مصر تطالب بدور دولي مؤثر في قضية السد الإثيوبي

السيسي أبلغ واشنطن رفض بلاده المساس بمصالحها المائية

TT

مصر تطالب بدور دولي مؤثر في قضية السد الإثيوبي

طالب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي واشنطن والمجتمع الدولي بلعب «دور مؤثر» في حل قضية «سد النهضة» الإثيوبي، مشدداً على أن بلاده «لن تقبل الإضرار بمصالحها المائية أو المساس بها». واستقبل السيسي في القاهرة، أمس، وفدا أميركيا برئاسة جيك سوليفان مستشار الأمن القومي الأميركي، وعضوية بريت ماكجورك، منسق الشرق الأوسط بمجلس الأمن القومي الأميركي، وأريانا برينجورت، كبيرة مستشاري مستشار الأمن القومي الأميركي، وجوشوا هاريس، رئيس إدارة شمال أفريقيا بمجلس الأمن القومي الأميركي، ونيكول شامبين، نائبة سفير الولايات المتحدة بالقاهرة.
ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، ناقش اللقاء قضايا الشرق الأوسط ومستجدات قضية «سد النهضة»، في ضوء صدور البيان الرئاسي الأخير لمجلس الأمن الدولي وما تضمنه من «ضرورة امتثال الأطراف للتوصل لاتفاق ملء وتشغيل ملزم قانوناً خلال فترة وجيزة على نحو يحقق المصالح المشتركة لجميع الأطراف». وأشار السيسي إلى «الالتزام الذي أبدته مصر تجاه مسار المفاوضات»، مطالبا المجتمع الدولي بـ«دور مؤثر لحل تلك القضية البالغة الأهمية... حيث إن مصر لن تقبل الإضرار بمصالحها المائية أو المساس بها». ونقل البيان المصري، عن سوليفان تأكيده «التزام الإدارة الأميركية ببذل الجهود من أجل ضمان الأمن المائي المصري، على نحو يحفظ الحقوق المائية والتنموية لجميع الأطراف».
وتتفاوض مصر والسودان مع إثيوبيا، منذ 10 سنوات، للوصول إلى اتفاق بشأن ملء وتشغيل السد المقام على الرافد الرئيسي لنهر النيل، لكن المفاوضات لم تسفر عن أي نتائج. ومنتصف الشهر الحالي، دعا مجلس الأمن الدولي الدول الثلاث، إلى استئناف المفاوضات برعاية الاتحاد الأفريقي، مشدداً في «بيان رئاسي» على ضرورة التوصل إلى اتفاق «مقبول من الجميع ومُلزم، وضمن جدول زمني معقول».
وتتمسك مصر ومعها السودان، بإبرام اتفاق قانوني مُلزم ينظم عمليتي ملء وتشغيل السد، فيما ترفض إثيوبيا إلزامها بما تعتبره حقها في «التنمية».
وتعتمد مصر في تلبية أكثر من 90 في المائة من احتياجاتها المائية، على حصتها من مياه النيل. وخلال اجتماع دوري للجنة الدائمة لتنظيم إيراد نهر النيل، برئاسة محمد عبد العاطي وزير الموارد المائية المصري، أمس، استعرض الوزير الإجراءات المتبعة لمواجهة الأمطار الغزيرة والسيول، موجهاً بضرورة المرور والمتابعة المستمرة لمنشآت الحماية من أخطار السيول القائمة.
وقال عبد العاطي إن أجهزة الوزارة تقوم بالمتابعة اللحظية لمعدلات سقوط الأمطار بمنابع النيل، والحالة الهيدرولوجية للنهر، وتحديد كميات المياه الواصلة لبحيرة السد العالي، حيث تبين أن معدلات سقوط الأمطار أعلي من المتوسط حتى الآن على منابع النيل.
ووجه الوزير بمواصلة رصد جميع أشكال التعديات على نهر النيل والترع والمصارف، والتصدي الفوري والحاسم لمثل هذه التعديات وإزالتها في مهدها بالتنسيق مع أجهزة الدولة المختلفة.
وكان الرئيس السيسي كلف وزارة الري والموارد المائية، والداخلية، والقوات المسلحة، بإزالة جميع التعديات خلال 6 أشهر، وتقديم تقرير شهري بما تم إنجازه.
وتفعيلا لذلك، قرر المستشار عزت أبو زيد رئيس هيئة النيابة الإدارية، الإسراع بإنجاز التحقيقات في القضايا المتعلقة بمخالفات البناء والتعدي على أراضي الدولة والأراضي الزراعية ومنشآت الري، وإحالة جميع من تثبت التحقيقات مسؤولياتهم إلى المحاكمة التأديبية العاجلة.



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».