«جائع للأبد»... «إنستغرام» يروج لصفحات تشجع على اضطرابات الأكل لدى المراهقين

مستخدم يتصفح تطبيق إنستغرام عبر هاتفه الذكي (إ.ب.أ)
مستخدم يتصفح تطبيق إنستغرام عبر هاتفه الذكي (إ.ب.أ)
TT

«جائع للأبد»... «إنستغرام» يروج لصفحات تشجع على اضطرابات الأكل لدى المراهقين

مستخدم يتصفح تطبيق إنستغرام عبر هاتفه الذكي (إ.ب.أ)
مستخدم يتصفح تطبيق إنستغرام عبر هاتفه الذكي (إ.ب.أ)

«يجب أن أكون نحيفاً»، «جائعاً إلى الأبد»، «أريد أن أكون مثالياً»، هذه هي أسماء بعض الحسابات التي ساهم موقع «إنستغرام» في ترويجها عبر خوارزمياته إلى حسابات مسجلة على أنها تخص فتاة تبلغ من العمر 13 عاماً أعربت عن اهتمامها بفقدان الوزن واتباع نظام غذائي.
ويعتبر ذلك دليلاً على أن «إنستغرام» لا يفشل فقط في اتخاذ إجراءات صارمة ضد الحسابات التي تروج للحمية الغذائية المتطرفة واضطرابات الأكل، ولكنه يروج بنفسه لنشاط هذه الحسابات. وتأتي هذه المعلومات في الوقت الذي يواجه فيه تطبيق «إنستغرام» والشركة الأم «فيسبوك» تدقيقاً شديداً بشأن تأثيرهما على الصحة العقلية للشباب.
وأقر «إنستغرام» لشبكة «سي إن إن» في نهاية هذا الأسبوع أن هذه الحسابات انتهكت قواعده ضد الترويج لاتباع نظام غذائي متطرف، وأنه لا ينبغي السماح لصفحات مماثلة بالبقاء على المنصة.
وتم الترويج لحسابات اتباع نظام غذائي متطرف إلى حساب أنشأه طاقم السيناتور ريتشارد بلومنتال. سجل الفريق حساباً لفتاة تبلغ من العمر 13 عاماً وشرع في متابعة بعض حسابات اضطراب النظام الغذائي. بعد فترة وجيزة، بدأت خوارزمية «إنستغرام» في التوصية بشكل حصري تقريباً بأن يتبع حساب المراهقة حسابات خاصةً بأنظمة غذائية أكثر تطرفاً، كما قال السيناتور لشبكة «سي إن إن».
وشارك مكتب بلومنتال قائمة بالحسابات التي أوصت بها خوارزمية «إنستغرام». بعد أن أرسلت «سي إن إن» عينة من هذه القائمة المكونة من خمسة حسابات إلى «إنستغرام» للتعليق عليها، قام التطبيق بإزالتها، قائلاً إن جميعها انتهكت سياساته ضد التشجيع على اضطرابات الأكل.
وقال متحدث باسم «فيسبوك»: «لا نسمح بالمحتوى الذي يروج أو يشجع على اضطرابات الأكل وقد أزلنا الحسابات التي تمت مشاركتها معنا لخرق هذه القواعد». وتابع: «نستخدم التكنولوجيا والتقارير من مجتمعنا للعثور على هذا المحتوى وإزالته بأسرع ما يمكن، ونعمل دائماً على التحسين. سنستمر في اتباع نصائح الخبراء من الأكاديميين ومؤسسات الصحة العقلية، لتحقيق التوازن الصعب بين السماح للأشخاص بمشاركة خبراتهم في مجال الصحة العقلية مع حمايتهم من المحتوى الضار المحتمل».
وفي حديثه إلى «سي إن إن» أمس (الاثنين)، قال بلومنتال: «تظهر هذه التجربة بشكل بياني للغاية كيف أن ادعاءات (فيسبوك) بحماية الأطفال أو إزالة الحسابات التي قد تكون خطرة عليهم هي مجرد هراء».
*خطورة محتوى اضطرابات الأكل
يقول الخبراء إن مشاهدة المحتوى من حسابات النظام الغذائي المتطرفة هذه - والتي تضمنت، على سبيل المثال، صور أجسام نحيفة للغاية ومعلومات حول «الوزن الحالي» للمستخدم مقابل «الوزن المستهدف» - قد تكون بمثابة خطوة سلبية للمستخدمين المعرضين بالفعل لسلوكيات غير صحية.
وقالت باميلا كيل، أستاذة علم النفس في جامعة ولاية فلوريدا، والتي درست كيف يمكن أن يساهم استخدام «إنستغرام» في اضطرابات الأكل: «يطلق عليه التحيز التأكيدي، حيث يميل الناس إلى البحث عن معلومات تؤكد ما يعتقدون بالفعل أنه صحيح». وتابعت: «بينما تتم مناقشة التحيز التأكيدي غالباً في سياق قضايا أخرى على وسائل التواصل الاجتماعي، مثل المعلومات الخاطئة عن اللقاح، فإنه قد يؤثر أيضاً على شخص يعتقد بالفعل أنه بحاجة إلى أن يكون نحيفاً، ويبحث عن أشخاص آخرين يتفقون معه حول ذلك».


مقالات ذات صلة

توفيق بريدي... حكاية صانع محتوى لبناني تدارك الخطأ

يوميات الشرق توفيق بريدي تأكّد بأنّ تسطيح المحتوى لا ينفع (حسابه الشخصي)

توفيق بريدي... حكاية صانع محتوى لبناني تدارك الخطأ

يُخبر صانع المحتوى اللبناني توفيق بريدي «الشرق الأوسط» أنّ المرء يبدأ متهوّراً قبل تعلُّم الدرس. حذفُه فيديوهات البداية، إعلانُ تراجع من أجل صفحة جديدة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
أوروبا المستشار الألماني أولاف شولتس  (د.ب.أ)

شولتس يحذر من «السذاجة» على وسائل التواصل الاجتماعي

أوصى المستشار الألماني أولاف شولتس مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي بإلقاء نظرة نقدية على المعلومات المنشورة هناك، محذراً من «السذاجة» في التعامل مع المعلومات.

«الشرق الأوسط» (برلين)
مذاقات صورة لطاجين اللحم بالبرقوق المشهور في المغرب من بكسباي

المطبخ المغربي... يتوج بلقب أفضل مطبخ في العالم

فاز المطبخ المغربي على المطبخ المكسيكي في نهائي مسابقة للطبخ، بعد جمع ما يقارب 2.5 مليون صوت طوال المنافسة.

كوثر وكيل (لندن)
الولايات المتحدة​ شعار منصة «ميتا» (أ.ف.ب)

وسط نزاع حول الرموز المرتبطة بغزة...«ميتا» تحظر بيع كعك يحمل رمزاً للبطيخ

اتُهمت شركة «ميتا» بالتورط في رقابة داخلية مفرطة، بعد أن حظرت بيع الكعك الذي يحمل رمزاً للبطيخ، حيث تم تفسيره على أنه رمز للعلم الفلسطيني.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق  البلوغر هدير عبد الرازق (حسابها على فيسبوك)

بلوغر مصرية تتصدر الترند بعد تداول «فيديو فاضح»

تصدرت البلوغر المصرية هدير عبد الرازق ترند مواقع التواصل الاجتماعي (الخميس) بعد انتشار «فيديو فاضح» لها وتداوله على نطاق واسع.

أحمد عدلي (القاهرة)

«منطقة الفاو الأثرية» كنز الحضارات القديمة إلى واجهة العالم الثقافية

عُثر في المكان على عدد من التماثيل البرونزية وشواهد قبور منحوتة بخط المسند الجنوبي (واس)
عُثر في المكان على عدد من التماثيل البرونزية وشواهد قبور منحوتة بخط المسند الجنوبي (واس)
TT

«منطقة الفاو الأثرية» كنز الحضارات القديمة إلى واجهة العالم الثقافية

عُثر في المكان على عدد من التماثيل البرونزية وشواهد قبور منحوتة بخط المسند الجنوبي (واس)
عُثر في المكان على عدد من التماثيل البرونزية وشواهد قبور منحوتة بخط المسند الجنوبي (واس)

الزمان القرن الثالث قبل الميلاد، المكان على حافة الربع الخالي، منطقة ناهضة بأسواقها التي يعلو منها دويّ المتسوقين وضجيج الحركة الذي يخترق سكون الصحراء التي تحيط بالمكان وتلفه بنعومة، مدينة حيوية تضجّ بالحياة وعامرة بالمساكن والحوانيت التي تعرض بضائع التجار والمسافرين بينها وبين الممالك المختلفة في الجزيرة العربية.

«فجوة في جبل»، هو الوصف التضاريسي لما تُسمى «الفاو» وهي المنطقة التاريخية التي تربعت على طريق التجارة القديمة، التي كانت تُعرف بطريق نجران-الجرفاء، وتربط جنوب شبه الجزيرة العربية بشمالها الشرقي، وفيها تلتقي قوافل التجار، للاستراحة والاتجار بالبضائع القادمة عبر القوافل من ممالك سبأ، ومعين، وقتبان، وحضرموت، وحمير إلى نجران، ومنها إلى قرية الفاو، ثم إلى الأفلاج، فاليمامة، ثم تتجه شرقاً إلى الخليج وشمالاً إلى وادي الرافدين وبلاد الشام.

كانت هذه المكانة الأثيرة للمنطقة، بطابعها التجاري وكونها نقطة التقاء مهمة وحيوية بين الممالك والحواضر المنتشرة في الجزيرة العربية، مؤهلاً لتطور الفاو من محطة مرور قوافل صغيرة إلى مركز تجاري وديني وحضري مهم في وسط الجزيرة العربية، وقد اتخذها ملوك كندة العربية عاصمة لملكهم لـ8 قرون، منذ القرن الرابع قبل الميلاد حتى القرن الرابع للميلاد، قبل أن يغادروها ويتخذوا من شمال الجزيرة العربية مركزاً لحكمهم. وقد تتبّع القدْرُ الميسورُ من الحفريات الأثرية التي اكتُشفت، مسيرةَ تطور المدينة، وطرفاً من سيرتها، حيث صمدت في وجه الهجمات والاعتداءات المختلفة من محيطها الذي يتذبذب بين الضعف والقوة، لا سيما في أواخر القرن الثاني الميلادي.

كانت مدينة حيوية تضجّ بالحياة وعامرة بالمساكن والحوانيت التي تعرض بضائع التجار والمسافرين منها وإليها (واس)

أقدم اكتشاف أثري عربي في السعودية

وهبت قرية الفاو، سرّها لعالم الآثار والمؤرخ السعودي عبد الرحمن الأنصاري، الذي توفي في مارس (آذار) 2023 بعد أن قضى أكثر من عقدين في البحث والتنقيب بهذه المنطقة، حيث قاد أستاذ الآثار في جامعة الملك سعود بالرياض، فريقاً من الباحثين لإجراء أعمال التنقيب في منطقة الفاو جنوب الجزيرة العربية، بين عامَي 1972 و1995.

وتمكّن الأنصاري وفريقه من إعادة اكتشاف منطقة الفاو الأثرية، وأشرف على أعمال التنقيب فيها طوال المدة التي تزيد على عقدين، بعد أن ارتفعت التوقعات بشأن ما يختزنه المكان من ثروة آثارية، تنبأت بها الزيارات الاستكشافية التي قام بها عديد من علماء الآثار الأجانب، وبعض العاملين في شركة «أرامكو السعودية»، منذ الأربعينات، قبل أن ينبري لها الأنصاري وفريقه، للبدء في عمل تاريخي رصين أسفر عن استكشاف ما يعدّ من أهم المواقع الأثرية في شبه الجزيرة العربية، ويمثّل تجسيداً متكاملاً للمدن العربية قبل الإسلام.

كانت المنطقة نقطة التقاء مهمة وحيوية بين الممالك والحواضر المنتشرة في الجزيرة العربية (واس)

ثلاث حضارات متعاقبة

واصلت السعودية جهود استكشاف الموقع الأثري، وأسفرت تلك الجهود عن مكتشفات أثرية تروي قصص 3 حضارات تعاقبت في منطقة الفاو، وكانت المنطقة السكنية التي تضمّ منازل وساحات وشوارع وسوقاً، وبقايا المواضع التي تُخزّن فيها الحبوب وأفران الخبز، والمنطقة المقدسة المكونة من معابد ومقابر، من أوائل ما اكتُشف في المكان، بالإضافة إلى النقوش التي تنتشر في عدد من الواجهات ضمن نطاق القرية، مثل تلك التي تظهر في شرق المدينة، حيث يستقر جبل كبير يزخر بكهوف ونقوش صخرية، وبقايا معبد بُني من الحجارة، وما تبقى من مائدة لتقديم القرابين، بجانب عديد من النقوش التعبدية المنتشرة في المكان.

كما عُثر في الموقع على عدد من التماثيل البرونزية والنماذج، وشواهد قبور منحوتة بخط المسند الجنوبي، وضريح الملك معاوية المبني على شكل هرم مدرج صغير، وأضرحة النبلاء وعلية القوم. وفي 27 يوليو (تموز) 2022 أعلنت هيئة التراث السعودية نجاح فريق علمي سعودي وخبراء دوليين في التوصل إلى كشف جديد عن منطقة لمزاولة شعائر العبادة لسكان منطقة الفاو في الواجهة الصخرية لأطراف جبال طويق المعروفة باسم «خشم قرية» إلى الشرق من موقع الفاو الأثري.

تتبّع القدْرُ الميسورُ من الحفريات الأثرية التي اكتُشفت مسيرةَ تطور المدينة وطرفاً من سيرتها (واس)

إلى واجهة العالم الثقافية

في أقل من عام من انضمام محمية «عروق بني معارض» إلى «قائمة اليونيسكو للتراث العالمي»، نجحت السعودية في تسجيل الواجهة الثقافية لمنطقة الفاو الأثرية في القائمة الدولية، لتصبح ثامن موقع سعودي ينضم إلى القائمة اعترافاً بقيمته الاستثنائية بوصفه جوهرةً حضاريةً وآثاريةً ثمينةً.

وتعكس هذه الوتيرة المتسارعة لتسجيل المواقع الأثرية، ما تتمتع به السعودية من حيوية في تحقيق خطوات مهمة في القطاع الثقافي، منذ أطلقت «رؤية 2030» عوامل العمل على أسس جديدة. وفتحت هذه الاكتشافات في إطار الرؤية، أبواب المملكة على العالم، ورحّبت بالزوار من شتى بقاع الأرض، بوصفها وجهةً سياحيةً عالميةً؛ للوقوف من كثب على ما أنجزته البلاد من مبادرات في مجالات الآثار، والثقافة، والتعليم والفنون؛ للحفاظ على تراث المملكة الغني وجمالها الطبيعي، انطلاقاً من موقعها الجغرافي المتميز في قلب العالمَين العربي والإسلامي.