«لقد أصبحنا نستورد حتى القمح والشعير والعدس واللحوم وكل شيء من الخارج رغم أن تركيا بلد كبير ومعظم أراضيه زراعية»، بتلك الكلمات وجه زعيم المعارضة التركية كمال كليتشدار أوغلو أحدث سهام الانتقادات لسياسات الحكومة والحزب والحاكم، متهماً إياهما بالمسؤولية عن تردي الأوضاع الاقتصادية في تركيا نتيجة «السياسات الخاطئة» التي ينتهجها، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية.
واتهم أوغلو، رئيس حزب «الشعب الجمهوري»، الطامح للوصول إلى سدة الحكم، حكومة الرئيس رجب طيب إردوغان بتدمير سياسات تركيا الخارجية بسبب «الخلافات غير العقلانية». وأضاف، على موقع «تويتر»، عقب مشاركته في اجتماع لقادة الرأي وممثلي المنظمات غير الحكومية: «لقد دمرت المعارك اللاعقلانية للقصر سياستنا الخارجية الوطنية والسلمية وكل شيء آخر. سياسات حكومة العدالة والتنمية جلبت مشكلة فقر ومشكلة لاجئين بينما واصلوا تجارتهم وازدهروا».
وتأتي هذه الانتقادات بعدما تراجع سعر صرف الليرة التركية أمام الدولار إلى أدنى مستوى على الإطلاق خلال الأيام القليلة الماضية وما ترتب على ذلك من تداعيات سلبية ألقت بظلالها على الاقتصاد بشكل عام، وذلك في ظل توتر في العلاقات التركية الأميركية وبعد أن قرر البنك المركزي التركي بشكل مفاجئ خفض أسعار الفائدة.
ورأت وكالة «بلومبرغ» للأنباء أن هذا القرار يعد مؤشراً على أن صانعي القرار في المركزي التركي أذعنوا لضغوط إردوغان لخفض تكاليف الاقتراض، معتبرة أن هذه الخطوة تهدد أيضاً بتقويض ثقة المستثمرين.
وكان 23 اقتصادياً شملهم استطلاع لـ«بلومبرغ» توقعوا جميعاً باستثناء واحد أن يبقي المركزي التركي على معدل أسعار الفائدة الأساسية نظراً لارتفاع أسعار المستهلكين بشكل غير متوقع.
ولم يكن تدخل إردوغان لخفض سعر الفائدة وحده هو سبب تراجع قيمة العملة المحلية، وإنما تصريحاته أيضاً عن عدم بدء مرحلة جيدة مع نظيره الأميركي جو بايدن وسط توقعات بدخول العلاقات التركية الأميركية نفقاً مظلماً، حسبما يرى مراقبون.
فالرئيس التركي عاد من نيويورك بعد مشاركته في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة دون أن يلتقي بايدن، وأطلق تصريحات قبل عودته وبعدها وعبر الإعلام الأميركي، اتهم خلالها واشنطن بدعم جماعات «إرهابية» في سوريا بالسلاح، في إشارة للأكراد.
وتترقب الأوساط التركية فرض عقوبات أميركية على أنقرة على خلفية سعي إردوغان للحصول على دفعة ثانية من منظومة إس 400 - الصاروخية من روسيا، بعدما قال إن واشنطن رفضت تسليم بلاده مقاتلات إف 35 التي دفعت أنقرة ثمنها البالغ ملياراً و400 مليون دولار.
وتتوقع مصادر تركية أن تستمر المواقف الأميركية لحين إجراء الانتخابات المقررة في تركيا في يونيو (حزيران) 2023، ومن ثم يتواصل الجمود في بعض الملفات، ولا يتم التفاوض بشكل مباشر رغم التعاون في الملف الأفغاني، حيث تتم اللقاءات بشكل غير مباشر.
وفي ظل ضغوط داخلية يفرضها واقع اقتصادي صعب وملفات خارجية شائكة، يكاد لا يمر يوم في تركيا دون الحديث عن سيناريو الانتخابات البرلمانية والرئاسية المبكرة، حيث تدفع المعارضة إلى تبكيرها لتجري بحلول نهاية العام المقبل، بحسب تصريحات لزعيمة «حزب الخير» ميرال أكشينار، وكليتشدار أوغلو.
إلا أن القرار الحاسم في هذه المسألة يرجع للتحالف الحاكم، صاحب الأغلبية في البرلمان، حيث تحتاج المعارضة إلى 400 صوت من أصل 600 بحسب الدستور للدفع بانتخابات مبكرة، أو عبر الدعوة إليها من رئيس الدولة.
وبغض النظر عن إجرائها في موعدها أو التعجيل بها، تشير أحدث استطلاعات للرأي إلى أن حزب «العدالة والتنمية» وإردوغان يواجهان تحديات كبرى في هذه الانتخابات في ظل انخفاض شعبيته، والانشقاقات التي ضربت الحزب مؤخراً.
وتحاول المعارضة استغلال تراجع شعبية إردوغان والزخم الذي أفرزته الانتخابات المحلية التي أجريت عام 2019، وقادت المعارضة للفوز في أنقرة وإسطنبول وكبريات المدن التركية، على حساب حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، للمرة الأولى منذ توليه حكم البلاد عام 2002.
كما تحاول المعارضة التركية الاستفادة من إحصاءات الاقتصاد المتراجعة، بسبب جائحة «كورونا» وبسبب تراجع صرف العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، وغلاء الأسعار وارتفاع البطالة، فضلاً عن أجواء توحد بين أطياف المعارضة مختلفة التوجهات.
المعارضة التركية تحمّل إردوغان مسؤولية تداعي الاقتصاد
المعارضة التركية تحمّل إردوغان مسؤولية تداعي الاقتصاد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة