القضاء العراقي يلاحق المشاركين في مؤتمر أربيل لـ«السلام والاسترداد»

ثلاثة صدرت بحقهم مذكرات اعتقال تنصلوا من الاجتماع وشكوا من التضليل

النائب السابق مثال الآلوسي
النائب السابق مثال الآلوسي
TT

القضاء العراقي يلاحق المشاركين في مؤتمر أربيل لـ«السلام والاسترداد»

النائب السابق مثال الآلوسي
النائب السابق مثال الآلوسي

في وقت أصدر القضاء العراقي مذكرات قبض بحق عدد من المشاركين في مؤتمر «السلام والاسترداد» الذي عقد الجمعة الماضي في مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان الذي دعا في بيانه الختامي إلى إقامة السلام في المنطقة والتطبيع مع إسرائيل، اضطر عدد كبير من الشخصيات المشاركة فيه إلى التراجع والاعتذار.
حملة التنصل من المؤتمر والتبعات الناتجة عنه شملت أول سياسي النائب العراقي الذي يزور إسرائيل علنا بعد سنة تقريبا من سقوط النظام السابق على يد الأميركيين وهو النائب السابق مثال الآلوسي الذي أصدر القضاء العراقي مذكرة قبض بحقه، بينما هو يقيم حاليا في ألمانيا لإجراء عملية جراحية طبقا لما أعلنه. ومع أن الآلوسي كرر إيمانه بالتطبيع ودعوته لإقامة علاقات مع إسرائيل فإنه نفى علاقته بأي حال من الأحوال بالمؤتمر المذكور.
وكان الآلوسي فقد ولديه بعد سنة من زيارته إلى إسرائيل في عملية نفذها «تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين» آنذاك بينما اتهم الآلوسي وزير الثقافة العراقي الأسبق أسعد الهاشمي بتدبير عملية الاغتيال لأن الوزير كان قبيل استيزاره إماما لأحد الجوامع القريبة من منزل الآلوسي وكان يحرض عليه بسبب زيارته المعلنة لإسرائيل في وقت لا يجيز القانون العراقي النافذ ذلك، بل يحكم بالإعدام على كل من يتخابر مع إسرائيل.
كما شملت مذكرات الاعتقال وسام الحردان، رئيس صحوة العراق وهو أحد شيوخ محافظة الأنبار، وكان هو من قرأ البيان الختامي الذي تضمنت إحدى فقراته التطبيع مع إسرائيل. وأصدر الحردان، بعد صدور مذكرة قبض بحقه من محكمة في الأنبار، بيانا أعلن فيه براءته من المؤتمر المذكور، مبينا أنه دعي لمؤتمر يدعو إلى السلام واسترداد أموال اليهود وأملاكهم لكنه فوجئ حين طلب منه تلاوة البيان بتضمنه الفقرة الخاصة بالتطبيع والسلام مع إسرائيل.
ورغم البيان الذي أعلن من خلاله الحردان اعتذاره عن المشاركة وشنه حملة ضد إسرائيل بوصفها العدو التاريخي للعرب والمسلمين فإن ذلك لم ينفع، بل أصدر القضاء العراقي مذكرة قبض أخرى بحقه مع كل من مثال الآلوسي والموظفة في وزارة الثقافة العراقية سحر الطائي.
وفي السياق نفسه فقد أصدر عدد آخر من المشاركين في المؤتمر بيانات وأدلوا بتصريحات لم يتنصلوا عبرها من المشاركة في المؤتمر فقط، بل حملوا الحردان كامل المسؤولية بوصفه هو من وجه لهم الدعوة لحضور مؤتمر أخبرهم أنه يتعلق بمشاكل الصحوات في العراق، وأنه سيتم إنصافهم وزيادة رواتبهم.
لكن رئيس مؤتمر صحوة العراق أحمد أبو ريشة يقول في تدوينة له على «تويتر» إن «الحردان هو من انتحل صفة رئيس الصحوات بينما هو لا علاقة له بالأمر لا من قريب ولا من بعيد».
يذكر أن رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي كان قد قرب الحردان إليه وأعطاه مسؤولية الصحوات بدلا من أبو ريشة بسبب موقف الأخير الذي كان مؤيدا للمظاهرات في الأنبار. لكن أبو ريشة ظل متمسكا بشرعية رئاسته للصحوات التي يعود تأسيسها لشقيقه زعيم الصحوات الراحل ستار أبو ريشة الذي كان قتله «تنظيم القاعدة» عام 2007 بعد يومين من ظهوره جنبا إلى جنب مع الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الابن في قاعدة عين الأسد بالأنبار.
حكومة إقليم كردستان أعلنت عدم صلتها بالمؤتمر المذكور وأي مخرجات تنتج عنه. وقال المتحدث الرسمي باسم حكومة الإقليم الدكتور جوتيار عادل في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «ما طرح في اجتماع أربيل لا يعبر البتة عن رأي حكومة إقليم كردستان والحكومة ملتزمة بالدستور الذي ينص على أن رسم السياسات الخارجية هي من الاختصاصات الحصرية للدولة الاتحادية والإقليم يحترم الدستور ويلتزم ببنوده»، مبينا أن «إقامة أي علاقات بالنسبة للإقليم لا بد أن تكون في إطار الدستور وإطار القوانين والأصول المتعلقة ببناء العلاقات مع الدول الأجنبية». وأضاف عادل أن «الحكومة اتخذت إجراءات قانونية ضد القائمين بهذا المؤتمر لأنه لم يكن بعلم حكومة الإقليم كما لم يمثل أي أحد من جانب حكومة الإقليم فيه». وأكد عادل أنه «برغم ذلك فإن الإقليم حريص على أن يكون منبرا حرا لأي تجمعات ولكن الحكومة لا تتحمل مخرجات هذه الاجتماعات»، مبينا أنه «تم تحريف نتائج الاجتماع الأخير، وبالتالي التزاما منا بالدستور واحتراما للسيادة العراقية فإن الإقليم ملتزم بالإطار العام للسياسة الخارجية العراقية، فضلا عن الحفاظ على البيئة الخاصة بالتعبير عن الآراء بحرية في إطار الدستور».
في السياق نفسه عبر الحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود بارزاني أمس الأحد عن استغرابه من الهجمة ضد إقليم كردستان بسبب المؤتمر. وقال عضو الحزب، عماد باجلان، في تصريح له إن «كردستان لاعلاقة لها من بعيد ولا قريب بالمؤتمر، وقد عقد تحت اسم السلام والاسترداد وألقي فيه هذا البيان لمجموعة من شيوخ عشائر المحافظات المحررة من (داعش)». وأضاف باجلان، أن «كردستان لن تكون جزءا من المشاكل بين السنة والشيعة، ونستغرب هذه الهجمة الشرسة والمزايدات الانتخابية، وردود الأفعال هي لتحسين صورة الأحزاب أمام ناخبيها خاصة قبل أربعينية الإمام الحسين عليه السلام». وأشار إلى أن «هذه المزايدات واستثمار هذه المواضيع لن ينفع في القضية الفلسطينية ولا في أي قضية أخرى».
إلى ذلك، أعلن مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي أن «العراق لا يلاحق المواطنين اليهود العراقيين الذين يتمسكون بهويتهم ويحرص على التعامل معهم كمواطنين لهم كامل حقوق المواطنة». وفيما أكد الأعرجي في تصريح متلفز أنه «توجد أعداد قليلة من اليهود في عدد من المحافظات العراقية» فإنه كشف عن أن عدد اليهود العراقيين المقيمين في بغداد 4 نفرات فقط».



دمشق و«قسد» تسارعان لإنقاذ اتفاق الدمج قبل انقضاء المهلة

مسلحون من «قسد» خلال عرض عسكري في مدينة القامشلي (أرشيفية - رويترز)
مسلحون من «قسد» خلال عرض عسكري في مدينة القامشلي (أرشيفية - رويترز)
TT

دمشق و«قسد» تسارعان لإنقاذ اتفاق الدمج قبل انقضاء المهلة

مسلحون من «قسد» خلال عرض عسكري في مدينة القامشلي (أرشيفية - رويترز)
مسلحون من «قسد» خلال عرض عسكري في مدينة القامشلي (أرشيفية - رويترز)

قال أشخاص مشاركون في محادثات لدمج القوات الكردية مع الدولة السورية، أو مطلعون عليها، إن المسؤولين السوريين والأكراد والأميركيين يسعون جاهدين لإظهار تقدم في اتفاق متعثر قبل المهلة المحددة بنهاية العام.

وذكرت المصادر السورية والكردية والغربية التي تحدّثت إلى «رويترز» أن المناقشات تسارعت في الأيام القليلة الماضية، على الرغم من تزايد الإحباط بسبب التأخيرات، وحذّر بعضهم من أن تحقيق انفراجة كبيرة أمر غير مرجح.

وقال 5 من المصادر إن الحكومة السورية الانتقالية أرسلت مقترحاً إلى «قوات سوريا الديمقراطية» التي يقودها الأكراد وتُسيطر على شمال شرقي البلاد.

وأضاف أحد المسؤولين السوريين ومسؤول غربي و3 مسؤولين أكراد أن دمشق عبّرت في الاقتراح عن انفتاحها، على أن تُعيد «قوات سوريا الديمقراطية» تنظيم مقاتليها، وعددهم نحو 50 ألف مقاتل، في 3 فرق رئيسية وألوية أصغر، ما دامت ستتنازل عن بعض سلاسل القيادة، وتفتح أراضيها لوحدات الجيش السوري الأخرى.

ولم يتضح ما إذا كانت الفكرة ستمضي قدماً أم لا، وقللت عدة مصادر من احتمالات التوصل إلى اتفاق شامل في اللحظات الأخيرة، قائلة إن هناك حاجة إلى مزيد من المحادثات.


وزير الخارجية المصري: إسرائيل تتحمل تعثر «اتفاق غزة»... ونعوّل على ترمب لإنفاذه

وزير الخارجية المصري: إسرائيل تتحمل تعثر «اتفاق غزة»... ونعوّل على ترمب لإنفاذه
TT

وزير الخارجية المصري: إسرائيل تتحمل تعثر «اتفاق غزة»... ونعوّل على ترمب لإنفاذه

وزير الخارجية المصري: إسرائيل تتحمل تعثر «اتفاق غزة»... ونعوّل على ترمب لإنفاذه

بعد ساعات من إعلان وزارة الخارجية المصرية إطلاق «الكتاب الأبيض» بشأن مبدأ الاتزان الاستراتيجي في الدبلوماسية المصرية، حاورت «الشرق الأوسط» وزير الخارجية الدكتور بدر عبد العاطي، بمكتبه بالعاصمة الإدارية الجديدة، حول عدد من الملفات التي تضطلع فيها القاهرة بأدوار تتراوح ما بين الوساطة والشراكة والحوار والاتصالات الدبلوماسية.

في حديثه أكد عبد العاطي «تميز» العلاقات المصرية - السعودية، معلناً التحضير للاجتماع الأول لـ«مجلس التنسيق الأعلى المصري - السعودي»، بحضور ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والرئيس عبد الفتاح السيسي. وأشار وزير الخارجية المصري إلى التنسيق مع الرياض في ملفات إقليمية عدة، بينها غزة وأمن البحر الأحمر، مؤكداً أن القاهرة والرياض هما جناحا الأمتين العربية والإسلامية ودونهما لن يصلح حالهما.

وحمَّل عبد العاطي إسرائيل مسؤولية تعثر الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة، وقال إن «الاتصالات مستمرة مع الجانب الأميركي لنقل الرؤية المصرية بشأن الكيانات الانتقالية، وعلى رأسها مجلس السلام وقوة الاستقرار»، مشدداً على موقف القاهرة بأن تكون قوة الاستقرار «قوة حفظ سلام لا فرض سلام». وتحدث عن حصر السلاح في غزة لا نزعه.

كما نفى عبد العاطي الاتهامات الموجهة لبلاده بلعب دور ميداني في السودان، مؤكداً دعم مصر للدولة ومؤسساتها، وعلى رأسها الجيش السوداني، وهو «ما لا يمكن مساواته مع أي ميليشيا أو أي إطار غير خارج الدولة»، على حد تعبيره.

وأشار وزير الخارجية إلى تطور العلاقات مع تركيا، مؤكداً أن «بناء الشراكات لا يعني التوافق في كل الملفات بنسبة 100 في المائة». كما جدد التأكيد على أن البحر الأحمر للدول المشاطئة، وشدَّد على حق بلاده في الدفاع عن أمنها المائي بعد وصول المفاوضات مع إثيوبيا إلى «طريق مسدود».

وبدا لافتاً تقاطع الاتصالات الأميركية - المصرية في ملفات عدة، من بينها غزة والسودان و«سد النهضة»، في إشارة واضحة إلى حوار وصفه عبد العاطي بـ«الإيجابي» بين القاهرة وواشنطن. وفيما يلي نص الحوار:

* نبدأ بملف غزة، رغم الجهود المبذولة لتنفيذ «خطة ترمب»، لماذا يتعذر الوصول للمرحلة الثانية من الاتفاق؟

- الأمر مرتبط بالتعاون والالتزام من الجانب الإسرائيلي بخطة الرئيس ترمب، وهي خطة واضحة تم تنفيذ المرحلة الأولى منها بالكامل باستثناء جثة وحيدة يتم البحث عنها وسط آلاف الأطنان من الركام والمتفجرات التي خلفها العدوان الإسرائيلي على غزة. نحن نعوّل على الدور الأميركي وقيادة ترمب للعمل على إنفاذ الخطة والانتقال إلى المرحلة الثانية، ورغم كل الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة يومياً، لا بد أن نعيد التأكيد على ضرورة تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار والمضي قدماً في تنفيذ المرحلة الثانية بكل استحقاقاتها، بما في ذلك إعادة الانتشار والانسحاب الإسرائيلي من داخل قطاع غزة، ووفقاً للخطة، ولما تضمنه أيضاً قرار مجلس الأمن 2803، ونرمز حالياً إلى الكيانات الانتقالية المؤقتة التي تم النص عليها في قرار مجلس الأمن، سواء ما يتعلق بمجلس السلام أو قوة الاستقرار الدولية أو اللجنة الإدارية الفلسطينية. نحن جاهزون، ولا بد من الضغط في اتجاه الدخول في المرحلة الثانية والعمل على تنفيذها.

* بمناسبة الحديث عن الكيانات الانتقالية، ما آخر تطورات تشكيل «مجلس السلام العالمي»؟

- نحن على تواصل مستمر مع الجانب الأميركي، لا سيما أن الولايات المتحدة معنية بشكل كامل بوضع خطة ترمب موضع التنفيذ على أرض الواقع. الاتصالات مستمرة مع الجانب الأميركي على كل المستويات، السياسي والأمني والاستخباراتي؛ بهدف تذليل أي مشاكل موجودة. ومصر بصفتها دولة عربية وإسلامية وواحدة من الدول الثماني التي اجتمعت بالرئيس الأميركي في نيويورك على هامش أعمال الجمعية العامة لأمم المتحدة ودعمت رؤيته، لديها تصور يتوافق مع الرؤية العربية والإسلامية، خاصة فيما يتعلق بهذه الأطر الانتقالية المؤقتة، ونحن نتفاعل ونتحاور مع الجانب الأميركي بشكل إيجابي.

نحن ننقل رؤيتنا بأن «مجلس السلام» مهم للغاية ولا بد من تدشينه، ولا بد من أن تتركز صلاحياته في تعبئة وحشد الموارد المالية الخاصة بتنمية غزة وإعادة إعمارها والتعافي المبكر، وأيضاً مراقبة صرف أموال إعادة الإعمار، وإذا كان هناك صندوق سيتم تدشينه من جانب البنك الدولي لهذا الغرض فلا بد أن يكون تحت رعاية هذا المجلس وإشرافه.

* ما آخر تطورات تشكيل «قوة الاستقرار»، وهل ستضم قوات من مصر ودول عربية؟

- نحن في حوار جدي وإيجابي مع الجانب الأميركي؛ لأن هذه القوة لا بد أن يكون طبيعتها حفظ السلام وليس فرض السلام، وهناك بون شاسع بين الاثنين. حفظ السلام يعني التركيز على مراقبة مدى التزام طرفي الاتفاق بوقف إطلاق النار، إضافة إلى المساعدة في تشغيل المعابر، أما فرض القانون أو إقرار النظام العام الداخلي فهذه صلاحيات أصيلة للشرطة الفلسطينية التي يتعين نشرها داخل قطاع غزة، وإلى جانب ذلك تؤكد مصر ضرورة تشكيل اللجنة غير الفصائلية، اللجنة «التكنوقراط»؛ لتتولى إدارة الأمور الحياتية في القطاع. ومصر قدمت قائمة من 15 اسماً هناك توافق بين الفصائل عليها.

* هل سيكون هناك مشاركة مصرية أو عربية في القوة الدولية؟

- بالتأكيد مصر تدعم تشكيل القوى الدولية، وهناك أطر مختلفة لتقديم الدعم اللوجستي والفني لهذه القوة. وبالتأكيد نحن منخرطون في أعمال القيادة والسيطرة، ومصر موجودة في «اللجنة المدنية العسكرية» في كريات غات بجنوب إسرائيل، والتي تم تشكيلها لمتابعة تنفيذ اتفاق شرم الشيخ.

* هناك حديث عن نزع سلاح حركة «حماس»، فهل يمكن أن توافق الحركة على ذلك؟

- خطة ترمب تتحدث عن حصر السلاح وتسليمه وليس نزع السلاح. وهذه أمور سيتم التفاهم بشأنها بين الفصائل الفلسطينية. وأعتقد أن هناك إمكانية في إطار التفاهم بين الفصائل للوصول إلى صيغة تتضمن تسليم الأسلحة بشكل متدرج في الإطار الفلسطيني - الفلسطيني.

* قدمت مصر خطة لإعادة إعمار غزة. وأعلنت استعدادها لاستضافة مؤتمر لتمويل إعادة الإعمار، فإلى أين وصلت الجهود؟

- هناك تنسيق كامل مع الجانب الأميركي على المستوى السياسي، وتحدثت مؤخراً مع وزير الخارجية ماركو روبيو وأيضاً مع جارد كوشنير. هناك حوار ممتد ننقل فيه رؤيتنا بشأن مكان وتوقيت عقد المؤتمر والاستفادة من الزخم الحالي.

* هل في موعد قريب؟

- حتى الآن لم يتم تحديد موعد، لكننا ننخرط في حوار مع الجانب الأميركي لتحديده.

* السعودية كانت من الدول الرئيسية الداعمة للحراك السياسي من أجل وقف الحرب في غزة والاعتراف بالدولة الفلسطينية، فكيف تقيّم العلاقات السعودية - المصرية؟ وكيف تصف دور المملكة إزاء الملفات الإقليمية المهمة؟

- علاقات المصرية والسعودية علاقات متميزة للغاية، وهي علاقات أبدية بين بلدين وشعبين شقيقين. وبالتأكيد مصر والمملكة هما جناحا الأمتين العربية والإسلامية، ولن ينصلح حالهما إلا بالتنسيق الكامل والتعاون الكامل بين جناحي الأمة.

هناك تنسيق على كل المستويات بين مصر والمملكة في ضوء توجيهات عليا من الرئيس السيسي وولي العهد الأمير محمد بن سلمان؛ للارتقاء بهذه العلاقات في كل المستويات الاقتصادية والتجارية والاستثماريّة، وفي مجالات الطاقة والمجالات القنصلية أيضاً.

التنسيق على المستوى السياسي في أبهى وأفضل حالاته. وقريباً سيتم عقد الاجتماع الأول لمجلس التنسيق الأعلى.

* متى يُتوقَع عقد الاجتماع؟

- يجري الآن الاختيار من بين مواعيد مختلفة، ونأمل أن يُعقَد في الربع الأول من العام المقبل.

* إلى أين وصلت الجهود المصرية لوقف الصراع في السودان؟

- الجهود المصرية مستمرة، ولا يمكن أن تتوقف على الإطلاق؛ لأن السودان هي الفناء الخلفي لمصر لذلك فالاتصالات المصرية مستمرة بشكل يومي على كل المستويات، سواء مع مجلس السيادة أو الحكومة أو الجيش السوداني، من منطلق الحرص المصري على الحفاظ على المؤسسات الوطنية، وفي مقدمتها الجيش الوطني، فضلاً عن الحفاظ على وحدة السودان وسيادته وسلامة أراضيه.

أما على مستوى الرباعية الدولية، فمصر في انخراط وتواصل مستمرين مع السعودية والإمارات والولايات المتحدة لبحث سبل وقف هذه الحرب المروعة، وتتواصل مصر مع الأمم المتحدة لحشد وتعبئة الموارد الإنسانية وفتح الممرات الإنسانية وإقامة ملاذات آمنة. كما ننسق أيضاً مع بريطانيا وقطر، وكلتاهما أبدت رغبة في الإسهام والمشاركة جنباً إلى جنب مع الرباعية الدولية. ولن نهدأ إلا بالتوصل إلى هدنة ووقف إطلاق نار بما يمهد إلى إقامة أو تدشين عملية سياسية شاملة لا تقصي أحداً. فما يحدث في السودان أمر يدمي القلوب ولا يمكن السماح أو القبول باستمراره.

* هل هذه الهدنة ممكنة في ظل استمرار النزاع واتهامات بدعم أطرافه؟

- هدف هذه الهدنة هو بالتأكيد تهيئة الظروف نحو وقف دائم لإطلاق النار بما يؤسس للعملية السياسية، نحن نسعى لهذا بما يحقق مصلحة السودان، ولا يمكن ولا نقبل بتقسيم السودان، أو نقبل بوضع مؤسسة الدولة السودانية على قدم المساواة مع أي كيانات موازية نرفضها تماماً ولا يمكننا أن نعترف بها.

* تُتَهم القاهرة عادة بأن لها دوراً ميدانياً فيما يخص الحرب السودانية، فهل هذا صحيح؟

- هذه أكاذيب. مصر لا تنخرط إلا في إطار وقف وخفض التصعيد. وموقف مصر واضح ومعلن، وهو مع الحلول السياسية والدبلوماسية؛ لأنه ببساطة شديدة لا يوجد حل عسكري للأزمة في السودان.

* تدعم مصر مؤسسات الدولة السودانية، فهل يتسبب موقف القاهرة الواضح إزاء طرفي الحرب في إرباك علاقاتها الإقليمية؟

- هناك طرف يمثل الدولة الوطنية ومؤسساتها ولا يمكن مساواته مع أي ميليشيا أو أي إطار غير خارج الدولة، وبالتالي فالحفاظ على الدولة ومؤسساتها وفي قلبها الجيش الوطني مسألة مهمة جداً ومفروغ منها.

* ألا يربك ذلك علاقات مصر الإقليمية؟

- لا، على الإطلاق.

* لا يمكن إغفال الوضع في ليبيا، فما موقف مصر من استمرار الأزمة؟

- الوضع في ليبيا يثير القلق، ولا يمكن أن نقبل بتكريس الانقسام الحالي بين الشرق والغرب، ولا بد من العمل على توحيد مؤسسات الدولة، وفي القلب منها الجيش الوطني والمؤسسات الأمنية؛ بهدف تهيئة الظروف نحو إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية بالتزامن. نحن نسعى لتحقيق ذلك، وكان هناك حوار مطول مع مبعوث الرئيس ترمب إلى أفريقيا مسعد بولس، أكّدنا خلاله على أنه لا مخرج للوضع في ليبيا سوى من خلال التحضير لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.

* المشير خليفة حفتر التقى الرئيس السيسي أخيراً بالقاهرة، وكان هناك حديث عن ملف ترسيم الحدود البحرية، وسبق لمصر أن أبدت اعتراضاً على اتفاقيات تركية - ليبية في هذا المجال، فما الخطوات التي تتخذها مصر في هذا الملف؟

- نعم، نحن لا نعترف بمذكرة التفاهم الموقَّعة بين الجانب التركي والحكومة «غير الشرعية» حكومة السراج آنذاك في الغرب، وأبلغنا مجلس الأمن والأمم المتحدة بهذا الموقف، ولدينا حوار مع الجانب الليبي حول الأمر الذي يعدّ مسألة ثنائية تخص البلدين.

* هل هناك حوار أيضاً مع الجانب التركي في هذا الإطار؟

نعم، هناك حوار عام ومشاورات على المستوى الوزاري وغير الوزاري، يتم خلالها تناول الأوضاع في ليبيا والعمل على تجاوز أي نقاط قد تكون خلافية. ومواقف مصر واضحة ومعلنة وسبق الحديث عنها في أنقرة وفي كل أنحاء العالم. والقاهرة تؤكد دائماً على ضرورة خروج القوات الأجنبية من ليبيا وتفكيك الميليشيات، وأن ترسيم الحدود البحرية مسألة ثنائية بين مصر وشقيقتها ليبيا.

* شهدت العلاقات المصرية - التركية تطورات في الآونة الأخيرة، فكيف يمضي مسار التقارب بين البلدين؟

- تمضي العلاقات بشكل جيد جداً ونعدّ حاليا للاجتماع الثاني لمجلس التنسيق الاستراتيجي المقرر عقده العام المقبل في القاهرة وبحضور الرئيس التركي رجب طيب إردوغان؛ كون الاجتماع الأول كان في أنقرة.

* هناك تباينات بين مواقف مصر وتركيا إزاء بعض الملفات الإقليمية، فكيف توازن مصر بين علاقاتها مع تركيا في ظل هذه التباينات؟

- هناك تنسيق مشترك، ونحن نبني شراكات، وليس معنى ذلك التوافق في كل الملفات بنسبة 100 في المائة؛ فهذا أمر يستعصي حتى ما بين الأشقاء. وبالتالي، نحن نبني على نقاط الاتفاق الموجودة ونحاول التوصل إلى تفاهمات حول النقاط العالقة.

* دعمت مصر الصومال وأكدت مراراً حرصها على استقرار منطقة القرن الأفريقي، لكن أحياناً ينظر لأي تحركات مصرية بأنها تستهدف الضغط على إثيوبيا؟ لماذا؟

- هذه أكاذيب وأوهام ولا علاقة لها بالواقع، مصر علاقتها بالصومال تمتد إلى آلاف السنين، وبالتالي نحن معنيون باستقراره. ولذلك؛ ستشارك مصر في بعثة حفظ السلام بناءً على طلب من الاتحاد الأفريقي ومن الحكومة الصومالية، وبهدف واحد هو تمكين الحكومة الصومالية من فرض سيطرتها ومكافحة الإرهاب.

* تدعم مصر الصومال ودول القرن الأفريقي، فما خطة مصر لأداء دورها إزاء الأمن في البحر الأحمر؟ ومع من تتعاون؟

- نحن معنيون أيضاً بقضية الاستقرار في القرن الأفريقي وأيضاً حوكمة البحر الأحمر، وننسق بشكل كامل مع السعودية والدول العربية والأفريقية المشاطئة للبحر الأحمر، وهناك توافق كامل بأن حوكمة هذه المنطقة، خليج عدن والبحر الأحمر، يخص الدول المشاطئة فقط ولا دخل لأي دولة أخرى، ولن نسمح بأي نفاذ بحري لأي أغراض عسكرية لأي دولة غير مشاطئة.

* يقودنا الحديث عن مساعي الدول غير المشاطئة للوجود على البحر الأحمر، إلى إثيوبيا وملف سد النهضة، فما خطة مصر للتعامل مع هذا الملف؟

- الموقف مصري واضح تماماً، وسبق أن أعلنا أن المسار التفاوضي وصل إلى طريق مسدود ولا مجال لاستئنافه حالياً؛ لأنه ليس ما يبرر ذلك بعد استنزاف 13 سنة في مفاوضات عبثية بسبب سوء النية من الطرف الآخر. ومصر تحتفظ لنفسها بحق الدفاع الشرعي عن النفس المكفول في ميثاق الأمم المتحدة إذا حدث ضرر لأمنها المائي.

* ما المسارات الأخرى بعد إيقاف المفاوضات؟ وفي ظل وجود السد كأمر واقع؟

- مصر تتابع الوضع على الأرض، وإذا حدث ضرر لأمنها المائي سيكون هناك رد فعل.

* هل تطمح مصر لوساطة أميركية في هذا الملف؟

- هناك حديث مع الجانب الأميركي ومع أطراف أخرى، لكن لن تحدث أي انفراجة في هذا الملف ما لم يعي الجانب الإثيوبي أن نهر النيل نهر عابر للحدود، ومن ثم فهو لا يخضع لسيادة إثيوبيا. والمجاري المائية العابرة للحدود مثل نهر النيل تخضع لقواعد القانون الدولي، خاصة فيما يتعلق بمبادئ الإخطار المسبق وعدم إحداث أي ضرر بالدول التي يمر بها النهر.

* كيف تنظر مصر إلى التطورات الأخيرة في سوريا؟ وهل لا تزال لدى القاهرة تحفظات إزاء الإدارة السورية الجديدة؟

- مصر يعنيها بشكل مبدئي وبشكل شديد الأهمية الاستقرار والخير لسوريا والشعب السوري، ونحن ندعم الشعب السوري بكل قوة وندين إدانة كاملة أي انتهاكات للسيادة السورية من جانب إسرائيل. وأنا على اتصال مع وزير الخارجية السوري وكنت قد التقيته مؤخراً في الدوحة. وإذا كانت هناك أي نصائح نقدمها، فإن ذلك من باب الأخوة والحرص على أمن سوريا واستقرارها ومساعدتها ودعمها في استرداد أراضيها المحتلة، والعمل على كف الجانب الإسرائيلي عن التدخل في شؤون سوريا.

نحن نتحدث عن أهمية الانفتاح لكل مكونات المجتمع السوري وعدم إعطاء الذرائع لأي دولة خارجية أن تنصّب نفسها داعمة لأي أقلية كما تحاول إسرائيل أن تفعل، ومن ثم نقول إن الدولة والحكومة السورية هي المعنية بشكل أساسي بتقديم كل الدعم والحماية والتواصل مع كل أطياف الشعب السوري.

أيضاً قضية المقاتلين الأجانب لا بد من التعامل معها، وكذلك قضية الإرهاب فلا يجب أن تكون سوريا قاعدة لتهديد أي دولة من دول المنطقة.

* قدمت مصر مبادرة إزاء لبنان؟ فما آخر تطورات الجهود المصرية؟

- نبذل جهوداً مكثفة، وكثيرة للغاية على كل المستويات مع كل الأطراف الدولية والإقليمية المعنية، وأجريت اتصالات مكثفة مع إسرائيل وإيران والولايات المتحدة لتجنيب لبنان ويلات أي تدخلات أو أي عمليات عسكرية تمس بمقدرات الشعب. ونحن نثمّن كل الخطوات التي اتخذها الجيش اللبناني وكل الإنجازات التي تحققت في منطقة جنوب الليطاني فيما يتعلق بفرض سيادة الدولة وسيطرتها، كما نثمن تأكيد الحكومة اللبنانية التزامها باتفاق وقف العدائيات الموقَّع العام الماضي وتنفيذه في كل ربوع لبنان وليس فقط في منطقة جنوب الليطاني. ومصر لا تدخر وسعاً لدعم لبنان وشعبها وقيادتها.


حراك أميركي - يمني لتعزيز الشراكة واحتواء خلافات الشرعية

العليمي استقبل في الرياض السفير الأميركي ستيفن فاغن (سبأ)
العليمي استقبل في الرياض السفير الأميركي ستيفن فاغن (سبأ)
TT

حراك أميركي - يمني لتعزيز الشراكة واحتواء خلافات الشرعية

العليمي استقبل في الرياض السفير الأميركي ستيفن فاغن (سبأ)
العليمي استقبل في الرياض السفير الأميركي ستيفن فاغن (سبأ)

أظهرت سلسلة لقاءات واتصالات أجراها سفير الولايات المتحدة لدى اليمن ستيفن فاغن، مع رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي اليمني، اتجاهاً أميركياً نحو تثبيت الشراكة السياسية والأمنية مع الحكومة اليمنية واحتواء الخلافات داخل معسكر الشرعية، في مرحلة تتسم بتعقيد المشهد المحلي، وازدياد التحديات الإقليمية المرتبطة بالأمن والاستقرار في اليمن.

وشملت هذه التحركات لقاءً جمع السفير فاغن برئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، أعقبه لقاء آخر مع عضو المجلس الشيخ عثمان مجلي، إلى جانب اتصال مرئي مع عضو المجلس اللواء سلطان العرادة، في سياق مشاورات تناولت مسار العلاقات الثنائية، والتطورات السياسية والعسكرية، والملفات ذات الأولوية، وفي مقدمها مكافحة الإرهاب، والتعامل مع تهديدات الحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق ما رشح عن هذه اللقاءات، فقد تركزت المباحثات مع رئيس مجلس القيادة على مستوى الشراكة اليمنية - الأميركية، والدور الذي تضطلع به واشنطن في دعم الدولة اليمنية، سواء على الصعيد السياسي في المحافل الدولية، أو في ملف مكافحة الإرهاب، وردع شبكات تهريب السلاح والتمويل المرتبطة بإيران. كما برز ملف الإصلاحات الحكومية كأحد محاور النقاش، في ظل الحاجة إلى دعم دولي مستمر يخفف من الضغوط الاقتصادية والإنسانية.

في هذا السياق، جرى التطرق إلى المستجدات في المحافظات الشرقية، وما رافقها من إجراءات أحادية، والجهود الإقليمية التي تقودها السعودية، والإمارات، لاحتواء التوتر، وإعادة تطبيع الأوضاع، بما يحافظ على التوافق داخل إطار الشرعية، ويمنع انعكاس الخلافات الداخلية على وحدة القرار الأمني والعسكري.

القيادة اليمنية شددت خلال هذه المشاورات على أهمية الالتزام بالمرجعيات الحاكمة للمرحلة الانتقالية، وفي مقدمتها إعلان نقل السلطة، واتفاق الرياض، بوصفها الإطار الناظم للشراكة السياسية، محذرةً من أن أي تجاوز لهذه المرجعيات قد يخلق فراغات تستغلها الجماعة الحوثية والتنظيمات الإرهابية، بما يفاقم التحديات الأمنية.

مقاربة أوسع

في اتصال مرئي أجراه السفير الأميركي ستيفن فاغن، مع عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني سلطان العرادة، برزت مقاربة أوسع لطبيعة المرحلة التي يمر بها اليمن، بوصفها مرحلة مركَّبة تتداخل فيها الأبعاد السياسية والعسكرية والاقتصادية.

وأكد العرادة أن مواجهة هذه التحديات تتطلب موقفاً دولياً أكثر صرامة، ودعماً عملياً يمكّن الحكومة من استعادة مؤسسات الدولة، وتجفيف مصادر تمويل الميليشيات، ومنع تقويض الجهود الأممية. وفق ما أورده الإعلام الرسمي.

التحذير من تداعيات التساهل الدولي مع الممارسات الحوثية شكّل نقطة تقاطع في هذه النقاشات، إذ اعتُبر هذا التساهل عاملاً مشجعاً على استمرار التصعيد، وعرقلة مساعي السلام، وخلق بيئة غير مستقرة تؤثر على الأمن اليمني والإقليمي، وعلى خطوط الملاحة الدولية.

السفير الأميركي مجتمعاً مع عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني عثمان مجلي (سبأ)

أما لقاء السفير الأميركي مع عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني عثمان مجلي، فقد ركّز على أبعاد التهديد الإيراني في اليمن، ودور طهران في دعم القدرات العسكرية للحوثيين، وما يمثله ذلك من خطر على الداخل اليمني، ودول الجوار، والأمن البحري في البحرين الأحمر والعربي.

كما جرى تأكيد دور تحالف دعم الشرعية في الحفاظ على السلم الاجتماعي في المناطق المحررة، ودعم مؤسسات الدولة، والبنك المركزي، لاستكمال الإصلاحات الاقتصادية.

وحسبما أورد الإعلام الرسمي اليمني، أعاد السفير الأميركي تأكيد ثوابت موقف بلاده الداعم لوحدة اليمن، وسلامة أراضيه، ووحدة مجلس القيادة الرئاسي والحكومة، والتزام واشنطن بالشراكة في مكافحة الإرهاب، والتخفيف من المعاناة الإنسانية، وتعزيز فرص الاستقرار والتنمية.