على غرار الاحتفال بموكب المومياوات الملكية المبهر في أبريل (نيسان) الماضي، تستعد مصر لتنظيم احتفال كبير خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، بمناسبة الانتهاء من أعمال ترميم طريق الكباش الأثري في محافظة الأقصر (جنوب مصر)، ويعيد الاحتفال إحياء عيد «الأوبت» القديم، عبر موكب احتفالي يبدأ من معابد الكرنك وصولاً إلى معبد الأقصر.
ولمتابعة ترتيبات الاحتفال عقد الدكتور خالد العناني، وزير السياحة والآثار المصري، مساء أول من أمس، اجتماعين مع الشركة المنفذة للاحتفال، واللجنة الأثرية المعنية بمشروع الكشف عن طريق المواكب الملكية المعروف باسم «طريق الكباش»، الذي يربط بين معابد الكرنك والأقصر، حيث نُوقشت جميع الاستعدادات للاحتفال الذي سيتم من خلاله الترويج لمحافظة الأقصر سياحياً.
ويجري العمل في مشروع إحياء طريق الكباش على قدم وساق، بهدف الانتهاء من جميع الأعمال قبيل الاحتفال المقرر عقده نوفمبر المقبل، حسب الدكتور مصطفى الصغير، مدير عام آثار الكرنك والمشرف على طريق الكباش، الذي أكد لـ«الشرق الأوسط»: «انتهاء نحو 98 في المائة من مشروع إحياء طريق الكباش، تمهيداً للاحتفال بافتتاحه بالتنسيق بين وزارة السياحة والآثار، والهيئة الهندسية للقوات المسلحة، ومحافظة الأقصر»، مشيراً إلى أن «محافظة الأقصر تعمل حالياً على تطوير المنطقة المحيطة بطريق الكباش، وطلاء المنازل المطلة عليه، وزراعة النخيل على جانبي الطريق، ووضع اللمسات الأخيرة استعداداً للاحتفال».
وتعد هذه الإجراءات شبيهة بتلك التي اتُخذت إبان الاستعداد لنقل المومياوات الملكية، حيث طُور ميدان التحرير، وطليت المنازل المطلة على الميدان، وطُور وزُين الطريق الواصل بين المتحف المصري في التحرير، ومتحف الحضارة، حيث استقرت المومياوات الملكية.
وتسعى مصر إلى تنظيم حفل أكبر من ذلك الذي نظمته في نقل المومياوات الملكية، وعلى مدار الشهور القليلة الأخيرة، بدأ فريق من المتخصصين الترتيب للاحتفال وعمل زيارات متتالية لمحافظة الأقصر لتصميم الاحتفال، وأوضح الصغير أن «مخطط الاحتفال يعتمد على إحياء عيد الأوبت، وهو أحد الأعياد المهمة في تاريخ مصر القديمة لتقديس المعبود آمون، وهو عبارة عن موكب احتفالي ملكي يضم ثالوث طيبة المقدس (آمون وموت وخنسو)، ويسير في طريق الكباش من معابد الكرنك شمالاً وحتى معبد الأقصر جنوبا»، مشيراً إلى أنه «سيتم إحياء جميع مظاهر عيد الأوبت، اعتماداً على النقوش المصرية القديمة الموجودة على جدران المعابد».
وفي إطار الاستعدادات للاحتفال، استعرض فريق العمل مجموعة من الصور النادرة من القرن الـ19 التي تروي تاريخ معابد الكرنك والأقصر، وطريق المواكب الذي يربط بين المعابد، وأهم الاكتشافات الأثرية، كما استعرض صوراً ومناظر للأعياد والاحتفالات التي كانت تقام في العصور القديمة، وذلك تنفيذاً للمعرض الذي سيُنظم في أماكن محددة على طريق الكباش، كما استعرض فريق العمل الديكورات والعناصر الفنية والمواد الدعائية التي ستستخدم لتزيين الشوارع والميادين والأسواق في الأقصر، وتصميمات الملابس والأزياء التي سيرتديها المشاركون في الاحتفالية والموسيقى المصاحبة لها، حسب بيان وزارة السياحة والآثار.
وكان طريق الكباش ممراً للأعياد الدينية في مصر القديمة، وهو عبارة عن طريق بطول 2700 متر، تصطف على جانبيه نحو 1059 تمثالاً لأسد برأس كبش، وهو أحد الرموز المقدسة للمعبود آمون، وبدأ إنشاء الطريق في عهد الأسرة الثامنة عشرة، أي نحو 1500 عام قبل الميلاد، واستمر العمل به حتى عهد الملك نختنبو، من الأسرة 30 عام 300 قبل الميلاد، وأقيمت حوله مجموعة من مصانع النبيذ والحمامات، حسب الصغير.
وكانت بداية الحفائر الأثرية لاكتشاف الطريق في نهاية الأربعينات من القرن الماضي على يد الأثري زكريا غنيم، حيث اكتُشفت بداية الطريق عند معبد الأقصر في بداية الخمسينات على يد الدكتور محمد عبد القادر، من ثم استكمل الدكتور محمود عبد الرازق الكشف عن أجزاء من الطريق عند معبد الأقصر خلال حقبة الستينات، وتوقفت الحفائر لفترة، واستكملت مرة أخرى في الثمانينات من القرن الماضي، حيث اكتشف الدكتور محمد الصغير، أجزاء مختلفة من الطريق، وتابع الاكتشافات بعد ذلك الدكتور منصور بريك.
وليست جميع التماثيل مكتملة، إذ يوضح الدكتور مصطفى الصغير أن «هناك تماثيل مكتملة، وأخرى بلا رأس، وأخرى مجرد قاعدة، نظراً لأنه في العصر الروماني وعندما انتهى الغرض من إنشاء الطريق، استخدمت أحجار التماثيل في بناء معاصر النبيذ، وبعض المباني الأخرى على جانبي الطريق».
وفي عام 2006، بدأت مصر مشروعاً لترميم طريق الكباش الأثري وإزالة التعديات الواقعة عليه، وتحويل الطريق إلى مزار سياحي، لكن المشروع توقف بسبب الأحداث في عام 2011، ليُستكمل من جديد في عام 2017، وتُزال جميع التعديات على جانبي الطريق الأثري.
وفي سياق آخر، بدأت وزارة السياحة والآثار بالتنسيق مع ديوان رئيس الجمهورية، تنفيذ مشروع ترميم وتجميع وإعادة رفع العمود الغرانيتي الأثري الموجود في حديقة سراي القبة، بما يتناسب مع قيمته التاريخية والأثرية، وأوضح الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، أن «المشروع يتضمن تنظيفه من التكلسات التي تراكمت عليه مع مرور الزمن بسبب عوامل التعرية، وتقوية العمود وتدعيمه لإعادة تركيبه ورفعه لعرضه في مكان متميز بوسط الحديقة»، يذكر أن العمود يعود لعصر الدولة الحديثة وهو مصنوع من الغرانيت الوردي، ويبلغ ارتفاعه نحو 8 أمتار.
مصر للاحتفال بافتتاح «الكباش» على طريقة «المومياوات الملكية»
«السياحة والآثار» تضع اللمسات الأخيرة لتزيين الأقصر
مصر للاحتفال بافتتاح «الكباش» على طريقة «المومياوات الملكية»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة