«تفاهمات» روسية ـ تركية حول سوريا سينفذها مسؤولو الجانبين

إردوغان يركز على الأكراد... والكرملين لـ«طرد الإرهابيين» من إدلب

الرئيسان فلاديمير بوتين ورجب طيب إردوغان خلال لقائهما في سوتشي أول من أمس (إ.ب.أ)
الرئيسان فلاديمير بوتين ورجب طيب إردوغان خلال لقائهما في سوتشي أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

«تفاهمات» روسية ـ تركية حول سوريا سينفذها مسؤولو الجانبين

الرئيسان فلاديمير بوتين ورجب طيب إردوغان خلال لقائهما في سوتشي أول من أمس (إ.ب.أ)
الرئيسان فلاديمير بوتين ورجب طيب إردوغان خلال لقائهما في سوتشي أول من أمس (إ.ب.أ)

كشف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان عن اتفاقه مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين على خريطة طريق بشأن الوضع في محافظة إدلب شمال غربي سوريا سيعمل عليها وزراء الخارجية والدفاع في البلدين، ما يشكل بدء ظهور التفاهمات الروسية - التركية بين الجانبين، في وقت قال إردوغان إن على الولايات المتحدة أن تنسحب من سوريا إن عاجلا أم آجلا.
وقال إردوغان إنه بحث مع بوتين سبل التوصل إلى حل نهائي ومستدام للأزمة السورية، وبخاصة الوضع في إدلب. ووصف، في تصريحات لصحافيين أتراك رافقوه على متن طائرته أثناء عودة من سوتشي، نشرت أمس (الخميس)، مباحثاته مع بوتين بأنها «مثمرة»، مؤكدا أن تركيا تواصل الالتزام بكل قضية اتفقت عليها مع روسيا حيال سوريا ولا عودة عن ذلك.
وأكد الرئيس التركي ضرورة تنفيذ الاتفاق مع روسيا في شمال شرقي سوريا، أيضا، فيما يتعلق بإنهاء وجود «التنظيمات التي تصنفها تركيا على لوائح الإرهاب في المنطقة»، في إشارة إلى وحدات حماية الشعب الكردية، أكبر مكونات تحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد).
وانتقد إردوغان الموقف الأميركي الداعم للوحدات الكردية، قائلا إن «على الولايات المتحدة مغادرة هذا المكان وتركه للشعب السوري عاجلا أم آجلا». وأعرب إردوغان عن استيائه من تواصل منسق الولايات المتحدة للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بريت ماكغورك، مع قوات سوريا الديمقراطية، قائلا: «ماكغورك هذا يعد بمثابة مدير تنظيم وحدات حماية الشعب الكردية وحزب العمال الكردستاني، وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري، فهو يتجول بحرية مع التنظيمات الإرهابية». وأضاف أن «تجول ماكغورك يدا بيد مع التنظيمات الإرهابية في المناطق التي نكافحها فيها يجعلنا نشعر باستياء كبير».
من جهته، كشف الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أمس، جانبا من تفاصيل الحوار الذي ركز على أربع قضايا رئيسية هي بالإضافة إلى الملف السوري الذي شغل حيزا أساسيا من الاهتمام، ملفات العلاقة الثنائية، وخصوصا على صعيد تعزيز التبادل التجاري والطاقة وإطلاق مرحلة أكثر نشاط في التعاون في المجالات العسكرية، وملف الأزمات الإقليمية الذي شمل أفغانستان وليبيا والوضع في مناطق التماس الأذري الأرميني.
في الموضوع السوري، قال بيسكوف إن الرئيسين «ناقشا بشكل تفصيلي الوضع في سوريا وتبادلا وجهات النظر حوله». وزاد أنه تم التأكيد خلال المناقشات على التزام الطرفين بالاتفاقات السابقة بشأن سوريا، في إشارة إلى اتفاق سوتشي الموقع في عام 2018.
وزاد أن الطرفين اتفقا على تنشيط العمل المشترك لتنفيذ بنود الاتفاق، بما في ذلك «ضرورة طرد العناصر الإرهابية من إدلب». وقال: «هنا، للأسف، لا أستطيع الخوض في التفاصيل، ليست لدي هذه المعلومات بالكامل. لكن الموضوع نوقش بالفعل. وتم تأكيد الالتزام بالاتفاقات السابقة، والتأكيد على ضرورة تنفيذها بالكامل لجهة طرد العناصر الإرهابية».
وأوحت عبارة بيسكوف بوجود عناصر خفية تم التوصل بشأنها إلى تفاهم بين الرئيسين حول مسار تنفيذ الاتفاق السابق، وآليات «طرد الإرهابيين»، لكن بدا كما قالت مصادر روسية إن الرئيسين فضلا عدم الإعلان عنها حاليا.
وكشف مصدر دبلوماسي مقرب من وزارة الخارجية لـ«الشرق الأوسط» بعض جوانب التفاهمات بين الرئيسين خلال القمة. وقال المصدر إن الوضع في إدلب كان محور بحث دقيق، وإن الرئيسين أجريا اتصالات خلال الاجتماع مع المستوى العسكري في البلدين، في إشارة إلى الرغبة في توضيح بعض جوانب الموقف الميداني. كما لفت إلى اتفاق بوتين وإردوغان على توجيه أوامر واضحة إلى المستوى العسكري بناء على المناقشات التي جرت.
ثلاثة عناصر
وأجمل المصدر التفاهمات حول سوريا في ثلاثة عناصر: أولها سياسي، حمل تأكيدا إضافيا عبر حديث الناطق الرئاسي أمس، وهو يتعلق بالالتزام باتفاق سوتشي حول إدلب، وعدم الذهاب نحو إدخال أي تعديلات عليه حاليا، مع ضمان تنشيط تنفيذ البنود بعد تأخير طويل.
وتم التأكيد في هذا الإطار، على استمرار العمل لإنهاء الأزمة السورية على أساس القرار 2254 وبذل جهود مشتركة لإحراز تقدم في عمل اللجنة الدستورية مع مراعاة خصوصية الوضع في الشمال الشرقي والغربي لسوريا. واتفق الرئيسان أيضا على تكثيف الاتصالات مع واشنطن لـ«المساهمة الفعالة في إنهاء الأزمة السورية والحفاظ على وحدة سوريا وسيادتها».
والعنصر الثاني ميداني، تضمن التعليمات التي وجهت إلى المستوى العسكري لجهة تكثيف التنسيق في إطار منع الاحتكاك، والعمل المشترك لتطبيق البنود المتعلقة بإخلاء المنطقة العازلة والترتيبات الأخرى التي نص عليها اتفاق سوتشي، بما في ذلك إنهاء كل مظاهر خروقات وقف النار، وتسوية أوضاع المجموعات المسلحة (ما عدا الإرهابيين) مع تفادي الإضرار بالمدنيين بما في ذلك عائلات المسلحين. وفي هذا الإطار أكد الطرفان التزامهما بـ«تحييد» العناصر الإرهابية، التي تعرقل تنفيذ بنود اتفاق سوتشي، ولفت المصدر إلى أن عبارة «تحييد» لا تعني بالضرورة القضاء عليها بل تحييد قدراتها. ما يعني اتفاقا ضمنيا بمنع اندلاع مواجهة واسعة في المنطقة.
وثالثا، اتفق الرئيسان على «إبقاء العمل بشكل دائم لقنوات الاتصال على مستوى إدارتي الرئيسين ووزارات الخارجية والدفاع في البلدين، لضمان مراعاة مصالح الأمن القومي الروسي والتركي، والسعي إلى تسوية المسائل العالقة وهذا ينسحب على مواصلة النقاشات حول القضايا الإقليمية الأخرى».
ووفقا للمصدر، طرحت بعض الأفكار التي تحتاج لمواصلة النقاش الثنائي على المستويين الأمني - العسكري والدبلوماسي، ما فسر ميل الرئيسين إلى عدم إعلان النتائج في بيان ختامي أو مخاطبة الصحافيين بعد اللقاء مباشرة. ورأى المصدر أن هذا عكس اهتمام الطرفين بمنح تطبيق التفاهمات أولوية، وعدم السماح باستخدام النقاشات الجارية في أغراض دعائية إعلامية.
على صعيد آخر، أجمل سفير روسيا لدى دمشق، ألكسندر يفيموف، أبرز نتائج التدخل العسكري الروسي في سوريا قبل ست سنوات، وقال إن «وقوف روسيا إلى جانب السوريين في الذود عن وطنهم، ساهم في هزيمة التنظيمات الإرهابية وإفشال مخططات القوى الخارجية الهدامة». وزاد السفير في حديث لقناة «آر تي» الحكومية أن «التدخل الروسي وهزيمة التنظيمات الإرهابية، حال دون انتقال التهديد الإرهابي من سوريا إلى دول أخرى في العالم العربي أو حتى إلى خارج حدوده، على سبيل المثال إلى روسيا، التي هي في الواقع قريبة جدا جغرافيا من هذه المنطقة».
وأوضح السفير أن «عملية التسوية السياسية في سوريا لا تكتسب في الوقت الحالي زخما كبيرا»، مشيرا إلى أن «هناك العديد من الأسباب لذلك، إذ إن حجم التناقضات التي تراكمت بين الطرفين المتنازعين كبير جدا، ويحتاج الأمر بعضا من الوقت للوصول إلى مستوى من الثقة المتبادلة يكفي لمناقشتها بشكل بناء».
لكنه رأى أن «التحدي الأكبر في هذه الحالة هو المحاولات المستمرة من قبل بعض الأطراف الخارجية للتدخل أو تعطيل المفاوضات السورية البينية بشكل أو بآخر. وهذا أمر غير مقبول قطعا، فالعملية السياسية يجب أن يقودها وينفذها السوريون أنفسهم بدعم من الأمم المتحدة، على النحو المنصوص عليه في قرار مجلس الأمن رقم 2254».
وأضاف «لو كان جميع اللاعبين الأجانب قد أخذوا بعين الاعتبار المصالح الحقيقية للشعب السوري ولم يسعوا للدفع بأجنداتهم الخاصة باستخدام أيدي الآخرين، لكان الطريق إلى تسوية نهائية أسرع وأسهل بكثير».



الحوثيون يحرمون آلاف الموظفين من «نصف الراتب»

الحوثيون عينوا الآلاف من أتباعهم في قطاع التربية والتعليم (إعلام محلي)
الحوثيون عينوا الآلاف من أتباعهم في قطاع التربية والتعليم (إعلام محلي)
TT

الحوثيون يحرمون آلاف الموظفين من «نصف الراتب»

الحوثيون عينوا الآلاف من أتباعهم في قطاع التربية والتعليم (إعلام محلي)
الحوثيون عينوا الآلاف من أتباعهم في قطاع التربية والتعليم (إعلام محلي)

فيما يواصل المعلمون في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية احتجاجاتهم للمطالبة بزيادة الرواتب، نفّذ الحوثيون مذبحة غير مسبوقة في حق المعلمين والموظفين العموميين بمناطق سيطرتهم، واستبعدوا الآلاف من قوائم صرف نصف الراتب الذي قررت الجماعة صرفه مع مطلع العام الحالي.

وأظهرت وثيقة صادرة عن مكتب التربية والتعليم في محافظة عمران (شمال صنعاء) أنه تم إسقاط أسماء 4773 من الكادر الإداري والموجهين والمفتشين في مكتب التربية والتعليم من استحقاق نصف راتب الشهر الماضي، الذي وعدت الجماعة الحوثية بصرفه بشكل غير منتظم مع بداية العام الحالي.

كما أن وثائق مشابهة أوضحت قيام مكتب التعليم في العاصمة المختطفة صنعاء بإسقاط أسماء الآلاف من الإداريين والموجهين والمفتشين العاملين في المكتب، وقد امتد الأمر إلى جهاز محو الأمية وفروعه في المحافظات، وكذلك مركز البحوث والتطوير التربوي.

ووفق مصادر عاملة في صنعاء تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، فإن الإجراءات التي ينفذها الحوثيون شملت آلاف الموظفين في بقية المؤسسات الحكومية والمصالح.

شكوى من حرمان أكثر من 4 آلاف عامل في قطاع التعليم بمحافظة عمران (إعلام محلي)

وتشترط الجماعة الانقلابية، بعد تسعة أعوام على قطع الرواتب، أن يكون جميع المستحقين قد انتظموا في الدوام طوال هذه السنوات، وهو ما لا يمكن تحقيقه؛ لأن عشرات الآلاف من المعلمين والموظفين اضطروا إلى ترك أعمالهم نتيجة قطع المرتبات، وذهبوا للبحث عن عمل في مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً، أو للاغتراب في الخارج.

إجراءات مجحفة

يقول نقابيون يمنيون في قطاع التعليم إنه من غير المعقول السكوت على جريمة إسقاط أسماء عشرات الآلاف من الموظفين القدامى ذوي الخبرة والكفاءة من كشوفات صرف الراتب، بعد معاناتهم وعائلاتهم تسع سنوات من دون مرتبات ولا حقوق وظيفية ولا ترقيات ولا تسويات، فقط لأن الشخص متوفى أو بلغ أحد الأجلين.

وأعلن النقابيون في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية تضامنهم الكامل مع الموظفين القدامى الذين تم استبعاد أسمائهم، وطالبوا من الحكومة التي لا يعترف بها أحد العودة عن تلك الإجراءات.

الحوثيون أجبروا عشرات الآلاف من المعلمين على العمل دون رواتب منذ عدة أعوام (إعلام محلي)

وأكدت المصادر النقابية في صنعاء أن صرف نصف راتب لا يشمل سوى 10 في المائة من الموظفين المقطوعة مرتباتهم بمبرر تقسيمهم إلى فئات من حيث استحقاق نصف الراتب بشكل منتظم.

وبينت المصادر أن الحوثيين قاموا بإحلال نحو 60 ألف شخص في قطاع التعليم تحت اسم «متطوعين»، وهم في الغالب من أتباع وأنصار الجماعة، أو قبلوا العمل وفق توجهاتها الطائفية مقابل الحصول على خمسين دولاراً في الشهر باسم حوافز، نتيجة تردي الأوضاع المعيشية، وانعدام الوظائف.

ووفق هذه المصادر، فإن هناك أكثر من 160 ألف معلم وتربوي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية لم يتسلموا رواتبهم منذ نهاية عام 2016، رغم وجود إيرادات من مواني الحديدة، وشركات الاتصالات، وعائدات الزكاة، والضرائب الكبيرة التي يدفعها التجار.

وكانت وزارة الخدمة المدنية في الحكومة الحوثية غير المعترف بها قد حرمت الإداريين في قطاع التربية والتعليم من الحوافز التي يتم صرفها من عائدات صندوق دعم المعلمين، وأقدمت حالياً على حرمانهم من رواتبهم، على أن يعطوهم نصف راتب كل ثلاثة أشهر.

تصعيد في تعز

خلافاً لهذه التطورات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، رفض المعلمون في محافظة تعز الخاضعة للحكومة الشرعية (جنوب غرب) قرار نقابتهم تعليق الإضراب بموجب اتفاق مع محافظ المحافظة على منح كل معلم مبلغاً قدره 15 دولاراً بوصفه حافزاً إلى جانب الراتب الشهري، وشارك الآلاف منهم في مسيرة طافت مركز المحافظة (مدينة تعز)، مؤكدين على استمرار الإضراب، ووقف التدريس حتى الاستجابة لكامل مطالبهم.

وبحسب المعلمين المضربين، فإن المحافظ نبيل شمسان وجّه رسالة إلى وزارة الخدمة المدنية يطلب فيها اعتماد حافز شهري لكل معلم في تعز بمبلغ يساوي 15 دولاراً، إلا أن الخدمة رفضت ذلك لأن ذلك يتطلب اعتمادات من وزارة المالية.

معلمون يمنيون في تعز يتظاهرون للمطالبة بزيادة الرواتب (إعلام محلي)

ووفق هذه المصادر، فإن المعلمين في المحافظة فوجئوا بمحاولة كسر الإضراب من خلال قرار اتخذته قيادة المحافظة، وبمشاركة نقابة المعلمين اليمنيين، حيث أُعلن عن تعليق الإضراب واستئناف العملية التعليمية، على أن تتولى لجنة المتابعة وقيادة المحافظة متابعة الجانب الحكومي بشأن مطالب المعلمين.

إلا أن ذلك قوبل باعتراض من المعلمين، حيث خرجوا في مسيرة حاشدة رافضة لأي مساعٍ للالتفاف على المطالب المشروعة لهذا القطاع على حد وصف المصادر النقابية.