إسرائيل تعتقل مئات الفلسطينيين في القدس

بدعوى دخولهم من دون تصاريح

احتجاجات الفلسطينيين ضد الاستيطان في الضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)
احتجاجات الفلسطينيين ضد الاستيطان في الضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعتقل مئات الفلسطينيين في القدس

احتجاجات الفلسطينيين ضد الاستيطان في الضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)
احتجاجات الفلسطينيين ضد الاستيطان في الضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)

في محاولة لتقليص عدد المصلين في المسجد الأقصى، واحتياطاً لردع الفلسطينيين عن إحياء ذكرى الانتفاضة الثانية، نفذت قوات الاحتلال الإسرائيلي حملة اعتقالات غير مسبوقة، خلال الـ24 ساعة الأخيرة حتى ظهيرة أمس الجمعة، شملت مئات الفلسطينيين.
وقالت مصادر فلسطينية إن غالبية المعتقلين كانوا من سكان الضفة الغربية الذين جاءوا للمشاركة في صلاة الجمعة في المسجد الأقصى، وقد تذرعت إسرائيل بحجة دخولهم بدون تصاريح لكن عدداً منهم أيضاً من سكان القدس الشرقية المحتلة، الذين لا يفرض عليهم نظام التصاريح. وذكرت مصادر إسرائيلية أن «أفراد حرس الحدود اعتقلوا خلال نشاط في القدس منذ ساعات الليلة الماضية 694 فلسطينياً من سكان الضفة أقاموا في القدس أو حاولوا دخولها بدون تصاريح». وأضافت أن الشرطة الإسرائيلية أعادت غالبية الفلسطينيين إلى مناطق الضفة الغربية.
وبسبب هذه الإجراءات نشبت عدة صدامات بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال. وأصيب عشرات المواطنين بالاختناق بالغاز المسيل للدموع، خلال مواجهات، في جبل «بريطة» قرب قريتي بيت دقو وبيت إجزا، شمال غربي القدس. وقد أطلقت القوات الرصاص الحي والمعدني وقنابل الصوت والغاز صوبهم، ما أدى إلى إصابة العشرات بالاختناق.
لكن هذه الإجراءات لم تقلل من عدد المواطنين الذين يقصدون المدينة المقدسة. وحسب دائرة الأوقاف الإسلامية، أدى نحو 50 ألف مصلّ صلاة الجمعة، أمس، في رحاب المسجد الأقصى المبارك «رغم الإجراءات المشددة التي فرضتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي على أبواب ومداخل البلدة القديمة في القدس المحتلة، التي منعت وصول المئات من أبناء شعبنا إليه».
وكانت قوات الاحتلال، وكما في كل يوم جمعة، هاجمت المسيرات السلمية الأسبوعية في شتى أنحاء الضفة الغربية. ومن جراء لك، أصيب طفل بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، عمره 11 عاماً، والعشرات بالاختناق بالغاز المسيل للدموع، أمس، خلال قمع مسيرة كفر قدوم الأسبوعية شرق قلقيلية. وأفاد منسق المقاومة الشعبية في كفر قدوم، مراد شتيوي، بأن المسيرة انطلقت تنديداً بجرائم الاحتلال المتواصلة بحق الفلسطينيين، ومناهضة للاستيطان، وداعية إلى دعم المقاومة الشعبية في جميع محافظات الوطن.
وقمعت قوات الاحتلال الإسرائيلي، أمس، المسيرة الأسبوعية الرافضة للاستيطان في بلدة بيتا جنوب نابلس شمال الضفة الغربية. فأطلقت قنابل الغاز من الطائرات المسيرة على المشاركين في المسيرة الأسبوعية الرافضة للبؤرة الاستيطانية. وأصيب عدد من المواطنين بالرصاص المطاط وقنابل الغاز، بينهم القيادي خالد منصور في بيت دجن شرق نابلس. وتأتي هذه المسيرة أسبوعياً في بلدة بيتا والتي تتعرض لاعتداءات من الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه، رفضاً لإقامة بؤر استيطانية في المنطقة.
ونفذت قوات الاحتلال مداهمات لاعتقال مواطنين في العديد من المناطق الأخرى في الضفة الغربية، مثل الخليل وبيت لحم وجنين ونابلس وطوباس.
وفي القدس الشرقية، أجبرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، أمس، عائلة مقدسية على هدم غرفة في منزلها ذاتياً، في حي الثوري من بلدة سلوان، جنوب المسجد الأقصى المبارك. وأوضحت مصادر محلية بأن بلدية الاحتلال الإسرائيلي في القدس، فرضت على المقدسي محمد يعقوب إسماعيل يغمور في حي الثوري، هدم جزء من منزله، وهو عبارة عن غرفة معيشة، تقدر مساحتها بـ50 متراً مربعاً. وأضافت أن يغمور أُجبر على هدم الغرفة بيديه، تجنباً لدفع أجرة الهدم في حال هدمتها بلدية الاحتلال، بعد أن تم فرض مخالفة بقيمة 16 ألف شيكل قبل نحو 5 أشهر على العائلة، علماً بأن المنزل مقام قبل عام 1967، وقامت العائلة بتوسعته وبناء الغرفة قبل 16 عاماً.
يشار إلى أن حي الثوري يحد سلوان من الغرب، ويواجه إجراءات عنصرية متكررة ومختلفة من قبل الاحتلال ومستوطنيه. وفي بلدة برقين جنوب غربي جنين، أخطرت سلطات الاحتلال عائلة الأسير المصاب محمد عدنان الزرعيني، بقرار هدم منزلها. وأفادت مصادر محلية، بأن قوات الاحتلال اقتحمت البلدة وداهمت المنزل وأخذت صباح أمس قياساته وصورته، تمهيداً لهدمه.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.