إسرائيل تعتقل مئات الفلسطينيين في القدس

بدعوى دخولهم من دون تصاريح

احتجاجات الفلسطينيين ضد الاستيطان في الضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)
احتجاجات الفلسطينيين ضد الاستيطان في الضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)
TT
20

إسرائيل تعتقل مئات الفلسطينيين في القدس

احتجاجات الفلسطينيين ضد الاستيطان في الضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)
احتجاجات الفلسطينيين ضد الاستيطان في الضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)

في محاولة لتقليص عدد المصلين في المسجد الأقصى، واحتياطاً لردع الفلسطينيين عن إحياء ذكرى الانتفاضة الثانية، نفذت قوات الاحتلال الإسرائيلي حملة اعتقالات غير مسبوقة، خلال الـ24 ساعة الأخيرة حتى ظهيرة أمس الجمعة، شملت مئات الفلسطينيين.
وقالت مصادر فلسطينية إن غالبية المعتقلين كانوا من سكان الضفة الغربية الذين جاءوا للمشاركة في صلاة الجمعة في المسجد الأقصى، وقد تذرعت إسرائيل بحجة دخولهم بدون تصاريح لكن عدداً منهم أيضاً من سكان القدس الشرقية المحتلة، الذين لا يفرض عليهم نظام التصاريح. وذكرت مصادر إسرائيلية أن «أفراد حرس الحدود اعتقلوا خلال نشاط في القدس منذ ساعات الليلة الماضية 694 فلسطينياً من سكان الضفة أقاموا في القدس أو حاولوا دخولها بدون تصاريح». وأضافت أن الشرطة الإسرائيلية أعادت غالبية الفلسطينيين إلى مناطق الضفة الغربية.
وبسبب هذه الإجراءات نشبت عدة صدامات بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال. وأصيب عشرات المواطنين بالاختناق بالغاز المسيل للدموع، خلال مواجهات، في جبل «بريطة» قرب قريتي بيت دقو وبيت إجزا، شمال غربي القدس. وقد أطلقت القوات الرصاص الحي والمعدني وقنابل الصوت والغاز صوبهم، ما أدى إلى إصابة العشرات بالاختناق.
لكن هذه الإجراءات لم تقلل من عدد المواطنين الذين يقصدون المدينة المقدسة. وحسب دائرة الأوقاف الإسلامية، أدى نحو 50 ألف مصلّ صلاة الجمعة، أمس، في رحاب المسجد الأقصى المبارك «رغم الإجراءات المشددة التي فرضتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي على أبواب ومداخل البلدة القديمة في القدس المحتلة، التي منعت وصول المئات من أبناء شعبنا إليه».
وكانت قوات الاحتلال، وكما في كل يوم جمعة، هاجمت المسيرات السلمية الأسبوعية في شتى أنحاء الضفة الغربية. ومن جراء لك، أصيب طفل بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، عمره 11 عاماً، والعشرات بالاختناق بالغاز المسيل للدموع، أمس، خلال قمع مسيرة كفر قدوم الأسبوعية شرق قلقيلية. وأفاد منسق المقاومة الشعبية في كفر قدوم، مراد شتيوي، بأن المسيرة انطلقت تنديداً بجرائم الاحتلال المتواصلة بحق الفلسطينيين، ومناهضة للاستيطان، وداعية إلى دعم المقاومة الشعبية في جميع محافظات الوطن.
وقمعت قوات الاحتلال الإسرائيلي، أمس، المسيرة الأسبوعية الرافضة للاستيطان في بلدة بيتا جنوب نابلس شمال الضفة الغربية. فأطلقت قنابل الغاز من الطائرات المسيرة على المشاركين في المسيرة الأسبوعية الرافضة للبؤرة الاستيطانية. وأصيب عدد من المواطنين بالرصاص المطاط وقنابل الغاز، بينهم القيادي خالد منصور في بيت دجن شرق نابلس. وتأتي هذه المسيرة أسبوعياً في بلدة بيتا والتي تتعرض لاعتداءات من الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه، رفضاً لإقامة بؤر استيطانية في المنطقة.
ونفذت قوات الاحتلال مداهمات لاعتقال مواطنين في العديد من المناطق الأخرى في الضفة الغربية، مثل الخليل وبيت لحم وجنين ونابلس وطوباس.
وفي القدس الشرقية، أجبرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، أمس، عائلة مقدسية على هدم غرفة في منزلها ذاتياً، في حي الثوري من بلدة سلوان، جنوب المسجد الأقصى المبارك. وأوضحت مصادر محلية بأن بلدية الاحتلال الإسرائيلي في القدس، فرضت على المقدسي محمد يعقوب إسماعيل يغمور في حي الثوري، هدم جزء من منزله، وهو عبارة عن غرفة معيشة، تقدر مساحتها بـ50 متراً مربعاً. وأضافت أن يغمور أُجبر على هدم الغرفة بيديه، تجنباً لدفع أجرة الهدم في حال هدمتها بلدية الاحتلال، بعد أن تم فرض مخالفة بقيمة 16 ألف شيكل قبل نحو 5 أشهر على العائلة، علماً بأن المنزل مقام قبل عام 1967، وقامت العائلة بتوسعته وبناء الغرفة قبل 16 عاماً.
يشار إلى أن حي الثوري يحد سلوان من الغرب، ويواجه إجراءات عنصرية متكررة ومختلفة من قبل الاحتلال ومستوطنيه. وفي بلدة برقين جنوب غربي جنين، أخطرت سلطات الاحتلال عائلة الأسير المصاب محمد عدنان الزرعيني، بقرار هدم منزلها. وأفادت مصادر محلية، بأن قوات الاحتلال اقتحمت البلدة وداهمت المنزل وأخذت صباح أمس قياساته وصورته، تمهيداً لهدمه.



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.