رفض أممي لتقويض الانتقال في السودان

حمدوك خلال مخاطبته الاجتماع الأممي (وزارة الخارجية النرويجية)
حمدوك خلال مخاطبته الاجتماع الأممي (وزارة الخارجية النرويجية)
TT

رفض أممي لتقويض الانتقال في السودان

حمدوك خلال مخاطبته الاجتماع الأممي (وزارة الخارجية النرويجية)
حمدوك خلال مخاطبته الاجتماع الأممي (وزارة الخارجية النرويجية)

رفض المشاركون في مؤتمر دولي نظمته الأمم المتحدة والحكومة النرويجية أي محاولات لتقويض التقدم السياسي المحرز في السودان، في إشارة إلى المحاولة الانقلابية الأخيرة التي اعتبرها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش «تذكيراً بالتهديدات والتحديات الأمنية المعقدة والمستمرة».
وعقدت الأمم المتحدة والحكومة النرويجية اجتماعاً افتراضياً رفيع المستوى حول السودان، مساء أول من أمس، في سياق أعمال الدورة السنوية الـ76 للجمعية العامة للأمم المتحدة بمشاركة 24 دولة وثماني منظمات دولية وإقليمية.
وانطلق الاجتماع بكلمة للأمين العام للأمم المتحدة الذي أثنى على «تصميم الشعب السوداني في إطار هذا الانتقال التاريخي الذي يسعى لتحقيق تطلعاتهم إلى مستقبل جامع، سلمي، مزدهر وديمقراطي»، ملاحظاً أنه «خلال العامين الماضيين حققت الحكومة الانتقالية إنجازات مرحلية مهمة واستمرت في جهودها للنهوض بالحكم الديمقراطي وصنع السلام، على رغم التحديات المستمرة، ولا سيما فيما يتعلق بإنشاء المؤسسات الانتقالية وضمان العدالة لضحايا الانتهاكات السابقة».
وناشد كل الأطراف مواصلة التزام العملية الانتقالية، مشدداً على أن «أي جهد يرمي إلى تقويضها من شأنه أن يهدد التقدم المحرز بشق الأنفس في المجالين السياسي والاقتصادي». واعتبر أن الاجتماع «يمثل فرصة للمساعدة في تحقيق رؤية الملايين من الرجال والنساء السودانيين، خصوصاً الشباب الذين خاطروا بحياتهم من أجل الديمقراطية والسلام».
وأكد أن السودان «بلغ مراحل مهمة رغم التحديات، ومنها المحاولة الانقلابية الأخيرة»، معتبراً أن «اتفاق جوبا للسلام الذي وقع قبل عام تقريباً، يمهد الطريق لإنهاء النزاعات الطويلة الأمد والمدمرة». وجدد التزام الأمم المتحدة وبعثتها «إنجاح الانتقال السياسي وتحقيق الانتعاش الاجتماعي والاقتصادي والسلام المستدام والتنمية الشاملة». ولفت إلى الأهمية التي يمثلها إنشاء المجلس التشريعي بالنسبة إلى العملية الانتقالية، مضيفاً أن «صياغة الدستور وتحديد مسار الانتخابات يمثلان فرصتين مهمتين لتحقيق مزيد من التقدم».
وتبعته وزيرة الخارجية النروجية إيني إريكسن سوريد التي قالت إنه «لا يمكننا أخذ الديمقراطية أو التحول نحو الديمقراطية باعتبارهما أمرين مسلّماً بهما ما لم يتم ترسيخهما بواسطة دستور قوي». وأعربت عن سعادتها لإحباط المحاولة الانقلابية «قبل أن تحدث ضرراً طويل الأمد». وأضافت أن «رؤية سودان جديد هي هدفنا المشترك الذي نسعى إلى تحقيقه معكم. ونحن ملتزمون بدعمكم في سبيل تحقيق ذلك». وطمأنت السودانيين إلى أن «شركاء السودان الدوليين يقفون بصلابة خلف الشعب السوداني وحكومته المدنية».
وتحدث رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك الذي عرض لإنجازات عملية الانتقال وتحدياتها. وأشار إلى عملية الإصلاح التشريعي وجهود الإصلاح الاقتصادي التي قام بها السودان ومكنته من البدء بتلقي الإعفاء من الديون ضمن مبادرة البلدان الفقيرة المثقلة بالديون، لدفع البلاد نحو التقدم الاقتصادي وظروف أفضل للاستثمار.
كما أشار إلى الجهود المتواصلة لتنفيذ اتفاق جوبا للسلام، إضافة إلى الجهود للتوصل إلى اتفاق مع الحركات المسلحة غير الموقعة على اتفاق السلام. وأعلن التوصل إلى اتفاق بشأن إنشاء آلية الرصد والتقييم الاستراتيجية التي ستساعد في ضمان تنفيذ اتفاق جوبا في الوقت المناسب. وشدد على أن السودان «لا يزال تواقاً إلى تعزيز الشراكة مع المجتمع الدولي لمساندة البلاد في طريقها الطويل نحو التعافي الاجتماعي والاقتصادي وجذب الاستثمارات وتحقيق السلام المستدام والتنمية الشاملة».
وشدد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان خلال مشاركته في الاجتماع، على دعم المملكة للانتقال في السودان، مجدداً إدانة المحاولة الانقلابية. واعتبر أن الاقتصاد هو «حجر الزاوية لاستدامة زخم الانتقال». وهنأ حكومة السودان على الإصلاحات الاقتصادية التي أجرتها، وحضها على مواصلتها. ودعا الشركاء الدوليين والمؤسسات المالية إلى مزيد من الدعم في ملف الديون، متعهداً باستمرار الرياض حشد الدعم الدولي لمساعدة السودان.
وأكد وزير الخارجية المصري سامح شكري خلال مشاركته في الاجتماع التزام بلاده «الراسخ بمواصلة دعم السودان». وشدد على أن الاجتماع «فرصة لكل الشركاء الدوليين لتقديم الدعم والمساندة للسودان في جهوده من أجل التغلب على التحديات كافة التي تواجه البلاد خلال المرحلة الانتقالية». وأعرب عن ثقة القاهرة بـ«مواصلة تبني مختلف الأطراف السودانية لنفس النهج المسؤول الذي يتبعونه لتخطي مختلف العقبات السياسية من خلال الحوار».
وأشاد المشاركون بالتقدم الذي أحرزته الحكومة الانتقالية. كما أعربوا عن قلقهم الشديد إزاء المحاولة الانقلابية التي وقعت في 21 سبتمبر (أيلول) الماضي، منددين بأي جهد يهدف لتقويض التقدم المحرز في السودان. ودعوا إلى توفير حماية فعالة أكثر للمدنيين وجددوا التزامهم بدعم السودان في هذه الجهود. وشددوا على الحاجة إلى تنفيذ اتفاق جوبا، مرحبين بإنشاء لجنة وقف إطلاق النار الدائم. ورحبوا بالخطوات المتخذة لزيادة المشاركة الحقيقية والفاعلة للنساء في عمليات السلام.



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.