أميركا تقر موازنة مؤقتة بعد مخاض صعب

تجنبها شلل الإدارات الفيدرالية

إعلاميون ينتظرون إعلان التوصل لاتفاق الموازنة الأميركية مساء الخميس (أ.ب)
إعلاميون ينتظرون إعلان التوصل لاتفاق الموازنة الأميركية مساء الخميس (أ.ب)
TT

أميركا تقر موازنة مؤقتة بعد مخاض صعب

إعلاميون ينتظرون إعلان التوصل لاتفاق الموازنة الأميركية مساء الخميس (أ.ب)
إعلاميون ينتظرون إعلان التوصل لاتفاق الموازنة الأميركية مساء الخميس (أ.ب)

أقرت الولايات المتحدة مساء الخميس ميزانية مؤقتة تحول دون شلل إداراتها الفيدرالية وتريح رئيسها جو بايدن من واحدة من الجبهات الكثيرة التي يصارع فيها من أجل تمرير مشاريعه في الكابيتول. وبعيد ساعات على إقرار مشروع قانون الموازنة المؤقتة في الكونغرس، صادق الرئيس الديمقراطي على النص ونشره قانوناً نافذاً. وكان مجلس النواب أقر بتأييد 254 نائباً ومعارضة 175 نائباً مشروع قانون الميزانية المؤقتة الذي يمدد العمل بالميزانية الحالية لغاية الثالث من ديسمبر (كانون الأول)، وذلك بعدما تبني مجلس الشيوخ النص بغالبية كبيرة. ودخلت البلاد في سباق مع الزمن لإقرار هذا النص قبل انتهاء السنة المالية في الدقيقة الأولى من فجر الجمعة. وحصل النص على دعم الأعضاء الديمقراطيين والجمهوريين أيضاً. ورحب زعيم الغالبية الديمقراطية تشاك شومر بوحدة الصف هذه وهو أمر نادراً ما يحدث.
ومن المتوقع أن تكون الأيام المقبلة الأكثر صعوبة حتى الآن في ولاية بايدن، إذ إنه يتفاوض مع الكونغرس لتمرير مشروعي إنفاق ضخمين وإصلاح لرفع سقف الديون من دون دعم الجمهوريين. ويتضمن مشروع القانون 6.3 مليار دولار لمساعدة اللاجئين الأفغان و28.6 مليار دولار من المساعدات في حالات الكوارث، بدعم واسع من جميع الأطراف.
وتعني عمليات الإغلاق عادةً إرسال مئات آلاف الموظفين الحكوميين إلى منازلهم مع توقف الخدمات الفيدرالية. ولم يكن هناك إغلاق خلال حالة طوارئ وطنية مثل الجائحة، لكن مكتب الميزانية في الكونغرس يقدر أن التوقف خلال 2018 - 2019 كبد الاقتصاد خسائر بقيمة 11 مليار دولار.
ومع ابتعاد تهديد الإغلاق، ستكون القيادة الديمقراطية قادرة على التركيز على رفع سقف الديون وتجاوز جدول الأعمال المحلي المتعثر لبايدن - خطة بنى تحتية بقيمة 1.2 تريليون دولار وخطة إنفاق بقيمة 3.5 تريليون دولار. ويعتبر مشروعا القانون أساسيين لإرث بايدن، لكن كليهما قد يفشل بسبب الخلاف بين الجناحين التقدمي والوسطي في الحزب الديمقراطي.
وفي دليل على التوتر السائد في المكتب البيضاوي، ألغى بايدن زيارة الأربعاء إلى شيكاغو وبقي في واشنطن للضغط على المعارضين قبل تصويت مجلس النواب غير مضمون النتيجة على البنى التحتية. وكان من المقرر أن يصدر النواب أحكامهم بشأن مشروع القانون الخميس رغم أن ذلك بدا مستبعداً مع تزايد الهوة بين الكتلة اليسارية والمعتدلين للمضي قدما.
والخميس قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي: «نعمل من أجل الفوز بهذا التصويت هذا المساء»، مشيرة إلى أن الوقت لا يزال متاحا لحسم الأمر. وكانت ساكي قالت للصحافيين: «هدفنا هنا هو الفوز بصوتين وتمرير هذين التشريعين المهمين لأننا نعرف تأثيرهما على الشعب الأميركي».
ويشير البيت الأبيض بانتظام إلى استطلاعات الرأي التي تظهر أن الأولويات التشريعية لبايدن تحظى بشعبية واسعة، رغم أنها أقل شعبية في بعض المناطق الرئيسية. وبعد يوم من المحادثات في الكواليس مع مساعديه وزعماء الكونغرس الديمقراطيين، حضر بايدن مباراة البيسبول السنوية للنواب المخصصة للأعمال الخيرية، ووزع مثلجات على كلا الفريقين الديمقراطي والجمهوري في ناشونالز بارك.
وكانت وزيرة الخزانة جانيت يلين حذرت من احتمال نفاد أموال الحكومة في 18 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، ما لم يرفع الكونغرس سقف الاقتراض الفيدرالي. لكن الجمهوريين يقولون إنهم لن يساعدوا رغم ضغط بهذا الاتجاه في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب، لأنهم لا يريدون أن يشاركوا في حزمة الإصلاحات الاجتماعية الضخمة للديمقراطيين. وأقر مجلس النواب «قراراً مستمراً» للإبقاء على التمويل متاحاً، لكن مجلس الشيوخ أسقط الخطة الاثنين مع رفض الجمهوريين رفع سقف الديون الذي تم تضمينه في الصياغة. ثم قام الجمهوريون بعرقلة محاولة من قبل الديمقراطيين في مجلس الشيوخ لرفع سقف الديون بغالبية الأصوات.
واتهم زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل الديمقراطيين بمحاولة «استنزاف الأموال من جيوب الناس وإنفاقها على الاشتراكية». وقال «إنهم يريدون طباعة واستدانة تريليونات الدولارات ثم إحراقها».
وأقر مجلس النواب بقيادة الديمقراطيين مشروع قانون مستقلاً لتعليق سقف الديون حتى 16 ديسمبر (كانون الأول) من العام المقبل بدعم من جمهوري واحد فقط. لكن مصيره الفشل في مجلس الشيوخ بدون دعم المعارضة. وقالت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي للصحافيين قبل التصويت إن «تصرف الجمهوريين بطريقة غير مسؤولة غير مفاجئ لكنه مع ذلك مخيب للآمال - كالعادة».



«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه، يوم الأربعاء المقبل، مع احتمال أن يسلط المسؤولون الضوء على كيفية تأثير البيانات الاقتصادية الأخيرة على قراراتهم بشأن أسعار الفائدة في العام المقبل.

وتضع الأسواق المالية في الحسبان احتمالات بنسبة 97 في المائة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصبح النطاق بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ومع ذلك، تضاءل مبرر بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة مؤخراً بعد التقارير التي تشير إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل مستمر مقارنةً بالهدف السنوي لـ«الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، في حين أن سوق العمل لا تزال قوية نسبياً. وكان البنك قد خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن أبقاها عند أعلى مستوى في عقدين طوال أكثر من عام، في محاولة للحد من التضخم المرتفع بعد الوباء.

ويؤثر سعر الأموال الفيدرالية بشكل مباشر على أسعار الفائدة المرتبطة ببطاقات الائتمان، وقروض السيارات، وقروض الأعمال. ومن المتوقع أن تكون أسعار الفائدة المرتفعة في الوقت الحالي عقبة أمام النشاط الاقتصادي، من خلال تقليص الاقتراض، مما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد لتخفيف الضغوط التضخمية والحفاظ على الاستقرار المالي.

لكن مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي لا تقتصر فقط على مكافحة التضخم، بل تشمل أيضاً الحد من البطالة الشديدة. وفي وقت سابق من هذا الخريف، أدى تباطؤ سوق العمل إلى زيادة قلق مسؤولي البنك بشأن هذا الجزء من مهمتهم المزدوجة، مما دفعهم إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر. ورغم ذلك، تباطأ التوظيف، فيما تجنب أصحاب العمل تسريح العمال على نطاق واسع.

توقعات الخبراء بتخفيضات أقل في 2025

تدور الأسئلة المفتوحة في اجتماع الأربعاء حول كيفية موازنة بنك الاحتياطي الفيدرالي بين أولويتيه في مكافحة التضخم والحفاظ على سوق العمل، وكذلك ما سيقوله رئيس البنك جيروم باول، عن التوقعات المستقبلية في المؤتمر الصحفي الذي سيعقب الاجتماع. وبينما تبدو التحركات المتعلقة بأسعار الفائدة في الأسبوع المقبل شبه مؤكدة، فإن التخفيضات المستقبلية لا تزال غير واضحة.

وعندما قدم صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي آخر توقعاتهم الاقتصادية في سبتمبر، توقعوا خفض المعدل إلى نطاق يتراوح بين 3.25 في المائة و4.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025، أي بتقليص بنسبة نقطة مئوية كاملة عن المستوى المتوقع في نهاية هذا العام.

وتوقع خبراء الاقتصاد في «ويلز فارغو» أن التوقعات الجديدة ستُظهر ثلاثة تخفيضات ربع نقطة فقط في عام 2025 بدلاً من أربعة، في حين توقع خبراء «دويتشه بنك» أن البنك سيُبقي على أسعار الفائدة ثابتة دون خفضها لمدة عام على الأقل. فيما تتوقع شركة «موديز أناليتيكس» خفض أسعار الفائدة مرتين في العام المقبل.

التغيير الرئاسي وتأثير التعريفات الجمركية

يشكّل التغيير في الإدارة الرئاسية تحدياً كبيراً في التنبؤ بمستقبل الاقتصاد، حيث يعتمد مسار التضخم والنمو الاقتصادي بشكل كبير على السياسات الاقتصادية للرئيس المقبل دونالد ترمب، خصوصاً فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية الثقيلة التي تعهَّد بفرضها على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في أول يوم من رئاسته.

وتختلف توقعات خبراء الاقتصاد بشأن شدة تأثير هذه التعريفات، سواء كانت مجرد تكتيك تفاوضي أم ستؤدي إلى تأثيرات اقتصادية كبيرة. ويعتقد عديد من الخبراء أن التضخم قد يرتفع نتيجة لنقل التجار تكلفة التعريفات إلى المستهلكين.

من جهة أخرى، قد تتسبب التعريفات الجمركية في إضعاف الشركات الأميركية والنمو الاقتصادي، مما قد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة لدعم الشركات والحفاظ على سوق العمل. كما يواجه البنك تحدياً في فصل تأثيرات التعريفات الجمركية عن العوامل الأخرى التي تؤثر في التوظيف والتضخم.

وتزداد هذه القضايا غير المحسومة وتزيد من تعقيد حسابات بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يدفعه إلى اتباع نهج أكثر حذراً بشأن تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل. كما أشار مات كوليار من «موديز أناليتيكس» إلى أن التغيرات المحتملة في السياسة التجارية والمحلية تحت إدارة ترمب قد تضيف طبقة إضافية من عدم اليقين، مما يدعم الحاجة إلى نهج الانتظار والترقب من لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية.