العبادي في صلاح الدين: العمليات العسكرية في مدينة تكريت تسير بنجاح

المتحدث باسم الحشد الشعبي: الطيران الأميركي قصف قواتنا

رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي يتلقى شرحا من القادة العسكريين على الخريطة في موقع للقيادة العسكرية قرب تكريت أول من أمس (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي يتلقى شرحا من القادة العسكريين على الخريطة في موقع للقيادة العسكرية قرب تكريت أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

العبادي في صلاح الدين: العمليات العسكرية في مدينة تكريت تسير بنجاح

رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي يتلقى شرحا من القادة العسكريين على الخريطة في موقع للقيادة العسكرية قرب تكريت أول من أمس (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي يتلقى شرحا من القادة العسكريين على الخريطة في موقع للقيادة العسكرية قرب تكريت أول من أمس (أ.ف.ب)

قصفت الطائرات الأميركية أمس جامعة تكريت التي يتخذ منها الحشد الشعبي مقرات لمتطوعيه ولأبناء عشائر صلاح الدين المنضوين ضمن هذه القوة، حسبما أفاد شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» أمس. ولم تؤكد أنباء رسمية هذا الحادث، كما لم يوضح شهود العيان ما إذا كان القصف الأميركي لمقرات الحشد الشعبي جاء متعمدا أم عن طريق الخطأ.
وكان الجنرال الأميركي لويد أوستن، قائد العمليات المشتركة للتحالف الدولي في العراق، قد أكد أول من أمس أن الولايات المتحدة نجحت في إقناع العراق بتهميش دور الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران كشرط رئيسي لاستمرار الضربات الجوية الأميركية على مواقع «داعش» في مدينة تكريت الاستراتيجية العراقية.
وتهدف تلك الخطوة إلى الحد من النفوذ الإيراني هناك، بصفة مؤقتة على أدنى تقدير، وقد تؤدي إلى إعادة تنشيط الهجوم البري الذي قال المسؤولون الأميركيون إنه توقف تحت إمرة القيادة الإيرانية.
وقريبا من دوي الانفجارات والقذائف المتساقطة على مدينة تكريت، مركز محافظة صلاح الدين شمال بغداد، تتأهب القوات المسلحة العراقية بجميع صنوفها وتشكيلاتها على مشارف المدينة التي سيطر عليها مسلحو تنظيم داعش منذ يونيو (حزيران) الماضي.
رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الموجود في محافظة صلاح الدين لقيادة معركة تحرير تكريت، قال في تصريح صحافي: «إن العمليات العسكرية في مدينة تكريت تسير بنجاح». في وقت تشن فيه القوات العراقية مدعومة بطائرات التحالف الدولي أكبر هجوم من نوعه لاستعادة المدينة من تنظيم داعش الإرهابي. وأضاف العبادي أن «العمليات تمضي بالشكل الذي خطط له وفي مراحلها الأخيرة، وأن هناك تلاحما بين القوات العسكرية والأمنية والحشد الشعبي للسيطرة على المدينة» التي قال إنها «أصبحت خالية من المدنيين».
وقال الفريق رائد شاكر جودت قائد الشرطة الاتحادية في العراق لـ«الشرق الأوسط» إن «القوات الأمنية بدأت تنفيذ ضربات نوعية مركزة ضد أوكار ومجاميع مسلحي تنظيم داعش في داخل مدينة تكريت تمهيدا لدخول القوات البرية للمدينة وتحريرها بالكامل من سيطرة التنظيم الإرهابي». وأضف أن «تشكيلات قوات الجيش والشرطة نفذت الكثير من الضربات الجوية والصاروخية والمدفعية المركزة على تجمعات تنظيم داعش تمهيدا لدخول القوات البرية لتحرير المدينة بعد الشروع في تطهير المناطق والطرقات من العبوات الناسفة وتفكيكها».
من جهته، قال المتحدث باسم الحشد الشعبي معين الكاظمي لـ«الشرق الأوسط» إن «قوات الحشد الشعبي لم ولن تنسحب من مدينة تكريت، فهذه مدينتنا ونحن من سيحررها بجانب قوات الجيش والشرطة الاتحادية وأبناء العشائر»، مشيرا إلى أن «قواتنا تقف الآن على مشارف المدينة تمهيدا لتحريرها من عصابات (داعش) الإرهابية».
ونفى المعيني وجود أي «ضغوط من أي جانب في قضية انسحاب الحشد الشعبي من مدينة تكريت»، وقال: «نحن بعد اكتمال الصفحات الأولى من عملية تحرير محافظة صلاح الدين فإن الأمور كانت جاهزة ومؤاتية لتحرير تكريت في غضون ساعات، ولكن تدخل التحالف الدولي بضربات جوية أخر عملية تحرير تكريت»، منوها بأن «قيادة الحشد الشعبي أبلغت الحكومة بعدم وجود ضرورة لهذه الضربات أصلا للانهيار الكبير في صفوف مسلحي (داعش) ومع وجود سلاح طيران تابع للجيش العراقي يمكنه تنفيذ الضربات إن تطلب الأمر ذلك». واعتبر المتحدث باسم الحشد الشعبي أن «تدخل طيران التحالف الدولي شكل ضررا كبيرا خصوصا مع وجود معلومات مؤكدة تفيد بأن الطلعات الجوية لطائرات التحالف الدولي طالت بعض مواقع تابعة للحشد الشعبي، مما أدى لسقوط أعداد من الشهداء في أوساط المتطوعين وهذه الحالة تنذر بالخطر». وأضاف: «نحن قدمنا الدماء لتحرير صلاح الدين ولسنا بحاجة لتدخل التحالف الدولي وأميركا».
وأشار المعيني إلى أن «تدخل الولايات المتحدة في موضوع تحرير تكريت خلق حالة من الإرباك في الخطط المرسومة وفي حالة الاستعدادات على الأرض في محاولة منه لسرقة انتصارات الحشد الشعبي، ولا بد من حل لهذه القضية وهو الانسحاب الفوري للتحالف الدولي من سماء تكريت والاتجاه إلى الأنبار والموصل لضرب مواقع تنظيم داعش هناك وترك تكريت يحررها أبناؤها من أبطال الحشد الشعبي والجيش العراقي وقوات الشرطة الاتحادية». وأفاد الجنرال أوستن بأنه أصر على سحب الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران قبل بدء الولايات المتحدة في إطلاق طائرات جمع المعلومات الاستخبارية بحلول عطلة نهاية الأسبوع (أمس) وإلقاء القنابل إسنادا للقوات العراقية المعاد تشكيلها من الجنود والشرطة الاتحادية، حسبما ذكرت وكالة أسوشييتد برس.
وتعد تكريت من المدن العراقية ذات الأغلبية السنية من تعداد السكان، وهي مسقط رأس الزعيم العراقي الراحل صدام حسين. وأثار الدور المهيمن للميليشيات الشيعية المدعومة من إيران في المراحل المبكرة من معركة استعادة تكريت من مقاتلي «داعش» المخاوف من أن يعمق ذلك الهجوم الانقسام الطائفي داخل العراق ويدفع السكان السنة إلى أحضان المتطرفين من «داعش»، الذين يسيطرون فعليا على مساحات شاسعة من أراضي البلاد.
وقال الجنرال أوستن موضحا: «لماذا فشلت الجهود» لاستعادة تكريت؟ مع تصدر الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران المشهد كان أمرا معيبا. وتابع يقول إن العمليات كان ينقصها قوة النيران الدقيقة، والقيادة المناسبة من الحكومة العراقية، والخطط المتماسكة بالنسبة لقوات المناورات البرية ضد العدو الراسخ هناك.
يفتقر العراق إلى القوة الجوية المتطورة. ويهدف دخول القوة الجوية الأميركية إلى فتح الباب للقوات البرية العراقية إلى دخول المدينة خلال الأيام أو الأسابيع المقبلة. وصرحت وزارة الدفاع الأميركية بأنها كانت تستخدم الطائرات المقاتلة والقاذفات والطائرات من دون طيار في العمليات.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».