المعارضة السورية تحقق تقدمًا في إدلب.. و«الائتلاف» يحذر من تفاقم الكارثة بالجنوب

تضاعف عدد المدنيين المحاصرين خلال شهر والنظام يفرج عن 500 شخص خلال 4 أيام

موظفان للطوارئ يحملان رجلا مصابا جراء الغارات الحوية التي تشنها قوات النظام على حي الشعار شرق حلب أمس (أ.ف.ب)
موظفان للطوارئ يحملان رجلا مصابا جراء الغارات الحوية التي تشنها قوات النظام على حي الشعار شرق حلب أمس (أ.ف.ب)
TT

المعارضة السورية تحقق تقدمًا في إدلب.. و«الائتلاف» يحذر من تفاقم الكارثة بالجنوب

موظفان للطوارئ يحملان رجلا مصابا جراء الغارات الحوية التي تشنها قوات النظام على حي الشعار شرق حلب أمس (أ.ف.ب)
موظفان للطوارئ يحملان رجلا مصابا جراء الغارات الحوية التي تشنها قوات النظام على حي الشعار شرق حلب أمس (أ.ف.ب)

تصاعدت الاشتباكات العنيفة في مدينة إدلب ومحيطها، بشمال غربي سوريا، حيث حققت المعارضة تقدما إضافيا. وشن طيران النظام والميليشيات التابعة له حملة انتقامية ضد المدنيين في كل من درعا وريفها وريف دمشق، بعد نكسته في بصرى الشام، بمحافظة درعا الجنوبية. وحذر الائتلاف الوطني المعارض من تفاقم الكارثة الإنسانية في مناطق الجنوب داعيا الجهات والمنظمات الدولية إلى تحمل مسؤولياتها تجاه المدنيين.
«الائتلاف» اعتبر أن النظام بعد فشله في تحقيق أي تقدم على الأرض وخسارته في بصرى الشام، يشن، والميليشيات التابعة له، حملة جوية انتقامية ضد المدنيين، محذرا من تفاقم الكارثة الإنسانية في مناطق الجنوب داعيا الجهات والمنظمات الدولية إلى تحمل مسؤولياتها تجاه المدنيين. وفي غضون ذلك، ارتفع وفق تقارير الأمم المتحدة عدد المدنيين المحاصرين بسبب المعارك من 212 ألفا إلى 440 ألفا خلال شهر واحد. ووصل عدد المعتقلين المفرج عنهم من سجون النظام إلى نحو 500 منذ الثلاثاء الماضي، ولم يعلم ما إذا كان من بين المفرج عنهم أي ناشط أو معارض سياسي للنظام وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان». وأوضح مدير المرصد رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» أن إطلاق سراح المعتقلين جاء كبادرة حسن نية تنفيذا لطلب روسي قبل انعقاد مؤتمر موسكو 2 الشهر المقبل، مشيرا إلى أن معظم هؤلاء هم من النساء والأطفال.
وميدانيا، أفاد «المرصد» عن تصاعد الاشتباكات العنيفة داخل مدينة إدلب وفي محيطها والأحياء الواقعة في أطراف المدينة، بين مقاتلي تنظيم «جند الأقصى» و«جبهة النصرة» و«حركة أحرار الشام» الإسلامية وعدة فصائل من جهة، وقوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة أخرى، وسط تقدم جديد للمقاتلين في أطراف المدينة، بالتزامن مع قصف متبادل بين الطرفين.
وذكر «مكتب أخبار سوريا» أن فصائل «جيش الفتح» المعارض سيطرت على مباني السكن الشبابي شمالي غربي مدينة إدلب، بعد اشتباكات مع القوات السورية النظامية. ولفت المكتب إلى أن عناصر من «جبهة النصرة» و«لواء أجناد الشام» المنضوية تحت لواء «جيش الفتح»، دخلوا المدينة من محورها الغربي، وسيطروا على مبنى كلية التربية والسكن الطلابي الشبابي، بعد معارك استمرت طوال ليل الجمعة مع قوات النظام أسفرت عن مقتل وجرح مقاتلين من الطرفين. كذلك، وفق «المكتب» سيطرت قوات المعارضة على حاجز يعقوب القريب من دوار المحريب، بمدخل حي الصناعة، بشرق المدينة، وسقط أكثر من 150 عنصرا بين قتيل وجريح في صفوف قوات النظام في حين بلغ عدد قتلى الفصائل المعارضة 25 قتيلا وأكثر من 30 جريحا، خلال 3 أيام من المعارك المستمرة.
وكانت فصائل معارضة منضوية في غرفة عمليات «جيش الفتح»، أبرزها «جبهة النصرة» و«حركة أحرار الشام» الإسلامية و«كتائب جند الأقصى»، قد بدأت قبل 3 أيام، معركة السيطرة على مدينة إدلب، ثاني كبرى مدن شمال سوريا بعد حلب.
من جهة أخرى، أشارت نغم الغادري، نائبة رئيس «الائتلاف»، إلى سقوط عشرات المدنيين بين قتيل وجريح في جنوب سوريا، فبعد قصف نفذته قوات النظام على حي درعا البلد بمدينة درعا يوم الخميس وثقت شبكات حقوقية أسماء 24 قتيلا بينهم 3 أطفال وامرأة. كذلك ألقت هليكوبترات النظام العسكرية نحو 20 برميلا متفجرا في عدد من قرى وبلدات ريف درعا، مما أدى إلى ارتفاع أعداد القتلى والجرحى، وإعلان كثير من المشافي الميدانية عجزها عن استيعاب المزيد وصعوبة تقديم الإجراءات الطبية اللازمة لهم.
وعلى جبهات ريف دمشق ومنطقة الغوطة، أفيد عن ارتكاب النظام مجزرة في حرستا القنطرة بمنطقة المرج في الغوطة الشرقية، راح ضحيتها أكثر من 20 شهيدا بعد غارة شنها الطيران الحربي شهدت قصف أحد المساجد بالتزامن مع خروج المصلين. كما ألقت الهليكوبترات العسكرية ما يزيد على 30 برميلا متفجرا على مدينة الزبداني بمنطقة القلمون خلال الأيام الثلاثة الماضية.
هذا، وفي وقت متأخر من يوم الخميس، أعلنت البارونة فاليري آموس، مسؤولة العمليات الإنسانية في الأمم المتحدة، أن عدد المدنيين المحاصرين بسبب المعارك الدائرة في سوريا الذين لا تستطيع وكالات الإغاثة إيصال المساعدات الإنسانية إليهم ارتفع من 212 ألفا في نهاية فبراير (شباط) إلى 440 ألفا حاليا أي أنه تضاعف خلال شهر واحد.
وقالت آموس أمام مجلس الأمن الدولي إن 228 ألف شخص إضافي هم حاليا «محاصرون من قبل تنظيم داعش في أحياء في دير الزور (شرق سوريا) تسيطر عليها الحكومة». وفي بقية أنحاء البلاد هناك 185 ألفا و500 شخص تحاصرهم القوات الحكومية في حين أن البقية تحاصرهم جماعات مسلحة أخرى. وأكدت آموس أن «هذا الوضع لا يمكن أن يستمر»، لافتة إلى أن «الوقت يداهم ومزيد من الناس سيموتون» ما لم تتمكن وكالات الإغاثة الإنسانية من إيصال المساعدات اللازمة إلى هؤلاء المحاصرين. وحذرت المسؤولة الأممية من ارتفاع عدد المدنيين المحاصرين أكثر إذا اشتدت وتيرة القتال في محافظة إدلب، معربة عن خشيتها من «أن يعلق مدنيون في خط النار إذا اشتدت حدة المعارك» هناك. ودعت آموس «الحكومات إلى إظهار سخائها» في مؤتمر المانحين المقرر عقده في الكويت يوم 31 مارس (آذار) الحالي.
وفي المقابل، وجه مجلس الأمن الدولي نداء مماثلا للمجتمع الدولي دعاه فيه إلى السخاء في مجال إغاثة اللاجئين السوريين. وقال المجلس في بيان أصدره مساء الخميس، إن نسبة الاستجابة للنداء الذي أطلقته الأمم المتحدة لجمع تبرعات من أجل سوريا لعام 2015 (2.9 مليار دولار) بلغت حتى اليوم 9 في المائة فقط، في حين أن نسبة الاستجابة للنداء الذي أطلق لجمع تبرعات لسد احتياجات اللاجئين السوريين (4.5 مليار دولار)، أتت أدنى وبلغت 6 في المائة فقط. وأشار البيان إلى أن هذا النقص في التمويل «أرغم الوكالات الإنسانية على تقليص الحصص الغذائية للسوريين بمعدل 30 في المائة».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.