النقد الثقافي كمجس نقدي حداثي لقراءة الأعمال الروائية

النقد الثقافي كمجس نقدي حداثي لقراءة الأعمال الروائية
TT

النقد الثقافي كمجس نقدي حداثي لقراءة الأعمال الروائية

النقد الثقافي كمجس نقدي حداثي لقراءة الأعمال الروائية

انشغل النقد العربي الحديث خلال العقود الأخيرة بالإشكاليات المعرفية والدلالية والتطبيقية التي أثارها ظهور الدراسات الثقافية والنقد الثقافي في الثقافة العربية، والتي أسس لها حضوراً متميزاً في الثقافة العربية الدكتور عبد الله الغذامي.
وقد ظهر مريدون كثيرون لهذا المنهج النقدي الجديد، منهم الدكتور سمير الخليل، أستاذ النقد الأدبي والدراسات الثقافية في الجامعة المستنصرية، الذي عرف عنه انشغاله النقدي والمعرفي في السنوات الأخيرة، بموضوعة النقد الثقافي. فقد أصدر مجموعة من الكتب النقدية تتمحور حول هذا الحقل المعرفي الجديد، وخاض تجربة صعبة تتمثل في إعداد معجم خاص بمصطلحات النقد الثقافي. وها هو يعود اليوم ليضع خبرته النظرية والاصطلاحية والمنهجية في ميدان التطبيق النقدي لأطروحات النقد الثقافي، وذلك في كتابه «الرواية سرداً ثقافياً» الصادر عام 2020، عندما قدم كشفاً، من زاوية النقد الثقافي، للدلالات الثقافية والفكرية والاجتماعية والتاريخية التي يحملها السرد الروائي من خلال تحليل بعض الأعمال الروائية الحديثة.
وموضوعة أو ثيمة «السرد الثقافي» التي انطلق منها هي من مخرجات النقد الثقافي، ودراسات ما بعد الحداثة في آن واحد. ولتوضيح ذلك فقد أشار الناقد إلى أن هناك مستويات ثقافية يبتكرها المثقفون الروائيون، وأفراد ثقافة ما، بقصد الشروع بمقاومة بنية قوة متاحة من وجهة نظر النقد. فالنقد الثقافي يمكن أن يكون وسيلة للتعبير عن رؤية ثقافة فرعية أو مهيمنة. وقد تكون الرواية تمثل واقعة ثقافية أو متخيلة، وقد تكون لها أكثر من زاوية نظر، تمثل كل منظورات شخوص الرواية أو بعضها. (ص13)
وكما ورد في «دليل مصطلحات النقد الثقافي» الذي أصدره الخليل سابقاً، فإن السرد الثقافي أو الرواية الثقافية «تعين أفراد ثقافة ما»، لخلق معنى للحياة، داخل أروقة تلك الثقافة، (دليل مصطلحات ص 188)
ويرى الناقد أن الثقافة والسرد ماهيتان متضافرتان بشكل لا فكاك منه، إذْ لا يمكن للمرء أن يحكي قصة من دون أن يكون هناك منظور ثقافي ما، حيث أصبحت السرديات الروائية حاملة لمنظورات كتابها الثقافية والسياسية. (ص 14)
ونسجل هنا، من باب الوفاء والتقدير، أن الدكتور سمير الخليل هو أول من أشاع توظيف مصطلح السرد الثقافي أو الرواية الثقافية في النقد الأدبي العراقي، وحاول تطبيقه على نماذج روائية عديدة من زاويتي النقد الثقافي، ونقد ما بعد الحداثة في آن واحد.
ومعنى هذا أن كل سر، مشتبك بإشكالات الهوية الثقافية والاجتماعية، وهو حامل للكثير من بصماتها، وبذا فلا يوجد سرد خالص لا يحمل جينات ثقافية ما، لثقافة رئيسية مهيمنة، أو لثقافة فرعية، قد تكون مقهورة في الغالب. ويرى الناقد الأميركي مورتازا (مرتضى) وهكاني أن السرد الثقافي، كالسرد المدرج في النصوص الدينية، والقصص الشعبية والفولكلورية والأمثال، هو سرد موجه لتعليم قيم أخلاقية أو دينية أو ثقافية محددة. كما يمكن للمرويات الثقافية هذه أن تؤثر بعمق في ذاكرتنا على المدى البعيد. وبينت الباحثة الهندية برا ساد، في دراسة خاصة، كيف أن المرويات الثقافية في الهند شكلت الهويات الأخلاقية، ويكشف د. محمد بو عزة في تطبيق عربي رائد لهذا المفهوم، أن السرديات الثقافية تهدف إلى تجاوز الأفق البنيوي للسرد لتنفتح على الأسئلة المعرفية والمرجعيات الثقافية لطبيعة السرد، خصوصاً البحث في المرجعيات الثقافية المحددة لدينامية السرد الرمزية في تشفير العالم، واستنطاق التخييل السردي، باستحضار المرجعية الثقافية. لقد حاول الدكتور محمد بو عزة، كما تقول بديعة الظاهري في دراسة لها نشرتها مجلة «الكلمة» الإلكترونية التي يرأس تحريرها الناقد د. صبري حافظ، اقتراح سردية ثقافية توسع مفهوم السرد من جهة، وتقتنص فيه الدلالي والثقافي من جهة أخرى. فمشروعه ليس شكلياً محضاً، وإنما يهدف إلى الإنصات إلى روح السرد وعوالمه الدلالية، وهو أيضاً محاولة لتجاوز قصور بعض الدراسات الشكلية والبنيوية، والرغبة في ابتكار سردية تهتم بالجانب الثقافي للأعمال الروائية، أو غيرها. ويرى بو عزة أن السرد علامة دنيامية، وهو يتمفصل على وفق نظام ترميزي مزدوج أدبي – ثقافي بعكس رهانات الاستراتيجية السردية، حيث يستحضر سياقات الهوية والتخييل والتاريخ وتجليات المعرفة والقوة، من أجل فرض تصور للعالم (بديعة الظاهري، القراءة الثقافية للنص الروائي)، مجلة «الكلمة» الإلكترونية.
كما وجدنا أحد نقاد ثقافة ما بعد الكولونيالية، ونعني به هومي بابا، يتحدث عن «سرد الأمة»، إذْ يرى الناقد أن دراسة الأمة من خلال توجهها السردي لا تلفت الانتباه إلى بلاغتها فقط، بل تسعى أيضاً إلى تغيير موضوعها المفاهيمي من خلال التركيز على حقل الرموز. (سرد الأمة، هومي بابا، ترجمة رشاد عبد القادر، (إيلاف) أبريل (نيسان)، 2004).
هذا وقد ظهرت خلال العقد الأخير الكثير من الدراسات النظرية والتطبيقية المتعلقة بمفهوم السرد الثقافي. ففي دراسة نشرها موقع «Core Education»، جرى التركيز على وصف المكان والناس، حيث يُقدم تعريفاً يرى أن السرد الثقافي يضيف ما هو فريد عن المكان والناس. ففي نيوزلندا مثلاً يجري التركيز على تواريخ القبائل التي كانت تمتلك السيطرة على الأرض. كما أن السرود الثقافية بشكل عام تتميز بقدرتها على ربط الماضي بالحاضر، وتعمل على بناء منصة لمستقبل مستدام. وفي دراسة حديثة عام 2020 نشرت هيئة تحرير موقع «Reference» دراسة مشتركة عن السرود الثقافية التي تعدها عبارة عن قصص تساعد مجتمعاً ما، لاستخلاص معنى من تاريخه ووجوده، حيث إن هذه السرود تنطوي على عملية ابتكار لقصص تتحدث عن أصل المجتمع وحكاياته الخرافية، التي تساعد على تعليم القيم الأخلاقية والسلوك الأخلاقي. كما أن السرود الثقافية تساعد المجتمع لتعزيز أعرافه المجتمعية، وتحافظ على تاريخه وتعزيز هويته من خلال المعرفة والتجربة المشتركتين. وتشير دراسة مشتركة نشرت في مانجستر عام 2018 إلى أن السرود والمرويات السوسيو – ثقافية تنجز وظائف تتجاوز مجرد إنتاج للسلوك والرغبات، فهي أيضاً ميدان لصناعة المعنى، أي المكان الذي يجد فيه الناس معنى لحياتهم وتجاربهم.
لم يقتصر الناقد د. سمير الخليل في جهده على تعريف المصطلح وتحديد ملامحه الدلالية، بل وضعه موضع التطبيق واتخذه مجساً نقدياً حداثياً لإعادة قراءة وفحص العديد من الأعمال الروائية، كاشفاً بشكل خاص أنساقها المغيبة، وطبيعة الحمولات المعرفية والثقافية التي تضمرها سراً أو تكشف عنها صراحة. ففي قراءته لرواية «ملائكة الجنوب» للروائي نجم والي، التي سأقتصر عليها بوصفها أنموذجاً تطبيقياً، كشف الناقد عن انحياز المؤلف إلى موقف آيديولوجي سبق للنقاد العراقيين رفضه، وأعني به محاولات تبييض سيرة اليهود في مدينة عماريا بوصفهم ملائكة الجنوب على حساب بقية المواطنين، وإعطائهم مرتبة إنسانية أعلى من بقية المواطنين. بل إن المؤلف خلق تماهياً بين نبي اليهود هارون، وما سماه بالسارد العليم من خلال إسقاط اسم النبي على الراوي «هارون والي»، كما أن اسم الأب (والي) يشير بوضوح إلى اسم المؤلف نفسه (نجم والي)، في تأكيد على أنه شاهد حقيقي على وقائع الحدث الروائي، ولمنح السرد صدقية أعلى. ويتهم الناقد د. سمير الخليل الروائي نجم والي بنسيان العرب المسلمين، شيعة وسنة، وهم الأغلبية التي استوطنت مركز المدينة وأطرافها وأريافها القريبة والقصية. (ص 23)
وقدم الروائي مجموعة من المحكيات والأساطير التي تدعم السمة الثقافية للسرد في الرواية: «تلك المعززات الحكائية المثبوتة في الرواية حاولت بقوة أن تشرح وتوضح الدلالة التاريخية المحلية للوقائع والملابسات التي حفل بها النسق الحكائي، وتحولاته الثقافية المشروطة». (ص 33)
يمكن أن نزعم إن كل سرد هو أيضاً حامل لآيديولوجية ما، ولموقف إزاء العالم، وهو أيضاً منغمس بهموم الإنسان الفردية والجماعية والاجتماعية معاً. وبذا يمكن القول إن كل سرد، بطبيعته، هو سرد ثقافي، إذْ لا يوجد سردٌ مصفى، وخالص أو شكلي، ولوجه السرد فقط، فهو يحمل دائماً دلالاته المعرفية والثقافية والسيميائية. ولذا لا يمكن الحديث عن «رواية ثقافية» أو «سرد ثقافي»، ذلك أن كل سرد أو حكي، كتابي أو شفاهي، هو حامل لبيانات ثقافية متكاملة، بل يمكن فقط، التمييز بين درجة الانغماس الثقافي في هذا السرد أو ذاك.
ويمكن أن نتذكر هنا ما سبق وأن أشار إليه بول ريكور عن ارتباط النص بالتجربة الإنسانية، كما يمكن القول إن إدوارد سعيد هو الرائد الحقيقي الذي كشف عن البعد الثقافي للسرد، في تفكيكه المتصل للثقافة ما بعد الكولونيالية.
كتاب الدكتور سمير الخليل «الرواية سرداً ثقافياً»: سيسيولوجيا الثقافة وأرخنتها وتسييسها» جهد نقدي استثنائي، يعيد فحص النصوص الروائية من زاوية نظر جديدة كلياً هي زاوية نظر ما يسمى بالسرد الثقافي أو الرواية الثقافية، وهو إنجاز يحسب للناقد وللنقد الأدبي العراقي معاً.



ماجان القديمة ...أسرارٌ ورجلٌ عظيم

قطعتان ذهبيتان وقطعة نحاسية مصدرها موقع تل أبرق في الإمارات العربية
قطعتان ذهبيتان وقطعة نحاسية مصدرها موقع تل أبرق في الإمارات العربية
TT

ماجان القديمة ...أسرارٌ ورجلٌ عظيم

قطعتان ذهبيتان وقطعة نحاسية مصدرها موقع تل أبرق في الإمارات العربية
قطعتان ذهبيتان وقطعة نحاسية مصدرها موقع تل أبرق في الإمارات العربية

كشفت أعمال المسح المتواصلة في الإمارات العربية المتحدة عن مواقع أثرية موغلة في القدم، منها موقع تل أبرق التابع لإمارة أم القيوين. يحوي هذا التل حصناً يضمّ سلسلة مبانٍ ذات غرف متعددة الأحجام، يجاوره مدفن دائري جماعي كبير. وتُظهر الدراسات أن هذه المنشآت تعود إلى فترة تمتد من الألف الثالث إلى منتصف الألف الثاني قبل الميلاد، وترتبط بمملكة عُرفت في تراث بلاد الرافدين باسم ماجان. خرجت من هذا التل مجموعة من اللقى تشهد لتعدّدية كبيرة في الأساليب، وضمَّت هذه المجموعة بضع قطع ذهبية، منها قطعة منمنمة على شكل كبش، وقطعة مشابهة على شكل وعلَين متجاورين.

يقع تل أبرق عند الخط الحدودي الفاصل بين إمارة أم القيوين وإمارة الشارقة، حيث يجاور الطريق الرئيسي المؤدي إلى إمارة رأس الخيمة. شرعت بعثة عراقية باستكشاف هذا الموقع في عام 1973، وبعد سنوات، عُهد إلى بعثة دنماركية تابعة لجامعة كوبنهاغن بإجراء أعمال المسح والتنقيب فيه، فأجرت تحت إدارة العالِم دانيال بوتس خمس حملات بين عامَي 1989 و1998. خرج تل أبرق من الظلمة إلى النور إثر هذه الحملات، وعمد فريق من الباحثين التابعين لكلية برين ماور الأميركية وجامعة توبنغن الألمانية على دراسة مكتشفاتها في 2007. تواصلت أعمال التنقيب في السنوات التالية، وأشرفت عليها بشكل خاص بعثة إيطالية تعمل في إمارة أم القيوين منذ مطلع 2019.

استعاد دانيال بوتس فصول استكشاف هذا الموقع في كتاب صدر عام 1999 تحت عنوان «ماجان القديمة... أسرار تل أبرق». زار الباحث تل أبرق للمرة الأولى في 1986، يوم كان يقود أعمال التنقيب في مواقع مجاورة، وزاره ثانية بعد عامين، بحثاً عن مؤشرات أثرية خاصة تتعلّق بالأبحاث التي كان يقودها، وكان يومها يعتقد أن تاريخ هذا التل يعود إلى مطلع الألف الأول قبل الميلاد، ثم عهد إلى العالِمة الدنماركية آن ماري مورتنسن بمشاركته في استكشاف هذا الموقع، وتبيّن له سريعاً أن الأواني التي كشفت عنها أعمال المسح الأولى تعود إلى القرون الثلاثة الأولى قبل الميلاد بشكل مؤكّد. إثر هذا الاكتشاف، تحوّل موقع تل أبرق إلى موقع رئيسي في خريطة المواقع الأثرية التي ظهرت تباعاً في الأراضي التابعة للإمارات العربية المتحدة، وتوّلت البعثة الدنماركية مهمة إجراء أعمال المسح المعمّق فيه خلال خمسة مواسم متتالية.

حمل عنوان كتاب دانيال بوتس اسم «ماجان القديمة»، وهو اسم تردّد في تراث بلاد الرافدين، ويمثّل جزءاً من شبه جزيرة عُمان كما تُجمع الدراسات المعاصرة. يذكر قصي منصور التركي هذا الاسم في كتابه «الصلات الحضارية بين العراق والخليج العربي»، ويقول في تعريفه به: «تعدّدت الإشارات النصية المسمارية عن المنطقة التي عُرفت باسم ماجان، وهي أرض لها ملكها وحاكمها الخاص، أي إنها تمثّل تنظيماً سياسياً، جعل ملوك أكد يتفاخرون بالانتصار عليها واحداً تلو الآخر». عُرف ملك ماجان بأقدم لقب عند السومريين وهو «إين» أي «السيد»، كما عُرف بلقب «لوجال»، ومعناه «الرجل العظيم». واشتهرت ماجان بالمعادن والأحجار، وشكّلت «مملكة ذات شأن كبير، لها ملكها واقتصادها القوي»، ودلَّت الأبحاث الحديثة على أن مستوطنات هذه المملكة، «بما فيها الإمارات العربية وشبه جزيرة عُمان الحالية، كانت لها قاعدة زراعية، ولكي تجري حماية استثماراتهم هذه شعر المستوطنون بضرورة بناء التحصينات الدفاعية الممكنة لقراهم، حيث احتوت كل قرية أو مدينة صغيرة على أبراج مرتفعة، بمنزلة حصن مغلق واسع، يتفاوت ارتفاعاً ومساحةً بين مدينة وأخرى». يُمثّل تل أبرق حصناً من هذه الحصون، ويُشابه في تكوينه قلعة نزوى في سلطنة عُمان، وموقع هيلي في إمارة أبو ظبي.

يتوقّف دانيال بوتس أمام اكتشافه قطعةً ذهبيةً منمنمةً على شكل كبش في مدفن تل أبرق، ويعبّر عن سعادته البالغة بهذا الاكتشاف الذي تلاه اكتشاف آخر هو كناية عن قطعة مشابهة تمثّل كما يبدو وعلَين متجاورين. وتحمل كلٌّ من هاتين القطعتين ثقباً يشير إلى أنها شُكّلت جزءاً من حليٍّ جنائزية. إلى جانب هاتين الحليتين الذهبيتين، تحضر حلقة على شكل خاتم، وقطعة على شكل ورقة نباتية مجرّدة، إضافةً إلى زر صغير، وتُكوّن هذه القطع معاً مجموعة ذهبية صغيرة تجذب ببيرقها كما بصناعتها المتقنة. يحضر الكبش في وضعية جانبية، ويتميّز بطابع تجسيمي دقيق، يتجلى في جانبيه. في المقابل، يحضر الوعلان متقابلين بشكل معاكس، أي الذيل في مواجهة الذيل، ويتميّزان كذلك بحذاقة في التنفيذ تظهر في صياغة أدّق تفاصيل ملامح كل منهما.

يذكر احد النقوش أن «لوجال ماجان»، أي عظيم ماجان، أرسل ذهباً إلى شولكي، ثاني ملوك سلالة أور الثالثة الذي حكم من 2049 إلى 2047 قبل الميلاد. ويربط دانيال بوتس بين قطع تل أبرق الذهبية وبين هذا الذهب، مستنداً إلى هذه الشهادة الأدبية، ويجعل من هذه القطع قطعاً ملكية ماجانية. في الخلاصة، يبرز كبش تل أبرق ووعلاه بأسلوبهما الفني الرفيع، ويشكّلان قطعتين لا نرى ما يماثلهما في ميراث مكتشفات تل أبرق الذي ضمّ مجموعة من البقايا الحيوانية، تُعد الأكبر في شبه الجزيرة العربية.

من هذا الموقع كذلك، عثرت البعثة الإيطالية في عام 2021 على مجموعة من اللقى، منها تمثال نحاسي صغير على شكل وعل، يبلغ طوله 8.4 سنتيمتر. يعود هذا التمثال إلى فترة زمنية مغايرة تمتدّ من القرن الثالث قبل الميلاد إلى القرن الثالث الميلادي، ويتميّز بطابعه الواقعي الذي يعكس أثراً هلنستياً واضحاً. يماثل هذا التمثال مجموعة كبيرة من القطع مصدرها جنوب الجزيرة العربية، كما يماثل قطعاً معدنية عُثر عليها في قرية الفاو، في الربع الخالي من المملكة السعودية.