أنقرة تعزز قواتها العسكرية على «خطوط التماس» جنوب إدلب

تنظيم مجهول يتبنى هجوماً على القوات التركية شمال غربي سوريا

تشييع عناصر قتلوا بغارة روسية في ريف حلب شمال سوريا في 26 الشهر الماضي (أ.ف.ب)
تشييع عناصر قتلوا بغارة روسية في ريف حلب شمال سوريا في 26 الشهر الماضي (أ.ف.ب)
TT

أنقرة تعزز قواتها العسكرية على «خطوط التماس» جنوب إدلب

تشييع عناصر قتلوا بغارة روسية في ريف حلب شمال سوريا في 26 الشهر الماضي (أ.ف.ب)
تشييع عناصر قتلوا بغارة روسية في ريف حلب شمال سوريا في 26 الشهر الماضي (أ.ف.ب)

استحدثت القوات التركية نقطة مراقبة عسكرية جديدة في جبل الزاوية جنوب إدلب على مقربة من خطوط التماس بين قوات النظام السوري والمعارضة.
وكشفت مصادر تركية، أمس (الثلاثاء)، عن دفع الجيش التركي بتعزيزات عسكرية تضم دبابات ومدافع ثقيلة وعربات مدرعة إلى المنطقة، حيث تم الانتهاء من إقامة نقطة عسكرية جديدة في جبل الزاوية.
ومع الانتهاء من إقامة النقطة الجديدة، ارتفع عدد نقاط انتشار القوات التركية في إدلب إلى 79 قاعدة ونقطة عسكرية، بموجب اتفاق مناطق خفض التصعيد في شمال غربي سوريا.
كان الجيش التركي أكد، الأحد الماضي، مواصلة التزامه بالمسؤوليات المترتبة على تركيا في إطار الاتفاقات والتفاهمات المتعلقة بإدلب، بهدف ضمان الأمن والاستقرار وإدامة وقف إطلاق النار. وأجرى الجيش التركي، خلال الأشهر الماضية، عملية إعادة انتشار للنقاط العسكرية التابعة له في شمال غربي سوريا، وقام بنقل العديد منها وإنشاء نقاط جديدة في جنوب إدلب، وتحديدا في جبل الزاوية لمنع أي محاولة من النظام للتقدم في إدلب.
وكشفت تقارير عن إجراءات تركيا لإدخال تغيير في طبيعة الفصائل المسلحة الموالية في مواقع سيطرتها في الشمال السوري، والتمهيد لعمليات اندماج جديدة بين هذه الفصائل و«هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقا)، بهدف تخفيف الضغوط الروسية ونقل بعض المجموعات إلى خانة فصائل المعارضة المعتدلة بعدما كشفت موسكو عن موقف متشدد حتى بعد اللقاء الذي تم الأسبوع الماضي بين الرئيسين رجب طيب إردوغان وفلاديمير بوتين في سوتشي لبحث الموقف في إدلب.
ولا ترغب أنقرة في صدام عسكري مع النظام وروسيا، وبالتالي تعمل على منع تقدم النظام وتخفيف الضغط الروسي.
وانعكس التباين الشديد بين موقفي أنقرة وموسكو في رد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أول من أمس، على تصريحات للمتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالين، بشأن الوجود العسكري لتركيا في سوريا وتأكيده أنه لا يجب النظر إليه على أنه تدخل أجنبي، وأن بلاده من حقها أن تدخل سوريا إذا كان مسموحا لكل من روسيا والولايات المتحدة بذلك.
وقال لافروف إن روسيا تأمل في أن تسترشد تركيا بمبادئ احترام سيادة سوريا ووحدة أراضيها التي أعلنتها مرارا، وبالنسبة لتصريحات كالين، أفضل الاستشهاد بتصريح الرئيس رجب طيب إردوغان، الذي قال علنا أكثر من مرة، إن سوريا دولة مستقلة، وإن تركيا ستعمل بشكل كامل على احترام سيادتها وسلامة أراضيها، مضيفا «لهذا السبب، وفي سياق التسوية النهائية، سننطلق من حقيقة أن تركيا ستتمسك بهذا الموقف بالذات».
وأشار لافروف إلى أن «التهديد الإرهابي» لا يزال قائماً في منطقة خفض التصعيد في إدلب، بل يتزايد في بعض الأماكن، وهو أمر مقلق، مشيرا إلى مواصلة «الجماعات الإرهابية» الهجوم على مواقع الجيش السوري من منطقة خفض التصعيد في إدلب، بالإضافة إلى محاولتها القيام بأعمال ضد الوحدات الروسية العاملة هناك.
إلى ذلك، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، بـ«سقوط طائرتين مسيرتين مفخختين يعتقد أنهما من صناعة إيرانية، إحداهما سقطت على محور قرية بينين في جبل الزاوية جنوب إدلب، بعد استهدافها بالرشاشات الثقيلة من قِبل عناصر الفصائل، فيما انفجرت الثانية في أجواء المنطقة قبل وصولها إلى هدفها».
وكان «المرصد» أشار أول من أمس، إلى «مقتل 4 عناصر من هيئة تحرير الشام في انفجار طائرة مسيرة محملة بمواد متفجرة سقطت على محور الرويحة في ريف إدلب». ووفقاً لمصادر فإن «الطائرة الانتحارية» هبطت بمظلة، وهي المرة الأولى التي يتم استخدام هذا النوع من السلاح الجديد.
وقال ملهم الأحمد، وهو ناشط في إدلب، إن «دراجة نارية مفخخة انفجرت أثناء عبور آلية عسكرية مصفحة للقوات التركية، تقل عددا من الضباط الأتراك، كانت في طريقها إلى إحدى القواعد العسكرية التركية على الطريق الواصل بين مدينة أريحا وقرية نحليا جنوب إدلب، ما أدى إلى إصابة العربة بأضرار مادية طفيفة».
وأوضح، أن «مجموعة مجهولة تطلق على نفسها اسم سرية أنصار أبي بكر الصديق، كانت قد تبنت على الفور عملية الاستهداف»، من خلال بيان لها، نشرته على أحد معرفاتها على مواقع التواصل الاجتماعي، قالت فيه إن «إحدى مفارزها تمكنت من قتل وجرح ضباط أتراك من خلال استهداف سيارتهم بعبوة ناسفة على طريق نحليا - أريحا، جنوب إدلب، في أكبر معاقلهم وترساناتهم في الشمال السوري مع طلوع شمس الثلاثاء».
من جهته، قال عمر حاج محمود، وناشط بريف إدلب الجنوبي، إن «المجموعة المجهولة كانت قد تبنت 5 عمليات سابقة خلال العام الجاري والعام الماضي، استهدفت فيها القوات التركية في شمال غربي سوريا، وآلياتها العسكرية، أثناء عبورها وتمشيطها للطرق العامة والفرعية والطريق الدولي حلب - اللاذقية أو ما يعرف بـM4 في إدلب، بحثاً عن عبوات ناسفة وألغام متفجرة».
وأوضح، أنه «في 10 أغسطس (آب)، تبنت ذات المجموعة استهداف دورية للقوات التركية بعبوة ناسفة بالقرب من حاجز قميناس بريف إدلب. وتبنت أيضاً في 11 سبتمبر (أيلول)، استهداف عربات عسكرية تركية بمحيط مدينة إدلب من الجهة الشمالية، ما أسفر عن مقتل وجرح 6 جنود أتراك، عملت حينها سيارات الإسعاف على نقل المصابين إلى معبر باب الهوى، بينما هبطت طائرة مروحية تركية داخل الأراضي التركية لنقلهم إلى المستشفيات، وأيضاً تبنت في 27 أبريل (نيسان)، تفجير عبوة ناسفة برتل للقوات التركية، على طريق إدلب - أريحا قرب قرية المسطومة جنوب إدلب، مما أدى لإعطاب عربة ووقوع إصابات في صفوف القوات التركية».
ولفت، إلى أن «أول ظهور لعمليات سرية أنصار أبي بكر الصديق، ضد القوات التركية كان في أواخر شهر أغسطس العام الماضي، عندما استهدفت سيارة مفخخة قاعدة عسكرية للقوات التركية في قرية سلة الزهور بريف إدلب الغربي، ما أسفر عن مقتل وجرح عدد من جنود القوات التركية حينها».
وقال أمجد الحسن من مدينة أريحا، إنه «رغم نشر الجيش التركي كاميرات مراقبة وسلسلة من مخافر ونقاط حراسة إسمنتية على جانب الطريق الدولي حلب - اللاذقية بهدف حمايته وحماية الجسور على طول الطريق من العبوات الناسفة والألغام المتفجرة، ما زالت هناك بعض المجموعات المجهولة، تتمكن من الوصول إلى الطريق».



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».