مسؤولون أميركيون: واشنطن تدرس على مستوى عال شن غارات جوية في تكريت

مصدر برلماني عراقي مطلع: خلافات بين الجيش والحشد الشعبي تعيق طلبها رسميا

مسؤولون أميركيون: واشنطن تدرس على مستوى عال شن غارات جوية في تكريت
TT

مسؤولون أميركيون: واشنطن تدرس على مستوى عال شن غارات جوية في تكريت

مسؤولون أميركيون: واشنطن تدرس على مستوى عال شن غارات جوية في تكريت

مهد الرئيس العراقي فؤاد معصوم الطريق أمام احتمال قيام التحالف الدولي بتوجيه ضربات جوية تستهدف مواقع تنظيم داعش في تكريت بعد انقضاء أكثر من 10 أيام على توقف معركة اقتحام المدينة.
وقال معصوم في تصريحات صحافية لوكالة «رويترز» أمس إنه «من المتوقع أن ينفذ التحالف الدولي ضربات جوية قريبا ضد تنظيم داعش في تكريت بعد أن بدأ عمليات استطلاع جوي»، مشيرا إلى أن «التحالف يبدأ أولا بمهام استطلاع ويعد التقارير الجوية وبعد ذلك تبدأ العمليات».
من جهته، أكد خالد شواني المتحدث باسم الرئاسة العراقية في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «ما يحصل الآن وهو ما أكده الرئيس فؤاد معصوم أن القادة العسكريين العراقيين والمستشارين الأميركيين يعقدون اجتماعات الآن فيما بينهم لتقييم أهمية القصف الجوي فيما يتعلق بمعركة تكريت والقضاء على تنظيم داعش». وأضاف شواني أنه «بعد أن يتوصل الطرفان إلى صيغة اتفاق بهذا الشأن عندها سيقدم العراق طلبا رسميا للتحالف الدولي من أجل توفير الغطاء الجوي»، مشيرا إلى أن «تصريحات الرئيس يجب أن تفهم في سياقها الصحيح».
من جهتهم أكد مسؤولون أميركيون أن الولايات المتحدة تدرس إمكانية شن ضربات جوية لمساندة القوات العراقية في معركتها لاستعادة تكريت من تنظيم داعش وقد تنفذ مثل هذه الغارات خلال أيام.
وقال مسؤول أميركي لوكالة الصحافة الفرنسية، طالبا عدم كشف اسمه، إن «احتمال شن ضربات جوية قرب تكريت يجري بحثه على مستوى عال وقد تنفذ مثل هذه الغارات في غضون أيام أو أسابيع».
وأوضح المسؤول أنه يجري تقييم الجوانب الدبلوماسية والعسكرية الحساسة لمثل هذا الخيار.
وتشدد إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما على أنها لا تنسق مباشرة العمليات العسكرية مع إيران التي تشارك بفاعلية في معركة استعادة تكريت وبسبب ذلك، على ما يبدو، امتنعت واشنطن حتى الآن عن توجيه ضربات في تكريت. غير أن الطلعات الاستطلاعية والغارات المطروحة للبحث تشير إلى أن واشنطن تتجه نحو المزيد من التعاون غير المباشر مع طهران على الرغم من الريبة الشديدة القائمة بين البلدين. وقال معاونون لأوباما إن «المجهود العسكري ضد (داعش) يتم تنسيقه من خلال الحكومة العراقية التي تتعامل بشكل وثيق مع إيران والولايات المتحدة في آن».
وناقش القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي مع وزير الدفاع خالد العبيدي وقائد العمليات المشتركة الفريق الركن طالب شغاتي العمليات العسكرية الحالية في محافظة الأنبار وصلاح الدين وبغداد. وقال بيان لوزارة الدفاع إن «العبادي زار مركز قيادة العمليات المشتركة واطلع على إيجاز مفصل عن سير العمليات العسكرية ومرحلة انهيار (داعش) الإرهابي».كما أكد العبادي على «ضرورة التنسيق العالي بين القوات الأمنية والحشد الشعبي وكذلك التحالف الدولي».
وطبقا لعضو في لجنة الأمن والدفاع البرلمانية فإن «الخلافات لا تزال مستمرة بين قيادة الحشد الشعبي والقادة العسكريين الميدانيين باتجاه البوصلة التي يجب أن تتجه بموجبها معركة تكريت». وقال عضو اللجنة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، طالبا عدم الإشارة إلى اسمه أو الكتلة التي ينتمي إليها، إن «هناك نوعا من تنازع الصلاحيات بين القادة الميدانيين التابعين لوزارة الدفاع وقيادة العمليات المشتركة وبين قيادات الحشد الشعبي وذلك لجهة الكيفية التي يجب في ضوئها حسم معركة تكريت». وعما إذا كان الأمر يتعلق بضغوط أميركية بشأن شن ضربات جوية على مواقع تنظيم داعش، أكد عضو لجنة الأمن والدفاع: إن «الطيران الأميركي يمارس مهامه في مناطق أخرى من العمليات لكن ليس من بينها تكريت وبالتالي فإن القصة لا تتعلق بضغوط أميركية بقدر ما هي خلافات عراقية - عراقية لكن لا أحد يريد الإفصاح عنها من منطلق أنها ليست خلافات حول أهداف المعركة وهل ينبغي التقدم من عدمه بل هي خلافات فنية وإن حملت مضمونا سياسيا ملخصه أن القادة العسكريين المحترفين لا يفرقون بين أي نوع من أنواع الدعم سواء جاء من أميركا أم من إيران طالما أنه في النهاية يصب في مصلحة مشتركة للجميع وهي طرد (داعش) حيث لا توجد خلافات أميركية - إيرانية بشأن هذا الهدف غير أن بعضا من قادة الحشد الشعبي يصرون على ألا تكون هناك بصمة أميركية باتجاه حسم معركة تكريت وهو ما يعيق تقديم الحكومة العراقية طلبا بهذا الاتجاه».
وردا على سؤال بشأن ما أورده المتحدث باسم رئاسة الجمهورية عن وجود لقاءات بين عسكريين عراقيين ومستشارين أميركيين لتحديد مدى حاجة العراق إلى الضربات الجوية، قال عضو اللجنة البرلمانية: إن «هذه اللقاءات ستنتهي إلى حاجة العراق إلى مثل هذه الضربات وسيكون ذلك حجة مضافة للعسكريين العراقيين أمام قيادات الحشد الشعبي التي قد تقبل في النهاية بقيام التحالف الدولي بضربات ليس على مدينة تكريت وإنما على مواقع قريبة منها من أجل قطع إمدادات (داعش) وعدم منحه الفرصة لإعادة تنظيم صفوفه مستفيدا من توقف المعارك».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم