ميقاتي: نعمل لتوفير مقومات الصمود للأسلاك العسكرية والقطاع العام

ميقاتي مستقبلاً اللواء عثمان على رأس وفد من قيادة قوى الأمن (دالاتي ونهرا)
ميقاتي مستقبلاً اللواء عثمان على رأس وفد من قيادة قوى الأمن (دالاتي ونهرا)
TT

ميقاتي: نعمل لتوفير مقومات الصمود للأسلاك العسكرية والقطاع العام

ميقاتي مستقبلاً اللواء عثمان على رأس وفد من قيادة قوى الأمن (دالاتي ونهرا)
ميقاتي مستقبلاً اللواء عثمان على رأس وفد من قيادة قوى الأمن (دالاتي ونهرا)

وعد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، بالعمل على توفير مقومات الصمود للأسلاك العسكرية والعاملين في القطاع العام، وذلك خلال لقائه مدير عام الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان على رأس وفد من مجلس القيادة.
وأشاد ميقاتي بـ«الدور الذي تقوم به قوى الأمن الداخلي في السهر على حماية الناس وصَون الأمن والدفاع عن المؤسسات، رغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها عديدها كسائر اللبنانيين». وقال: «إننا نفتخر بأن قوى الأمن التي تجمع اللبنانيين، من مختلف أطيافهم ومناطقهم، تستمر في العمل بكل تفان وانضباط، متخطية الصعوبات وعدم توافر الإمكانات المالية واللوجيستية لإتمام مهامها».
وخلال اللقاء، توجه ميقاتي إلى الوفد بالقول: «إن ما تقوم به الحكومة لمعالجة التعقيدات والملفات العديدة المطروحة لا يكتمل إلا بوجود قوى أمنية تسهر على تطبيق القوانين وحماية الناس، من هنا نتطلع إليكم أنتم العين الساهرة ونثق بكم ونقدركم، ونشدد على استمرار التعاون القائم بينكم وبين الجيش وسائر القوى الأمنية وتفعيله لما فيه مصلحة الوطن وتعزيز الأمن، ومنع كل محاولات العبث بالسلم والأمن وضبط الشبكات التخريبية التي تسعى للنيل مجدداً من لبنان».
وأكد أن «الحكومة في صدد اتخاذ سلسلة من التدابير والإجراءات لتوفير الحد الأدنى من مقومات الصمود للأسلاك العسكرية والأمنية وسائر العاملين في القطاع العام، في انتظار أن تفضي الورشة الحكومية إلى وضع الملفات الاقتصادية والمالية والاجتماعية على سكة الحل الناجز».
وكان عمل الحكومة أيضاً، لا سيما ملف وزارة المهجرين، محور بحث بين الوزير عصام شرف الدين ورئيس الجمهورية ميشال عون.
وقال شرف الدين بعد اللقاء إن زيارته «كانت للمشورة في مواضيع اقتصادية ومالية وفي موضوع أساسي هو تحويل وزارة المهجرين المتآكلة، إلى وزارة تنموية هي التنمية الريفية، وذلك نظراً إلى أهمية هذه الوزارة التي نحن في أمس الحاجة إليها اليوم، خصوصاً لتحفيز المواطن على البقاء في قريته في ظل موجة الهجرة التي نعاني منها حالياً نتيجة التداعيات الاقتصادية في القطاعات كافة، والتي تنعكس على نفسية المواطن، خصوصاً على أبناء القرى».
ووعد بالعمل على حل القضايا العالقة في ملف وزارة المهجرين، مشيراً إلى أنه سيتم تحويلها «إلى مديرية تابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية أو غيرها».
وفيما يعقد مجلس الوزراء جلسة غداً الأربعاء، قال النائب في «اللقاء الديمقراطي» هادي أبو الحسن، «سنعطي الحكومة فترة سماح كافية لتطبيق بيانها الوزاري، ولكننا ككتلة وانطلاقاً من مبدأ فصل السلطات لدينا دور في الرقابة والمحاسبة وسنصوب على الأخطاء»، نافياً انتقاد «اللقاء الديمقراطي»، «الحكومة بشكل استباقي وعبثي»، قائلاً: «من المبكر الحكم على نجاحها، إنما هناك وزراء يقومون بدورهم الكامل».
وأكد على «ضرورة تطبيق الورقة الفرنسية المتعلقة بالإصلاحات، لا سيما في قطاع الكهرباء، خصوصاً أننا سمعنا بعض الإيحاءات حول عدم أهمية الهيئة الناظمة»، مشدداً على «عدم جواز إسقاطها لأنها مؤشر جدي حول نية الحكومة بالإصلاح».
من جهته، دعا المكتب السياسي لحركة «أمل»، «الحكومة إلى شق مسارات حلول مبنية على أساس الحاجات الملحة للمواطنين»، لافتاً إلى أنها «مطالبة بمنع تفلت سعر صرف الدولار مما يهدد بانفجار اجتماعي إن لم يتم تدارك الأمور». وشدد على «ضرورة إجراء استحقاق الانتخابات النيابية وتأمين كل مستلزماتها التنفيذية واللوجيستية ليتمكن اللبنانيون من ممارسة حقهم الديمقراطي»، داعياً إلى «التزام التحقيق في جريمة انفجار مرفأ بيروت بالأصول الدستورية التي توصل إلى الحقيقة وتحقيق العدالة».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.