عون يطلب من شركة استشارات المساعدة على تحضير المباحثات مع «النقد الدولي»

رهان لبناني على المفاوضات لجذب الاستثمارات والمساعدات الخارجية

الرئيس ميشال عون مجتمعاً مع وفد من شركة «لازارد» للاستشارات أمس (دالاتي ونهرا)
الرئيس ميشال عون مجتمعاً مع وفد من شركة «لازارد» للاستشارات أمس (دالاتي ونهرا)
TT

عون يطلب من شركة استشارات المساعدة على تحضير المباحثات مع «النقد الدولي»

الرئيس ميشال عون مجتمعاً مع وفد من شركة «لازارد» للاستشارات أمس (دالاتي ونهرا)
الرئيس ميشال عون مجتمعاً مع وفد من شركة «لازارد» للاستشارات أمس (دالاتي ونهرا)

طلب الرئيس اللبناني ميشال عون، أمس من شركة «لازارد للاستشارات المالية» مواصلة القيام بدورها كمستشار مالي في إطار التحضير لاستئناف المحادثات مع صندوق النقد الدولي، غداة تشكيل وفد لبناني للتفاوض مع صندوق النقد.
وأصدرت الحكومة اللبنانية أمس، قرار تشكيل لجنة للتفاوض مع صندوق النقد الدولي، بعد التوافق بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، على ما أعلن مكتب ميقاتي الإعلامي.
ونص القرار على أنه «لمّا كان يتوجّب على لبنان استكمال المفاوضات مع صندوق النقد الدولي بالتزامن مع وضع وتنفيذ خطة تعافٍ مالي واقتصادي»، فوّض رئيس الجمهورية الوفد المؤلف من نائب رئيس مجلس الوزراء سعادة الشامي، ووزير المالية يوسف الخليل، ووزير الاقتصاد والتجارة أمين سلام، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بالتفاوض مع صندوق النقد الدولي، على أن «يضم الوفد وزراء ويستعين بخبراء من أصحاب الاختصاص وفقاً للمواضيع أو الملفات المطروحة في مسار التفاوض».
وتمهيداً للتفاوض مع صندوق النقد، استعانت السلطات اللبنانية بشركة «لازارد» للاستشارات المالية، في إطار التحضير لاستئناف المحادثات مع صندوق النقد الدولي.
و«لازارد»، هي الشركة التي وضعت خطة التعافي المالي الأصلية للبنان قبل تعثر المحادثات مع صندوق النقد في العام الماضي. وعرض الرئيس عون أمس، مع وفد من الشركة، «ضرورة استكمال مهمتهم الاستشارية للدولة اللبنانية في إطار التحضير للمفاوضات مع صندوق النقد الدولي من أجل النهوض بالاقتصاد اللبناني».
وشدد عون خلال اللقاء على «ضرورة مراجعة خطة التعافي الاقتصادي التي أعدتها الحكومة السابقة نتيجة التغيير الذي حصل في الأرقام منذ أكثر من سنة حتى اليوم، وتوحيد هذه الأرقام، كي يكون موقف لبنان قوياً خلال المفاوضات».
وأكد أعضاء وفد الشركة «التزامهم باستكمال المهمة الموكلة إليهم، وأهمية توحيد الأرقام والسير بالإصلاحات ووضع خطة لإعادة هيكلة القطاع المصرفي».
ويوم الاثنين الماضي قال رئيس الوزراء نجيب ميقاتي إنه سيبحث مع «لازارد» كيفية تطوير الخطة إلى رؤية «أكثر واقعية» لانتشال البلاد من أزمتها.
وفي خطة «لازارد» التي استهدفت في الأصل مساعدة الحكومة السابقة، تم تحديد قيمة الخسائر في النظام المالي بنحو 90 مليار دولار. غير أن الخطة سقطت بسبب اعتراضات من المصارف التي قالت إنها تُحمّلها قدراً كبيراً من كلفة الانهيار بالإضافة إلى معارضة من مصرف لبنان المركزي والنخبة السياسية الحاكمة التي دفعت بلبنان إلى الأزمة.
ويعد التوصل إلى اتفاق على توزيع الخسائر الهائلة في النظام المالي أمراً حيوياً قبل استئناف المحادثات مع الصندوق، إذ كان أصعب نقطة عالقة في المفاوضات العام الماضي.
وقال وزير الاقتصاد اللبناني أول من أمس (الأربعاء)، إن القطاع المصرفي والبنك المركزي وأطرافاً أخرى في النظام المالي تعمل بتناغم من أجل الاتفاق على توزيع الخسائر التي مُني بها لبنان خلال الأزمة الاقتصادية.
ويراهن لبنان على مفاوضات مع صندوق النقد الدولي، بهدف تنفيذ الإصلاحات المطلوبة دولياً، وجذب الاستثمارات والمساعدات الخارجية. وتعمل الحكومة اللبنانية على تحضير الأرضية المناسبة للمفاوضات من خلال لقاءات مع ممثلي البعثات الدبلوماسية للدول الصديقة للبنان.
والتقى وزير المالية يوسف الخليل أمس، سفيرة الولايات المتحدة الأميركية دوروثي شيا، وبحثا العلاقات الثنائية بين البلدين والمواضيع المالية الراهنة. كما استقبل الخليل سفيرة أستراليا ريبيكا غريندلاي، وتناول البحث مسألة التعاون بين البلدين. وقالت غريندلاي: «سُررت بلقاء وزير المالية وتمنيت له التوفيق في مهمته خصوصاً فيما يتعلق بمفاوضات صندوق النقد الدولي، وشددت على استمرار دعم أستراليا للبنان».
كما التقى الخليل، المدير الإقليمي لمؤسسة التمويل الدولية «IFC» سعد صبرا، وبحثا مجالات نشاط «مؤسسة التمويل الدولية» في لبنان وسبل التعاون في المرحلة المقبلة لمعالجة الأزمة الاقتصادية.
في هذا الوقت، تجدد اعتراض لجنة «المال والموازنة» النيابية على قرار مصرف لبنان القاضي بتمديد العمل بالتعميم رقم 151 القاضي بسحب الودائع الموجودة في المصارف اللبنانية بالدولار الأميركي، على سعر صرف 3900 ليرة للدولار الواحد، علماً بأن سعر صرف الدولار في السوق السوداء يبلغ 17 ألف ليرة. واتهم رئيسها النائب إبراهيم كنعان، الدولة والمصرف المركزي بمحاولة «تصفية خسائرهم على حساب المودعين».
ورأى كنعان أن «قرار مصرف لبنان تمديد العمل بالتعميم 151 لتاريخ 31-1-2022 هو تخدير للمودعين»، وقال: «لا تجوز متابعة لعبة كسب الوقت، فقد صدر التعميم رقم 151 منذ أكثر من سنة ونصف سنة في وقت كان سعر صرف الدولار قرابة 7 آلاف ليرة، ووصل سعر الدولار إلى 24 ألف ليرة وما زال المودع يسحب ماله على أساس سعر 3900 ليرة للدولار أي بلغ الهيركات المقنع 85%. وما زال مصرف لبنان يمدد هذا الوضع ولو لأربعة أشهر».
وأشار إلى أن «لجنة المال والموازنة النيابية سألت مصرف لبنان عن الأسباب التي يستند إليها لعدم رفع قيمة السحوبات أو -وهو مطلبها- دفع نسبة من الودائع بالدولار وفق خطة واضحة زمنياً، لم يأتنا الجواب إلا الأجوبة العامة». وأضاف: «يتحدثون عن التضخم الذي قد يحصل ولكن من دون إعطاء أي أسباب علمية. هذا الموضوع إن دلّ على شيء يدلّ على نية لدى الدولة ومصرف لبنان لتصفية خسائرهم على حساب المودعين. التأجيل هو تخدير».
وأكد أن «هذا التأجيل لتعديل القرار لن يوقف لجنة المال والموازنة»، وقال: «سنتابع عملنا من خلال كل ما يتيحه لنا الدستور والنظام من أسئلة واستجوابات لجان تحقيق ومن خلال الدورة التشريعية للمجلس النيابي للضغط بقوانين تؤدي إلى تحميل السلطة التنفيذية ومصرف لبنان المسؤولية وليس تحميل المودعين والمواطن اللبناني نتائج كل السياسات المالية والنقدية والحكومية الخاطئة والمجحفة التي أوصلت لبنان إلى ما وصل إليه مالياً واقتصادياً واجتماعياً».



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.