ميقاتي لا يمانع زيارة سوريا شرط عدم تعريض لبنان لعقوبات

جانب من اجتماع الرئيسين ميقاتي وبري أمس (الوطنية)
جانب من اجتماع الرئيسين ميقاتي وبري أمس (الوطنية)
TT

ميقاتي لا يمانع زيارة سوريا شرط عدم تعريض لبنان لعقوبات

جانب من اجتماع الرئيسين ميقاتي وبري أمس (الوطنية)
جانب من اجتماع الرئيسين ميقاتي وبري أمس (الوطنية)

أكد رئيس الحكومة اللبنانية، نجيب ميقاتي، أنه لا يمانع زيارة سوريا والتعاون معها، إذا لم يترتب على الزيارة عقوبات على لبنان، مشدداً على أنه لا يسمح بتعريض لبنان لأي مخاطر، ولا تعريض لبنان لأي عقوبات جراء أي علاقة مع أي كان.
ووضع ميقاتي، أمس، رئيس مجلس النواب، نبيه بري، في أجواء زيارته إلى العاصمة الفرنسية، ولقائه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وبحث معه، خلال زيارته إلى مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، في شؤون تشريعية.
وقال ميقاتي بعد اللقاء إنه تطرق مع بري إلى موضوع الجلسات التشريعية المقبلة، ومشاريع القوانين التي سترسلها الحكومة، إضافة إلى اقتراحات القوانين الموجودة في المجلس، وهي من ضمن الإصلاحات المطلوبة، وأهمها «الكابيتال كونترول»، والمهل المرتبطة بقانون الانتخاب التي يجب على مجلس النواب النظر فيها والبت بها لإجراء الانتخابات في الوقت المطلوب قبل شهر رمضان.
وأشار إلى أنه تحدث مع بري في موضوع المراسيم التنظيمية للقوانين الصادرة عن مجلس النواب، لافتاً إلى أن «هناك أكثر من 20 مرسوماً تنظيمياً جاهزة لإرسالها إلى مجلس الوزراء لإقرارها في أسرع وقت ممكن. أما المراسيم التنظيمية الأخرى التي لا تزال في الوزارات المختصة، فسنحض الوزراء على الإسراع في إرسالها».
ونفى ميقاتي أي خلاف مع الرئيس اللبناني ميشال عون في موضوع القرار المتعلق بلجنة التفاوض مع صندوق النقد الدولي، موضحاً أن «طريقة عملي تتحدد دائماً وفق الهدف المرجو، وهدفنا إنجاح المفاوضات وإنقاذ لبنان، بغض النظر عمن سيقوم بهذه المفاوضات»، مضيفاً أنه «في النهاية، أنا رئيس الحكومة، والمسائل ستصب عندي، ولا شيء سيقر إلا بموافقتي، وأنا سأتابع الموضوع».
وإذ أكد أنه «لم نتبلغ رسمياً عن أي أمر مرتبط باستثناء الوقود الإيراني من قانون قيصر»، قال إن «قانون قيصر ليس عقوبات أو حصاراً على لبنان، بل هو يطبق على من يتعامل أو يتعاطى مع سوريا والنظام السوري، وهذا لا ينطبق على لبنان في الوقت الحاضر».
وفي ملف إقرار القوانين الإصلاحية، قال ميقاتي إنه يسعى بكل جهد لإقرار القوانين ومتابعتها مع الرئيس بري ومجلس النواب، مشيراً إلى أنه بحث الموضوع مع بري، وأن «هناك وعداً بالقيام بورشة كاملة لإنهاء كل المشاريع والاقتراحات الموجودة، خاصة القوانين الإصلاحية»، مشيراً إلى قانون الشراء العام الذي أقر منذ فترة، ووافق عليه المجلس الدستوري، وأنه «يبقى علينا تعيين الهيئة الخاصة به»، إضافة إلى «قانون هيئة مكافحة الفساد، واستكمال تعييناتها». وتعهد بالعمل على استكمال كل البنود الإصلاحية.
ونفى ميقاتي الأنباء عن اتجاه لإجراء الانتخابات المحلية المزمع إجراؤها أيضاً إلى جانب الانتخابات النيابية في ربيع عام 2022، وقال: «لا أحد تحدث عن إلغاء الانتخابات البلدية أبداً. حتى الآن، ليست هناك أي إشارة، ونحن في السلطة التنفيذية نتابع المهل والقوانين السارية». وأضاف: «سألت دولة الرئيس عن الانتخابات البلدية لأن هناك رغبة في إجرائها ضمن المهل المحددة، ولا نية حتى الآن لتأجيلها. أما فيما يتعلق بقانون الانتخاب، فنحن سلطة تنفيذية، ومن واجبنا إجراء الانتخابات النيابية في موعدها، ووفق القوانين النافذة؛ لدينا نية صادقة أكيدة لإجراء الانتخابات النيابية، ولا أعتقد أن هناك أي نية لتأجيل هذه الانتخابات».
وعن المقاعد الستة المخصصة للمغتربين، بموجب قانون الانتخاب الحالي، قال ميقاتي: «هناك لجنة في مجلس النواب تقوم بالاجتماعات اللازمة، وعندما سيطرح موضوع المهل للبحث في مجلس النواب حتماً سيطرح من بعض الكتل موضوع النواب الستة، وما إذا كان سيتم الإبقاء على هذا البند أو إلغاؤه؛ نحن في السلطة التنفيذية لا رأي لنا في الموضوع، بل الرأي هو لمجلس النواب الذي يشرع ونحن ننفذ».
وأعلن ميقاتي عن مناقصة شفافة ستدعى إليها الشركات المؤهلة لتنفيذ مشاريع متصلة بقطاع الكهرباء «ومن يقدم أفضل سعر بأفضل شروط ضمن المواصفات الموضوعة سيفوز بالمناقصة».
وعما إذا كان الأمر سيتم على قاعدة الخصخصة، قال: «في الوقت الحاضر، ليس هناك أي بحث في الخصخصة لأن الأوضاع لدينا متعبة، وإذا دخلنا باب الخصخصة فالسعر سيكون هزيلاً، لذلك لن نسمح بالخصخصة إلا بعدما يستعيد الوطن عافيته».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.