«الاستئناف» ترد طلب كف يد المحقق في انفجار مرفأ بيروت

خبير قانوني: الخوف يبقى من قرار مخالف من «محكمة التمييز»

صور ضحايا انفجار بيروت في وسط المدينة (أ.ب)
صور ضحايا انفجار بيروت في وسط المدينة (أ.ب)
TT

«الاستئناف» ترد طلب كف يد المحقق في انفجار مرفأ بيروت

صور ضحايا انفجار بيروت في وسط المدينة (أ.ب)
صور ضحايا انفجار بيروت في وسط المدينة (أ.ب)

ردّت محكمة الاستئناف طلبات كف يد قاضي التحقيق في قضية انفجار مرفأ بيروت طارق البيطار، بعد تعليق التحقيقات لمدة أسبوع، في خطوة تركت ارتياحاً في لبنان ولدى أهالي الضحايا، لا سيما بعد التهديدات التي تعرض لها البيطار بشكل مباشر وغير مباشر كما سبق لطلبات مماثلة أن أطاحت بسلفه القاضي فادي صوان.
وذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» أن محكمة الاستئناف المدنية أصدرت قراراً برد طلبات الرد المقدمة من الوزراء السابقين النواب نهاد المشنوق وعلي حسن خليل وغازي زعيتر، والمتعلقة بكف يد المحقق العدلي القاضي طارق البيطار عن التحقيقات شكلاً لعدم الاختصاص النوعي، وإلزام المستدعين طالبي الرد دفع غرامة مالية مقدارها 800 ألف ليرة عن كل واحد منهم.
وكان البيطار علق، الاثنين الماضي، تحقيقاته، بانتظار أن تبت محكمة الاستئناف بدعوى تقدم بها الوزير السابق نهاد المشنوق يطلب فيها نقل القضية إلى قاضٍ آخر رداً على طلب استجوابه كمدعٍ عليه. وتقدم الوزيران السابقان علي حسن خليل وغازي زعيتر، المدعى عليهما في القضية أيضاً، بدعوى مماثلة الخميس أمام المحكمة ذاتها.
ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مصدر قضائي قوله «إنه يمكن للبيطار، أن يستأنف تحقيقاته من هذه اللحظة»، متحدثا عن «توجه لتحديد موعد قريب لاستجواب النواب الثلاثة قبل بدء الدورة العادية لمجلس النواب»، بعد منتصف الشهر الحالي التي تمنح النواب الحصانة.
وأكد الخبير القانوني سعيد مالك أن قرار «محكمة الاستئناف» مبرم غير قابل لأي طريق من طرق المراجعة، مشيراً إلى أن الخوف الوحيد اليوم هو في اتخاذ محكمة التمييز الجزائية قراراً بكف يد البيطار بناء على طلب الدعوى المقدمة من الوزير السابق يوسف فنيانوس.
وأوضح مالك لـ«الشرق الأوسط» أنه يفترض بالقاضي البيطار، استكمال التحقيق من حيث توقف وتحديد مواعيد لاستجواب النواب كمدعى عليهم وصولاً إلى إصدار مذكرة توقيف بحقهم إذا لم يحضروا. وفيما اعتبر مالك أن قرار المحكمة الأخير أكد أن القضاء اللبناني كان على قدر الثقة استبعد أن تستسلم السلطة والأفرقاء السياسيون له بحيث يبقى الخوف الوحيد هو من استصدار قرار من محكمة التمييز الجزائية بكف يد البيطار بناء على الدعوى المقدمة من الوزير السابق يوسف فنيانوس لـ«نقل الدعوى (من البيطار) للارتياب المشروع».
وكانت هذه المرة الثانية التي يصار فيها إلى تعليق التحقيق في انفجار المرفأ، ورفضت الأمانة العامة لمجلس النواب الشهر الماضي مذكرات تبليغ أرسلها البيطار لاستجواب النواب الثلاثة، انطلاقاً من استناد البرلمان إلى قانون يحصر محاكمة الرؤساء والوزراء في محكمة خاصة يُشكلها من قضاة ونواب.
واصطدم البيطار، منذ إصدار ادعاءاته في شهر يوليو (تموز) الفائت، بقوى سياسية رفضت تلك الادعاءات، وفي مقدمها «حزب الله» الذي ذهب إلى اتهام البيطار بالاستنسابية في الادعاءات القضائية التي سطرها بحق شخصيات سياسية وأمنية، بينها رئيس الحكومة السابق حسان دياب والوزراء السابقون علي حسن خليل ونهاد المشنوق وغازي زعيتر (وهم أعضاء في البرلمان الحالي)، إلى جانب الوزير السابق يوسف فنيانوس، والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، ومدير عام أمن الدولة اللواء طوني صليبا، وقائد الجيش السابق جان قهوجي.
وقبل تقديم دعاوى كف يده كانت معلومات قد أشارت إلى تهديدات مباشرة من حزب الله تعرض لها البيطار عبر رئيس وحدة الأمن والارتباط وفيق صفا، وهو ما أدى بالنائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات الطلب من البيطار «إعداد تقرير حول ما يتم تداوله عن رسالة (تهديد) شفهية وصلته من وفيق صفا»، وأشارت المعلومات أن «البيطار رد خطياً على طلب عويدات بالتأكيد على فحوى الرسالة التي وصلته ويتم التداول بها».
وكان قد أثار تعليق التحقيق غضب منظمات حقوقية وذوي ضحايا الانفجار الذين تظاهروا، الأربعاء، أمام قصر العدل، واتهموا الطبقة السياسية بتقويض التحقيقات في أسوأ كارثة شهدها لبنان في زمن السلم. وجدد مجلس الأمن الدولي، الاثنين، التأكيد على ضرورة إجراء تحقيق «سريع ومستقل ونزيه وشامل وشفاف» في الانفجار. كذلك أبدت فرنسا أسفها لتعليق التحقيق.
ومنذ وقوع الانفجار، رفضت السلطات اللبنانية تحقيقاً دولياً، فيما تندد منظمات حقوقية بينها «هيومن رايتس ووتش» و«العفو الدولية» بمحاولة القادة السياسيين عرقلة التحقيقات، وتطالب بإنشاء بعثة تحقيق دولية مستقلة ومحايدة.
وأول تعليق على قرار محكمة الاستئناف جاء على لسان وزير العدل هنري الخوري الذي قال: «أحترم هذا القرار ولدي ملء الثقة بالمحكمة والهيئة التي أصدرته»، فيما أثنى أهالي ضحايا انفجار المرفأ على القرار ودعوا في وقفة لهم القاضي البيطار إلى تطبيق إجراءاته بسرعة كي لا يقوموا بالتلاعب على القوانين عبر حصاناتهم، مشددين على أنهم لا يتهمون «إلّا من يتهمّه القضاء».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.