عملية مرتقبة من نظام الأسد وحزب الله للسيطرة على الحدود السورية ـ اللبنانية

مصادر لبنانية لـ («الشرق الأوسط»): وعود سورية بممرات آمنة لخروج المسلحين إلى الرقة

عملية مرتقبة من نظام الأسد وحزب الله للسيطرة على الحدود السورية ـ اللبنانية
TT

عملية مرتقبة من نظام الأسد وحزب الله للسيطرة على الحدود السورية ـ اللبنانية

عملية مرتقبة من نظام الأسد وحزب الله للسيطرة على الحدود السورية ـ اللبنانية

أكدت مصادر لبنانية واسعة الاطلاع أن «حزب الله» والجيش السوري يستعدان لمعركة شاملة تستهدف السيطرة على كامل الحدود مع لبنان، مشيرة إلى أن الهدف من هذه العملية هو إنهاء أي وجود للمعارضة المسلحة «ومحاولة العودة إلى الساحة اللبنانية».
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن الطرفين، يستعدان بقوة للعملية التي ستنطلق من الجهتين، اللبنانية والسورية في منطقة عرسال الحدودية، مشيرة إلى تعزيزات ضخمة استقدمت إلى المنطقة استعدادا للعملية المرتقب أن يقوم بها الطرفان مع ذوبان الثوج الذي بدأ فعليا هذا الأسبوع، وارتفاع درجات الحرارة في المناطق الجبلية التي يتحصن بها المعارضون السوريون، ومعهما تنظيم داعش و«النصرة» الأكثر وجودا في الجهة اللبنانية من الحدود، حيث يسيطران على مساحة تقرب من 70 كيلومترا مربعا من الجرود اللبنانية غير المأهولة.
وأشارت المعلومات التي توفرت لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «حزب الله» حشد نحو 2000 مقاتل للمعركة، وأنه أنشأ سلسلة خطوط دفاعية وهجومية في منطقة تقع بين آخر مراكز الجيش اللبناني مواجه للمسلحين في جرود عرسال، (الذين يقدر عددهم بـ3 آلاف)، من دون أن يقترب من المنطقة ذات الغالبية السنية منعا لأي تماس مع سكانها.
وقالت المعلومات إن العملية ستكون عبارة عن «فكي كماشة» من الجانبين، لإخراج المسلحين من الجرود اللبنانية نهائيا. وكشفت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن الجانب السوري أبلغ بعض الجهات اللبنانية بأنه سيؤمن «خط عبور للمسلحين باتجاه الرقة السورية لتسهيل خروجهم من المنطقة تحت الضغط العسكري الذي سيمارسه مع حليفه اللبناني».
وشددت المصادر على أن الجيش اللبناني «غير معني بالمعركة» ولن يشارك فيها، لكنه مستمر في مساعيه لضبط الحدود من الجهة اللبنانية، وأنه لن يسمح لأحد بعبور خطوطه باتجاه الأراضي اللبنانية. ونفذ الجيش اللبناني في السابق عمليات محدودة ودقيقة، كان آخرها سيطرته على تلال استراتيجية في جرود رأس بعلبك (تبعد أكثر من 10 كيلومترات عن بلدة رأس بعلبك شرقا نحو المنطقة الحدودية)، كما تتكرر محاولاته شبه اليومية لصد تحركات المسلحين ومحاولاتهم التسلل إلى عمق الأراضي اللبنانية. وشهدت المنطقة أمس تسخينا ملحوظا، لكن مصادر لبنانية مواكبة للعملية استبعدت أن تكون العملية قد بدأت بالفعل، فيما دعت مصادر أخرى للانتظار لبلورة الصورة في الأيام المقبلة. وتبين أن المعارضة السورية استبقت العملية المتوقعة بعمليات عكسية هدفت إلى إحداث خرق في الجبهة العسكرية للنظام. وأشارت المصادر إلى أن العملية التي قامت بها المعارضة قد تسرع قرار انطلاق الهجوم الواسع.
وأوضحت المصادر أن عملية أخرى تجري الآن على مقربة من جانب آخر من الحدود اللبنانية – السورية في منطقة شبعا، تهدف إلى السيطرة على المناطق المحاذية للجولان السوري الذي تحتله إسرائيل والوصول إلى خطوط الفصل، لكنها استبعدت وجود تأثيرات للمعركة تطال الجانب اللبناني.
وفيما تحدثت أنباء عن استعدادات الطرفين لمعركة حاسمة في القلمون، أكدت مصادر المعارضة في القلمون لـ«الشرق الأوسط» أن عمليات الكر والفر «تضاعفت لكنها لا ترقى بعد إلى مستوى الحديث عن معركة».
وقالت مصادر لبنانية مواكبة للاستعدادات على الضفة اللبنانية لـ«الشرق الأوسط»، إن «الوضع الحالي يسوده الترقب بانتظار تحسن الأحوال الجوية وذوبان الثلوج»، مشيرة إلى «استنفار واسع من جهة الحدود اللبنانية يتخذه الجيش اللبناني ومقاتلين من (حزب الله) الذين أنجزوا تحضيرات مهمة، تحسبا لأي تقدم يقوم به المقاتلون السوريون المعارضون من الجهة السورية إلى داخل الأراضي اللبنانية».وتأتي تلك التحركات العسكرية، بموازاة تحضيرات لشن هجوم على مدينة الزبداني في جنوب القلمون، وهي آخر معاقل المعارضة في ريف دمشق الغربي. وكانت مصادر لبنانية مطلعة على الملف قالت لـ«الشرق الأوسط» في تصريحات سابقة، إن المعركة في الزبداني «ستتخذ الطابع الهجومي»، بينما طابع المعركة في جرود عرسال «سيكون دفاعيا ضد هجمات محتملة للمسلحين»، من غير أن تستبعد «الهجمات التكتيكية المحدودة»، وذلك «بهدف رد خطر هجمات المسلحين في الجرود». وأوضحت المصادر أن مسرح العمليات «سيكون داخل الأراضي اللبنانية في المنطقة الحدودية مع سوريا، حيث ينتشر المسلحون»، ذلك أن «وجودهم في المناطق السورية اقتصر على الجرود».
وفي مقابل تلك التحضيرات النظامية، أعلنت مصادر بارزة في الجيش السوري الحر في القلمون لـ«الشرق الأوسط»، أن قوات المعارضة «تحضرت أيضا لعملية استعادة السيطرة على مدن وبلدات سورية حدودية مع لبنان»، مشيرة إلى أن المقاتلين المعارضين «بدءوا بالصعود إلى الجرود بعد تحسن أحوال الطقس، واستهلوا عملياتهم بشن هجمات لاستعادة السيطرة على بلدة فليطا». التي تبعد 5 كيلومترات عن الحدود اللبنانية قبالة بلدة عرسال. وقالت إن «الهجوم أسفر عن مقتل 3 عناصر من (حزب الله) اللبناني عبر استخدام بندقيات القنص والصواريخ الموجهة، لكن الهجوم لم ينجح في الدخول إلى بلدة فليطا المعروفة بمنازلها المتباعدة».
وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان تلك المعلومات، إذ أفاد باندلاع اشتباكات عنيفة بين قوات النظام مدعومة بقوات الدفاع الوطني وعناصر «حزب الله» اللبناني من طرف، ومقاتلي الكتائب الإسلامية وجبهة النصرة من طرف آخر في جرود بلدة فليطة في منطقة القلمون، ترافق مع قصف للطيران الحربي على مناطق الاشتباك، مشيرا إلى وقوع خسائر بشرية في صفوف الطرفين. ونفذ الطيران السوري غارات على منطقة جرود عرسال داخل الأراضي اللبنانية. وقالت الوكالة الوطنية اللبنانية الرسمية للأنباء، إن «الطيران الحربي السوري نفذ غارتين على منطقة العجرم ووادي الخيل، وحقق إصابات دقيقة في صفوف المسلحين في وادي الخيل في جرود عرسال».
بدورها، قالت قناة «المنار» إن «أكثر من 15 إرهابيا قتلوا في قصف مدفعي وصاروخي وبالطيران الحربي للجيش السوري في أودية العوني والدب والخيل شرق عرسال وجرود فليطا ومعبر الزمراني وجرود قارة».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.