مصر: طابع بريدي للقمة العربية.. و«عاصفة الحزم» تهيمن على خطبة الجمعة

مصلون رفعوا لافتات تأييدا للتحالف العربي ـ الإسلامي في الجامع الأزهر

طابع بريدي خاص أصدرته مصر أمس بمناسبة انعقاد القمة العربية في شرم الشيخ اليوم («الشرق الأوسط»)
طابع بريدي خاص أصدرته مصر أمس بمناسبة انعقاد القمة العربية في شرم الشيخ اليوم («الشرق الأوسط»)
TT

مصر: طابع بريدي للقمة العربية.. و«عاصفة الحزم» تهيمن على خطبة الجمعة

طابع بريدي خاص أصدرته مصر أمس بمناسبة انعقاد القمة العربية في شرم الشيخ اليوم («الشرق الأوسط»)
طابع بريدي خاص أصدرته مصر أمس بمناسبة انعقاد القمة العربية في شرم الشيخ اليوم («الشرق الأوسط»)

هيمنت أجواء القمة العربية التي تنطلق فعالياتها اليوم في مدينة شرم الشيخ على الشارع المصري. وأصدرت الهيئة القومية للبريد، أمس، طابعا بمناسبة الدورة الـ26 للقمة العربية، وذلك تخليدا لذكرى هذا الحدث التاريخي. وقالت الهيئة إن «إصدار الطابع يواكب مناسبة مرور 70 عاما على العمل العربي المشترك».
وبينما هيمنت عملية «عاصفة الحزم» بقيادة السعودية ودول عربية وإسلامية، على خطبة الجمعة في مساجد مصر أمس، تظاهر مصلون في الجامع الأزهر منددين بأفعال الحوثيين في اليمن، ومؤكدين وقوفهم مع الجيش المصري والأشقاء العرب للدفاع عن الأمن القومي العربي.
وردد المتظاهرون شعارات منها: «نؤيد القرار العربي بشدة»، و«عاصفة الحزم» أول الخطوات لتوحيد الأمة العربية والقرار العربي للقضاء على الإرهاب والباقية تأتي على تنظيم داعش الإرهابي. وقال محمد حلمي، الطالب في جامعة الأزهر، وهو يمسك بيديه علمي المملكة العربية السعودية ومصر، وبجواره صديقه يحيي أحمد، إن «هذه الشعارات التي نرفعها ليست من فراغ، وإنما لأننا نحس بأنها تمثل أحلامنا كعرب في مستقبل آمن، ونرى أن (عاصفة الحزم) هي الشرارة الأولى لتحقيق ذلك».
ووحدت وزارة الأوقاف (التي تشرف على مساجد مصر) خطب الجمعة أمس في جميع المساجد. وقال مصدر مسؤول في الأوقاف، إن موضوع الخطبة كان بعنوان «التضامن العربي وأثره في بناء المجتمع وآفاق المستقبل»، وذلك لحث المصريين على الوحدة وعدم الانفصال عما يجري في الدول العربية، والتأكيد على حاجة العرب إلى الوحدة في الوقت الحالي ضد المخاطر التي تحدق بهم خاصة الإرهاب. وقال وزير الأوقاف محمد مختار جمعة، في خطبة الجمعة بمسجد السلام بمدينة شرم الشيخ، أمس، بحضور الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إن «الأمن القومي العربي خط أحمر، وأن مصر تقف بقوة إلى جانب أشقائها العرب للدفاع عن الأمن القومي العربي الذي لا يتجزأ، إيمانا منها بوحدة المصير المشترك».
وبدأ وزير الأوقاف المصري الخطبة، بقوله تعالى: «واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا»، قائلا: «نريد أن تكون القمة العربية في مدينة شرم الشيخ لتجديد شباب الأمة في ظل وجود القيادات العربية الحكيمة»، مضيفا: «نسأل الله أن تنجح القمة نجاحا غير مسبوق»، داعيا في نهاية الخطبة أن يعم السلام والأمن في كل بلاد العرب.
وفي القاهرة، قال أمين اللجنة العليا للدعوة بالأزهر، الشيخ محمد زكي، إن «الأمة العربية والإسلامية تواجه الأخطار في العلن وليس الخفاء، فقد أصبحت من الضعف أن يدبر لها أعداؤها المصائب علانية». وأكد زكي في خطبة الجمعة بالجامع الأزهر أن اتحاد الأمة العربية والإسلامية أصبح فرضا، مضيفا أنه «لا يجب ألا نحيد عن هذه الفرضية، وأن نواجه أعداءنا بمعية الله ومدده وبوحدة أمتنا، حتى يكون لنا اعتبار وقوة في هذا العالم العصيب الذي لا يعرف إلا القوة»، مشيرا إلى أنه لا بد أن تكون الأمة الإسلامية متحدة سياسيا وعسكريا.
بدوره، دعا خطيب مسجد النور بالعباسية (شرق القاهرة)، عادل المراعى، المسلمين إلى التكاتف والتوحد ضد كل من يتعدى على الدين الإسلامي بالقول أو بالفعل، مشيرا إلى أن سقوط الدول يأتي بسبب عدم التعاون والتكاتف مع بعضهم البعض.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.