معارك وضربات جوية تحصد عشرات الحوثيين جنوب مأرب

المتحدث باسم الجماعة أكد التعنت أمام الحل السلمي واستمرار التصعيد العسكري

مقبرة في صنعاء توزعت فيها صور عشرات المقاتلين الحوثيين الذين قتلوا في المعارك الأخيرة (أ.ب)
مقبرة في صنعاء توزعت فيها صور عشرات المقاتلين الحوثيين الذين قتلوا في المعارك الأخيرة (أ.ب)
TT

معارك وضربات جوية تحصد عشرات الحوثيين جنوب مأرب

مقبرة في صنعاء توزعت فيها صور عشرات المقاتلين الحوثيين الذين قتلوا في المعارك الأخيرة (أ.ب)
مقبرة في صنعاء توزعت فيها صور عشرات المقاتلين الحوثيين الذين قتلوا في المعارك الأخيرة (أ.ب)

أفادت مصادر عسكرية يمنية بأن الميليشيات الحوثية خسرت العشرات من عناصرها في اليومين الأخيرين جراء معارك وضربات جوية لتحالف دعم الشرعية في جبهات جنوب مأرب. واشتد القتال للأسبوع الثاني إثر سيطرة الميليشيات على أربع مديريات في محافظتي شبوة ومأرب في سياق سعيها لخنق أهم معقل للحكومة الشرعية من الجهة الجنوبية.
واكبت التطورات الميدانية تصريحات للمتحدث باسم الحوثيين محمد عبد السلام فليتة، أشار فيها إلى تعنت الميليشيات أمام الحل السلمي وعدم وجود نية لدى الجماعة للتوقف عن التصعيد العسكري، وذلك خلال تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر».
وجدد متحدث الميليشيات المدعومة من إيران شروط جماعته لوقف القتال، التي تعني في مجملها، استسلام الحكومة الشرعية للجماعة، ورفع القيود المفروضة على المنافذ الخاضعة لها، إلى جانب توقف تحالف دعم الشرعية عن مساندة الحكومة المعترف بها دولياً.
وفي حين أدى التصعيد العسكري إلى تشريد آلاف الأسر من مناطق جنوب مأرب التي طالها القصف الصاروخي الحوثي، دعت الحكومة الشرعية إلى تدخل إنساني لرفع الحصار عن مديرية العبدية التي طوقتها الميليشيات، بعد أن سيطرت على مديرية حريب.
وقال وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني، «إن الحصار الغاشم الذي تفرضه ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران على مديرية ‎العبدية بمحافظة مأرب ومنع الإمدادات الغذائية والدوائية عن المدنيين، والقصف العشوائي الذي تشنه على قرى ومنازل المواطنين بمختلف أنواع الأسلحة عمل انتقامي جبان، يرقى لمرتبة جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية‏».
وأوضح الوزير اليمني أن مديرية العبدية الواقعة في جنوب محافظة مأرب «تضم أكثر من خمسة آلاف أسرة من أبناء المديرية والأسر النازحة القادمة من مختلف محافظات الجمهورية، فر أفرادها من بطش الميليشيات بحثاً عن ملاذ آمن، ويعانون ظروفاً مأساوية جراء سنوات الحرب والتصعيد المتواصل الذي فاقم الأوضاع الإنسانية‏».
وطالب الوزير الإرياني المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمبعوثين الأممي والأميركي ومنسق الشؤون الإنسانية في اليمن ديفيد غريسلي، «بإدانة واضحة وصريحة للتصعيد والحصار الذي تفرضه ميليشيا الحوثي على المديرية». كما دعا إلى ممارسة الضغط على الميليشيات لوقف استهداف المدنيين وفتح ممرات آمنة لإيصال المساعدات الإنسانية والوصول للمحتاجين».
ورغم الخسائر الكبيرة التي تكبدتها الجماعة الحوثية خلال الأسبوعين الأخيرين، إلا أنها واصلت الدفع بالمئات من عناصرها لخوض القتال ضد قوات الجيش ورجال القبائل في جنوب مأرب، إذ تسعى لإسقاط مديريات العبدية والجوبة وجبل مراد لتستكمل تطويق مدينة مأرب من الجنوب.
وحسب الإعلام العسكري للجيش اليمني، لقي العشرات من عناصر الميليشيات مصرعهم، وأصيب آخرون، برصاص الجيش، وغارات لطيران تحالف دعم الشرعية في جنوب مأرب خلال اليومين الأخيرين.
ونقل المركز الإعلامي للقوات المسلحة اليمنية عن مصادر عسكرية قولها، إن قوات الجيش مسنودة بالمقاومة تمكنت من كسر هجمات للميليشيات الحوثية التابعة لإيران في جبهات القتال جنوب محافظة مارب، وكبدتها خسائر موجعة في الأرواح والمعدات.
وذكرت المصادر أن مدفعية الجيش استهدفت تحركات وتجمعات للميليشيا، ونجحت في إصابة وتدمير مدرعات وناقلات جند ما أدى إلى مقتل وجرح جميع من كانوا على متنها، في حين شنت مقاتلات تحالف دعم الشرعية عدة غارات جوية ناجحة استهدفت مواقع وتعزيزات للميليشيات نتج عنها تدمير وإحراق مدرعات وآليات قتالية ومصرع من كانوا على متنها.
إلى ذلك أفاد الموقع الرسمي للجيش بأن القوات الحكومية نفذت (الجمعة) عملية إغارة ناجحة على مواقع تتمركز فيها ميليشيا الحوثي المدعومة إيرانياً في معسكر اللبنات، شرق محافظة الجوف، مكبدة إياها خسائر فادحة.
ونقل الموقع عن قائد اللواء 22 مشاة، العميد عبده عبد الله المخلافي، قوله «إن وحدات من الجيش نفذت إغارة ناجحة على مجاميع ميليشيا الحوثي المتمركزة في المواقع المتقدمة لمعسكر اللبنات من جهته الجنوبية».
وأكد القائد العسكري المخلافي أن «مثل هذه العمليات العسكرية والمهام الميدانية ستستمر، وأن معنويات عناصر الجيش عالية وسيعملون على هزيمة الميليشيات واستعادة كل ما نهبته من مقدرات الشعب».
كانت الميليشيات الحوثية تمكنت أخيراً من التوغل في أربع مديريات جديدة هي بيحان وعين وعسيلان في محافظة شبوة قبل أن تتقدم إلى مديرية حريب في محافظة مأرب المجاورة.
وفي خطبه الأخيرة طلب زعيم الميليشيات عبد الملك الحوثي من أنصاره الدفع بالمزيد من المقاتلين باتجاه مأرب، حيث يرى أن السيطرة عليها ستمكنه من تعزيز الموارد المالية للإنفاق على المجهود الحربي وشراء الولاءات، إضافة إلى الأهمية الاستراتيجية لموقع المحافظة التي تجاور شبوة وحضرموت النفطيتين.
ومع المساعي التي بدأها المبعوث الأممي الجديد هانس غروندبرغ، يجزم اليمنيون على نطاق واسع أن الميليشيات الحوثية لن تسعى إلى إحلال السلام، لجهة تعنتها المعهود، وبسبب عقيدة الجماعة القائمة على استمرار الحرب والرغبة في السيطرة على اليمن بقوة السلاح لخدمة الأجندة الإيرانية.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».