأحزاب. واليوم سيجتمع المتفاوضون من الأحزاب الثلاثة للمرة الأولى سوياً منذ صدور نتائج الانتخابات قبل أكثر من 10 أيام. ومن المتوقع أن تكون المشاورات شاقة وطويلة بسبب الخلافات بين الاشتراكيين والخضر من جهة، والليبراليين من جهة أخرى.
ورغم وجود هذه الخلافات يبدو الخضر والليبراليون مصرين على إيجاد نقاط مشتركة للمشاركة في الحكومة المقبلة. ويشترط الحزب الليبرالي عدم رفع الضرائب كخطوة أساسية للمشاركة في حكومة يقودها الاشتراكيون. ويعتبر الليبراليون أقرب آيديولوجياً إلى الاتحاد المسيحي فيما الخضر أقرب إلى الاشتراكيين. ولكن شولتز يقول إنه من الممكن التوصل لنقاط التقاء خاصة في السياسات المالية والاقتصادية مع الليبراليين، ويعطي مثالاً على أن الاشتراكيين شاركوا في 3 من الحكومات السابقة التي قادتها ميركل، رغم أنه حزب يساري وسط فيما حزب ميركل يميني وسط وسياساتهما المالية تختلف بشكل كبير.
ويتم التداول حالياً في منح وزارة المالية للحزب الليبرالي فيما يأخذ الخضر وزارة الخارجية، ولكن الخلاف الرئيسي يبدو أنه سيكون حول منصب الرئاسة الذي يعتبر شكلياً في ألمانيا. وحالياً يشغل المنصب فرانك فالتر شتاينماير المنتمي للحزب الاشتراكي والذي عبر عن رغبته بالبقاء في المنصب لفترة ثانية. ولكنه قد يصبح ضحية المشاورات الثلاثية بين الأحزاب، خاصة أن المنصب قد يمنح لأحد الشريكين الصغيرين لإقناعهما بدعم حكومة الاشتراكيين.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».