يبدو أن سياسة خفض الإنفاق المالي التي تسير عليها الأندية السعودية بعيداً عن التعاقدات الباهظة مع اللاعبين الأجانب والسعوديين وكذلك الأجهزة الفنية تؤتي ثمارها من خلال عدم لجوئها إلى الاستعانة بطواقم تحكيم أجنبية كما كانت تفعل في السنوات الماضية.
وحتى انتهاء الجولة السابعة من منافسات الدوري السعودي للمحترفين لكرة القدم خاضت الأندية السعودية 54 مباراة باستثناء مباراة مؤجلة للهلال والفيحاء وأخرى مماثلة للنصر والطائي، وقدمت إدارتا الهلال والنصر 7 طلبات رسمية للاستعانة بطواقم تحكيمية أجنبية فيما قاد 47 مباراة طواقم تحكيمية سعودية وهي التي تعيش في حالة مالية جيدة قياساً بالأندية الـ14 الأخرى التي رأت الاكتفاء بالحكام المحليين وعدم إهدار أموالها الخاصة في الحكام الأجانب.
وطلب النصر 4 طواقم تحكيمية لمباريات الباطن والاتحاد والتعاون وضمك من أصل 6 مباريات خاضها حتى الآن فيما طلب الهلال 3 طواقم تحكيمية لإدارة مبارياته أمام الاتفاق والباطن والطائي بتكاليف مالية بلغت 1.2 مليون ريال سعودي.
وكان الاتحاد السعودي لكرة القدم الوحيد من بين 209 اتحادات على مستوى العالم الذي يستعين بطواقم تحكيمية أجنبية متكاملة طوال المنافسات الكروية السعودية في السنوات الأخيرة بنسبة 100 في المائة قبل أن تتراجع هذه النسبة في الموسمين الماضي والحالي إلى نحو 50 في المائة لتتراجع إلى نحو النصف في الموسم الماضي ثم تزداد قليلاً مع ضغط الإعلام المتعصب والجماهير العاطفية ومسؤولي الأندية الذين تعودوا عبر تاريخهم الضغط على الحكام السعوديين فضلاً عن ضعف اتحاد الكرة وسط تسلط الأندية الكبرى ذات الشعبية الجماهيرية والإعلامية.
وظل الحكام السعوديون يتفرجون لسنوات على الدوري المحلي والاكتفاء بإدارة مباريات الدرجات الدنيا مع تكليفات قليلة جداً لمباريات آسيوية على مستوى المنتخبات والأندية يحظى بها نحو 3 إلى 4 من الحكام السعوديين الجيدين أداءً.
وتقوم وزارة الرياضة ومعها في ذلك اتحاد الكرة السعودي في محاولات جادة لكبح الإنفاق المالي على الحكام الأجانب كما جرى في السنوات الماضية وسط مساعٍ لتضييق الخناق على الأندية في ذلك من خلال إلزامها بدفع فواتير الاستعانة بالحكام الأجانب بدلاً من أن يقوم بذلك اتحاد الكرة الذي ينفق عادة من دعم حكومي ممثلاً بوزارة الرياضة.
وعادة يحصل الطاقم التحكيمي الأجنبي على أكثر من 35 ألف دولار في المباراة الواحدة قبل أن يزيد المبلغ إلى نحو 47 ألف دولار وبدأ ذلك واضحاً إذ إن نسبة الحكام السعوديين الذين أداروا مباريات الموسم الماضي ارتفعت إلى أكثر من 30 في المائة للمرة الأولى منذ سنوات.
وكانت آلية الاستعانة بالحكام الأجانب في الدوري السعودي محددة بـ7 طواقم تحكيمية يطلبها كل نادٍ على نفقته الخاصة في الموسم الماضي لكن اتحاد الكرة السعودي وسط الضغط الكبير الذي تمت ممارسته عليه من مسؤولي الأندية قرر هذا الموسم فتح الباب أمام كافة الأندية للطلب دون تحديد سقف أعلى للحكام الأجانب لكنه ربط ذلك بتحملها نفقات الاستعانة علما بأن وزارة الرياضة ومن باب الضغط على الأندية قامت الوزارة برفض دفع أي أموال من الدعم الحكومي الذي تحصل عليه علماً بأن كل نادٍ يحصل على دعم متفاوت عبر استراتيجية خاصة تبدأ من نحو 19.4 مليون دولار «73 مليون ريال» وتصل إلى أكثر من 30.6 مليون دولار «115 مليون ريال» للنادي الواحد.
ووضع اتحاد الكرة السعودي خيارين أمام الأندية حيث يمكنها الاستعانة بطاقم تحكيمي مكون من أربعة حكام أجانب بكلفة 46 ألف دولار أو الاستعانة بطاقم تحكيمي أجنبي مكون من خمسة من بينها حكمان مختصان في تقنية الفيديو على أن تكون التكلفة بـ58 ألف دولار للمباراة الواحدة.
ورفع اتحاد الكرة السعودي نفقات الاستعانة بالحكام الأجانب رغبة منه في محاولات إقناع الأندية بالحكام السعوديين ويبدو ذلك حتى اللحظة يسير وفق ما يريده إذ أدار الحكام السعوديون 47 مباراة في الجولات الخمس الأولى من دوري المحترفين السعودي مقابل 7 مباريات أدارها حكام أجانب وهو مؤشر على تراجع الاستعانة بالحكام الأجانب.
وبحسب القوائم المالية للاتحاد السعودي لكرة القدم فقد خصص نحو 11 مليون دولار سنوياً «41 مليون ريال سعودي » في ميزانيته السنوية التي انتهت في يونيو (حزيران) 2021 علماً بأن اتحاد الكرة السعودي أنفق ما يزيد على 106 ملايين دولار أي نحو 400 مليون ريال سعودي على الاستعانة بطواقم تحكيمية أجنبية منذ عام 2004 ولا يزال يفعل سواء من خزينته أو من خزائن الأندية السعودية التي تئن تحت وطأة الديون والالتزامات.
ويحصل الحكم السعودي على راتب شهري متدنٍّ قدر بـ1800 دولار إلى جانب مكافاة لكل مباراة يقودها وبدأ نحو 44 حكماً سعودياً في الحصول على هذه الرواتب الشهرية في يناير (كانون الثاني) الماضي.
وبالنظر إلى أن الاتحادات الوطنية على مستوى العالم فنجد أن الدوريات الوطنية الكبرى في أوروبا تعتمد على حكامها المحليين وكذلك الحال لليابان التي بدأت في بناء حكامها الوطنيين بعد أن أهدرت نحو 10 أعوام في عقد التسعينات وهي تستعين بحكام أجانب.
أما الصين فبدأت في الاعتماد على طواقم حكامها المحليين منذ نحو 4 أعوام بعد أن كانت تعتمد على حكام أجانب في أعوام 2010 وحتى 2018.
وبحسب الخبير الإماراتي التحكيمي علي بوجسيم في مقابلة تلفزيونية لأبوظبي الرياضية فإن تقييم الحكم السعودي على صعيد الاتحاد الآسيوي لكرة القدم والاتحاد الدولي لكرة القدم تراجع كثيراً بسبب الاعتماد على الحكم الأجنبي.
ولا يزال الحكام السعوديون يواجهون حرباً ضروساً من قبل مسؤولي الأندية والجماهير فضلاً عن الإعلام الملون الداعم للأندية ويزيد ذلك من خلال عدم قدرة اتحاد الكرة على حماية الحكام خارج الملاعب إذ يتعرضون لأقسى الإساءات والاتهامات دون وقفة جادة من جانبهم فضلاً عن أن لجنة الحكام تعرضت لتغييرات متعددة في السنوات الأخيرة بسبب ضغوطات تمارس من قبل مسؤولي الأندية حيث تم التعاقد مع أكثر من 6 مسؤولين لإدارة لجنة الحكام في السنوات الأخيرة.
ووسط مئات الملايين من الريالات التي أهدرت في طواقم تحكيمية أجنبية خلال العقد الأخير لم يعمل المسؤولون في اتحاد الكرة السعودي على إنشاء مشروع جاد لبناء قضاة الملاعب بشكل صحيح ومدروس حيث لم يخضعوا لبرامج تدريبية حقيقية تطويرية لمستوياتهم الفنية والبدنية والذهنية واكتفوا بمعسكرات تدريبية سريعة تقام لنحو أسابيع قبل انطلاقة كل موسم وهو ما يجعل الأخطاء التحكيمية المتعددة تتزايد فضلاً عن دقائق كثيرة تهدر والحكم حينها يسعى لإصدار قرار بعد توقفه إثر تدخل تقنية الفيديو.
هل نجحت سياسة اتحاد الكرة السعودي في الحد من الاستعانة بالحكام الأجانب؟
106 ملايين دولار أنفقت على إدارة المباريات... وغياب «المشروع» سبب في تزايد الأخطاء التحكيمية
هل نجحت سياسة اتحاد الكرة السعودي في الحد من الاستعانة بالحكام الأجانب؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة