عبد المهدي لـ («الشرق الأوسط»): عدم احتواء مشكلات اليوم سيؤدي إلى خسارة للجميع

وزير النفط العراقي والقيادي بالمجلس الأعلى أكد أنه لا يجوز للشيعة فرض الهيمنة لكونهم أغلبية

عادل عبد المهدي
عادل عبد المهدي
TT

عبد المهدي لـ («الشرق الأوسط»): عدم احتواء مشكلات اليوم سيؤدي إلى خسارة للجميع

عادل عبد المهدي
عادل عبد المهدي

حذر القيادي البارز في المجلس الأعلى الإسلامي ووزير النفط العراقي الدكتور عادل عبد المهدي أمس من مغبة استمرار السياسات الحالية التي تمارسها الطبقة السياسية العراقية دون حلول جادة.
وقال عبد المهدي في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلات اليوم قد تتطور لمشكلات أخطر وأعنف مع حلول انفرادية مستقبلية غدا». وأضاف أن «الخلافات الوطنية عندما تتسع وتبدأ بتمزيق المشتركات فإن الخسارة ستعم الجميع»، مشيرا إلى أن «احترام مصالح الآخرين وهوياتهم ليس تنازلا يمنحه طرف للأطراف الأخرى، بل هو المسار الحقيقي والأكثر جدية لحماية مصالحه الخاصة». وردا على سؤال بشأن رؤيته للمشكلات المطروحة حاليا، أوضح عبد المهدي، الذي كان أحد أبرز منافسي رئيس الوزراء السابق نوري المالكي تشكيل الحكومة، أنه «إذا كانت مشكلات التوازن والمشاركة والمناطق المتنازع عليها والخلافات النفطية والعلاقات الخارجية مشكلات جدية اليوم، فإنها قد تتطور لمشكلات أخطر وأعنف مع حلول انفرادية مستقبلية غدا». وبشأن ما إذا كان المطلوب اتخاذ خطوات أكثر جدية في التعامل مع المستقبل، قال عبد المهدي: «إذا ما زال في الحاضر شيء من الإغراء والمنفعة، لإيجاد القواسم ومقومات العيش المشترك، فإن الإصلاح أو الإنقاذ يتطلب خطوات، قد تبدو مستحيلة، لكنها تاريخية لإعادة بناء الثقة المطلوبة، فلا يطالب طرف بشيء ويمتنع عن فهم متطلبات الآخرين». وعد عبد المهدي التوافق بين المكونات الثلاثة الرئيسية في العراق، الشيعة والسنة والأكراد، «الأساس لاتفاق بقية الأطراف والمكونات». ودعا عبد المهدي «الشيعة إلى أن لا يلجأوا إلى اعتبار الأغلبية السكانية وسيلة لفرض الهيمنة والسيطرة على حساب الآخرين، وأن لا تبقى الجغرافيا موضوعا أحاديا للكرد، وأن يتجاوز السنّة الطروحات التاريخية بأنهم فقط الحكام والآخرون رعايا، فالعراق المركزي بات ضررا عليهم أيضا وأن ينظروا إلى المستقبل ويستثمروا امتداداتهم الإقليمية ودورهم الكبير في تاريخ العراق».
وتأتي تصريحات عبد المهدي في الوقت الذي تدور فيه سجالات داخل الكتل السياسية بشأن عدد من مشاريع القوانين ومنها الحرس الوطني والمساءلة والعدالة بالإضافة إلى الخلافات بشأن مفهوم التوازن الوطني. وفي هذا السياق أكد رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري أن مجلس النواب أمامه استحقاقات تشريعية كبيرة سيقوم بتشريعها وفي مقدمتها قانون الأحزاب وقانون المحكمة الاتحادية وقانون المعاهدات الدولية، بينما أوضح أن تلك التشريعات ستسهم في ترسيخ أسس الديمقراطية. وقال الجبوري في بيان أمس إن «مجلس النواب أمامه استحقاقات تشريعية كبيرة قيد الإنجاز وستسهم في ترسيخ أسس الديمقراطية سنقوم بتشريعها، يأتي في مقدمتها قانون الأحزاب وقانون المحكمة الاتحادية وقانون المعاهدات الدولية»، مشيرا إلى «وجود مشاريع أخرى تمس حياة ومصالح المواطنين تأخرت كثيرا». وأضاف الجبوري أن «كل جهة يجب أن تضطلع بواجبها بالدفاع عن العراق وحمايته، كل ضمن إطار عمله ومسؤولياته والصلاحيات الممنوحة له وفق الدستور والقانون»، مشددا بالقول: «نحن قادرون على تجاوز كل المحن والوصول بالعراق إلى بر الأمان». وتابع: «علينا أن نعمل على أن يكون هناك انسجام وتكامل وتعاون بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية».
من جانبها، أبدت لجنة المساءلة والعدالة النيابية استغرابها من قيام مجلس الوزراء بإرسال نسخة جديدة من مشروع قانون المساءلة وحظر البعث يختلف عن النسخة الأولى وفيها «مكافأة للبعثيين». وقال رئيس اللجنة هشام السهيل في تصريح إن «قانون المساءلة والعدالة الأخير لا يمكن تمريره لأنه يكافئ البعثيين وفيه غبن للشعب العراقي ويتضمن تسهيلات قد تصل إلى إعفاء أعضاء الفروع والشعب في حزب البعث». وأوضح: «لدينا مشروعان لقانون المساءلة والعدالة، الأول وصل من مجلس شورى الدولة وتم تداوله ضمن اجتماع اللجنة وتم رفعه إلى هيئة رئاسة البرلمان ومضى عليه أكثر من 25 يوما، لكن فوجئنا قبل يومين بوصول مسودة مشروع قانون جديد من مجلس الوزراء فيه مكافأة للبعثيين وإعفاء قيادات الحزب المحظور من المساءلة». وأكد السهيل: «نحن أمام مشكلة كبيرة وعلى ما يبدو هناك مشكلة بين الرئاسات وهذا ما اتضح من خلال وصول مسودات مختلفة لهذا القانون».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.