رسالة مجهولة تحذر من «مؤامرة» على مسار الانتخابات الليبية

الدبيبة يتوسط عدداً من فناني شرق ليبيا رفقة وزير الثقافة (المكتب الإعلامي للحكومة)
الدبيبة يتوسط عدداً من فناني شرق ليبيا رفقة وزير الثقافة (المكتب الإعلامي للحكومة)
TT

رسالة مجهولة تحذر من «مؤامرة» على مسار الانتخابات الليبية

الدبيبة يتوسط عدداً من فناني شرق ليبيا رفقة وزير الثقافة (المكتب الإعلامي للحكومة)
الدبيبة يتوسط عدداً من فناني شرق ليبيا رفقة وزير الثقافة (المكتب الإعلامي للحكومة)

تحدثت وسائل إعلام ليبية، أمس، عن تلقي بعثات بعض الدول الأعضاء في الأمم المتحدة رسالة إلكترونية تحذر من مؤامرة تستهدف الانتخابات الليبية المقبلة.
وزعمت رسالة مجهولة ما وصفته بـ«تواطؤ» محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي، وخالد المشري رئيس مجلس الدولة، لتأجيل الانتخابات الرئاسية، ومنع ترشح الشخصيات الجدلية، في إشارة ضمنية إلى المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني».
وادعت الرسالة أن المنفي على وشك إعلان مرحلة انتقالية جديدة، تشمل تجميد مجلس النواب، بهدف حرمان بعض الشخصيات من الترشح، وفتح الترشح أمام شخصيات مجهولة، فيما وصفته بـ«مؤامرة على العملية الديمقراطية والشعب الليبي». وتزامنت الرسالة مع تعبير أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، على لسان المتحدث باسمه ستيفان دوجاريك، عن قلقه حيال خلافات الأطراف الليبية، معرباً عن أمله في عودة الأمور إلى مسارها لإجراء الانتخابات في موعدها، كما دعا القادة الليبيين إلى وضع مصالح شعبهم في المقام الأول.
في غضون ذلك، سعى عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة» الوطنية الليبية، مجدداً لمغازلة المنطقة الشرقية، عبر اجتماعه مع عدد من فنانين يمثلون المنطقة الشرقية. وقال الدبيبة في بيان وزعه مكتبه إنه ناقش خلال اجتماع عقده مساء أول من أمس في العاصمة طرابلس مع فنانين من المنطقة الشرقية، بحضور وزيرة الثقافة مبروكة توغي، ورئيس الهيئة العامة للمسرح، ونقيب الفنانين، الخطط المستهدف تطبيقها من أجل الارتقاء والنهوض بقطاع الفن والمسرح.
في شأن مختلف، خصصت حكومة «الوحدة» وفقاً لما أعلنه المتحدث باسمها، محمد حمودة، ميزانية خاصة لإنشاء مصفاة بحقل الشرارة النفطي، ومصنع غاز جنوب البلاد، في محاولة للقضاء على أزمة نقص الوقود، التي تعاني منها المنطقة منذ سنوات. كما ألغت الحكومة العقد المبرم بين وزارة المواصلات وشركة أجنبية لدراسة وتصميم مشروع ميناء سرت التجاري، عقب أول اجتماع تعقده منذ سحب مجلس النواب الثقة منها يوم الثلاثاء الماضي. وتزامن ذلك مع إعلان رفعت العبار، وكيل وزارة النفط، استقالته من حكومة الدبيبة، احتجاجاً على إعادة مصطفى صنع الله رئيس المؤسسة الوطنية للنفط تشكيل مجلس إدارة شركة «الخليج للنفط»، وأرجع العبار الاستقالة بسبب ما وصفه بـ«ظروف خاصة».
إلى ذلك، أعلن الصديق الصور، النائب العام، صدور أوامر اعتقال بحق المتورطين بشكل ثانوي في «المقابر الجماعية» بمدنية ترهونة، التي أكد أن التحقيقات بشأنها لا تزال جارية بالتنسيق مع الجهات المعنية. فيما طالب طلال الميهوب، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب، النائب العام، بفتح تحقيق مع الدبيبة بشأن قراره الخاص بتشكيل لجنة لمنح الجنسية لغير الليبيين. وعد الميهوب هذا القرار «غاية في الخطورة، ويمثل تهديداً للأمن القومي للبلاد وتركيبتها الديمغرافية»، لافتاً إلى أن حكومة الدبيبة لا تملك صلاحيات إصدار مثل هذا القرار، باعتبارها مجرد حكومة لتصريف الأعمال فقط، بعد سحب الثقة منها.
من جهة أخرى، عقدت لجنة «410» لتنظيم واستيعاب القوى المساندة بمؤسسات الدولة اجتماعاً بطرابلس، مساء أول من أمس، مع فريق من بعثة الأمم المتحدة. وقال رئيس اللجنة محمود بن يزه، إن الوفد الأممي، الذي اطلع على أعمال اللجنة في دمج القوة المساندة في مؤسسات الدولة، دعا إلى ضرورة توسيع هذه اللجنة لتضم جميع الأطراف والجهات، ولتكون على مستوى أعلى، مع إعطائها الطابع الوطني الشامل.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.