«التسويات» تنتقل من جاسم إلى إنخل شمال درعا

توتر رافق إجراءات تسليم السلاح جنوب سوريا

عناصر من قوات النظام السوري في مدينة جاسم جنوب البلاد (درعا 24)
عناصر من قوات النظام السوري في مدينة جاسم جنوب البلاد (درعا 24)
TT

«التسويات» تنتقل من جاسم إلى إنخل شمال درعا

عناصر من قوات النظام السوري في مدينة جاسم جنوب البلاد (درعا 24)
عناصر من قوات النظام السوري في مدينة جاسم جنوب البلاد (درعا 24)

استؤنفت عملية التسوية في المركز الثقافي في مدينة جاسم بريف درعا الشمالي، صباح أمس (الثلاثاء)، مع إغلاق قوات النظام السوري جميع مداخل المدينة بما فيها الطرق الفرعية ومنع الدخول والخروج من المدينة حتى للطلاب والموظفين، بعد أن توقفت عملية التسوية (الاثنين) نتيجة لخلاف حصل بين وجهاء المدينة ولجنة النظام الأمنية، على شروط إضافية قدمتها لجنة النظام السوري.
وعادت ودخلت الشرطة العسكرية الروسية وضباط من اللجنة الأمنية التابعة للنظام إلى المدينة بعد انسحابها (الاثنين) من مركز التسوية بعد الخلاف الذي حصل مع وجهاء المدينة الذين أبرموا الاتفاق الأخير لإجراء التسويات في المدينة. وتعرضت مدينة جاسم بريف درعا الشمالي مساء الاثنين، بعد توقف عملية التسوية، لسقوط قذيفة مدفعية على أحيائها السكنية، وأُصيب طفل بجروح خطيرة نتيجة القصف ونُقل إلى مشفى في دمشق بعد سقوط القذيفة بالقرب من منزله، كما أُلقيت على المدينة ثلاث قنابل صوتيه مضيئة.
جاء ذلك بعد الخلاف الذي حصل بين اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري واللجنة المؤلفة من وجهاء المدينة بعد طلب لجنة النظام 250 قطعة سلاح متوسط وخفيف إضافية لما تم تسليمه في أول يوم من إجراء التسويات وتسليم السلاح في المدينة (الاثنين). وأعطت اللجنة الأمنية لوجهاء المدينة مهلة تنتهي حتى مساء أمس (الثلاثاء)، إما تسليم السلاح المطلوب وإما التصعيد العسكري على المدينة، الأمر الذي أدى إلى حالة توتر بين أهالي المدينة.
وتجمع عدد من الشباب في مدينة جاسم مساء الاثنين عند دوار المدينة وهتفوا بعبارات مناهضة للنظام، بعد القصف الذي تعرضت له المدينة وإعلان فشل الاتفاق. وقالت مصادر مطلعة في مدينة جاسم إن الخلاف الذي حصل يعود لطلب كميات كبيرة من السلاح الخفيف والمتوسط من المنطقة، وتقديم اللجنة الأمنية أسماء المطلوبين لإجراء التسوية لدى جهاز أمن الدولة والأمن العسكري، ما عدّوه مغالطاً للواقع بأن «هذه الأسماء متطوعة لدى قوات تابعة للجيش السوري ومنذ اتفاق التسوية الماضي عام 2018، وأنه لا مبرر لإدراج اسمها ضمن قوائم المطلوبين لإجراء التسوية وتسليم السلاح». وأشارت إلى أن الأطراف توصلت إلى اتفاق يقضي بتسليم عدد إضافي من قطع السلاح أمس، وحل مشكلة أسماء المتطوعين لدى تشكيلات تابعة للنظام، ودفع مبلغ مالي مقابل كل قطعة سلاح لا يتم تسلمها.
وأضاف المصدر أن عملية التسوية الجديدة بدأت أيضاً أمس، في مدينة إنخل في الريف الشمالي من محافظة درعا بحضور الشرطة الروسية، وتم إجراء تسوية لعشرات من المطلوبين في المدينة. ولم تطلب لجنة التسويات من كل المطلوبين تسليم السلاح، واقتصر الأمر على عدد منهم، وذلك بعد اعتراض وجهاء مدينة إنخل على القائمة التي قدمتها اللجنة الأمنية للمطلوبين من أبناء المدينة وعدد الأسلحة المطلوب تسليمها قبل يومين، حيث احتوت القوائم التي قدمتها اللجنة الأمنية قبل يومين على 240 اسماً مطلوباً بينها أشخاص متوفون ومسافرون ومتطوعون لدى قوات الأمن والفيلق الخامس المدعوم من حميميم، وأدرجت اللجنة الأمنية ملاحظات على بعض الأسماء منها «مطلوب بتهمة داعش» وآخرين «بحوزتهم سلاح» وهم أساساً عناصر في تشكيلات تابعة للنظام، وجرى اجتماع مع اللجنة الأمنية والجانب الروسي ووجهاء مدينة إنخل، يوم الاثنين، توصلت لاتفاق جديد يقضي بإجراء عملية التسوية الجديدة في المدينة وتعديل قائمة المطلوبين وعدد الأسلحة المطلوبة. وتستمر حالات الانفلات الأمني في درعا، حيث استهدف مسلحون مجهولون يستقلون دراجة نارية مساء الاثنين، أربعة شبان في مدينة الصنمين شمال درعا، ما أدى لمقتل أحدهم وجرح آخرين بينهم حالة حرجة.
وداهمت قوة أمنية من النظام السوري أحد المنازل في مدينة نوى في الريف الغربي صباح أمس، واعتقلت اثنين من أبناء المدينة العاملين سابقاً ضمن فصائل محلية في المنطقة وأجروا عملية التسوية منذ عام 2018.
وسمع أهالي مدينة نوى أصوات إطلاق نار في منطقة المربع الأمني في المدينة مساء الاثنين، وقامت قوات النظام بعدها بإنشاء نقاط تفتيش وتدقيق مؤقتة تُعرف باسم «حواجز طيارة» داخل مدينة نوى وأجرت عمليات تدقيق على البطاقات الشخصية للمارة.
وكان مجهولون قد اعترضوا سائق ميكروباص في مدينة نوى صباح يوم الأحد، وأطلقوا عليه النار أمام الركاب، ما أدى إلى مقتله بشكل مباشر، وهددوا الركاب بعدم النزول من الحافلة، دون معرفة هوية الفاعلين.
ويُذكر أن مدينة نوى شهدت الأسبوع الفائت دخول قوات النظام السوري والشرطة العسكرية الروسية وأجرت فيها عمليات التسوية الجديدة وتسليم السلاح، وكانت آخر مدن وبلدات ريف درعا الغربي التي طبّقت بها الخريطة الروسية الجديدة لمناطق التسويات جنوب سوريا.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.