في ظل تعزيزات أمنية مكثفة انتشرت في محيط البرلمان التونسي وتمركز مدرعات تابعة للجيش داخل المجلس، حضر عدد من النواب من «حركة النهضة» وحلفائها، في محاولة لاستئناف نشاط البرلمان بعد عطلة امتدت نحو شهرين وانتهت أول من أمس، في تحدٍ واضح لقرارات الرئيس قيس سعيد الاستثنائية التي تضمن تجميد المجلس.
غير أن هذه المجموعة من النواب اكتشفت استحالة دخول مقر البرلمان، في ظل التوتر الحاد الذي يطوقه في وجود حشد من المتظاهرين المطالبين بحل البرلمان والرافضين لعودة هذه المؤسسة التي مثلت برأيهم «الخطر الداهم والجاثم» الذي كان من أهم أسباب إعلان التدابير الاستثنائية.
وتعرض عدد من النواب لمضايقات من محتجين، وهو ما جعل القيادي في «حركة النهضة» عضو مكتبها التنفيذي محمد القوماني يحمّل رئيس الجمهورية مسؤولية حمايتهم الجسدية، وذلك بالنظر إلى أن المحتجين من أنصار الرئيس الداعمين لمجمل الإجراءات التي اتخذها في 25 يوليو (تموز) الماضي.
ورفع عدد من المحتجين شعار «ارحل» في وجه عدد من النواب الذين وجدوا، صباح أمس، أمام مقر البرلمان، مما اضطر بعضهم إلى مغادرة المكان على وجه السرعة. وسجلت مغادرة أحد النواب داخل سيارة أمنية لتفادي تعرضه لأي اعتداء بعد ارتفاع منسوب التوتر الشعبي.
ولم يتوصل النواب الموقعون على عريضة استئناف النشاط (نحو 90 من أصل 217) إلى اتفاق حول عقد اجتماعات في مقر آخر غير مقر البرلمان في باردو. وطالب بعضهم رئيس الجمهورية بحل البرلمان وإجراء انتخابات تشريعية في حال تمسك بقرار تجميد المجلس.
ولتسجيل موقف سياسي، سجلوا قانونياً منعهم من دخول البرلمان واستئناف نشاطهم في محاولة لإضفاء الشرعية على تحركهم في مواجهة شرعية رئيس الجمهورية.
وقال النائب عن «النهضة» سيد الفرجاني في تصريحات، إن «مكتب البرلمان سيجتمع لتحديد طريقة العمل التي سيتم اتباعها لإعادة النشاط البرلماني»، مؤكدا أن «عدم توجه عدد من نواب البرلمان إلى ساحة باردو (مقر البرلمان) كان لتجنب الصدامات».
وفي السياق ذاته، أكد النائب الثاني لرئيس البرلمان طارق الفتيتي في تصريحات، أن «ما وصلت إليه تونس اليوم من صراعات هو نتيجة معركة كسر عظام بين رئيس الجمهورية قيس سعيد ورئيس البرلمان راشد الغنوشي». ودعا إلى إجراء انتخابات تشريعية سابقة لأونها، معتبراً أنها «الحل الوحيد لمغادرة مربع الأزمة السياسية الراهنة».
وكانت «النهضة» قد أشارت في بيان لها إلى أن «تكليف رئيسة حكومة من دون التقيد بالإجراءات الدستورية وعلى أساس أمر رئاسي لا دستوري وبصلاحيات شكلية، يعمق الأزمات الاقتصادية والاجتماعية في البلاد ولا يساعد على حلّها». وطالبت بـ«استئناف المسار الديمقراطي من خلال التراجع عن الأمر الرئاسي 117 وعبر إكساب الحكومة المقبلة الشرعية الدستورية بعرضها على البرلمان لنيل ثقته كما ينص على ذلك الدستور في كل الحالات».
في غضون ذلك، كشف المتحدث باسم المحكمة الإدارية عماد الغابري عن رفض جميع الطعون المقدمة ضد القرارات الأمنية الاحترازية التي أصدرها الوزير المكلف بتسيير وزارة الداخلية والمتعلقة بإخضاع أشخاص للإقامة الاجبارية منذ بداية أغسطس (آب) الماضي.
وقال إن قرارات الرفض التي شملت 11 طلب توقيف للتنفيذ، تعتبر قرارات وقتيّة إلى حين صدور أحكام عن الدوائر القضائية المتعهدة بالملفات في أصل القضية. وأضاف أن جميع الملفات المشار إليها قد خضعت بحسب خصوصية كل ملف «إلى مسار تحقيقي مع الجهة الإدارية المعنية تم استنفاده وختمه وتمّ الاطلاع على رد الإدارة».
وكان الرئيس التونسي قد استقبل رئيس محكمة المحاسبات نجيب القطاري، أول من أمس، وتلقى منه تقريراً حول الرقابة على التصرف الإداري والمالي للهيئة العليا المستقلة للانتخابات. وانتقد سعيد بشدة الهيئة وشكك في استقلاليتها، ودعا القضاء إلى «تحمل مسؤولياته كاملة ومحاسبة المتورطين في قضايا فساد»، في إشارة إلى ارتكاب عدد من الأحزاب والمرشحين في انتخابات 2019 مجموعة من الجرائم الانتخابية، «حتى يستعيد الشعب حقه وتتخلص الدولة من الأدران التي علقت بها في العقود الفارطة».
تونس: «النهضة» وحلفاؤها يجددون معركة البرلمان
تونس: «النهضة» وحلفاؤها يجددون معركة البرلمان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة