المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تدرس إعادة عائلات الجهاديين الفرنسيين من سوريا

TT

المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تدرس إعادة عائلات الجهاديين الفرنسيين من سوريا

يدرس قضاة الغرفة الكبرى في المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان غداً ما إذا كانت فرنسا تنتهك حقوق الإنسان المتعلقة برعاياها برفضها استعادة نساء وأطفال الجهاديين من سوريا. وستنظر المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، الهيئة القضائية التابعة لمجلس أوروبا، ومقرها ستراسبورغ، عند الساعة 9.15 صباحاً غداً في طلبين تقدم بهما، في مايو (أيار) 2019 وأكتوبر (تشرين الأول) 2020. والدا فرنسيتين غادرتا مع رفيقيهما إلى سوريا، حيث أنجبتا أطفالاً، وهما محتجزتان الآن في مخيمات للاجئين (شمال شرقي سوريا) تضم أفراداً من عائلات جهاديين تديره «قوات سوريا الديمقراطية» بقيادة الأكراد. طلب الآباء الأربعة لهاتين المرأتين، اللتين تم التعريف عنهما بالأحرف الأولى من اسمهما، إصدار أمر لوزارة الخارجية الفرنسية بتنظيم إعادة ابنتيهما وأحفادهم إلى الوطن. وفي القضيتين، رفض قاضي الأمور المستعجلة في محكمة باريس الإدارية الطلبين، وتم تأكيد هذه القرارات من قِبل مجلس الدولة، أعلى محكمة إدارية في فرنسا في أبريل (نيسان) 2019 وسبتمبر (أيلول) 2020. منذ سقوط تنظيم «داعش» في عام 2019، أعادت فرنسا نحو ثلاثين طفلاً، معظمهم من الأيتام. لكنها تعتبر من جهة أخرى، أنه يتعين محاكمة البالغين المتهمين بالتواطؤ مع التنظيم المتطرف في مكان احتجازهم. وتنظر المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، التي تم التماسها ضد الدولة بعد استنفاد جميع سبل الانتصاف الوطنية، في التزام الدول الأوروبية الـ47، بالاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. في هذه الحالة، سيتعين على القضاة السبعة عشر في الغرفة الكبرى، بينهم رئيس المحكمة، الآيسلندي روبرت سبانو، البت فيما إذا كانت فرنسا قد انتهكت المادة 3 من الاتفاقية التي تحظر المعاملة اللاإنسانية أو المهينة.
وأكد مقدمو الطلبات، أن رفض إعادتهما يتعارض مع مادة تنص على أنه «لا يجوز حرمان أي شخص من حق الدخول إلى أراضي الدولة التي يحمل جنسيتها».
وغادرت إحداهما، المولودة عام 1991، فرنسا عام 2014 إلى سوريا مع رفيقها الذي قتل في فبراير (شباط) 2018، وقد أنجبت طفلين ولدا في سوريا في 2014 و2016.
وأشارت معلومات إلى اعتقال طفليها في فبراير 2019 وهما في مخيم الهول (شمال شرقي سوريا) منذ ذلك الحين، بحسب المحكمة. أما الشابة الثانية، فغادرت فرنسا مطلع يوليو (تموز) 2015 مع رفيقها إلى العراق قبل أن تنتقل إلى سوريا، حيث أنجبت طفلاً في يناير (كانون الثاني) 2019، وتم احتجازها مع طفلها في مخيم الهول منذ مارس (آذار) 2019، ثم في مخيم روج، الذي يشرف عليه الأكراد كذلك. وأضافت المحكمة «أن الأب قد يكون قابعاً في سجن كردي». وأوردت منظمة «سيف ذي شيلدرن» في تقرير الخميس، أن 62 طفلاً توفوا العام الحالي في هذين المخيمين، حيث يعيش عشرات الآلاف، بينهم نحو 40 ألف طفل.
بعد جلسة الاستماع، سيجتمع قضاة المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان للتداول واتخاذ قرارهم في غضون أشهر عدة. سيكون القرار نهائياً. وستكون الجلسة علنية، ولكن بحضور محدود بسبب التدابير الصحية، على أن يتم تصويرها ورفعها على موقع المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان الساعة 14.30؛ إذ كانت فرنسا في الوقت الحالي الدولة الأوروبية الوحيدة التي تواجه دعوى أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان حول هذه القضية، فقد طلبت سبع دول أعضاء في مجلس أوروبا (النرويج، والدنمارك، وبريطانيا، وهولندا، وبلجيكا، وإسبانيا، والسويد) التدخل في الإجراءات، على غرار ما مُنح للعديد من المنظمات غير الحكومية، مثل «المدافعة» عن الحقوق أو المنظمة الحقوقية البريطانية «ريبريف» غير الحكومية.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.