مروان خوري: أتناغم مع كارول سماحة وسيرين عبد النور.. وبعض الفنانين

انتخب مؤخرًا رئيسًا بالإجماع لنقابة الموسيقيين المحترفين

مروان خوري: أتناغم مع كارول سماحة وسيرين عبد النور.. وبعض الفنانين
TT

مروان خوري: أتناغم مع كارول سماحة وسيرين عبد النور.. وبعض الفنانين

مروان خوري: أتناغم مع كارول سماحة وسيرين عبد النور.. وبعض الفنانين

قال الفنان مروان خوري إن مرحلة صعوبة الإنتاج الفني، التي تمرّ بها الساحة الفنية، ولّدت بدائل أخرى بينها أغاني تترات المسلسلات. وأضاف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «أجد أن الأغاني المنفردة (السنغل) متحركة بشكل أكبر، كما اكتشفت أن أغاني تترات المسلسلات حملت لي انتشارا مختلفا سعدت به، واستطعت من خلاله أن أقدّم الجديد رغم أنه لم يمض سوى عدة أشهر على إطلاقي ألبومي الجديد «العد العكسي». وعن سبب ابتعاده عن تصوير أغانيه بشكل دائم أجاب «أنا بطبيعتي لا أحبّ كثيرا الفيديو كليب، كما أنه لم تعد توجد محطات تلفزيونية كثيرة تعرض هذا النوع من الأعمال». وأضاف «برأيي أن التسجيلات السمعية عادت تأخذ حقها وخفّ اهتمام الناس بالأغاني المصوّرة».
وعن التغيير الذي يلمسه اليوم في مجال الغناء وهو صاحب التجربة الطويلة، أجاب «لقد حصلت تغييرات نحو الأسوأ، فلا شك أن المستمع الجيّد ما زال موجودا، لكن الشريحة الأكبر أصبحت لا تتمتع بالثقافة الفنية المطلوبة كما في الماضي. فلقد صار الناس يلهثون وراء الأعمال السهلة أكثر من تلك المنطبعة بالكلاسيكية، فالظروف اختلفت بأكملها ومصلحتنا تأثّرت بمواقع التواصل الاجتماعية وبينها الـ(يوتيوب)». وأكمل قائلا «لذلك أجد أن الدراما العربية فتحت بابا جديدا نطلّ من خلاله على محبينا، فأغاني المسلسلات يحفظها المشاهد بصورة غير مباشرة، لا سيما أن تكرارها اليومي خلال عرض الحلقات يشكّل أسلوبا مباشرا في الترويج لها، والذي نعرّف عنه بلغتنا الفنية بالـ(ماتراكاج)، وهذا الأمر يكبّدنا مبالغ طائلة إذا ما رغبنا في اتباعه في الإذاعات والتلفزيونات مثلا».
وكان مروان خوري قد انتخب مؤخرا رئيسا لنقابة الموسيقيين المحترفين بالإجماع، وعلّق على الموضوع بالقول «لطالما شكّلت الموسيقى شغفي، وأتمنى أن أقدّم عن طريق هذا المركز شيئا جديدا للموسيقى التي هي السبب في ما وصلت إليه اليوم، وكذلك الأمر بالنسبة للموسيقيين الذين أعدّ نفسي واحدا منهم».
وعما إذا كانت مواضيع أغانيه المرتبطة بشكل مباشر بالإحساس والمشاعر هي مجرد كليشيهات لمواضيع فنية رائجة، أو أنها نابعة عن قناعة وعن أحاسيس حقيقية تنتابه، قال «لا شك أن هذه المواضيع تشدّ المستمع لأنها تلامسه عن قرب، ولكن بالنسبة لي هي حالات حب وعشق حقيقية أترجمها في أغان. فأنا أتأثّر برائحة العطر وبنظرة وابتسامة الحبيبة. هذه الأحاسيس تصنع الحالات التي تكلّمنا عنها فأعبّر عنها بأسلوبي، ولا أذيع سرا إذا قلت إن الإحساس المرهف أصبح شبه معدوم لدى بعض الفنانين».
كيف تصف أهل الفن اليوم؟.. سألنا مروان خوري فأجاب «برأيي هناك صراع مشتعل بين الفنانين على البقاء، علما بأن كل واحد منهم يتمتع بموقعه دون منازع. فأنا أتفاجأ بفنانين لديهم نسبة كبيرة من العدوانية وفي استطاعتهم أن يتسببوا في الأذى لغيرهم بشكل مباشر أو العكس. انظري إلى البرامج التلفزيونية فهي كناية عن جبهات نارية مفتوحة وموجهة لبعضهم البعض». وختم بالقول «في الحقيقة يتعبني هذا الجو، ولذلك ترينني بعيدا عنه كلّ البعد».
وعما إذا كانت هذه المواقف من قبل الفنانين تستفزه شخصيا قال «نعم تستفزني وتضايقني، ويجب أن نتمتّع بالقوة كي لا نردّ بهذه الأساليب في برامج تلفزيونية وعلى الهواء مباشرة. فبرأيي هذا نوع من الضعف يتبعه ضعفاء النفوس، وهو أمر غير صحي لأن هواء التلفزيونات ملك للمشاهد، الذي يفضّل أن يستمع إلى أغاني الفنان وأعماله وليس إلى آرائه السياسية وانتقاداته اللاذعة في هذا الموضوع وذاك، فأنا شخصيا لا أرد ولا أريد أن أدخل في هذه اللعبة».
وعن علاقته المتوترة بالفنانة إليسا أوضح بالقول «السبب يعود إلى علاقتنا في العمل، فأي علاقة من هذا النوع مهددة بالانتهاء عندما تتقدّم مصلحة واحد من الطرفين على الآخر. فالفنان عندما يعد أن حجمه هو الأكبر والباقي ليسوا سوى تكملة عدد فهو يكون بصدد ارتكاب غلطة عمره، لا سيما أنني عشت واقع الملحن والمغني معا وأعرف تماما مدى أهمية كل فرد يعمل في صناعة الأغنية. فنجاح الفنان هو من نجاح هؤلاء جميعا، وعندما يتدخّل بتفاصيل عملهم ويشعرهم بأنه هو المطلوب والأهم، وأنه باستطاعته الحصول على أي لحن من أي ملحن يريده عندما يشاء، فإنه يكون بصدد تجاوز حدوده، وهو أمر غير مقبول». ويتابع النقيب مروان خوري «ومع احترامي للمغنين فإن بينهم من يعاني من مشكلة الأنانية (الايغو)، الأمر الذي يتسبب لهم في المشاكل، وإذا كان الملحن يحترم نفسه فعلاقاته لا تدوم كثيرا مع هذا النوع من الفنانين».
من ناحية ثانية، أكد الفنان الملقب بـ«الفنان الشامل» أنه على الفنانين أن يتمتعوا بثقافة التعاطي مع الشخص الآخر، وقال «لا أعني أنهم يجب أن يكونوا طوباويين، ولكن أن يحافظوا على المصلحة المشتركة بينهم وبين الطرف الآخر، فيتعاطون بذكاء، إذ إن التوازن في العلاقة يضيع تماما في حال أراد الفنان الاستحواذ على كل الانتباه لنفسه فقط».
وعن أكثر العلاقات المتناغمة بينه وبين الفنانين الآخرين قال «أتناغم مع الفنانة كارول سماحة، فهي تملك مستوى ثقافيا وفنيا معينا، وفي التعامل مع الآخرين، وكذلك الأمر بالنسبة للفنانة سيرين عبد النور. فكل فنان يتمتع بثقافة فنية أتناغم معه في عملي تماما كما السيدة ماجدة الرومي، فلا يمكنني أن أرفض التعامل معها أبدا، وهذا الأمر يطبّق أيضا على الفنان فارس كرم فهو يعرف كيف يتعامل مع الآخرين».
واعترف الفنان اللبناني بأن فكرة ابتعاده عن الوسط الفني راودته أكثر من مرة، إلا أن حبّه للفن وإيمانه بموهبته وبنجاحه في إرضاء المستمع دفعاه إلى الاستمرار والوجود على الساحة. وعما إذا كان يشعر بأن هناك ما لم يحققه في مشواره الفني أجاب «بإمكاني القول إنني حققت قسما كبيرا من أحلامي، ولكن يبقى أن مجالات أخرى ربما تكون في الدراما أو في المسرح يمكنني أن أدخلها كفنان، وهو أمر اعتدنا عليه في الماضي من قبل فناني الزمن الجميل».
وعما إذا في استطاعته أن يرفع من مستوى الفن متبعا أسلوبه هذا في التعاطي مع الآخرين، قال «الفرد لا يمكنه أن يحقق التغيير وحده، فكل منا يعيش قناعاته، فأنا موجود في هذا المكان وأتمتع بهذه النوعية من المعرفة، وغيري ربما لا، ولذلك فكّرت في مجال أبعد بقليل من الغناء ألا وهو الموسيقى. فأنا ولدت أحب الموسيقى التي تضفي حالات إيجابية على صاحبها، ولذلك قررت دخول العالم الأكاديمي حيث أستطيع أن أعمل في مساحة أكبر من الحرية».
والمعروف أن الفنان مروان خوري قد أعلن مؤخرا عن مشاركته في مشروع أكاديمي، يفتح الأبواب أمام المواهب الفنية من مختلف الأعمار لتعلم أصول الموسيقى والغناء.
وختم الفنان اللبناني برأيه حول الساحة الفنية اليوم فقال «وضعها صعب جدا، والتهافت على النجاح أصبح أكبر. فالفرص صارت قليلة، والصراعات غير الشريفة زادت. ودعيني أقلها بالفم الملآن (ما حدا طايق حدا)، رغم أن الطبيعة كريمة، وهي تعطي كل منا ما يستحقّه، فهناك مساحة للجميع ولا أحد يمكنه أن يسرق رزق الآخر».



ميشال رميح: أغنية «عم يوجعني بلدي» ترجمت فيها أحاسيسي الحقيقية

يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
TT

ميشال رميح: أغنية «عم يوجعني بلدي» ترجمت فيها أحاسيسي الحقيقية

يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)

قبل أسابيع قليلة، شارك المغني ميشال رميح في المهرجان الفني اللبناني في ولاية أريزونا في أميركا. تردد رميح قبل الموافقة على هذه المشاركة. وجد نفسه محرجاً في الغناء على مسرح عالمي فيما لبنان كان يتألّم، ولكنه حزم أمره وقرر المضي بالأمر كونه سيمثّل وجه لبنان المضيء. كما أن جزءاً من ريع الحفل يعود إلى مساعدة النازحين. ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «كانت الحفلة الأولى لي التي أقيمها خلال هذه الحرب. وترددي جاء على خلفية مشاعري بالحزن على وطني».

خلال الحرب أصدر ميشال رميح أغنيته الوطنية «عم يوجعني بلدي». وقدّمها بصورة بسيطة مع عزف على البيانو، فلامست قلوب سامعيها بدفء كلماتها ولحنها النابع من حبّ الوطن. فهو كما ذكر لـ«الشرق الأوسط» كتبها ولحنها وسجّلها وصوّرها في ظرف يوم واحد. ويروي قصة ولادتها: «كنا نتناول طعام الغداء مع عائلتي وأهلي، ولم أتنبه لانفصالي التام عن الواقع. شردت في ألم لبنان ومعاناة شعبه. كنت أشعر بالتعب من الحرب كما كثيرين غيري في بلادي. والأسوأ هو أننا نتفرّج ولا قدرة لنا على فعل شيء».

ألّف رميح أغنيته "عم يوجعني بلدي" ولحّنها بلحظات قليلة (ميشال رميح)

وجعه هذا حضّه على الإمساك بقلمه، فكتب أحاسيسه في تلك اللحظة. «كل ما كتبته كان حقيقياً، وينبع من صميم قلبي. عشت هذا الوجع بحذافيره فخرجت الكلمات تحمل الحزن والأمل معاً».

يقول إنه لا يحب التخلّي عن مشاعر التفاؤل، ولذلك آثر تمرير ومضات رجاء تلونها. وجعه الحقيقي الذي كان يعيشه لم يمنعه من التحلي بالصبر والأمل. ويوضح لـ«الشرق الأوسط»: «في النهاية سنقوم من جديد؛ كوننا شعباً صلباً لا تشّلنا الأزمات. والفنان صاحب الأحاسيس المرهفة لا يمكنه أن يفرّق بين وجهة سياسية وأخرى، ولا بين طائفة وأخرى ينتمي إليها هذا الشخص أو ذاك. فما أعرفه جيداً هو أننا جميعنا لبنانيون، ولذلك علينا التوحّد ومساعدة بعضنا البعض. رؤية أبناء بلدي يهجرون منازلهم وقراهم المدمّرة، لامستني عن قرب، فولدت أغنيتي (عم يوجعني بلدي)؛ لأني بالفعل عشت ألماً حقيقياً مع نفسي».

حفرت في ذاكرة ميشال رميح مشاهد عدة مؤثّرة عن لبنان المهجّر والمدمّر، كما يقول. «لن أنسى ذلك المسنّ الذي بكى خسارته لزوجته وبيته معاً. اليوم لا يجد مكاناً يؤويه، كما يفتقد شريكة حياته. وكذلك تعاطفت مع الأطفال والأولاد الذين لا ذنب لهم بحروب الكبار. فهؤلاء جميعاً أعتبرهم أهلي وإخوتي وأبنائي. كان لا بد أن تخرج مني كلمات أغنية، أصف فيها حالتي الحقيقية».

ميشال ابن زحلة، يقيم اليوم في أميركا. يقول: «هاجرت إلى هناك منذ زمن طويل. وفي كل مرة أعود بها إلى لبنان أشعر بعدم قدرتي على مغادرته. ولكن بسبب أطفالي اضطررت للسفر. وعندما أغادر مطار بيروت تمتلكني مشاعر الأسى والحزن. لم أرغب في ترك بلدي وهو يمرّ في محنة صعبة جداً. ولكن الظروف مرات تدفعنا للقيام بعكس رغباتنا، وهو ما حصل معي أخيراً».

يقول بأنه لا يحب التخلّي عن مشاعر التفاؤل (ميشال رميح)

صوّر ميشال أغنيته، وسجلها في الاستوديو، في الوقت نفسه. لم يرغب في أن تكون مصطنعة بمشهديتها بل أن تمثّل واقعاً يعيشه. «الأغنية ليست تجارية، كتبت كلماتها على قصاصة ورق صغيرة. وأنا أتوجّه إلى استوديو التسجيل قمت بتلحينها».

سبق وتعاون رميح في عدة أغنيات مع مجموعة شعراء وملحنين، ومن بينهم هيثم زيات وسليم عساف. ولكن في أغنية «عم يوجعني بلدي» ترك العنان لأحاسيسه، فلحّن وكتب وغنّى من هذا المنطلق. صديقه ريكاردو عازار تسلّم مهمة عزف اللحن على آلة البيانو. «لم أشأ أن ترافقها آلات وإيقاعات كثيرة لأنها أغنية دافئة ووطنية».

يعدّ رميح الأغنية الوطنية وجهة يجب أن يتحوّل إليها كل فنان تتملّكه أحاسيس حقيقية تجاه وطنه. ويستطرد: «هكذا أنا مغنٍ أستطيع أن أقاوم عندما بلدي يشهد مرحلة صعبة. لا أستطيع أن ألتزم الصمت تجاه ما يجري من اعتداءات على أرضه. ولأن كلمات الأغنية تنبع من رحم الواقع والمشاعر، لاقت انتشاراً كبيراً».

حتى أثناء مرور لبنان بأزمات سابقة لم يوفّر ميشال رميح الفرصة ليغني له. «أثناء ثورة أكتوبر (تشرين الأول) وانفجار المرفأ غنيّت لبنان بأسلوبي وعلى طريقتي. وتركت مساحة مضيئة بأمل في الغد تبرز في أعمالي. غنيت (شعب لبنان) يومها من ألحان هيثم زيات».

تركت مساحة مضيئة بأمل في الغد تبرز في أعمالي (ميشال رميح)

ينقل ميشال رميح حقيقة أحاسيس كل لبناني اضطر إلى هجرة وطنه. «قد يعتقد البعض أن من يعيش خارج لبنان وهو في أزمة، يتمتع بالراحة. هذا أمر خاطئ تماماً. فقد عصرني الألم وأنا أغادر وطني، وكلما حلّقت الطائرة وصغرت صورة لبنان من الأعلى، شعرت بحزن أكبر. جميع أبناء لبنان ممن أعرفهم هنا في أميركا يحزّ في قلبهم ابتعادهم عن وطنهم المجروح. ولكنهم جميعهم يأملون مثلي بالعودة القريبة إليه. وهو ما يزيد من صبرهم، لا سيما وأن أعمالهم وعائلاتهم تعيش في أميركا».

أغانٍ وطنية عديدة لفتت ميشال رميح أخيراً: «أرفع القبعة لكل فنان يغني لبنان المتألم. استمعت إلى أغانٍ عدة بينها لجوزف عطية (صلّوا لبيروت)، ولماجد موصللي (بيروت ست الدنيا)، وأخرى لهشام الحاج بعنوان (بيروت ما بتموت)، وكذلك واحدة أداها الوليد الحلاني (بعين السما محروس يا لبنان)». ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «أعتبر هذه الأغاني بمثابة غذاء الروح لوطني لبنان. لا شك أن ما أعنيه يأتي مجازياً؛ لأن لا شيء يعوّض خسارات بلدي. ولكن من ناحيتي أجد صوتي وأغنيتي هما سلاحي الذي أدافع فيه عن بلدي».

عندما غادر رميح لبنان منذ نحو الشهر كان في زيارته الثانية له بعد غياب. فحب الوطن زرعه في قلبه، ونما بداخله لا شعورياً. «لن أستسلم أبداً، وسأثابر على زيارة لبنان باستمرار، على أمل الإقامة فيه نهائياً وقريباً. فوالداي علّماني حب الوطن، وكانا دائماً يرويان لي أجمل الذكريات عنه. وأتمنى أن أشهد مثل هذه الذكريات كي أرويها بدوري لأولادي».