مصر تدعو إلى «محاسبة» الرافضين لانسحاب «المرتزقة» من ليبيا

شكري اقترح على «مجلس السلم والأمن» الأفريقي خروجاً «غير مشروط» للقوات الأجنبية

سامح شكري خلال مشاركته في اجتماع افتراضي أمس لمجلس السلم والأمن الأفريقي حول ليبيا (الخارجية المصرية)
سامح شكري خلال مشاركته في اجتماع افتراضي أمس لمجلس السلم والأمن الأفريقي حول ليبيا (الخارجية المصرية)
TT

مصر تدعو إلى «محاسبة» الرافضين لانسحاب «المرتزقة» من ليبيا

سامح شكري خلال مشاركته في اجتماع افتراضي أمس لمجلس السلم والأمن الأفريقي حول ليبيا (الخارجية المصرية)
سامح شكري خلال مشاركته في اجتماع افتراضي أمس لمجلس السلم والأمن الأفريقي حول ليبيا (الخارجية المصرية)

حذّر وزير الخارجية المصري، سامح شكري، من وجود «المرتزقة» في ليبيا، وتداعيات ذلك على أمن واستقرار دول الجوار العربي والأفريقي، كما حثّ المجتمع الدولي على «محاسبة» الأطراف الرافضة لانسحابهم من البلاد.
واستهل شكري حديثه أمام الاجتماع «الافتراضي» لمجلس السلم والأمن الأفريقي حول ليبيا، أمس، بضرورة التعامل مع الإشكاليات الرئيسية هناك، التي قال إنها تعوق استعادة البلاد لسيادتها ووحدتها، والتي تتمثل في وجود القوات الأجنبية والمقاتلين الأجانب، و«المرتزقة» على أراضيها «بما يؤثر سلباً على الأمن القومي الليبي خاصة، وأمن دول جوارها العربي والأفريقي عامة».
وذكّر شكري بموقف مصر تجاه هذه القضية، وقال إنه سبق لها التحذير من تبعات استمرار الصراع المسلح في ليبيا، موضحا أنها «قد تضطر لاتخاذ إجراءات لحماية أمنها القومي، وحفظ ميزان القوة في حالة الإخلال به».
في سياق ذلك، أوضح شكري أن هذا الموقف «كان له أثره الواضح على مختلف الأطراف لعدم التصعيد، والانخراط بجدية في العملية السياسية، التي ترعاها الأمم المتحدة، وصولاً إلى إبرام اتفاق وقف إطلاق النار في أكتوبر (تشرين الأول) 2020. الذي ما زال سارياً حتى اليوم»، لافتاً إلى صدور مقررات دولية تهدف إلى إخراج ليبيا من أزمتها، مع وضع حل جذري لإشكالية الوجود الأجنبي على أراضيها، من خلال خروج القوات كافة و«المرتزقة» دون مماطلة أو استثناء، وفقاً لنص قرار مجلس الأمن بالأمم المتحدة رقم 2570.
وأضاف شكري موضحاً: «لكن رغم ذلك، فإن المجتمع الدولي لم يتخذ إجراءات حازمة لوضع حد لوجود القوات الأجنبية و(المرتزقة) في ليبيا، وهو الأمر الذي يستلزم تضافر جهود المُجتمعين اليوم لنشكل موقفاً موحداً قوياً داعماً للدور الوطني للجنة العسكرية المشتركة (5+5) في هذه المهمة»، داعياً إلى حثّ المجتمع الدولي على القيام بدوره في وضع الأطراف الساعية للالتفاف على قرار 2570، ومخرجات مؤتمر «برلين 2» بشأن «الانسحاب الكامل لجميع القوات الأجنبية و(المرتزقة)، أمام مسؤولياتها ومحاسبتها، بما يحقق أمن ليبيا ويصون الأمن القومي لدول جوارها، ويمثل إنصاتاً واستجابة لنداءات أبناء الشعب الليبي المتعالية في هذا الشأن».
كما نبّه شكري في الاجتماع، الذي ترأسته تشاد، إلى أن استمرار الوجود العسكري الأجنبي في ليبيا «بأشكاله كافة يوفر بيئة غير مستقرة، وحاضنة للإرهاب والتطرف».
واقترح على المُجتمعين التوافق حول ست نقاط، تتمثل في «حتمية الخروج غير المشروط والمتزامن، والمنسق لكل القوات الأجنبية و(المرتزقة) والمقاتلين الأجانب دون استثناء، بما يتماشى مع المقررات الدولية في هذا الشأن، ودعم مهمة لجنة (5+5) العسكرية بهذا الخصوص»، بالإضافة إلى «تجديد الالتزام والدعم لتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، بما في ذلك ما نص عليه بشأن تجميد العمل بالاتفاقيات العسكرية الخاصة بالتدريب في الداخل الليبي وخروج أطقم التدريب». وضمن شكري اقتراحه بضرورة «السير قُدماً نحو الانتهاء من إجراءات مراجعة وتنقيح الاتفاقية الأفريقية لمكافحة الارتزاق في أفريقيا»، و«حث الدول المُصدرة للمقاتلين و(المرتزقة) على استعادة من جلبتهم من مناطق أخرى، والمتابعة الأمنية اللصيقة للعناصر الأشد خطورة، مع معاقبة داعمي المرتزقة ومستخدميهم ومن ييسرون عبورهم وانتقالهم بين مختلف الدول».
وبهذا الخصوص لفت إلى ضرورة «تعزيز التعاون المشترك على المستوى القاري لتتبع حركة (المرتزقة) وأنشطتهم، ووضع آليات للتتبع وتبادل المعلومات، وسن أو تعديل التشريعات الجنائية الداخلية، بما يتلاءم مع مكافحة هذا الخطر»، مشدداً على أهمية «إسهام المجتمع الدولي في دعم برامج إدماج، وإعادة تأهيل العناصر المنخرطة في المجموعات المسلحة بعد تسريحها، ووضع البرامج المُلائمة لنزع الأسلحة الموجودة بحوزتها، اتساقاً مع مبادرة إسكات البنادق التابعة للاتحاد الأفريقي، وبما يوفر الإطار المناسب للتعامل مع ظاهرة (المرتزقة)».
واختتم شكري حديثه بالتأكيد على أن مصر كانت وستظل داعمة للشعب الليبي، وللجهود الدولية والإقليمية المتواصلة لتحقيق طموحاته، مقدرة جهود مجلس السلم والأمن الأفريقي، ودول جوار ليبيا، والبعثة الأممية للدعم في ليبيا، والمنظمات الإقليمية المختلفة في هذا الشأن.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».