من قهر المحرومين في رواية «جرمينال» إلى «كتاب الراحة» و«فلسفة المال»

دور نشر وكتب... في معرض الرياض الدولي للكتاب

شعار المعرض
شعار المعرض
TT

من قهر المحرومين في رواية «جرمينال» إلى «كتاب الراحة» و«فلسفة المال»

شعار المعرض
شعار المعرض

رواية «جرمينال»

من أكثر دور النشر السعودية التي تسجل حضوراً لافتاً لزوار معرض الرياض، تأتي دار «كلمات» التي تقدم للجمهور الثقافي مجموعة واسعة من الإصدارات، بينها رواية «جرمينال» لإميل زولا بترجمة شكير نصر الدين. ويرى الكثير من النقاد أن هذه الرواية هي «واحدة من أفضل عشر روايات في الأدب الفرنسي»، وتدور أحداثها في ستينيات القرن التاسع عشر.
إنها رواية فاصلة بحياة زولا الأدبية، وهي تدور عن عالم المناجم، ومن خلال ذلك «تحمل صرخة شعوب جائعة مقهورة طال صمتها في الظلم والفقر»، وتبرز اضطهاد كبار البرجوازيين لأفراد الطبقة العاملة. وهي تنشر للمرة الأولى إلى القارئ العربي كاملة عبر دار «كلمات».
يقول المحرر الأدبي لصحيفة «الغارديان» البريطانية عن هذه التحفة الأدبية، «إنها صرخة احتجاج أبدية ضد الاضطهاد وبؤس الفقراء الذين لن يرثوا لأرض... الأرض نفسها هي الشخصية الأقوى في الرواية... إنها جميلة مرعبة في الوقت نفسه». وقد أنتجت أكثر من خمسة أعمال سينمائية اقتباساً عن الرواية، كما أنها ترجمت إلى كل اللغات الحية في العالم وطبعت منها ملايين النسخ.

كتاب الراحة

وعن «كلمات»، صدر أيضاً «كتاب الراحة» للكاتب مات هيغ، بترجمة محمد الضبع. ويمزج مات هیج في هذا الكتاب بين الفلسفـة والمذكـرات، والتأملات الذاتية التي تتمـاهـى مـع حكم الفلاسفة والكتاب عبر العصور من ماركوس أوريليوس إلى تيلي بلي، إيميلي ديكلسون إلى جيمس بالدوين. ويقول مات هيغ: «لا شيء أقوى من أمل صغير، لا يستسلم».
وهيغ هو كاتب بريطاني صدرت له العديد من الكتب الأكثر مبيعاً حول العالم، منهـا «للبقاء حياً» و«ملاحظـات حـول كوكب متوتر». وله ثمان روايـات أشهرهـا: «مكتبـة منتصف الليل»، «كيف توقف الوقت»، و«البشر». وترجمت أعماله إلى أكثر من أربعين لغـة، وقد عرف بدعواته المستمرة للاهتمام بالصحة النفسية في العالم.
«الطريقة الوحيدة لمكافحة العقارب»

الكتاب الآخر من إصدار «كلمات» هو قصص بعنوان «الطريقة الوحيدة لمكافحة العقارب» للأرجنتيني فرناندو سورينتينو، ترجمة عبد الله محمد الطيب.
يقول المؤلف: «حين أشرع في كتابة قصة، أكون راغباً فقط في كتابة قصة. عندما أكتب قصة، أبذل ما بوسعي لجعلها أفضل عمل أدبي ممكن، لأنني فقط أريد أن أكتب قصة. وحين أكتب قصة، لا أتعمد الترميز أبداً، ولا أسعى لإبداع قصة مجازية، ولا أحاول بناء أي استعارة تمثيلية، فأنا فقط أريد أن أكتب قصة. وعندما أكتب قصة، لا أتطلع إلى نشر رسائل أخلاقية أو روحية أو اجتماعية أو سياسية أو شيء من هذا القبيل على الإطلاق؛ أنا فقط أريد أن أكتب قصة. وحين أكتب قصة، لا أهدف إلى تثقيف القارئ أو هزه أو حمله على التأثر أخلاقياً، أو تغييره إلى شخص جديد أفضل وأكثر جدارة بمجتمعنا، وما إلى ذلك؛ أنا ببساطة أريد أن أكتب قصة. باختصار، عندما أكتب قصة، فهدفي فقط هو كتابة قصة».
كذلك صدر عن «كلمات» الكتاب الجديد «سيكولوجية المال» (Psychology of Money) للكاتب مورجان هاوس، وهو كتاب يمنح طرقاً للنظرة في التعامل مع المال وفيه دروس في التعامل مع المال سواء في المصاريف، أو الادخار والاستثمار. وقد وصف بأنه من أفضل الكتب التي تتناول الإدارة المالية والاستثمار وعلم النفس.
وفي الكتاب، ينشر المؤلف تسع عشرة قصة قصيرة تستكشف الطرائق الغربية التي يفكر بها الناس في المال، وهو يمنحك إدراكاً أفضل لأحد أهم شؤون الحياة. وقد ترجم هذا الكتاب إلى أكثر من 33 لغة.

الهندي الأحمر

عرضت دار «كلمات» أيضاً رواية: «الهندي الأحمر الأخير لماتاواشيش وقصص مهاجرة» لـطارق الجارد. حيث شخصية ماتاواشيش، الذي هو «ليس الهندي الأحمر الأخير لكن كان عليه أن يمارس كل الأدوار التي تليق به كالهندي الأحمر ما قبل الأخير الذي يوشك على الانقراض ولا ينقرض».
ومن أجواء الرواية: توجد في لندن أكثر من ثلاثة آلاف كاميرا مراقبة، لا تعني أي شيء لجوناثان، ما عدا الإحدى عشرة المسلطة على ميدان بيكادللي... جوناثان معني برصد كل تلك الشاشات، إلا أن الكاميرا الأكثر قرباً إلى قلبه هي كاميرا رقم 3 حينها تحين الساعة الثامنة صباحاً، وهو ما يعني أن ذات الشعر الأحمر ستظهر في الركن الأعلى والأيسر من الشاشة، وهي تفتح محل الورود الواقع في أحد الشوارع الحجرية التي تصب في ميدان بيكادللي.



ماجان القديمة ...أسرارٌ ورجلٌ عظيم

قطعتان ذهبيتان وقطعة نحاسية مصدرها موقع تل أبرق في الإمارات العربية
قطعتان ذهبيتان وقطعة نحاسية مصدرها موقع تل أبرق في الإمارات العربية
TT

ماجان القديمة ...أسرارٌ ورجلٌ عظيم

قطعتان ذهبيتان وقطعة نحاسية مصدرها موقع تل أبرق في الإمارات العربية
قطعتان ذهبيتان وقطعة نحاسية مصدرها موقع تل أبرق في الإمارات العربية

كشفت أعمال المسح المتواصلة في الإمارات العربية المتحدة عن مواقع أثرية موغلة في القدم، منها موقع تل أبرق التابع لإمارة أم القيوين. يحوي هذا التل حصناً يضمّ سلسلة مبانٍ ذات غرف متعددة الأحجام، يجاوره مدفن دائري جماعي كبير. وتُظهر الدراسات أن هذه المنشآت تعود إلى فترة تمتد من الألف الثالث إلى منتصف الألف الثاني قبل الميلاد، وترتبط بمملكة عُرفت في تراث بلاد الرافدين باسم ماجان. خرجت من هذا التل مجموعة من اللقى تشهد لتعدّدية كبيرة في الأساليب، وضمَّت هذه المجموعة بضع قطع ذهبية، منها قطعة منمنمة على شكل كبش، وقطعة مشابهة على شكل وعلَين متجاورين.

يقع تل أبرق عند الخط الحدودي الفاصل بين إمارة أم القيوين وإمارة الشارقة، حيث يجاور الطريق الرئيسي المؤدي إلى إمارة رأس الخيمة. شرعت بعثة عراقية باستكشاف هذا الموقع في عام 1973، وبعد سنوات، عُهد إلى بعثة دنماركية تابعة لجامعة كوبنهاغن بإجراء أعمال المسح والتنقيب فيه، فأجرت تحت إدارة العالِم دانيال بوتس خمس حملات بين عامَي 1989 و1998. خرج تل أبرق من الظلمة إلى النور إثر هذه الحملات، وعمد فريق من الباحثين التابعين لكلية برين ماور الأميركية وجامعة توبنغن الألمانية على دراسة مكتشفاتها في 2007. تواصلت أعمال التنقيب في السنوات التالية، وأشرفت عليها بشكل خاص بعثة إيطالية تعمل في إمارة أم القيوين منذ مطلع 2019.

استعاد دانيال بوتس فصول استكشاف هذا الموقع في كتاب صدر عام 1999 تحت عنوان «ماجان القديمة... أسرار تل أبرق». زار الباحث تل أبرق للمرة الأولى في 1986، يوم كان يقود أعمال التنقيب في مواقع مجاورة، وزاره ثانية بعد عامين، بحثاً عن مؤشرات أثرية خاصة تتعلّق بالأبحاث التي كان يقودها، وكان يومها يعتقد أن تاريخ هذا التل يعود إلى مطلع الألف الأول قبل الميلاد، ثم عهد إلى العالِمة الدنماركية آن ماري مورتنسن بمشاركته في استكشاف هذا الموقع، وتبيّن له سريعاً أن الأواني التي كشفت عنها أعمال المسح الأولى تعود إلى القرون الثلاثة الأولى قبل الميلاد بشكل مؤكّد. إثر هذا الاكتشاف، تحوّل موقع تل أبرق إلى موقع رئيسي في خريطة المواقع الأثرية التي ظهرت تباعاً في الأراضي التابعة للإمارات العربية المتحدة، وتوّلت البعثة الدنماركية مهمة إجراء أعمال المسح المعمّق فيه خلال خمسة مواسم متتالية.

حمل عنوان كتاب دانيال بوتس اسم «ماجان القديمة»، وهو اسم تردّد في تراث بلاد الرافدين، ويمثّل جزءاً من شبه جزيرة عُمان كما تُجمع الدراسات المعاصرة. يذكر قصي منصور التركي هذا الاسم في كتابه «الصلات الحضارية بين العراق والخليج العربي»، ويقول في تعريفه به: «تعدّدت الإشارات النصية المسمارية عن المنطقة التي عُرفت باسم ماجان، وهي أرض لها ملكها وحاكمها الخاص، أي إنها تمثّل تنظيماً سياسياً، جعل ملوك أكد يتفاخرون بالانتصار عليها واحداً تلو الآخر». عُرف ملك ماجان بأقدم لقب عند السومريين وهو «إين» أي «السيد»، كما عُرف بلقب «لوجال»، ومعناه «الرجل العظيم». واشتهرت ماجان بالمعادن والأحجار، وشكّلت «مملكة ذات شأن كبير، لها ملكها واقتصادها القوي»، ودلَّت الأبحاث الحديثة على أن مستوطنات هذه المملكة، «بما فيها الإمارات العربية وشبه جزيرة عُمان الحالية، كانت لها قاعدة زراعية، ولكي تجري حماية استثماراتهم هذه شعر المستوطنون بضرورة بناء التحصينات الدفاعية الممكنة لقراهم، حيث احتوت كل قرية أو مدينة صغيرة على أبراج مرتفعة، بمنزلة حصن مغلق واسع، يتفاوت ارتفاعاً ومساحةً بين مدينة وأخرى». يُمثّل تل أبرق حصناً من هذه الحصون، ويُشابه في تكوينه قلعة نزوى في سلطنة عُمان، وموقع هيلي في إمارة أبو ظبي.

يتوقّف دانيال بوتس أمام اكتشافه قطعةً ذهبيةً منمنمةً على شكل كبش في مدفن تل أبرق، ويعبّر عن سعادته البالغة بهذا الاكتشاف الذي تلاه اكتشاف آخر هو كناية عن قطعة مشابهة تمثّل كما يبدو وعلَين متجاورين. وتحمل كلٌّ من هاتين القطعتين ثقباً يشير إلى أنها شُكّلت جزءاً من حليٍّ جنائزية. إلى جانب هاتين الحليتين الذهبيتين، تحضر حلقة على شكل خاتم، وقطعة على شكل ورقة نباتية مجرّدة، إضافةً إلى زر صغير، وتُكوّن هذه القطع معاً مجموعة ذهبية صغيرة تجذب ببيرقها كما بصناعتها المتقنة. يحضر الكبش في وضعية جانبية، ويتميّز بطابع تجسيمي دقيق، يتجلى في جانبيه. في المقابل، يحضر الوعلان متقابلين بشكل معاكس، أي الذيل في مواجهة الذيل، ويتميّزان كذلك بحذاقة في التنفيذ تظهر في صياغة أدّق تفاصيل ملامح كل منهما.

يذكر احد النقوش أن «لوجال ماجان»، أي عظيم ماجان، أرسل ذهباً إلى شولكي، ثاني ملوك سلالة أور الثالثة الذي حكم من 2049 إلى 2047 قبل الميلاد. ويربط دانيال بوتس بين قطع تل أبرق الذهبية وبين هذا الذهب، مستنداً إلى هذه الشهادة الأدبية، ويجعل من هذه القطع قطعاً ملكية ماجانية. في الخلاصة، يبرز كبش تل أبرق ووعلاه بأسلوبهما الفني الرفيع، ويشكّلان قطعتين لا نرى ما يماثلهما في ميراث مكتشفات تل أبرق الذي ضمّ مجموعة من البقايا الحيوانية، تُعد الأكبر في شبه الجزيرة العربية.

من هذا الموقع كذلك، عثرت البعثة الإيطالية في عام 2021 على مجموعة من اللقى، منها تمثال نحاسي صغير على شكل وعل، يبلغ طوله 8.4 سنتيمتر. يعود هذا التمثال إلى فترة زمنية مغايرة تمتدّ من القرن الثالث قبل الميلاد إلى القرن الثالث الميلادي، ويتميّز بطابعه الواقعي الذي يعكس أثراً هلنستياً واضحاً. يماثل هذا التمثال مجموعة كبيرة من القطع مصدرها جنوب الجزيرة العربية، كما يماثل قطعاً معدنية عُثر عليها في قرية الفاو، في الربع الخالي من المملكة السعودية.