عائلات ضحايا انفجار مرفأ بيروت إلى الشارع اليوم للضغط باتجاه استئناف التحقيقات

السلطات تحاول احتواء عاصفة رد القاضي البيطار

وزير العدل مجتمعاً أمس مع وفد من أهالي ضحايا انفجار المرفأ (الوطنية)
وزير العدل مجتمعاً أمس مع وفد من أهالي ضحايا انفجار المرفأ (الوطنية)
TT

عائلات ضحايا انفجار مرفأ بيروت إلى الشارع اليوم للضغط باتجاه استئناف التحقيقات

وزير العدل مجتمعاً أمس مع وفد من أهالي ضحايا انفجار المرفأ (الوطنية)
وزير العدل مجتمعاً أمس مع وفد من أهالي ضحايا انفجار المرفأ (الوطنية)

حاولت السلطات اللبنانية استيعاب الصدمة التي أحدثها تعليق التحقيقات في ملف انفجار مرفأ بيروت، بتأكيد وزير العدل هنري خوري أن «القضاء يقوم بعمله القانوني على أكمل وجه، رغم الضجة الكبيرة والدعايات الكثيرة»، في مقابل تصعيد ميداني تبدأه عائلات الضحايا اليوم، حيث ينفذون تحركات أمام قصر العدل اعتراضا على تجميد التحقيقات.
وكان المحقق العدلي القاضي طارق البيطار قد علق الاثنين تحقيقاته في ملف انفجار المرفأ، وكل الإجراءات المتعلقة بهذا الملف، إثر تبلغه دعوى الرد التي تقدم بها النائب نهاد المشنوق وطالب فيها بتعيين محقق عدلي آخر، إلى أن تبت محكمة الاستئناف في بيروت برئاسة القاضي نسيب إيليا بقبول الدعوى أو رفضها.
وقال رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي مساء الاثنين تعليقاً على تعليق التحقيقات، إن البيطار «صاحب كفاية وصدقية ونزاهة بحسب ما أسمع عنه، علما بأنني لا أعرفه شخصيا». ورأى أن «كف يده اليوم عن ملف انفجار المرفأ هو أمر قضائي لا أتدخل فيه، لكن أتمنى أن يتابع مهمته بتوازن وفق النصوص القانونية لنصل إلى معرفة الحقيقة». وتحرك أهالي الضحايا باتجاه المراجع الرسمية أمس، لاستيضاح ما جرى، والتبعات القانونية لتعليق التحقيقات، والتقوا وزير العدل هنري خوري الذي استمع إلى هواجسهم وأكد تضامنه الكامل معهم في قضيتهم المحقة، كما شدد على أن «القضاء يقوم بعمله القانوني على أكمل وجه، رغم الضجة الكبيرة والدعايات الكثيرة»، مشددا على «ضرورة وقف التهشيم والتشهير بالقضاء، لأن الأمر يضعف وضع الجهتين، أي الأهالي والقضاء».
وإذ أعرب خوري عن ثقته بقضاة لبنان، دعا إلى «ترك القضية لمسارها القانوني، وإلى ملء الثقة بالقضاة المولجين متابعة ملف المرفأ»، وأوضح عدم أحقيته كوزير عدل في «التدخل بعمل القاضي أو الاطلاع على تفاصيل الملف». وأكد أنه «سيواكب الملف للتأكد من سلوكه المسار القانوني»، وتمنى «وقف حملات التشهير والتخوين بالقضاء والقضاة، لأن الأمر سيضعف القضية وسيؤخر الملف، فيما الهدف هو الوصول إلى العدالة والحقيقة ضمن اتباع المسار القضائي القانوني». وأشار المتحدث باسم الوفد إبراهيم حطيط، إلى أن الأهالي طلبوا من وزير العدل «حماية العدل والعدالة في لبنان، وجئنا لكي نرى ما هي إمكانية حماية القانون والعدالة في لبنان خصوصا بعد القضايا التي تحصل، وبطبيعة الحال للوزير شخصيته الخاصة كونه قاضياً وهو يميل إلى التحفظ ونحن نحترم هذا الأمر».
بدوره، قال المحامي بيار الجميل شقيق أحد الضحايا، إن الوزير خوري أكد أنه يريد الحقيقة والعدالة، و«هذا مطلبنا، وأكد لنا أيضا أن التهديد الذي طال القاضي بيطار يتابع وفقا للأصول».
ويتخوف أهالي الضحايا من أن يلقى البيطار مصير سلفه المحقق العدلي السابق القاضي فادي صوان الذي علق التحقيقات في 17 ديسمبر (كانون الأول) الماضي بعد طلب مقدم من الوزيرين السابقين غازي زعيتر وعلي حسن خليل، إلى محكمة التمييز بكف يده عن الملف، للارتياب المشروع وتعيين محقق آخر. وفي 19 فبراير (شباط) الماضي وافق مجلس القضاء الأعلى برئاسة القاضي سهيل عبود، على تعيين رئيس محكمة جنايات بيروت القاضي طارق البيطار محققاً عدلياً في قضية انفجار مرفأ بيروت، خلفا للقاضي فادي صوان.
وتواكب العائلات الملف ميدانياً بدءاً من اليوم الأربعاء، حيث ينظمون «تحركاً اعتراضياً قد ينبثق عنه مجموعة من التحركات لنحمي قضيتنا ومسارها»، بحسب ما قال حطيط الذي أشار إلى أن «كل الخيارات ستكون مفتوحة، وسنضغط وسنقوم بتحركات عدة، ولدينا أمل بأن ترد الرئيسة رندة كفوري الطلب، ونحن لا نطلب منها إلا أن تحكم بالعدل، ونتمنى على الرئيس نسيب إيليا أن يرد هذا الطلب أيضا لنصل ولمرة واحدة في لبنان إلى الحقيقة والعدالة». وكرر أن «دمنا لن يذهب هدرا وهذه المرة ليست ككل مرة». ورأى المحامي الجميل بدوره «إننا جميعا ضحية هذه الطبقة الفاسدة التي لا تدع القضاء يعمل»، وقال إن عائلات الضحايا ستنطلق اليوم «إلى الخطة التي ستغير وجه لبنان»، وأشار إلى أن «كل أهل الضحايا يد واحدة ويشاركون في كل التحركات ويريدون معرفة الحقيقة». ويطالب أهالي الضحايا بعدم كف يد القاضي البيطار والسماح له باستئناف عمله. وقال ويليام نون، شقيق أحد الضحايا: «إننا نريد أن يستمر التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، وعلى الشعب اللبناني أن يعبر عن المصيبة التي ستحصل إن تم تكليف قاض آخر، كما يجب بدء ثورة جديدة من أجل 4 أغسطس (آب) لأنه يتم التعتيم على الحقيقة». كما أكد في حديث تلفزيوني «ملتزمون بالتحقيق المحلي». وكان النائب المشنوق قد تقدم يوم الجمعة الماضي بطلب أمام محكمة الاستئناف في بيروت لرد القاضي البيطار، وتعيين محقق عدلي آخر بدلا عنه. وأثار رد الطلب جملة اعتراضات من شخصيات قانونية وقضاة سابقين، فضلاً عن سياسيين. وأعرب مدعي عام التمييز السابق حاتم ماضي عن تضامنه مع البيطار وأهالي الضحايا، مؤكداً أنه «لا يوجد توجه موحد للعمل القضائي فهناك قضاءات وليس يوجد قضاء واحد»، مضيفاً في حديث إذاعي أنه «لا بد من إعادة النظر بكف يد القاضي البيطار». واستنكر رئيس مجلس الشورى السابق القاضي شكري صادر تعليق التحقيقات، وقال في حديث إذاعي إن «الانهيار أصبح يطال انهيار المؤسسات والسلطات وإطلاق النار على السلطة القضائية يأتي من السلطتين التشريعية والتنفيذية». وأعرب عن أسفه من أنه لم يسمع صوتاً لأي سياسي سواء كان رئيس الجمهورية أو غيره يدافع عن البيطار أو يعرب عن تضامنه معه. واعتبر صادر أن طلب كف يد القاضي البيطار «ليس إلا بداية لتقديم طلبات رد متتالية لتمرير الوقت وصولاً إلى انعقاد دورة المجلس النيابي وتفعيل الحصانات من جديد».
من جهته، قال وزير العدل السابق الدكتور شارل رزق في تغريدة في «تويتر» إنه «بعد ما جرى مع القاضي البيطار سقطت الحاجة لتنظيم الانتخابات، فالنتيجة معروفة سلفاً».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.