«بيتزا إيطاليانا» من بنك للأقمشة إلى مطعم يحاكي العصر بأطباقه التقليدية

وُلد من رحم الإقفال في عز «كورونا» وفي قلب حي المال بلندن

لحم ضأن مع الخضراوات
لحم ضأن مع الخضراوات
TT

«بيتزا إيطاليانا» من بنك للأقمشة إلى مطعم يحاكي العصر بأطباقه التقليدية

لحم ضأن مع الخضراوات
لحم ضأن مع الخضراوات

أقفلت مطاعم كثيرة أبوابها بسبب الجائحة، وفتحت مطاعم جديدة أبوابها، هذا هو المشهد العام للمطاعم في العاصمة البريطانية حالياً: مطاعم عريقة قديمة لم تستطع الوقوف في وجه الإقفال و«بريكست»، فمنها ما اضطر إلى تقليص عدد الموظفين، ومنها من تركه العاملون بسبب قوانين العمل الجديد بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي. ولكن في الوقت نفسه، تحدى بعض رجال الأعمال المحنة، واستمروا في مشاريعهم، وافتتحوا مطاعمهم في أسوأ الأوقات.
«بيتزا إيطاليانا» (Piazza Italiana) تحدى الوضع لأكثر من سبب؛ الأول لأنه فتح أبوابه في فبراير (شباط) الماضي، في فترة صعبة جداً مرت على البلاد؛ والثاني هو موقع المطعم الإيطالي الراقي في قلب وسط لندن المالي، حيث تقع أهم البنوك العالمية، والمعروف عن هذا القسم من العاصمة أنه يتنفس خلال اليوم، ويغط في نوم عميق في المساء، مع انتهاء دوام المصرفيين والعاملين في البنوك. ويقع المطعم في شارع (Threadneedle). وكما يدل الاسم، فهذا الشارع كان عنواناً لأهم الأبنية التي كانت تستعمل في تخزين الكتان والأقمشة، فالمبنى الذي يضم المطعم المؤلف من طابقين كان في الماضي البنك البريطاني الرسمي للأقمشة والكتان، وهو يعد من بين المباني التاريخية المدرجة في القائمة الثانية من الإرث المعماري في المدينة.
ويقدم المطعم المأكولات الإيطالية التقليدية في أجواء وديكور وفخافة مهيبة. فعند دخولك للمطعم، تشعر برهبة من علو الأسقف والنوافذ العملاقة والرخام الذي يغلف الجدران على شكل قناطر، وثمة غرف خاصة تناسب اجتماعات العمل والمناسبات العائلية الخاصة، وسلم يأخذك إلى الطابق العلوي الذي ترى من خلال الزجاج الذي يسوره ما يدور في الطابق السفلي، وجلسات كثيرة يطغي على كراسيها الجلد الطبيعي بلونين لا أكثر: البيج والبني، الكلاسيكية موجودة في المكان الذي لا يمكن التحكم بتغييره بسبب عراقته وكونه إرثاً تاريخياً.
وقد بدأ المطعم عمله من موسكو، وتحديداً في مدينة ريغا العتيقة، وقام رجل الأعمال فكتور رافديف بعقد شراكة مع الإيطالي ريمو ماتزكاتو، المولود في صقلية صاحب المطعم الأصلي، لجلب الفكرة إلى لندن.
ولائحة الطعام في «بيتزا إيطاليانا» تضم وصفات من شتى أنحاء إيطاليا، وفيها السمك واللحم والباستا، وكثير من «كارباتشيو» اللحم والسمك، بالإضافة إلى وصفات تقليدية بسيطة للباستا، مثل «كاتشيو إي بيبيه»، والمعكرونة مع الكمأة، وأخرى مع ثمار البحر.
والأطباق تتبدل مع تبدل الفصول، وهذا ما يجعلها تعتمد على المنتجات الطازجة في مواسمها الحقيقية، ولكن تبقى هناك بعض الأطباق التي تحمل توقيع الشيف الرئيس متوفرة على اللائحة طيلة أيام السنة، مثل كارباتشيو سمك السي باس ورافيولي السلطعون والتاليوليوني بالكمأة.
المطعم جميل، ولكن ينقصه بعض الألوان، وهذا ما تعمل عليه الإدارة. كما أن موقعه في حي المال والأعمال، لذا فالوصول إليه عبر السيارة صعب جداً، وينصح بالذهاب إليه بواسطة مترو الأنفاق، وأقرب محطة هي «بنك» التي تقع على مسافة 3 دقائق مشياً على الأقدام، أو بواسطة التاكسي. كما أن ساعات العمل تبدأ يومي الثلاثاء والأربعاء من 12 ظهراً حتى العاشرة مساء، ويومي الخميس والجمعة من 12 ظهراً حتى منتصف الليل، والسبت من الساعة السادسة مساء حتى الحادية عشرة.
المطعم جميل، وهو يناسب الاجتماعات الخاصة بالعمل خلال النهار، فنوعية الزبائن تختلف بين النهار والليل، ففترة النهار تعتمد على العاملين في القطاع المصرفي والمالي، أما فترة الليل فتجذب الذواقة الباحثين عن الطعام الإيطالي التقليدي في أجواء من الرفاهية والتقليد المعماري الإنجليزي الأصيل الذي يتسم به الحي المالي (شرق لندن) بشكل عام، فأنصحك بالذهاب إلى المطعم بعد المشي في المنطقة المحيطة به، والتركيز على روعة المباني الفريدة من ناحية التصميم والإبداع في التنفيذ.



المطبخ العراقي على لسان السفراء الأجانب

الطريقة التقليدية لطهي سمك المسكوف (أ.ف.ب)
الطريقة التقليدية لطهي سمك المسكوف (أ.ف.ب)
TT

المطبخ العراقي على لسان السفراء الأجانب

الطريقة التقليدية لطهي سمك المسكوف (أ.ف.ب)
الطريقة التقليدية لطهي سمك المسكوف (أ.ف.ب)

في مقطع فيديو ظهر السفير البريطاني لدى العراق ستيفن هيتش الذي يجيد ليس اللغة العربية فقط، بل اللهجة المحلية العراقية ظهر مع وزيرة الداخلية البريطانية إيفت كوبر في شارع المتنبي وسط العاصمة العراقية بغداد. وشارع المتنبي الذي تعرض للتفجير عام 2006 أيام الحرب الأهلية في العراق أعيد بناؤه بمبادرة من الرئيس العراقي السابق برهم صالح أيام كان نائباً لرئيس الوزراء العراقي عام 2006 بحيث بدا في حلة جديدة تماماً، يجمع بين بيع الكتب وكل أنواع لوازم الثقافة والكتابة، بما في ذلك انتشار عدد من دور النشر والتوزيع فيه إلى انتشار المطاعم والكافيهات والمقاهي وأشهرها المقهى المعروف بمقهى «الشابندر». وهذا الشارع غالباً ما يكون من بين أحد محطات الزوار العرب والأجانب الذي يقومون بزيارات رسمية أو سياحية إلى العراق. ومع أن وسائل الإعلام العراقية تولي أهمية خاصة لهذا الشارع كل يوم جمعة، حيث يزدحم بالزوار والمتبضعين، وذلك للقيام بقصص إخبارية عنه بما في ذلك الفعاليات الثقافية والفنية التي تقام فيه، لكن ما يقوم به بعض السفراء الأجانب لدى العراق ومنهم السفير البريطاني يعد أمراً لافتاً جداً ولا ينافسه في ذلك سوى السفير الياباني الذي غالباً ما يرتدي في بعض المناسبات الشماغ، والعقال العراقي.

ومع كل ما يمكن أن تمثله مظاهر الحياة في العراق بوصفها مادة لوسائل الإعلام وبخاصة العربية والعالمية، لكن غالباً ما يكون المطبخ العراقي هو القاسم المشترك في علاقة السفراء الأجانب في العراق.

دولمة عراقية (أدوبي ستوك)

«لبلبي» في شارع المتنبي

وبالتزامن مع ظهور السفير الياباني لدى العراق فوتوشو ماتسوتو مؤخراً وهو يؤدي النشيد الوطني العراقي مرتدياً الشماغ العراقي كان السفير البريطاني لدى العراق ستيفن هيتش يصطحب وزيرة الداخلية البريطانية إيفت كوبر التي كانت تقوم بزيارة إلى العراق في شارع المتنبي. الوزيرة البريطانية التي كانت تتجول مع السفير بكل حرية في هذا الشارع عبرت عن إعجابها بأكلة شعبية عراقية هي «اللبلبي» وهو الحمص المسلوق بالماء الحار مع إضافة بعض البهارات إليه، مما يعطيه نكهة خاصة. وبعد تناولها هذه الأكلة الشتوية في هذا الشارع العريق عبرت عن حبها لباقي الأكلات العراقية دون أن تشير إليها قبل أن يطلب منها السفير الدخول إلى أحد أشهر المقاهي البغدادية في شارع المتنبي وهو «مقهى الشابندر» لتناول الشاي العراقي المعروف بمذاقه الخاص. ومن الشاي إلى باقي الأكلات التي يشتهر بها المطبخ العراقي مثل أنواع الحلويات التي تشتهر بها بغداد ومحافظات إقليم كردستان، لا سيما ما يعرف بـ«المن والسلوى»، وهو من بين أشهر الحلويات التي كثيراً ما تكون مادة دسمة في التقارير الإخبارية التلفزيونية، فضلاً عن أنواع أخرى من الحلويات وتعرف بـ«الدهين»، التي تشتهر بها كل من مدينتي النجف وكربلاء، وغالباً ما تكون هذه الحلويات من بين أبرز ما يأتي الزوار لتناوله في هاتين المدينتين.

الكبة على الطريقة العراقية (أدوبي ستوك)

«دهين» جينين بلاسخارت

غير أن من أبرز زوار هاتين المدينتين من الزوار الأجانب ممن يترددون عليهما بكثرة للقاء كبار المراجع ورجال الدين هي السفيرة السابقة لبعثة الأمم المتحدة لدى العراق «يونامي» جينين بلاسخارت التي انتهت مهمتها في العراق قبل شهور. ومع أن السفيرة الأميركية إلينا رومانسكي انتهت مدتها في العراق مؤخراً فإنها عبرت عن حبها لنمط آخر من الأكلات العراقية وهي من صلب المطبخ العراقي وهما «الدولما والسمك المسكوف». الممثلة الأممية بلاسخارت كان يطلق عليه لقب «الحجية»، كونها كانت ترتدي أحياناً غطاء الرأس، خصوصاً عندما تلتقي بعض كبار رجال الدين في البلاد. وكونها كانت كثيرة التحرك والسفر بين المحافظات فمن بين المدن التي تتحرك فيها كثيراً مدينتا النجف وكربلاء، وهو ما جعلها شديدة الإعجاب بأكلة «الدهينة».

رومانسكي أعلنت أنها سوف تتذكر من بين ما تتذكره عن العراق أكلتي «السمك المسكوف» و«الدولما» وهما من أشهر أكلات المطبخ العراقي.