لبنان: إقحام السفيرة الأميركية في استهداف «الشيعة» بأقوال منسوبة إلى عامل سوري

نقل ملف النيترات من «المعلومات» إلى «المخابرات» يثير لغطاً سياسياً

TT

لبنان: إقحام السفيرة الأميركية في استهداف «الشيعة» بأقوال منسوبة إلى عامل سوري

أثار نقل ملف التحقيق في نيترات الأمونيوم؛ التي صودرت من شاحنة كانت تنقلها من مستودع خزّنت فيه ببلدة بعلبك وهي في طريقها إلى منطقة بقاعية أخرى، من «شعبة المعلومات» في قوى الأمن الداخلي إلى «مديرية المخابرات» في الجيش اللبناني لغطاً لم يظهر إلى العلن، وإن كان التذرّع بنقله يتسلح بالقانون الذي يحصر في الأخيرة النظر في كل ما يتعلق بالمتفجرات رغم أنه كان سبق لـ«المعلومات»، وبناءً على طلب النيابة العامة التمييزية، أن تولت التحقيق في الانفجار الذي استهدف مرفأ بيروت فور حدوثه.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصدر وزاري بأن اللغط لا يعود إلى نقل الملف فحسب؛ وإنما أيضاً إلى الطريقة التي اتُّبعت منذ اللحظة الأولى لمصادرة 20 طناً من النيترات كانت تنقلها الشاحنة، من قبل مفرزة الشرطة القضائية التابعة لقوى الأمن الداخلي التي طُلب منها إحاطة المصادرة لهذه الكمية من الأطنان بسرّية تامة وعدم إبلاغ أي جهة بحدوثها.
وأكد المصدر الوزاري أن الطلب جاء من قبل مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي، «لكن سرعان ما أبطل مفعوله؛ لأن المفرزة التي صادرتها تابعة لوحدة الشرطة القضائية، وهي من الوحدات التابعة لقوى الأمن الداخلي، مما استدعى تدخّلاً من قيادتها التي كلّفت شعبة المعلومات بإجراء التحقيقات الأولية بناء على إشارة من النيابة العامة التمييزية».
وفي هذا السياق، لفت مصدر سياسي مواكب للتحقيقات الأولية التي تولتها شعبة المعلومات، إلى أن نقل الملف منها إلى القضاء العسكري، ومن خلاله لمديرية المخابرات في الجيش، جاء على خلفية أن ما سمّي «الشاهد الملك» كان «طالب بذلك، بذريعة أن أمنه الشخصي سيتعرض للخطر في حال أوكل إلى (المعلومات) الاستمرار في التحقيق».
وكشف عن أن «الشاهد الملك»؛ الذي يُعتقد أنه المسؤول عن المستودع الذي خُزّنت فيه نيترات الأمونيوم والعائد لصاحبه الموقوف لدى مديرية المخابرات سعد الله الصلح، بناء على إشارة القضاء المختص، «لم تصدر بحقه مذكرة توقيف، وهو يخضع حالياً للاستماع إلى ما لديه من معلومات».
ورجّح المصدر نفسه أن يكون «الشاهد الملك» هو «أ.ز» الذي كان أدلى بمعلومات ذكر فيها أن إبراهيم الصقر؛ شقيق الموقوف في ملف نيترات الأمونيوم التي صودرت مارون الصقر، «كان التقى سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا وخططا معاً لتنفيذ مخطط يقضي بتلبيس الثنائي الشيعي (طربوشاً) يحمّله مسؤولية حيال أطنان النيترات التي صودرت والتي جاءت بتركيبتها مطابقة لتلك التي تسببت في الانفجار الذي استهدف مرفأ بيروت، حيث إنه تبيّن من خلال الفحوص المخبرية التي أُجريت لها أن درجة (الآزوت) فيهما بلغت 34.7 وهي تستخدم لتفجير الصخور ولا تصلح لاستخدامها أسمدة زراعية».
ومع أن السفارة الأميركية في بيروت سارعت إلى نفي التهمة التي أُلصقت بالسفيرة شيا وعدّتها من نسج الخيال، فقد تبين؛ بحسب المصدر نفسه واستناداً إلى الأقوال التي أدلى بها «الشاهد الملك»، أن الأخير «اعتمد في سرده على وجود مخطط توافق عليه إبراهيم الصقر مع السفيرة الأميركية، على أقوال نقلها إليه أحد العمال من التابعية السورية يعمل لدى الصقر».
ورأى المصدر أن ما أدلى به «الشاهد الملك» في هذا الخصوص «يكاد يوحي بأن هذا العامل شارك في اجتماع الصقر - شيا، أو أنه حصل على محضر اجتماعهما بطريقته الخاصة، وهذا ما أدى إلى التشكيك في أقواله المنقولة عن العامل السوري قبل تظهيرها إلى العلن على نطاق واسع؛ لأن مثل هذا (السيناريو) يعوزه ما يوثّقه من أدلة وبراهين»، وقال إنه «ليس في موقع الدفاع عن السفيرة الأميركية ولا عن سياسة الولايات المتحدة بمقدار ما أن مثل هذه الرواية لا يصدقها عاقل حتى من قبل من يشهرون سيف العداء لسياستها في لبنان أو في المنطقة».
لذلك؛ فإن اللغط الذي أثاره نقل الملف من «المعلومات» إلى المخابرات لا يمت بصلة مباشرة إلى التحقيق الذي تتولاّه الأخيرة الذي يفترض أن يحاط بسرية تامة كما هو حادث الآن وقبل أن تتسلم ملف التحقيق الذي استبق الكشف عما يسمى وجود مخطط بين إبراهيم الصقر والسفيرة الأميركية لاستهداف الثنائي الشيعي وإنما يتجاوزه؛ لأن مجرد نقله بهذه الطريقة يؤدي إلى ضرب هيبة «المعلومات» والتشكيك في نزاهتها التي تتبعها في الملفات التي أُحيلت إليها للتحقيق فيها؛ وتحديداً تلك المتعلقة بملاحقة المجموعات الإرهابية وتوقيف أبرز الرموز فيها، إضافة إلى العمليات الاستباقية التي نفّذتها لإخراج خلاياها النائمة من مخابئها.
وعلمت «الشرق الأوسط» بأنه سبق لـ«المعلومات» أن تولّت التحقيق في الملفات ذات الصلة بالعمليات الانتحارية التي نفذتها المجموعات الإرهابية وحققت، مثل سواها من القوى الأمنية، وعلى رأسها الجيش، إنجازات كانت موضع إشادة على المستويين المحلي والدولي، وبالتالي ليس هناك من مبرر لنقل الملف بناء على تذرّع «الشاهد الملك» بأن حياته ستكون معرّضة للخطر إذا ما تقرّر اقتياده إلى مقر «المعلومات» للتحقيق معه.
وهذا ما أثار، بحسب المصدر، حفيظة وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام المولوي الذي بادر إلى التصرف بصفته مسؤولاً وعبّر عن موقفه في الوقت المناسب على خلفية أنه من غير الجائز التشكيك في دور «المعلومات» وصولاً إلى «التعرض لمصداقيتها وضرب هيبتها؛ وهي واحدة من الأجهزة الاستخبارية المشهود لها بقدراتها وإنجازاتها ونزاهتها في تعاطيها مع الملفات التي توكل إليها من قبل القضاء المختص».
وعليه؛ فإن نقل الملف بهذه الطريقة ما هو إلا دعسة ناقصة كان من «نصح» بنقله في غنى عنها، وإن التحفّظ على نقله بهذا الأسلوب لا يشكل انتقاصاً من دور المخابرات في مواصلة التحقيق في ملف النيترات؛ وإن كان قد أدى إلى طرح علامة استفهام كبيرة؛ لأن الذرائع التي تذرّع بها من كان وراء نقل التحقيق لا تُصرف في مكان، ولم يكن مضطراً لإقحامه في تجاذبات سياسية أسوة بتلك التي تحاصر التحقيق في انفجار المرفأ قبل أن تتسلمه المخابرات للنأي به عن الفخاخ السياسية التي تحيط به، وصولاً إلى تبيان الحقيقة بعيداً عن المهاترات.



الداخلية السورية تعلن مقتل شخص واعتقال 8 بعملية أمنية ضد خلية لـ«داعش»

من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)
من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)
TT

الداخلية السورية تعلن مقتل شخص واعتقال 8 بعملية أمنية ضد خلية لـ«داعش»

من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)
من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)

أعلنت السلطات السورية، الثلاثاء، أن قواتها قتلت زعيم خلية مرتبطة بتنظيم «داعش» واعتقلت 8 آخرين، على خلفية الهجوم الدامي الذي استهدف، الأحد، قوات الأمن بشمال البلاد.

ووفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية، قالت الوزارة في بيان إن العملية «استهدفت موقع خلية إرهابية تتبع لتنظيم (داعش) الإرهابي»، وأدت العملية إلى «إلقاء القبض على جميع أفراد الخلية وعددهم 8، وحُيّد (قُتل) العنصر التاسع، متزعم الخلية، أثناء المداهمة».

وأفادت الوزارة بعملية أمنية ثانية بناء على المعلومات التي جمعتها من العملية الأولى، وأسفرت العمليتان عن «ضبط أحزمة ناسفة، وكواتم صوت، وصواريخ من نوع ميم-دال، إلى جانب أسلحة رشاشة».

وقالت الداخلية إن المجموعة المستهدفة «مسؤولة عن تنفيذ عدد من العمليات الإرهابية التي استهدفت دوريات أمنية وعسكرية في محافظتي إدلب وحلب».

وتأتي هذه العملية بعد هجوم استهدف، الأحد، دورية لإدارة أمن الطرق في ريف إدلب، ما أسفر عن مقتل أربعة من عناصر قوى الأمن الداخلي وإصابة خامس، حسب وزارة الداخلية السورية.

وأفادت وكالة الأنباء الرسمية «سانا» بأن مسلحين أطلقوا النار على الدورية أثناء تنفيذ مهامها على طريق معرة النعمان جنوب المحافظة.

وتبنى تنظيم «داعش» لاحقاً الهجوم، وفق ما أورده موقع «سايت» المتخصص في شؤون الجماعات الجهادية.

ويأتي ذلك بعد أيام من استهداف وفد عسكري مشترك في مدينة تدمر وسط سوريا، ما أدى إلى مقتل ثلاثة أميركيين، بينهم جنديان ومدني يعمل مترجماً، إضافة إلى إصابة عناصر من القوات الأميركية والسورية، حسب واشنطن ودمشق.


تسهيلات مصرية لمستثمرين في السياحة بسيناء لتعويض خسائر حرب غزة

أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)
أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)
TT

تسهيلات مصرية لمستثمرين في السياحة بسيناء لتعويض خسائر حرب غزة

أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)
أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)

أقرت مصر حزمة واسعة من التسهيلات لمستثمري منطقة طابا ونويبع، الواقعتين على شاطئ البحر الأحمر بجنوب سيناء، بعد تضرر الأنشطة السياحية هناك على مدار العامين الماضيين، نتيجة الحرب في قطاع غزة والتوترات الأمنية المحيطة بالمنطقة.

وبحسب تصريحات إعلامية لرئيس الهيئة العامة للتنمية السياحية في مصر، مصطفى منير، فإنه تمت الموافقة من جانب إدارة الهيئة على منح المستثمرين عاماً إضافياً لتأجيل سداد المديونيات، مع وقف المطالبة بالسداد لمدة 18 شهراً دون فوائد، لافتاً إلى أن هذه القرارات جاءت استجابة لمطالب المستثمرين وبعد عدة اجتماعات ميدانية وجولات تفقدية للمنطقة.

وتضمنت حزمة التسهيلات المقررة مد فترة الإعفاء من سداد قيمة الأراضي إلى 3 سنوات بدلاً من عامين، إلى جانب تجميد المديونيات لمدة سنة ونصف السنة دون فرض أي أعباء إضافية.

وأوضح أن المنطقة تعرضت لضغوط استثنائية أدت إلى توقّف غالبية المقاصد السياحية، مشيراً إلى أن عدد الفنادق العاملة حالياً لا يتجاوز 6 فنادق من بين 55 فندقاً مسجلة في المنطقة.

حوافز حكومية لمنتجعات جنوب سيناء في مصر لتنشيط السياحة (هيئة تنشيط السياحة)

وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2023، أشارت تقارير إعلامية مصرية إلى «إغلاق نحو 90 في المائة من المنشآت السياحية في مدينتي طابا ونويبع الواقعتين بسيناء على شاطئ البحر الأحمر وتراجع معدل الإشغالات الفندقية في منتجع شرم الشيخ ومدن جنوب سيناء نتيجة الحرب على غزة».

الدكتور يسري الشرقاوي، مستشار الاستثمار الدولي ورئيس جمعية رجال الأعمال المصريين الأفارقة، عدّ التسهيلات المالية التي تقدمها الحكومة المصرية لمساندة المشروعات السياحية المتعثرة خطوة مهمة، لكنها لا تمثل حلاً كاملاً في مواجهة تداعيات الظروف الجيوسياسية الراهنة، مشدداً على ضرورة تبني استراتيجية متعددة المحاور.

وقال الشرقاوي، لـ«الشرق الأوسط»: «تُعد السياحة أحد أهم المصادر للعملة الصعبة في مصر، وكان تأثير الظروف الجيوسياسية على مناطق سيناء، خصوصاً المناطق الجنوبية المتضررة جغرافياً، تأثيراً مباشراً وحاداً».

وتابع: «اليوم، تنظر الحكومة المصرية إلى عام 2026 بوصفه عاماً مرتقباً للهدوء النسبي والاستقرار، وهو العام الذي سيأتي أيضاً بعد شهور من الافتتاح الكامل للمتحف المصري الكبير، والتدابير المتخذة تهدف إلى جعل عام 2026 عاماً ذهبياً لقطاع السياحة إذا ما تلاشت التأثيرات الخارجية»، مؤكداً أن الحلول المالية المطروحة حالياً ستسهم في سداد الفواتير الكبيرة المستحقة على أصحاب المشروعات السياحية المتعثرة في سيناء، ومتوقعاً المزيد من المساعدات التدريجية في هذا الصدد.

وبحسب تصريحات رئيس الهيئة العامة للتنمية السياحية في مصر، مصطفى منير، فإن الهيئة حرصت على جمع مطالب المستثمرين، وإقرار ما يدعم استمرارية النشاط في المنطقة التي تمثل أحد أهم المقاصد في جنوب سيناء.

واستقبلت مصر، وفق بيانات رسمية 15.7 مليون سائح خلال عام 2024، ما يُعدّ أعلى رقم تحققه البلاد في تاريخها. كما أعلنت زيادة أعداد السائحين خلال الربع الأول من العام الحالي 2025 بنسبة 25 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، رغم التحديات الجيوسياسية التي تواجهها المنطقة.

ودعا الشرقاوي إلى ضرورة تدخل أوسع من الحكومة على 3 محاور متزامنة لضمان جذب أعداد أكبر من السائحين؛ أولها المحور الدبلوماسي والسياسي، عبر استمرار الجهد المكثف، ممثلاً في وزارة الخارجية وتحت توجيهات القيادة السياسية، لضمان التحسن التدريجي المستقر في الظروف الجيوسياسية وتلاشي أثرها، إلى جانب الترويج النوعي، من خلال إعداد وزارة السياحة والآثار المصرية برامج ترويجية جاذبة تستهدف إعادة تثبيت الرؤية الآمنة لأسواق السياحة الدولية تدريجياً، خاصة للوافدين إلى سيناء.

وتابع: «كما يجب أن يكون هناك ترويج مدعوم للسياحة الداخلية للحفاظ على نسب الإشغال داخل هذه المنطقة، فلا يمكن لأي منطقة في العالم أن تتجاوز جميع الآثار إلا إذا تضافرت الأيدي الداخلية مع الدعم الخارجي».


«الخط الأصفر» يشعل التوترات بين مصر وإسرائيل

منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

«الخط الأصفر» يشعل التوترات بين مصر وإسرائيل

منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)

في وقت تحدث فيه إعلام إسرائيلي عن زيادة وتيرة التوتر بين مصر وإسرائيل في الفترة الحالية، بسبب ممارسات حكومة بنيامين نتنياهو في قطاع غزة، قال مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأجهزة المصرية رصدت ما تقوم به إسرائيل من مخالفات لاتفاق شرم الشيخ، وأعدت به ملفاً وأبلغت به واشنطن للتأكيد على أن القاهرة ملتزمة ومصرة على تنفيذ الاتفاق».

ووفق عسكريين سابقين بمصر، فإن «القاهرة ترى في ممارسات إسرائيل بغزة محاولة للتملص من خطة ترمب المتفق عليها، واللجوء لترسيخ وجود عسكري إسرائيلي دائم فيما يعرف بالخط الأصفر بغزة، مما يهدد الأمن القومي المصري».

و«الخط الأصفر» هو خط تقسيم يفصل قطاع غزة إلى جزأين، وفقاً لخطة السلام الموقعة بشرم الشيخ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بحضور الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وهي الخطة التي تهدف إلى إنهاء حرب غزة. ويفصل الخط الأصفر 47 في المائة من الأراضي في المنطقة الغربية التي يسيطر عليها الفلسطينيون، عن 53 في المائة من قطاع غزة التي تسيطر عليها إسرائيل، وتقريباً جميع الفلسطينيين في غزة نزحوا إلى المنطقة الغربية من الخط.

قمة مرتقبة بين ترمب ونتنياهو آخر الشهر تناقش خطة السلام في غزة (أ.ف.ب)

وكشف تقرير لـ«القناة 14» الإسرائيلية عن نشاط للجيش الإسرائيلي فيما يعرف بـ«الخط الأصفر»، وتعديل التضاريس الجغرافية لقطاع غزة، وهو ما تعدّه القاهرة «تهديداً مباشراً لمصالحها الإقليمية»، وفق القناة، التي ذكرت أن «ذلك أغضب مصر ودفعها للشكوى إلى الولايات المتحدة، متهمة إسرائيل بأنها تعمل على تقسيم قطاع غزة إلى جزأين، وتغيير التركيبة الديموغرافية والتضاريسية للمنطقة».

وحسب التقرير، فإن القاهرة «تنظر بقلق بالغ لما يجري في قطاع غزة، خصوصاً بعد تصريحات رئيس الأركان الإسرائيلي إيل زامير، حول الخط الأصفر، باعتباره خطاً دفاعياً وهجومياً جديداً»، حيث إن نشاط الجيش الإسرائيلي في المنطقة «الصفراء» - الذي يشمل تدمير بنية تحتية للأنفاق وهدم منازل - «يفسر في القاهرة على أنه استعداد لترسيخ وجود عسكري طويل الأمد في غزة، ما دفع مصر إلى التحرك الدبلوماسي العاجل باتجاه واشنطن»، وفق القناة العبرية.

وأكد نائب مدير المخابرات الحربية ورئيس جهاز الاستطلاع السابق بمصر، لواء أركان حرب أحمد كامل، أن «مصر غاضبة بشدة من محاولات إسرائيل التملص من التزامها بخطة السلام المتفق عليها، وتحركاتها في المنطقة الصفراء توحي برغبتها في تثبيت وجود عسكري دائم في غزة وقرب الحدود المصرية، مما يمثل تهديداً للأمن القومي المصري».

مصادر تتحدث عن اشتراطات مصرية لعقد قمة بين السيسي ونتنياهو (إعلام عبري)

كامل، وهو مستشار بالأكاديمية العسكرية المصرية للدراسات العليا والاستراتيجية قال لـ«الشرق الأوسط»: «الموقف المصري واضح ومحدد وثابت في عده قضايا رئيسية تخص الأمن القومي المصري، ويقوم على أن السلام هو الهدف الرئيسي والاستراتيجي للسياسة الخارجية المصرية، واحترام مصر للاتفاقيات الموقعة مع الجانب الإسرائيلي، خصوصاً اتفاقيه السلام الموقعة عام 1979، والملحق العسكري المرفق بالاتفاقية وتعديلاته الخاصة بزيادة أعداد القوات المسلحة المصرية في سيناء، وضرورة احترام إسرائيل للاتفاقيات الموقعة بين الجانبين».

وأوضح أن «هناك اشتراطات مصرية للتهدئة مع إسرائيل تتعلق بتنفيذ اتفاق غزة طبقاً لمبادرة الرئيس الأميركي ترمب بمراحلها المختلفة، والبدء فوراً في المرحلة الثانية دون عرقلة أو أسباب واهية، مع التأكيد على تثبيت وقف إطلاق النار الدائم والتحول إلى مرحلة السلام، وقيام إسرائيل بالتنفيذ الدقيق للاتفاقية ودخول المساعدات الإنسانية بالكميات المتفق عليها، وفتح معبر رفح في الاتجاهين».

ومن الشروط كذلك بحسب كامل، «رفض مصر الهجرة القسرية أو الطوعية لسكان قطاع غزة، وكذلك الإجراءات الإسرائيلية بالضفة الغربية الخاصة بإقامة المستوطنات وضم الضفة الغربية لإسرائيل، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من كامل أراضي القطاع بما فيها محور فيلادلفيا والعودة لحدود 7 أكتوبر 2023، والتأكيد أن الوجود الإسرائيلي الحالي هو وضع مؤقت مرهون بتطور تنفيذ مراحل الاتفاق، وأن الخطوط الملونة ومنها الخط الأصفر، هي خطوط وهمية لا يعتد بها».

الشرط الرابع، وفق كامل، متعلق بـ«مدى تجاوب نتنياهو وحكومته مع المطالب العربية الواضحة في المبادرة العربية، والخاصة بالانسحاب من الأراضي العربية المحتلة، والشروع والموافقة على حل الدولتين وعدم التهجير للفلسطينيين؛ سواء بغزة أو الضفة، وإبداء النوايا الحسنة الخاصة بحسن الجوار وعدم الاعتداء، والتجاوب مع المطالب الدولية الخاصة بإخلاء المنطقة من التهديد بالسلاح النووي، وانضمام إسرائيل للاتفاقيات الدولية بذات الشأن».

مسلحون من «حماس» يرافقون أعضاء «الصليب الأحمر» نحو منطقة داخل «الخط الأصفر» الذي انسحبت إليه القوات الإسرائيلية في مدينة غزة (أرشيفية - رويترز)

ويعتقد أن «مصر لن تتجاوب مع المساعي الأميركية والإسرائيلية الخاصة بعقد اجتماع بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، دون تقديم إسرائيل مبادرة واضحة ومحددة لرغبتها في السلام واستقرار المنطقة، وتكون قابلة للتنفيذ».

وذكرت التقارير الإسرائيلية أن الولايات المتحدة حاولت فعلياً تنظيم قمة ثلاثية في واشنطن؛ بين السيسي ونتنياهو بحضور ترمب، لكن الفكرة ارتطمت بجدار الشروط المصرية التي وصفها الإعلام العبري بـ«غير المقبولة» من وجهة النظر الإسرائيلية، لكن التقارير ذاتها أشارت إلى أن القاهرة تتوقع أن يمارس ترمب ضغوطاً خلال لقائه المرتقب مع نتنياهو في فلوريدا نهاية الشهر الحالي، لـ«كبحه» والحد من خطواته في غزة.

وقال رئيس الأركان السابق للجيش المصري، اللواء سمير فرج، إن «هناك تعويلاً كبيراً على القمة التي ستعقد بين ترمب ونتنياهو ومخرجاتها، وإن ترمب بالقطع سيضغط على نتنياهو للالتزام بخطة السلام في غزة، التي تحمل اسم ترمب شخصياً».

ونوه فرج في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، بأن مصر ستقيم الموقف في إطار ما ستتمخض عنه قمة ترمب ونتنياهو، ولكن في الوقت ذاته، فإن موقفها واضح وثابت في أنها لا تقبل أبداً بتثبيت الوجود العسكري الإسرائيلي في الخط الأصفر، أو في أي منطقة من غزة، وكل ما تفعله حكومة نتنياهو تدرك القاهرة تماماً أنه محاولة لعرقلة خطة السلام التي تنص على الانسحاب الكامل للجيش الإسرائيلي من جميع أراضي غزة.