يقول باحثون إن الميكروبات الموجودة في الأنف وأعلى الحلق تحتوي على الأرجح على مؤشرات حيوية لتقييم مدى إصابة الفرد بفيروس «كورونا» المستجد، ولتطوير استراتيجيات علاجية جديدة.
وتعتبر هذه الميكروبات الأنفية البلعومية بشكل عام خط مواجهة ضد الفيروسات والبكتيريا ومسببات الأمراض الأخرى التي تدخل هذه الممرات الطبيعية، كما يقول الدكتور ساداناند فولزيل، باحث الشيخوخة في قسم الطب في كلية الطب بجامعة أوغوستا الأميركية.
وظهرت أنماط مميزة عندما فحص الباحثون الكائنات الحية الدقيقة لـ27 فرداً تتراوح أعمارهم بين 49 و78 عاماً وكانوا سلبيين للفيروس، و30 كانوا إيجابيين ولكن لم تظهر عليهم أعراض، و27 كانوا إيجابيين بأعراض معتدلة لا تتطلب دخول المستشفى، وفق الدراسة المنشورة مؤخرا في موقع «mdpi».
يقول رافيندرا كولي، مدير مختبر جورجيا الباطني والجزيئي، والباحث المشارك بالدراسة في تقرير نشره الموقع الإلكتروني لكلية الطب بجامعة أوغوستا في 28 سبتمبر (أيلول) الماضي إن «ملايين الأشخاص يصابون بالعدوى والقليل منهم نسبياً يصابون بأعراض، وقد يكون عدد الجراثيم الأنفية أحد الأسباب».
وكانت التغييرات الأكثر أهمية في أولئك الذين كانوا يعانون من أعراض، بما في ذلك حوالي نصف هؤلاء المرضى، حيث إنه لم يكن لديهم كمية كافية من الجراثيم، كما يقول المؤلف المشارك فولزيل. ويضيف: «فوجئنا بالعثور على قراءات منخفضة للبكتيريا في التجويف الأنفي البلعومي للأفراد الذين تظهر عليهم الأعراض مقابل شخصين وأربعة أفراد فقط في المجموعتين السلبية والإيجابية دون أعراض، على التوالي، والغالبية العظمى من الأفراد الإيجابيين الذين لا يعانون من أعراض ما زال لديهم الجراثيم الأنفية الكافية».
يشير فولزيل إلى أنهم لا يعرفون أيهما أتى أولاً، المرض أم القضاء على الجراثيم، فقد يكون سيلان الأنف والعطس مسؤولاً عن خسارة الجراثيم الأنفية، وقد يؤدي انخفاض عدد البكتيريا الموجودة بالفعل أدى إلى زيادة خطر إصابة الأفراد بالأعراض الشديدة، أو ربما يكون الفيروس قد غير المشهد.
واستناداً إلى الخبرة مع الجراثيم في الجهاز الهضمي، يعتقد كولي أن محتوى الميكروبات وحجمها المختلفين هو رهان جيد آخر. ووجد مع أقرانه من الباحثين أيضاً اختلافات في نوع البكتيريا، رغم أنهم لاحظوا أن وظيفة بعض البكتيريا التي عثروا عليها ليست مفهومة جيداً.
وكما يشير اسم الفيروس وما يقرب من عامين من الخبرة معه، فإن الطريقة الرئيسية لنقل الفيروس التاجي هي عندما يسعل شخص ما أو يعطس أو حتى يتحدث، حيث تحمله قطرات تسمى الهباء الجوي وتنقله عبر الهواء إلى أنف أو فم شخص آخر.
وأولئك الذين يبلغون من العمر 65 عاماً أو أكبر أو الذين يعانون من حالات صحية أساسية مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري، يُعتبرون معرضين لخطر متزايد للدخول إلى المستشفى والوفاة من العدوى، لذلك قرر الباحثون النظر إلى الكائنات الحية الدقيقة في الجزء العلوي من الجهاز التنفسي الذي يسمى البلعوم الأنفي لكبار السن.
يقول فولزيل إن البطانة الرطبة المنتجة للمخاط في هذه المنطقة تعمل كحاجز طبيعي أمام الغزاة، وهناك أيضاً مجموعة كبيرة من الخلايا المناعية الموجودة، واستجابتها لفيروسات الجهاز التنفسي أمر أساسي، والمنطقة أيضاً غنية بمستقبلات (ACE - 2)، التي يرتبط بها الفيروس، فهي نقطة هبوط رئيسية له.
وتشير النتائج الجديدة التي توصلوا إليها إلى أن الجراثيم المتغيرة في المرضى الذين يعانون من أعراض أثرت على استجابتهم المناعية للفيروس.
ويوضح فولزيل: «كان لدى الأفراد الذين ظهرت عليهم الأعراض مستويات أعلى بكثير من نوعين من البكتيريا، بما في ذلك (كيتيباكتريم)، الموجودة بشكل عام على الجلد والمرتبطة بحب الشباب، على العكس من ذلك، كان هناك وجود أقل بشكل ملحوظ لحفنة من البكتيريا الأخرى غير المدروسة جيداً».
وتحتوي الكائنات الحية الدقيقة لكل من المجموعتين المصابة والمصحوبة بالأعراض، وغير المصحوبة بأعراض، على مستويات عالية من البكتيريا مثل البكتيريا الزرقاء، والتي تسمى أيضاً الطحالب الخضراء المزرقة، والتي يمكن العثور عليها في المياه الملوثة ولكنها تعيش بشكل معتاد في الميكروبيوم البشري والذي يبدو أنه يلعب دوراً في التنظيم والاستجابة المناعية.
وتدخل هذه البكتيريا الجسم عادة من خلال الأسطح المخاطية، مثل تلك الموجودة في الأنف، ومن المعروف أنها تسبب الالتهاب الرئوي وتلف الكبد، وأولئك الذين ظهرت عليهم الأعراض لديهم ضعف كمية هذه البكتيريا مقارنة بنظرائهم الذين لا تظهر عليهم أعراض.
يلاحظ فولزيل أنه بين المصابين الذين لم يعانوا من أعراض لم يكن هناك تغيير كبير في تنوع الكائنات الحية الدقيقة، فقط تلك الاختلافات الكبيرة في الحجم، لكنهم رأوا الكثير من البكتيريا الفردية تتحرك صعوداً وهبوطاً في الأعداد.
في حين أن العلاقة بين الجراثيم الأنفية البلعومية وشدة (كوفيد - 19) لا تزال غير معروفة، تشير دراستهم إلى «ارتباط قوي» بين الميكروبات الأنفية وعدوى الفيروس وشدتها. وتم تحليلهم قبل أن تبدأ المتغيرات الفيروسية الحالية في الظهور، لكن الباحثين يقولون إن الاختلافات في الكائنات الحية الدقيقة ستصمد على الأرجح أيضاً وقد بدأوا بالفعل هذا التحليل.
يقول الباحثون إن هناك حاجة لدراسات أكبر للتأكد من أن الأنماط الواضحة التي وجدوها ثابتة، وهم يسعون الآن لطلب منحة ستمكنهم من إجراء دراسة أكبر ويبحثون عن مواقع اختبار أخرى.
«جراثيم الأنف» تقيس درجة الإصابة بـ«كورونا»
تتفاعل عكسياً مع شدة المرض

وحدة عناية مركزة للمصابين بفيروس «كورونا» في سراسوتا بفلوريدا (رويترز)
«جراثيم الأنف» تقيس درجة الإصابة بـ«كورونا»

وحدة عناية مركزة للمصابين بفيروس «كورونا» في سراسوتا بفلوريدا (رويترز)
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة