«الزمالك»... حي الأرستقراطية المصرية يعود لبؤرة الأزمات

اقتطاع جزء من «حديقة الأسماك» ذكّر بمشكلتي «العجلة الدوّارة» و«المترو»

«الزمالك»... حي الأرستقراطية المصرية يعود لبؤرة الأزمات
TT

«الزمالك»... حي الأرستقراطية المصرية يعود لبؤرة الأزمات

«الزمالك»... حي الأرستقراطية المصرية يعود لبؤرة الأزمات

في قلب حي الزمالك العريق، وعلى كورنيش نيل القاهرة تقف حديقة الأسماك مشكلة متنفساً ورئة للحي المزدحم بالمباني الشاهقة والمقرات الدبلوماسية، والفيلات القديمة، التي منحت الزمالك خصوصية عن باقي أحياء العاصمة المصرية، لتصبح الجزيرة التي تتوسط النيل وجهة مفضلة للأجانب والدبلوماسيين والطبقة الأرستقراطية على مدار عدة عقود، وهو ما يضع حي الزمالك في بؤرة الأحداث عند أي محاولة للمساس به، وآخرها أزمة شطب جزء من حديقة الأسماك لإنشاء جراج ومطعم وكافتيريا.
وأثار إعلان المجلس الأعلى للآثار، عزمه استقطاع جزء من حديقة الأسماك لإنشاء جراج، حالة من الجدل والغضب بين سكان حي الزمالك، وعشاق التراث المصري، فالحديقة التي بدأ إنشاؤها في عهد الخديوي إسماعيل عام 1876 تشكل جزءاً من تاريخ مصر وتراثها الاجتماعي والسينمائي، حيث كانت مسرحاً لتصوير عدد من الأفلام السينمائية، كما أنها تعد نزهة رخيصة ومحببة للمصريين من كل الفئات العمرية، والاجتماعية، حيث يبلغ سعر التذكرة خمسة جنيهات مصرية.
الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، برر في تصريحات تلفزيونية، شطب جزء من الحديقة من سجلات الآثار، واستقطاع نصف فدان لإنشاء جراج، بأنه «ضرورة لتوفير مكان لانتظار سيارات زوار الحديقة، التي ستزيد مع مشروع تطوير الحديقة الذي سينفذه أحد المستثمرين ويتضمن إنشاء مطعم وكافتيريا وجراج»، مشيراً إلى أن «النصف فدان جزء صغير من الحديقة التي تبلغ مساحتها 9.5 فدان، وقد اختار المجلس الأعلى للآثار مكاناً خالياً من الأشجار وبعيداً عن الآثار لإنشاء الجراج»، على حد تعبيره.
لكن الدكتور مختار الكسباني، أستاذ الآثار الإسلامية، وعضو اللجنة العليا للمتاحف بالمجلس الأعلى للآثار، أكد في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «الحديقة لا يوجد بها مكان خالٍ من الأشجار، والمساس بها يعتبر مخالفة صريحة للقانون»، مشيراً إلى أن «قرار شطب أو استقطاع أي جزء من الآثار لا بد أن يتم بمعرفة لجنة علمية متخصصة، وقد سألت أعضاء اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية والقبطية واليهودية عن الأمر وأكدوا أنه لم يعرض عليهم».
وتتوسط الجبلاية الأثرية الحديقة، محتلة جزءاً كبيراً من مساحتها، وتحيط بها ممرات محاطة بالأجور مع بحيرات من المياه الراكدة تضم عدداً قليلاً جداً من الأسماك، يصعب رؤيتها بسبب اتساخ المياه، ولذلك بدأت وزارة الزراعة مشروعاً لتطوير الحديقة.
وأثناء جولة «الشرق الأوسط» في حديقة الأسماك، أمس، التقت السيد القصير، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي المصري، الذي كان يتجول في الحديقة معطياً تعليمات بتطوير طريقة عرض الأسماك ووضع لوحات إرشادية، وتنظيف الحديقة، وأكد وزير الزراعة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «الوزارة تعكف حالياً على تطوير الحديقة وإعادتها إلى سابق عهدها لتكون مكاناً ملائماً للمصريين، مشيراً إلى أنه «لن يتم المساس بالآثار أو قطع أي شجرة»، وفيما يتعلق بالحديث عن إنشاء جراج في الحديقة، قال وزير الزراعة: «ما المشكلة من استقطاع جزء صغير غير مستغل لتوفير مساحة للزوار لركن سياراتهم؟».
من جانبه أعرب فاروق حسني، وزير الثقافة الأسبق، عن دهشته من قرار الآثار باستقطاع جزء من الحديقة وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الحديقة لها تاريخ، ولا يجب التعدي على هذا التاريخ أو المساس به، إضافة إلى أن الأشجار مهمة للحفاظ على البيئة»، مشيراً إلى أنه «إذا كانت هناك حاجة ماسة لإنشاء جراج فإن هناك بدائل كثيرة من بينها على سبيل المثال مركز شباب الجزيرة بدلاً من استقطاع جزء من تاريخ مصر وقطع أشجارها لصالح مبانٍ أسمنتية تضر البيئة وتشوه المكان».
ويرى الكسباني أيضاً أن «هناك بدائل أخرى لإنشاء جراج من بينها أرض المعارض بدار الأوبرا المصرية، حيث يمكن إنشاء جراج متعدد الطوابق بعيداً عن الآثار والحديقة التراثية»، مشيراً إلى أنه «لو تم شطب جزء من الحديقة من سجلات الآثار فإنه يؤول لأملاك الدولة، ولا تكون لوزارة السياحة والآثار أي سلطة عليه سواء لاستثماره أو تطويره»، مطالباً الجهاز القومي للتنسيق الحضاري بالتدخل لحماية الحديقة التراثية.
وتقع حديقة الأسماك في القائمة (أ)، أي منطقة الحماية القصوى بموجب قانون 119 لعام 2008، بحسب تصريحات الدكتورة سهير حواس، عضو مجلس إدارة الجهاز القومي للتنسيق الحضاري، التي أكدت أن «مشروع إنشاء جراج في الحديقة مخالف للقانون»، مشيرة إلى أنه «سبق ورُفضت مشروعات مماثلة من جانب وزارة الآثار لأن الحديقة منطقة أثرية، فما الذي تغير الآن؟».
أزمة حديقة الأسماك ليست الأولى من نوعها إثارة للجدل في الزمالك، فقد سبقها من قبل عدة أزمات كان آخرها في بداية العام الجاري مشروع العجلة الدوارة أو عين القاهرة التي كان مزمعاً تركيبها في حديقة الجزيرة على نهر النيل، لكن ثورة سكان حي الزمالك أوقفت المشروع، وهو ما يأمل سكان الزمالك أن يتكرر مع مشروع جراج حديقة الأسماك، وإن كان البعض غير متفائل خصوصاً أن اعتراضاتهم من قبل لم تفلح في تغيير مسار مترو الأنفاق ومحطة الزمالك التي يجري إنشاؤها حالياً، ما تسبب في إغلاق شوارع أمام مقار دبلوماسية، وشروخ في بعض المنازل.



تعزيزاً للتواصل مع المقيمين... العاصمة السعودية تحتضن «أيام بنغلاديش»

فعاليات متنوعة شهدت إقبالاً كبيراً (الشرق الأوسط)
فعاليات متنوعة شهدت إقبالاً كبيراً (الشرق الأوسط)
TT

تعزيزاً للتواصل مع المقيمين... العاصمة السعودية تحتضن «أيام بنغلاديش»

فعاليات متنوعة شهدت إقبالاً كبيراً (الشرق الأوسط)
فعاليات متنوعة شهدت إقبالاً كبيراً (الشرق الأوسط)

تقام «أيام بنغلاديش» في حديقة السويدي بالعاصمة السعودية الرياض، والتي انطلقت لياليها، الثلاثاء، ضمن مبادرة تعزيز التواصل مع المقيمين التي أطلقتها وزارة الإعلام السعودية، بالشراكة مع الهيئة العامة للترفيه، تحت شعار «انسجام عالمي»، وتستمر حتى السبت، بهدف تعزيز التواصل الثقافي بين المجتمع السعودي والمقيمين، وإبراز التنوع الثقافي الغني الذي تحتضنه السعودية.

وتشهد الفعاليات عروضاً فنية متنوعة تقدمها الفرقة الشعبية، حيث تألق المشاركون بتقديم عروض موسيقية واستعراضية تمثل مختلف ألوان الفلكلور البنغالي، إلى جانب أغنيات مستوحاة من أعمال أبرز شعراء بنغلاديش.

عروض موسيقية واستعراضية تمثل مختلف ألوان الفلكلور البنغالي (الشرق الأوسط)

كما يضم الحدث منطقة مخصصة لعرض التراث البنغالي، حيث تُتيح للزوار فرصة استكشاف الجوانب الغنية للثقافة البنغالية عن قرب؛ إذ تشمل المنطقة معروضات للأزياء التقليدية المزينة بالزخارف اليدوية التي تعكس المهارة الحرفية والفنية المتميزة، حيث يتم عرض الساري البنغالي المصنوع من أقمشة الحرير والقطن الفاخرة، إضافة إلى الملابس التقليدية للرجال مثل البنجابي والدوتي، كما تعرض الإكسسوارات اليدوية التي تشتهر بها بنغلاديش، بما في ذلك المجوهرات التقليدية المصنوعة من المعادن والأحجار الكريمة، والحقائب والمطرزات التي تعكس ذوقاً فنياً عريقاً.

الفعاليات شملت استكشاف التراث البنغالي (الشرق الأوسط)

واشتملت الفعاليات على قسم مخصص للأطعمة من بنغلاديش؛ إذ يٌقدم للزوار فرصة تذوق أشهى الأطباق التقليدية التي تمثل المطبخ البنغالي المعروف بنكهاته الغنية وتوابله المميزة، وتشمل الأطباق المقدمة أكلات شهيرة مثل البرياني البنغالي، والداكا كاكوري كباب، وسمك الهيلشا المطهو بطرق تراثية، بالإضافة إلى مجموعة متنوعة من الحلويات التقليدية مثل الروشا غولا والميزان لادّو.

وتضيف هذه المنطقة بعداً مميزاً للفعالية، حيث لا تقتصر التجربة على الفنون والعروض، بل تمتد لتشمل استكشاف التراث البنغالي بشكل متكامل يعكس الحياة اليومية والعادات والتقاليد، مما يجعلها تجربة غنية تُثري التفاعل الثقافي بين الزوار.

معروضات للأزياء التقليدية (الشرق الأوسط)

وحظيت الفعاليات منذ انطلاقها بإقبال واسع من الزوار الذين عبروا عن إعجابهم بجمال الفلكلور البنغالي وتنوع العروض الفنية المقدمة، كما أبدى العديد من الحاضرين تقديرهم لهذه المبادرات التي تسهم في تعزيز التفاهم والتفاعل بين الثقافات.

وأكّد المسؤولون أن هذه المبادرة تأتي جزءاً من سلسلة برامج ثقافية تهدف إلى تعزيز المشهد الثقافي في المملكة، بما يتماشى مع «رؤية السعودية 2030» التي تدعم التنوع والانفتاح الثقافي.