واشنطن تتهم جماعة الحوثي بارتكاب «مجازر» وتعطيل السلام

الخارجية الأميركية تحذر من بلوغ الأزمة اليمنية «أبعاداً تاريخية»

نيد برايس المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الأميركية (رويترز)
نيد برايس المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الأميركية (رويترز)
TT

واشنطن تتهم جماعة الحوثي بارتكاب «مجازر» وتعطيل السلام

نيد برايس المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الأميركية (رويترز)
نيد برايس المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الأميركية (رويترز)

اتهمت الولايات المتحدة جماعة الحوثي المسلحة بأنها تقف في «طريق السلام»، وتستمر في ارتكاب الهجمات العسكرية «الوحشية»، بخلاف الحكومتين اليمنية والسعودية، اللتين التزمتا بوقف القتال واستئناف المحادثات السياسية، داعية الحوثيين إلى الانخراط في المحادثات التي تقودها الأمم المتحدة ويدعمها المجتمع الدولي.
وقال نيد برايس، المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية الأميركية، في بيان، إن الولايات المتحدة تدين الهجوم الصاروخي الحوثي يوم الأحد الماضي في 3 أكتوبر (تشرين الأول) على حي الروضة المكتظ بالسكان في مأرب باليمن، الذي أسفر عن مقتل طفلين وإصابة نحو 33 مدنياً، بينهم نساء وأطفال، وفقاً لوكالات الأمم المتحدة.
ودعا برايس إلى ضرورة التحرك لإغاثة الشعب اليمني، الذي سوف يعاني «طالما استمرت الهجمات العسكرية الوحشية للحوثيين»، مضيفاً: «هناك إجماع دولي على أن الوقت قد حان لإنهاء الصراع، والتزمت حكومتا الجمهورية اليمنية والمملكة العربية السعودية بوقف القتال واستئناف المحادثات السياسية، بيد أن الحوثيين يقفون في طريق السلام».
وأوضح المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية الأميركية أنه منذ بداية العام، كثّف الحوثيون هجماتهم، سواء داخل اليمن أو ضد الأراضي السعودية، ما يعرض حياة المدنيين للخطر، بمن فيهم أكثر من 70 ألف مواطن أميركي يعيشون في السعودية، قائلاً: «إن هذه الإجراءات تؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، التي وصلت بالفعل إلى أبعاد تاريخية، وندعو الحوثيين إلى وقف القتال والانخراط في محادثات تقودها الأمم المتحدة لإنهاء هذه الحرب المدمرة».
وفي الوقت الذي يحث المجتمع الدولي الحوثيين على العودة إلى طاولة المفاوضات السياسية ووقف إطلاق النار لإنهاء الأزمة اليمنية، إلا أن تلك المساعي باءت بالفشل في وقف المعارك التي تدور رحاها في محافظة مأرب في شمال البلاد، وهي من آخر المناطق اليمنية التي تخضع لسيطرة الحكومة اليمنية. وفي حال سيطر الحوثيون على المحافظة، فإن ذلك سيمنحهم سيطرة شبه كاملة على شمال اليمن، والوصول إلى البنية التحتية الرئيسية للنفط والغاز، وأن تكون لهم «اليد العليا» في المحادثات بحسب صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية. أما بالنسبة للقوات الحكومية، فسيكون هذا بمثابة نكسة هائلة.
وبحسب العديد من التقارير الإعلامية، تضم محافظة مأرب عدداً كبيراً من السكان، بعد أن تدفق إليها أكثر من مليون مدني فروا من القتال في أماكن أخرى إلى المحافظة في السنوات الأخيرة، ونزوح العديد منهم مرة أخرى مع اقتراب المعارك. وقد قُتل وجُرح الكثير من السكان، بمن فيهم الأطفال جراء الهجمات الصاروخية والقصف.
ورفض الحوثيون هذا العام عرضاً لوقف إطلاق النار قدمته السعودية، كان من الممكن أن ينهي إراقة الدماء لولا التعنت الحوثي ومواصلة القتال داخلياً في اليمن وعلى الحدود السعودية، وكذلك استهداف المدن والبنى التحتية السعودية، دافعين البلاد إلى ما وصفته الأمم المتحدة بأنه أسوأ أزمة إنسانية في العالم.
وخلفت المعارك في محافظة مأرب ما لا يقل عن 1700 قتيل من الجنود اليمنيين التابعيين للقوات الحكومية، وأصيب أكثر من 7 آلاف شخص خلال العام الحالي، وذلك بحسب تصريحات أدلى بها الفريق ركن صغير بن عزيز، رئيس أركان الجيش اليمني، إلى صحيفة «واشنطن بوست»، قال فيها إن الحوثيين لا ينشرون الأرقام والبيانات الرسمية للوفيات، وكذلك أعداد المصابين إصابات خطيرة في المعارك.
واعتبر بن عزيز أن سحب الدعم الأميركي «أثّر على معنويات اليمنيين كقادة عسكريين وجنود»، مضيفاً: «نريد من أصدقائنا الأميركيين إعادة النظر في هذا القرار، ومساعدة الشعب اليمني في المعارك العسكرية».
وتواجه الإدارة الأميركية العديد من الانتقادات الداخلية والخارجية، بسبب عدم التعامل مع الأزمة اليمنية بالشكل الذي ينهي المعاناة المستمرة على مدار الأعوام السبعة الماضية، إذ طالب العديد من السياسيين في الكونغرس، من الحزب الجمهوري وكذلك من التقدميين في الحزب الديمقراطي، بتكثيف العمل السياسي والدبلوماسي، واستخدام طرق جديدة وأدوات فعّالة لوقف النزيف اليمني بشكل عاجل.


مقالات ذات صلة

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.