عائلات الشيخ جراح ترفض تسوية تمنحها صفة {مستأجر محمي}

الترويج لبناء 10 آلاف وحدة سكنية في مطار قلنديا

متظاهرون خارج المحكمة العليا بالقدس أغسطس الماضي احتجاجاً على إخلاء عائلات فلسطينية (إ.ب.أ)
متظاهرون خارج المحكمة العليا بالقدس أغسطس الماضي احتجاجاً على إخلاء عائلات فلسطينية (إ.ب.أ)
TT

عائلات الشيخ جراح ترفض تسوية تمنحها صفة {مستأجر محمي}

متظاهرون خارج المحكمة العليا بالقدس أغسطس الماضي احتجاجاً على إخلاء عائلات فلسطينية (إ.ب.أ)
متظاهرون خارج المحكمة العليا بالقدس أغسطس الماضي احتجاجاً على إخلاء عائلات فلسطينية (إ.ب.أ)

أعلن ممثل عن العائلات الفلسطينية في حي الشيخ جراح في القدس، رفضهم أي تسوية مع السلطات الإسرائيلية تمس بملكيتهم للبيوت، أو الأراضي المقامة عليها. وقال كرمل القاسم، أحد نشطاء وسكان الحي، إن موقفهم ثابت ولن يقبلوا بأي قرار يمس بحقوقهم، بما في ذلك ملكية بيوت أو أراض.
جاء هذا الموقف بعد أن أعادت محكمة العدل العليا الإسرائيلية، اقتراح تسوية بشأن قضية إخلاء العائلات الفلسطينية التي تعيش في الحي، ممهلة الطرفين الإعلان عما إذا كانوا سيقبلون شروط التسوية حتى الثاني من نوفمبر (تشرين الثاني). وينص الاقتراح على أنه حتى صدور القرار النهائي بشأن حقوق الملكية، ستُعتَبَر شركة «نحلات شمعون» الإسرائيلية، المالكة للأرض، بينما العائلات الفلسطينية في الشيخ جراح مستأجرين «محميين» لا مالكين. وستتعهد شركة «نحلات شمعون»، بالامتناع عن اتخاذ إجراءات إخلاء حتى استكمال إجراءات التسوية، أو حتى نهاية 15 عامًا من تاريخ توقيع اتفاق التسوية. وكانت العائلات الفلسطينية في الشيخ جرّاح قد رفضت عدة تسويات في السابق، عرضتها المحاكم الإسرائيلية قريبة من ذلك. ويتهدد الإخلاء 28 عائلة فلسطينية تقيم في الحي منذ عام 1956، بموجب اتفاق مع الحكومة الأردنية آنذاك، ووكالة الأمم المتحدة ووكالة تشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).
وتطالب شركة «نحلات شمعون»، بإخلاء العائلات الفلسطينية من منازلها، بحجة أنها تقيم على أرض كانت مملوكة ليهود قبل عام 1948، وهو ما تنفيه العائلات الفلسطينيّة في الحي. ويخوض الطرفان صراعًا حول ملكية الأرض بالمحاكم الإسرائيلية منذ عقود، لكنه تحول إلى صراع على الأرض خلال الأشهر القليلة الماضية، بعد قرار قضائي بإخلائهم، سرعان ما تحول إلى قضية رأي عام دولي. وأشعل قرار إسرائيل إخلاء الشيخ جراح غضبا فلسطينيا واستدعى حملات رسمية وشعبية ومواجهات، حولت القضية إلى رمز للنضال في وجه التهجير.
وترفض الولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول المنطقة، إخلاء أهالي الحي، وهو ما جعل الحكومة الإسرائيلية تدفع نحو تأجيل أي قرار حاسم وملزم تجاه الحي. وتغلق إسرائيل الحي منذ يومين بسبب وجود اقتحامات من المستوطنين للحي. واقتحم مئات المستوطنين، أمس، مقام «شمعون الصديق» في الحي، وسط تشديد قوات الاحتلال من إجراءاتها العسكرية في الحي.
وقال صالح ذياب، أحد السكان للوكالة الرسمية الفلسطينية، إن مئات المستوطنين تحت حماية مشددة من قوات الاحتلال، اقتحموا المنطقة، وأطلقوا موسيقى وأصواتا صاخبة في محيط المكان، وسط منع قوات الاحتلال أهالي الحي من الخروج والدخول منه. وأضاف، أن قوات الاحتلال نصبت 6 حواجز عسكرية في محيط المكان.
ويحتفل المستوطنون في الحي، منذ يوم الاثنين بصورة مستفزة. وفي الوقت نفسه، بدأت بلدية القدس التابعة للسلطات الإسرائيلية، بالترويج لخطة بناء 10 آلاف وحدة سكنية استيطانية في مطار «القدس» (عطروت) المهجور في القدس المحتلة. وبحسب القناة 13 الإسرائيلية، فإن هذه الوحدات السكنية التي يتم الترويج لها ستكون بمثابة بدء إعلان لعودة البناء الاستيطاني في المناطق الفلسطينية.
وهذا المطار هو الأقدم في فلسطين، أقيم في عام 1920، خلال فترة الانتداب البريطاني، على أرض مساحتها 650 دونما وتم استخدامه لأغراض عسكرية آنذاك، ثم حولته الأردن إلى مطار مدني، قبل أن تحتل إسرائيل المنطقة، عام 1967، وتحوله لأغراض سياحية وتجارية ثم تغلقه. وسيقوم المشروع الاستيطاني الجديد على نحو 1200 دونم، ويشتمل على 7000 وحدة سكنية إلى 9 آلاف وحدة، إضافة إلى مراكز تجارية بمساحة 300 ألف متر مربع، و45 ألف متر مربع ستُخَصَّص لـ«مناطق تشغيل» وفندق وخزانات مياه وأماكن دينية يهودية ومنشآت مختلفة. وكانت وزارة البناء والإسكان الإسرائيلية، قد تقدمت في فبراير (شباط) 2020، بالخطة، إلى اللجنة اللوائية من أجل المصادقة عليها.
وللمطار مدرج، وبرج مراقبة، وصالة استقبال للقادمين والمغادرين، ولكن منذ أن أغلقته السلطات الإسرائيلية عام 2000، تم إهماله بشكل كامل.
منظمة السلام الآن الإسرائيلية، قالت إن «الخطة تقع في قلب سلسلة متواصلة فلسطينية حضرية تمتد من رام الله، عبر أحياء القدس الشرقية الفلسطينية، التي ضمتها إسرائيل في كفر عقب وقلنديا، إلى بيت حنينا وشعفاط، التي يقطنها مئات الآلاف من السكان الفلسطينيين». وكشفت المنظمة، عن أن المستوطنة «تهدف إلى دق إسفين وأن تصبح جيبًا إسرائيليًا، من شأنه أن يمنع التطور الفلسطيني في المنطقة المركزية الأكثر أهمية في الدولة الفلسطينية المستقبلية، وهي منطقة القدس ورام الله وبيت لحم».
وأوضحت أن «إنشاء مستوطنة تضم آلاف الوحدات السكنية، يعني وجود عشرات الآلاف من المستوطنين الإسرائيليين، وسيجعل من الصعب على أي ترتيب قائم على حل الدولتين، أن يرى النور في المستقبل، بسبب عدم الاستمرارية (الجغرافية) الفلسطينية، والضرر الذي يلحق بإمكانيات العاصمة الفلسطينية في القدس الشرقية».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.