تركيا تواجه ضغوطاً أميركية بسبب «إس 400»

مشروع قانون لتصنيف «الذئاب الرمادية» تنظيماً إرهابياً يغضب حليف إردوغان

TT

تركيا تواجه ضغوطاً أميركية بسبب «إس 400»

تواجه تركيا مزيداً من الضغوط الأميركية بسبب إصرارها على اقتناء منظومة الدفاع الجوي الروسية «إس 400» وإعلان رئيسها رجب طيب إردوغان عن عزمه على طلب دفعة جديدة منها.
وقال جيف فليك المرشح لمنصب السفير الأميركي في أنقرة، خلال جلسة التأكيد في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ ليل الثلاثاء - الأربعاء، إن تركيا تخاطر بفرض عقوبات جديدة عليها إذا قررت شراء دفعة جديدة من المنظومة الروسية.
ورشح الرئيس الأميركي جو بايدن السيناتور السابق جيف فليك، ليحل محل السفير الحالي ديفيد ساترفيلد.
وقال فليك، عند سؤاله من قبل رئيس اللجنة السيناتور بوب مينينديز عن أفكاره بشأن تطبيق قانون مكافحة خصوم أميركا من خلال العقوبات (كاتسا) ضد تركيا، إن العقوبات الحالية ضد تركيا لا ينبغي رفعها ما لم يتم التخلص من المنظومة الروسية، وإن شراء تركيا دفعة جديدة يستدعي فرض عقوبات جديدة بموجب قانون «كاتسا». ولفت فليك إلى أن هذه العقوبات كان لها تأثير خطير على الاقتصاد التركي، لأن قطاع الدفاع يشغل مساحة كبيرة في الاقتصاد، ويضر بتركيا.
وبدوره، قال مينينديز إنه يرى أنه «لا أسلحة ستذهب إلى تركيا» طالما بقيت قضية «إس 400» بلا حل.
وفرضت إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب، في ديسمبر (كانون الأول) 2020، عقوبات بموجب قانون كاتسا بعد ضغوط من الكونغرس، شملت مسؤولي مستشاريه الصناعات الدفاعية، فضلاً عن منع إقراض تركيا القروض العسكرية بأكثر من 10 ملايين دولار.
وقال فليك، أمام اللجنة، إنه منزعج من تراجع الديمقراطية والمسار السلبي فيما يتعلق بحرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات والتجمع السلمي في تركيا. وأشار إلى أنه يعتزم الاعتراف بالإبادة الجماعية للأرمن في 1915 والمشاركة في إحياء ذكرى الاعتراف بالأحداث المأساوية في 24 أبريل (نيسان)، وهذه أول مرة يعلن فيها أي سفير أميركي يذهب إلى تركيا مسبقاً عن مثل هذه الخطوة. ولم يصوت فليك، كعضو سابق في الكونغرس الأميركي، لصالح مثل هذا الاعتراف. واعترف الرئيس جو بايدن، في أبريل 2020، بأن القتل الجماعي للأرمن في ظل الإمبراطورية العثمانية يعتبر إبادة جماعية، بعد اعتراف الكونغرس الأميركي بها عام 2019.
في سياق آخر، ندد رئيس حزب الحركة القومية، الحليف لحزب العدالة والتنمية الحاكم ضمن «تحالف الشعب»، بمشروع قانون أميركي يدعو إلى فرض حظر على حركة «الذئاب الرمادية» المرتبطة بحزبه.
واقترحت النائبة الأميركية الديمقراطية دينا تيتوس، في وقت سابق من سبتمبر (أيلول) الجاري، تعديلاً على تصريح الدفاع الوطني للسنة المالية 2022 لحظر الذئاب الرمادية، بينما طلبت من وزير الخارجية أنتوني بلينكن إبلاغ الكونغرس في غضون 180 يوماً بأنشطة المجموعة بما في ذلك مراجعة المعايير المستوفاة لتصنيفها منظمة إرهابية أجنبية. وأعطت لجنة القواعد في مجلس النواب الأميركي الضوء الأخضر للاقتراح الأسبوع الماضي، ما يمهد الطريق لمناقشة مشروع القانون في قاعة مجلس النواب.
وتعرف حركة «الذئاب الرمادية» بارتباطها الوثيق بحزب الحركة القومية. وكانت تأسست في نهاية الستينيات من القرن الماضي على يد الضابط في الجيش التركي ألب أرسلان توركش الذي لعب دوراً كبيراً في انقلاب 1960، وتعتبر الذراع المسلحة غير الرسمية لحزب الحركة القومية، ويطلق عليها أيضاً اسم «حركة الشباب المثالي» و«فرق الموت».
وتجمع الشباب ممن يؤمنون بنظرية «تفوق العرق التركي»، ويطمحون إلى توحيد المنتمين إلى القومية التركية حول العالم. ويميز أعضاؤها بإشارة مميزة باليد، ترفع خلالها السبابة والخنصر بينما تضم باقي الأصابع إلى بعضها مشكلة ما يشبه رأس ذئب.
وللحركة انتشار كبير في أوروبا، ويقدر عدد أعضائها في ألمانيا بـ18 ألفاً، ما يجعلها أكبر تنظيم سري في البلاد، وتؤكد تقارير أن أفكارها تحظى بقبول كبير داخل الجيش التركي، وسبق أن أظهرت بعض الصور للرئيس التركي رجب طيب إردوغان وهو يرفع إشارتها.
وتم حظر الذئاب الرمادية في النمسا منذ عام 2019، بينما دعت الأحزاب اليسارية إلى حظر المجموعة في ألمانيا في عام 2018، وجددت المعارضة الألمانية العام الماضي، دعوتها لحظرها.
وأصدرت فرنسا في مايو (أيار) 2020 قراراً بحظرها، ما اعتبرته أنقرة عملاً استفزازياً واصفة وجود الجمعية بـ«الخيالي» ومتوعدة بالرد على القرار. وبدورها حذرت فرنسا من عقوبات على تركيا بسبب الهجوم الحاد من الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ومسؤولي حكومته عليها.
وفقاً للتعديل الأميركي النهائي، سيدرس تقرير وزارة الخارجية الأميركية «أنشطة منظمة الذئاب الرمادية التي تم تنفيذها ضد مصالح الولايات المتحدة وحلفائها وشركائها الدوليين، بما في ذلك مراجعة المعايير التي تم الوفاء بها لتصنيفها كتنظيم إرهابي أجنبي. ورأى مراقبون أن هذا التحرك يمثل محاولة غير مباشرة للضغط على الرئيس رجب طيب إردوغان، عبر استهداف حليفه الذي مكنه من السيطرة على البلاد عبر جذب الناخبين القوميين.



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.