رئيس الأركان الأميركي يناقض إدارة بايدن حول أفغانستان

قائد «القيادة الوسطى»: لم يكن لدينا خيار سوى إغلاق قاعدة «باغرام»

وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن (يمين) ورئيس هيئة الأركان المشتركة مارك ميلي أمام لجنة القوات المسلحة في الكونغرس (أ.ب)
وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن (يمين) ورئيس هيئة الأركان المشتركة مارك ميلي أمام لجنة القوات المسلحة في الكونغرس (أ.ب)
TT

رئيس الأركان الأميركي يناقض إدارة بايدن حول أفغانستان

وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن (يمين) ورئيس هيئة الأركان المشتركة مارك ميلي أمام لجنة القوات المسلحة في الكونغرس (أ.ب)
وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن (يمين) ورئيس هيئة الأركان المشتركة مارك ميلي أمام لجنة القوات المسلحة في الكونغرس (أ.ب)

بعد جلسة مدوية في مجلس الشيوخ، أقر فيها القادة العسكريون لأول مرة علناً بأن الإدارة الأميركية لم تستمع إلى توصياتهم بشأن الانسحاب من أفغانستان، انتقل الثلاثي العسكري إلى مجلس النواب، للإدلاء بإفادتهم أمام لجنة القوات المسلحة هناك. ولم تكن الجلسة الثانية أقل سخونة من الأولى؛ على العكس، فقد استقبل النواب من الحزبين كلاً من: وزير الدفاع لويد أوستن، ورئيس هيئة الأركان المشتركة مارك ميلي، وقائد القيادة الوسطى كينيث ماكينزي، وفي جعبتهم تساؤلات أكثر ولدتها جلسة اليوم الأول. فتصريح كل من ميلي وماكينزي بأنهما أبلغا إدارتي الرئيس السابق دونالد ترمب والحالي جو بايدن بتوصيات مختلفة عن تلك المعتمدة خلال الانسحاب نصحا فيها بالإبقاء على 2500 عنصر أميركي في أفغانستان وعدم سحب القوات كلها، أعطى المشرعين ما يكفي من ذخيرة للانقضاض على استراتيجية الانسحاب. فهاجم الجمهوريون بشراسة إدارة بايدن واتهموها بالكذب عندما نفت في السابق وجود توصيات من هذا النوع. وقد كرر الجنرالان هذه التصريحات ولم يتراجعا عنها، حتى بعد إصدار المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي تغريدة توضيحية قالت فيها: «كما قال الرئيس لشبكة (إي بي سي)؛ إنهاء الحرب في أفغانستان كان لمصلحتنا الوطنية. وقال إن التوصيات المقدمة له كانت منقسمة، مع إجماع المستشارين العسكريين على أن الإبقاء على 2500 جندي يعني التصعيد بسبب الاتفاق الذي توصلت إليه الإدارة السابقة. وهذا ما أكد عليه وزير الدفاع ورئيس الأركان والجنرال ماكينزي».
تصريح شائك ويحمل في طياته غموضاً مقصوداً؛ إذ يهدف بشكل أساسي إلى إلقاء اللوم على إدارة ترمب بسبب اتفاق الدوحة مع حركة «طالبان». وهو أمر ذكره «التريو العسكري» مراراً وتكراراً عبر الحديث عن التأثير السلبي الذي أحدثه الاتفاق المذكور على معنويات القوات الأفغانية، مع الإشارة إلى أن حركة «طالبان» لم تلتزم ببنود الاتفاق، سوى في الجزء المتعلق بعدم مهاجمة القوات الأميركية حتى موعد انسحابها.
وذهب ميلي إلى أبعد من ذلك؛ فأكد أن حركة «طالبان» كانت ولا تزال منظمة إرهابية، مشيراً إلى أنها لم تقطع علاقتها مع تنظيم «القاعدة»، مضيفاً: «ليست لدي أي أوهام بشأن العناصر التي نتعامل معها هنا. ويبقى أن نرى ما إذا كانت (طالبان) ستتمكن من توحيد القوى أم إن البلاد ستنجر إلى حرب أهلية». وعارض ميلي تأكيدات الإدارة الأميركية بأن علاقة الولايات المتحدة بحلفائها لم تتأثر جراء الانسحاب، فقال إن هذه العلاقة تأثرت، مشيراً إلى أنه «مما لا شك فيه أن القرار دفع بحلفاء الولايات المتحدة إلى مراجعة علاقاتهم معها». وقال ميلي: «أعتقد أن مصداقيتنا مع الحلفاء وشركائنا حول العالم، إضافة إلى خصومنا، تجري مراجعتها من قبلهم بشكل مكثف لتحديد المسارات المقبلة. وأعتقد أن الضرر في العلاقات هو توصيف يمكن استعماله». وقال ميلي إن هناك احتمالاً كبيراً بتنامي تنظيمي «القاعدة» و«داعش» في أفغانستان بهدف مهاجمة الولايات المتحدة، مشيراً إلى أن «مهمة الولايات المتحدة بحماية الأميركيين من اعتداءات إرهابية من أفغانستان أصبحت أكثر صعوبة بعد الانسحاب؛ لكنها ليست مستحيلة». ووصف ميلي عملية الإجلاء التي أصر المشرعون على وصفها بالكارثية بـ«النجاح اللوجيستي» لكنه أشار إلى أن الحرب كانت «فشلاً استراتيجياً».
من ناحيته؛ كرر وزير الدفاع الأميركي دفاعه عن قرار بإغلاق قاعدة «باغرام» الجوية، فقال إن الإبقاء على القاعدة كان يتطلب نحو 5000 عنصر أميركي لإبقائها مفتوحة والدفاع عنها، وإنها «ما كانت لتغير من مهمة القوات الأميركية وهي حماية السفارة على بعد 30 ميلاً والدفاع عنها». وأضاف: «البقاء في (باغرام) حتى لأهداف متعلقة بمكافحة الإرهاب كان يعني استمرار الحرب في أفغانستان، والرئيس كان واضحاً بأنه لا يريد ذلك». وأكد قائد القيادة الوسطى كينيث ماكينزي أن الولايات المتحدة لم يكن لديها خيار سوى إغلاق قاعدة «باغرام»، مشيراً إلى أن الخطوة كانت ضرورية لتأمين الحماية الضرورية للسفارة الأميركية في كابل والمطار هناك. كما تطرق ماكينزي إلى الغارة الأميركية التي أودت بحياة مدنيين في أفغانستان، فوصفها بـ«الخطأ»، مشيراً إلى أنه يتحمل المسؤولية كاملة في هذا الإطار.
وفي سياق الجلسة نفسها، دافع ميلي عن أدائه في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب بعد صدور مقتطفات من كتاب «الخطر» لبوب وودوورد ذكرت اتصالات أجراها مع نظيره الصيني لطمأنته بعدم وجود أي خطة أميركية لمهاجمة الصين. فقال ميلي إن القادة المدنيين في البنتاغون علموا بتواصله مع نظيره الصيني؛ بمن فيهم وزير الدفاع حينها مارك اسبر، وأشار إلى أنه كان متأكداً من أن ترمب لم ينو ضرب الصين، وهذا ما حرص على نقله للطرف الصيني بهدف احتواء أي أزمة معها.
وتطرق ميلي إلى حديثه مع رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي بعد حادثة اقتحام «الكابيتول»، حين أعربت بيلوسي له حينها عن قلقها من صحة ترمب العقلية، فأشار ميلي إلى أن رده عليها كان أنه بصفته رئيساً لهيئة الأركان، فهو غير مؤهل لتقييم صحة الرئيس.



إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.