العالم سوف يفتقد لي كوان يو

TT

العالم سوف يفتقد لي كوان يو

كان لي كوان يو رجلا عظيما. ولقد كان من أقرب أصدقائي، تلك الحقيقة التي اعتبرها إحدى النعم العظيمة في حياتي. فالعالم التواق إلى استخلاص النظام من رحم الفوضى العارمة يحتاج بشدة إلى مثل ذلك الرجل.
دخل لي الحلبة العالمية كالأب المؤسس لدولة سنغافورة، والتي كانت مدينة تضم بين جنباتها مليون نسمة من المواطنين. ولقد انتقل بها ليكون رجل دولة من الطراز العالمي وكان بمثابة الضمير الحي للقادة والزعماء حول العالم.
لم يمنحه القدر بأكثر من مجال ضئيل ليحقق من خلاله أحلاما بنجاح إقليمي محدود. فالموجة الأولى من نزع الاستعمار كانت فيها سنغافورة جزءا من الملايو. ولقد أطلق لها العنان إثر التوترات العميقة ما بين الأغلبية الصينية والأقلية المالاوية من السكان، ورغم كل شيء، حتى تتقن المدينة الصغيرة المنقسمة على نفسها درس التبعية القاسي، توقعت الملايو أن الواقع والحقيقة سوف يهذبان من النزعة الاستقلالية لدى سنغافورة.
غير أن الرجال العظماء ينالون نصيبهم من المجد عبر رؤى تتجاوز محيط الحسابات المادية. وقف لي في مواجهة الحكم التقليدية ساعيا إلى إقامة دولته الجديدة. ولقد عكس اختياره الصعب إيمانا راسخا في قيم وفضائل شعبه. وتيقن من أن تلك المدينة القابعة على حواف السواحل الرملية من دون أي موارد اقتصادية يعتمد عليها، والتي قد تلاشت صناعاتها الرئيسية كقاعدة بحرية استعمارية، يمكن رغم كل تلك العوائق أن تنمو وتزدهر لتحقق مكانتها العالمية من خلال الاستناد إلى مواردها الرئيسية ألا وهي الذكاء، والصناعة، وتفاني شعبها المخلص.
إن القائد العظيم ينتقل بشعبه ومجتمعه من حيث ما هم إلى حيث ما يحلمون وبالتأكيد، إلى حيث ما لم يكونوا يتصورون الوصول إليه في يوم من الأيام. كان الإصرار الأول على نوعية التعليم وجودته، ومن خلال قمع مواطن الفساد، وتأصيل الحكومة على أسس الجدارة والأهلية. تمكن لي وفريقه من زيادة الدخل السنوي للمواطن من 500 دولار في العام في فترة ما بعد الاستقلال لعام 1965 إلى ما يقترب من 55 ألف دولار في العام اليوم. عبر جيل واحد، تحولت سنغافورة إلى مركز مالي عالمي، ومن كبريات المدن الفكرية الرائدة في حوض جنوب شرقي آسيا، ومحل أبرز وأكبر المستشفيات بالمنطقة، وأفضل المواقع الدولية لعقد المؤتمرات في الشؤون الدولية. أنجزت سنغافورة ذلك من خلال الالتزام التام بالقواعد البراغماتية الاستثنائية: فتح أبواب المهن والوظائف لأفضل المواهب والخبرات وتشجيعها على تبني أفضل الممارسات من كل أنحاء العالم.
كان الأداء المتفوق أحد أبرز عناصر تلك الإنجازات. كما كانت القيادة البارعة من أكثر العناصر ذات الأهمية. مع مرور العقود، ظلت سنغافورة على مسارها تتحرك - بالإلهام - وهي ترى لي، الذي لم يكن يتعدى منصبه منصب عمدة لمدينة متوسطة الحجم بالمعايير المادية، يعتلي المشهد الدولي كمعلم من أبرز معلمي النظام الاستراتيجي العالمي. كانت زيارة لي إلى واشنطن بمثابة نوع من أنواع الفعاليات الوطنية هناك، حيث كانت تبدأ المحادثات الرئاسية بوتيرة تلقائية، وكان أعضاء مجلس الوزراء والكونغرس البارزين يسعون للاجتماع بالضيف العزيز. ولم يكونوا يسعون لذلك استماعا للمشكلات الوطنية في سنغافورة، فنادرا، إن لم يكن أبدا، قد عمل لي على حشد صناع السياسة لأجل معاونته. فقد كانت تيمته الرئيسية هي المساهمة الأميركية التي لا غنى عنها في دعم النمو والدفاع عن عالم يسوده السلام. ما كان محاوروه ليحضروا لقاءاته ليلتمس منهم شيئا بل ليتعلموا من أحد أعمق المفكرين رأيا في عالمنا المعاصر.
بدأت تلك العملية من طرفي حينما زار لي جامعة هارفارد عام 1967 عقب فترة وجيزة من توليه منصب رئيس الوزراء في سنغافورة المستقلة حديثا. بدأ لي الاجتماع مع كبار أعضاء هيئة التدريس بكلية الإدارة العامة (المعروفة الآن بكلية كيندي) من خلال السماح بالتعليقات حول حرب فيتنام. وهيئة التدريس، التي كنت أحد أعضائها المعارضين للحرب في ذلك الوقت، كانت منقسمة على ذاتها في المقام الأول حيال سؤال يدور حول ما إذا كان الرئيس ليندون جونسون متهما بجرائم الحرب أو لعله أحد مضطربي الشخصية. وجاءت استجابة لي بقوله «إنك تثير استيائي» - ليس لأنه يتبنى ويؤيد الحرب من واقع قناعة شخصية، ولكن لأن استقلال ورخاء بلاده يستند أول ما يستند إلى الثبات والوحدة والعزيمة المستمدة من الولايات المتحدة. لم تكن سنغافورة لتطلب من الولايات المتحدة ما تستطيع سنغافورة فعله بأقصى ما تسمح به قدراتها الذاتية، غير أن القيادة الأميركية كانت مطلبا رئيسيا لاستكمال وإيجاد الإطار النظامي في العالم.
أسهب لي في تفصيل تلك التيمات بكل دقة وعناية عبر مئات اللقاءات التي جمعتني به في مختلف المؤتمرات الدولية، والمجموعات الدراسية، واجتماعات الأعمال، والمناقشات المباشرة، والزيارات المتبادلة لعاصمتي بلدينا عبر 45 عاما. لم يكن لي واعظا، ولم يكن عاطفيا كذلك، وما كان من دهاة الحرب الباردة، بل كان حاجا في محراب النظام العالمي والقيادة العقلانية. أدرك لي أهمية الصين وإمكاناتها الملوحة في الآفاق، وطالما أسهم في تنوير وإرشاد العالم على ذلك الطريق. ولكن في النهاية، أصر لي على أنه من دون الولايات المتحدة فلن ينعم العالم بالاستقرار قط.
كانت أساليب لي المحلية أقصر مما تصبو إليه النظرية الدستورية الأميركية الحالية. ولكن بذلك أيضا، وبمنتهى النزاهة، كانت ديمقراطية عهد توماس جيفرسون، مع امتيازاتها المحدودة، والمؤهلات الملائمة للتصويت والعبودية. لا يتحمل المجال قدرا من الجدال حول الخيارات الأخرى التي كانت متاحة. فإذا ما تخيرت سنغافورة السبيل الذي دعا إليها نقادها لكانت انهارت بين مختلف صراعات الجماعات العرقية الداخلية، أي، كما نستلهم من دروس الواقع السوري الراهن. أما، ما إذا كانت الأطر الأساسية للعقود الأولى من وجود استقلال سنغافورة قد امتد بها الزمان لفترات لا ضرورة لها، فتلك قضية يطرح حولها النقاش في موضع آخر.
بدأت رسالة المديح تلك ذاكرا صداقتي العميقة مع الراحل لي. لم يكن رجلا تصفه الكثير من العبارات العاطفية. وكان نادرا ما يتحدث حول القضايا الجوهرية، غير أن أحدنا قد يستشعر ارتباطه الشديد بها. فالحوار مع لي، الذي تكرست حياته لخدمة وطنه والذي قضى جل وقته في تحري الأمور واستجلائها، ما كان إلا صوتا واثقا راسخا يدعم إحساس أحدنا بالغرض والفحوى من ورائه.
كانت أعظم المآسي في حياة لي تكمن في إصابة زوجته بجلطة في المخ تركتها حبيسة جسدها غير قادرة على الاستجابة أو التواصل مع من حولها. عبر كل ذلك الوقت، كان لي جالسا بجوارها كل مساء يقرأ لها. كان إيمانه راسخا بإدراكها لما يقول على العكس من ماديات الأدلة الناقضة لذلك.
ربما كان ذلك هو أحق الأدوار التي اضطلع بها لي كوان يو في حياته. فلقد كان يعتمر في قلبه ذات الأمل لعالمنا الذي نحياه. قاتل لأجل فطرته الفضلى حتى في أحلك درجات الغموض من حوله. ولكن الكثير منا قد استمعوا له ولن ننساه أبدا ما بقينا.

* وزير الخارجية الأميركي بين عامي 1973 و1977



«إن بي إيه»: سلتيكس المنقوص يهزم بيستونز بسهولة

أمطر بريتشارد سلة بيستونز بسبع ثلاثيات ليبلغ الثلاثية رقم 500 في مسيرته (رويترز)
أمطر بريتشارد سلة بيستونز بسبع ثلاثيات ليبلغ الثلاثية رقم 500 في مسيرته (رويترز)
TT

«إن بي إيه»: سلتيكس المنقوص يهزم بيستونز بسهولة

أمطر بريتشارد سلة بيستونز بسبع ثلاثيات ليبلغ الثلاثية رقم 500 في مسيرته (رويترز)
أمطر بريتشارد سلة بيستونز بسبع ثلاثيات ليبلغ الثلاثية رقم 500 في مسيرته (رويترز)

رغم غياب نجمه جايسون تايتوم، حقّق بوسطن سلتيكس حامل اللقب فوزاً سهلاً على ديترويت بيستونز 123 – 99، بعد أن دكّ سلته بعشرين ثلاثية، الخميس، ضمن دوري كرة السلة الأميركي للمحترفين.

وفي ظل غياب تايتوم بسبب إصابة في الركبة اليمنى، ارتقى بايتون بريتشارد الذي دخل من دكة البدلاء إلى حجم المسؤولية وقاد سلتيكس بتسجيله 27 نقطة مع 10 تمريرات حاسمة، لتحقيق فوزه الثاني عشر تواليا على بيستونز.

وأمطر بريتشارد سلة بيستونز بسبع ثلاثيات ليبلغ الثلاثية رقم 500 في مسيرته، وهو اللاعب العاشر في تاريخ سلتيكس يصل إلى هذا الرقم.

وقال زميله جايلن براون (14 نقطة و9 متابعات) عقب نهاية المباراة عن أداء بريتشارد الذي بدأ يرشحه البعض للفوز بجائزة أفضل لاعب سادس هذا العام (أفضل لاعب يدخل من مقاعد البدلاء) «يؤدي بايتون بشكل مذهل».

وتابع: «لقد رأينا ذلك يحدث. لدينا موهبة كبيرة في هذا الفريق وهو قادر على القيام بذلك في كل أمسية».

كذلك، أحرز ديريك وايت سبع ثلاثيات في طريقه لإنهاء اللقاء بـ23 نقطة، وأضاف إليه لاعب الارتكاز اللاتفي كريستابس بورزينغيس 19 نقطة؛ حيث تخطى ستة من لاعبي سلتيكس عتبة النقاط العشر.

واستعاد سلتيكس توازنه بعد الخسارة الأخيرة أمام ممفيس غريزليز السبت، ليرفع رصيده إلى 20 فوزاً و5 هزائم بفارق مباراة عن كليفلاند (21 - 4) متصدر المنطقة الشرقية.

ولدى الخاسر، كان البديل رونالد هولاند أفضل مسجل مع 26 نقطة.

وفي ميامي، سجّل تايلر هيرو 23 نقطة وبام أديبايو 21 نقطة مع 16 متابعة ليقودا هيت للفوز على تورونتو رابتورز 114 - 104.

ومدّد هيت سلسلة انتصاراته إلى 4؛ حيث عوّض تأخره بفارق 16 نقطة مطلع الربع الثاني ليتقدم 58 - 51 مع نهاية النصف الأول ثمّ يبسط بعدها هيمنته الكاملة على اللقاء.

وأحرز الكندي أر جي باريت ثلاثة أرقام مزدوجة مع 13 نقطة و11 متابعة وعشر تمريرات حاسمة لمصلحة رابتورز، وأضاف غرايدي ديك 22 نقطة.

من جهته، سجّل لاعب ميامي المخضرم جيمي باتلر (35 عاماً) الذي تركز حوله الكلام عن إمكانية انتقاله بصفقة تبادل هذا الأسبوع 11 نقطة مع خمس متابعات وأربع تمريرات حاسمة.

وقال مدرب هيت إريك سبولسترا قبل المباراة إنّ الكلام حول صفقة التبادل لم تُحدث أي إزعاج بالنسبة للاعب أو الفريق.

وتابع سبوسترا: «هذه هي وظيفتنا. لا يمكنك أن تشعر بالغثيان حيال بعض الروايات التي تدور من هنا أو هناك».

وقاد لاعب الارتكاز الليتواني دومانتاس سابونيس (32 نقطة و20 متابعة) فريقه ساكرامنتو كينغز لتخطي مضيفه نيو أورليانز بيليكانز 111 - 109.

من جهته، سجّل ديمار ديروزان 29 نقطة لمصلحة كينغز الذي تقدم بفارق 14 نقطة خلال منتصف الربع الأخير قبل أن يقلص نيو أورليانز الفارق إلى نقطتين بفضل ثلاثية سي جاي ماكولوم قبل دقيقة و24 ثانية من نهاية الوقت.

وتمسّك كينغز بتقدمه على الرغم من اندفاعة بيليكانز بقيادة ماكولوم صاحب 36 نقطة في المباراة، إلا أنه لم يستطع قلب الطاولة على منافسه في الثواني الأخيرة.