روسيا توسّع مروحة الغارات في شمال سوريا

استهداف الفوعة بريف إدلب و«غصن الزيتون» في ريف حلب

عمود دخان بعد غارة روسية على ريف إدلب أمس (الشرق الأوسط)
عمود دخان بعد غارة روسية على ريف إدلب أمس (الشرق الأوسط)
TT

روسيا توسّع مروحة الغارات في شمال سوريا

عمود دخان بعد غارة روسية على ريف إدلب أمس (الشرق الأوسط)
عمود دخان بعد غارة روسية على ريف إدلب أمس (الشرق الأوسط)

تجدد أمس، القصف الجوي الروسي والقصف البري من قبل قوات النظام والميليشيات الإيرانية على مناطق متفرقة شمال غربي سوريا، بينها مناطق جديدة، في الوقت الذي يشهد فيه القطاع الطبي شبه انهيار، أمام ارتفاع أعداد الإصابات والوفيات للمواطنين بفيروس «كورونا».
وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن ثلاث مقاتلات روسية شنت صباح السبت 13 غارة جوية بصواريخ فراغية شديدة الانفجار، على بلدة الفوعة، ومحيط مناطق الرويحة وعين شيب بريف إدلب، وغارتين جويتين على مناطق دوير الأكراد والسرمانية في أقصى ريف حماة الغربي.
وأضاف «المرصد»، أن الطيران الروسي استهدف بـ5 غارات جوية منطقة «غصن الزيتون» في ريف عفرين شمال غربي حلب، الخاضعة لسيطرة الجيش الوطني المدعوم من أنقرة، حيث طالت الغارات الجوية، نقاطاً عسكرية تابعة لفصيل «الجبهة الشامية» الموالي لتركيا، في منطقتي باصوفان وباصالحية في ناحية شيراوا جنوب غربي عفرين، دون ورود معلومات عن سقوط خسائر بشرية، منوهاً إلى أنه ارتفع عدد الغارات الجوية الروسية إلى 200 غارة منذ مطلع الشهر الجاري سبتمبر (أيلول) حتى الآن، استهدفت منطقة (بوتين وإردوغان) أو ما تعرب بـمنطقة «خفض التصعيد»، ومنطقة «غصن الزيتون» شمال وشمال غربي سوريا.
وكان «المرصد»، وثق في 31 أغسطس (آب) الماضي، قصفاً جوياً روسياً استهدف معسكراً تابعاً لفصيل «فيلق الشام» المقرب من المخابرات التركية، بـ5 غارات جوية في قريتي أسكان والجلمة بريف ناحية جنديرس جنوب مدينة عفرين، في تطور لافت يعتبر حينها الأول من نوعه حول القصف الجوي على أحد المعسكرات لفصائل موالية لتركيا في منطقة غصن الزيتون الخاضعة للنفوذ التركي والفصائل الموالية لتركيا، وأسفرت الغارات الروسية حينها، عن سقوط 5 جرحى من عناصر الفصيل.
واندلعت اشتباكات بين قوات النظام من طرف، وفصائل «الجيش الوطني» الموالي لتركيا، من طرف آخر على محور قرية صوغانكه بناحية شيراوا صباح السبت، أصيب على إثرها أربعة عناصر من قوات النظام بجروح متفاوتة، نُقلوا إلى مشافي نبل والزهراء في حلب لتلقي العلاج، يأتي ذلك بعد محاولة تسلل قامت بها فصائل «الجيش الوطني» الموالي لتركيا على نقطة متقدمة لقوات النظام في قرية صوغانكه، لتندلع اشتباكات عنيفة بين الطرفين، كما أصيب عدد من عناصر الجيش الوطني جراء وقوعهم بحقل الألغام في أثناء انسحابهم، حسب «المرصد».
وقال محمد حسون وهو عضو في الهيئة السياسية في إدلب، إن «دخول مناطق جديدة بعيدة عن خطوط التماس بين المعارضة وقوات النظام، مثل مناطق الغسانية والعالية والفوعة بريف إدلب على قائمة الاستهداف الجوي من قبل الطيران الحربي الروسي في شمال غربي سوريا، وأيضاً استمرار العدوان الجوي والبري من روسيا وقوات النظام بشكل يومي على مناطق جبل الزاوية ومناطق عمليات الجيش التركي، هو بمثابة رسائل ضغط من قبل الجانب الروسي على تركيا، لفرض شروط جديدة على الجانب التركي فيما يتعلق بالشأن السوري والمناطق الخاضعة لنفوذ القوات التركية والفصائل الموالية لها، شمال غربي سوريا وشرقها».
ويضيف، «ربما تحاول روسيا أيضاً من خلال التصعيد العسكري الحالي، فرض اتفاق جديد مع الجانب التركي بالملف السوري، بمنأى عن مخرجات اتفاق موسكو مارس (آذار) 2020، الذي ينص على وقف إطلاق النار بين فصائل المعارضة السورية المسلحة وقوات النظام بضمانة الجانب الروسي للنظام والتركي للمعارضة، شمال غربي سوريا، وفرض حل سياسي معين يتناسب مع وجهات نظرها، ومن المرجح أن يكون أحد المطالب الروسية من الجانب التركي هو انسحاب فصائل المعارضة من المناطق الواقعة أسفل الطريق الدولي (حلب - اللاذقية) إلى شماله».
من جهته، قال النقيب ناجي مصطفى قيادي في غرفة عمليات «الفتح المبين» التابعة لفصائل المعارضة المسلحة بريف إدلب: «لقد بات مقاتلو الفصائل على أهبة الاستعداد والجاهزية العالية لمواجهة أي هجوم محتمل من قبل قوات النظام والميليشيات الإيرانية بريف إدلب»، منوهاً، إلى أنه «تم استهداف 6 مواقع عسكرية مهمة لقوات النظام في حزارين وسراقب داديخ بريف إدلب ومحور بالا بريف حلب الغربي بقذائف صاروخية ومدفعية ثقيلة، ما أدى إلى مقتل ضابط من قوات النظام وعدد من عناصره».
في سياق منفصل، تشهد عموم المناطق في شمال غربي سوريا، ارتفاعاً كبيراً بأعداد المصابين بفيروس «كورونا».
وقال محمد حمادي مسؤول الإعلام والتوثيق في الدفاع المدني السوري «الخوذ البيضاء»، إن الفرق المختصة نقلت خلال الساعات الماضية 18 حالة وفاة بينهم 8 نساء من المشافي الخاصة بفيروس «كورونا» في شمال غربي سوريا وجرى دفنها وفق الإجراءات الاحترازية، وتم أيضاً نقل 35 مصاباً من بينهم 15 امرأة إلى مراكز ومشافي العزل، مع استمرار عمليات التطهير للمرافق العامة وتوعية المدنيين.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.