47 ألف صناعي سوري هاجروا «خلال أسبوعين»

TT

47 ألف صناعي سوري هاجروا «خلال أسبوعين»

بعد شهور قليلة من طرح الرئيس بشار الأسد شعاره «الأمل بالعمل» عنواناً لحملة الانتخابات الرئاسية، فقد صناعيون «أي أمل بالعمل» في مناطق سيطرة الحكومة، حسب إحصاءات، وكشفت عن هجرة أكثر من 47 ألف صناعي سوري خلال أسبوعين. وقال الصناعي الحلبي مجد ششمان في تصريحات لإذاعة «ميلودي» المحلية إن 19 ألف صناعي غادروا حلب خلال أسبوعين، و28 ألفًا من دمشق، وذلك لارتفاع تكاليف الإنتاج لعدم توفر حوامل الطاقة وصدور قرارات اقتصادية ومالية عطلت الاستيراد والتصدير وضيقت الخناق على رؤوس الأموال والصناعيين في سوريا.
كان رئيس مجلس إدارة‏ ‏اتحاد غرف الصناعة السورية‏ فارس الشهابي حذر من «كارثة هجرة جديدة». ودعا أمس إلى «حركة تصحيحية جديدة»، قائلاً: «نحن بأمس الحاجة إلى حركة تصحيحية جديدة تحدث تغييراً جذرياً في طريقة التفكير والإدارة والمعالجة وخصوصاً بما يتعلق بإدارة الملف الاقتصادي المنفصلة تماماً عن الواقع»، مؤكداً أن «لا أحد يريد مغادرة بلده وأهله وناسه إلى المجهول، لكن عندما يفكر بالمغادرة من صمد وتحدي ظروف الإرهاب والحصار لعشر سنوات متتالية فهذه هي الطامة الكبرى...!».
وتفيد مصادر في الأوساط الصناعية السورية بفقدان رؤوس الأموال وأصحاب المشاريع في مناطق النظام «أي أمل» بتحسن الأوضاع، جراء التدهور الاقتصادي وعدم توفر حوامل الطاقة وصعوبة تأهيل المعامل وغيرها من أعباء ترفع تكاليف الإنتاج وتكبد الصناعيين خسائر باهظة، بالترافق مع القرارات الحكومية المعوقة للعمل ورسوم الجمارك والضرائب التي تجبى بطرق المداهمات «الـمهينة والمذلة» وتقول المصادر إن الجمارك والمالية تداهم المستودعات والمخازن وكأنها «فرق بوليس سري يفتش عن السلاح والإرهابيين... إنهم يفتشون في كل شيء حتى تطبيقات الموبايل وجيوب الملابس».
من جهته، قال الصناعي مجد ششمان إن واقع الكهرباء وارتفاع أسعار المحروقات والعوامل الأخرى التي ترفع تكلفة الإنتاج والصعوبة بتأهيل المعامل، «كبدت المنتج أعباءً كبيرة وأثرت في تنافسية المنتج السوري خارجياً. وقد «بدأ البعض يفكر بالمغادرة لا سيما مع توافر فرص استثمارية جيدة في أماكن أخرى كمصر وأربيل» وسبق لرئيس تجمع رجال الأعمال السوريين في مصر خلدون الموقع كشفه أن نسبة المعامل السورية في مصر تصل إلى 80 في المائة من عدد المصانع التي أقيمت خارج سوريا بعد عام 2011.
ونفى الصناعي الحلبي مجد ششمان تقديم مصر تسهيلات استثنائية جاذبة للصناعيين السوريين، قائلاً: «لا توجد تسهيلات كبيرة تقدمها مصر للسوريين، إنما فقط حرية الأسواق والحركة والعمل والتصدير المفتوح إلى كل دول العالم». ولفت ششمان إلى وجود نحو 720 معملاً في المدينة الصناعية بحلب لم يغلق أي منها لكن بعض ملاكها يتجه إلى فتح فروع أخرى في دول أخرى لأن هذه المعامل تعمل بطاقة إنتاجية تتراوح نسبتها بين 30 و40 في المائة من طاقتها، ما يسبب خسارة كبيرة فضلاً عن التكلفة الكبيرة المترتبة على صعوبات النقل والشحن. وأكد الصناعي الحلبي ششمان: «ناشدنا كثيراً من أجل إعادة تأهيل البنى التحتية، وتحسين واقع الكهرباء، وتزويد حلب بكمية أكبر من الطاقة كونها العاصمة الاقتصادية للبلاد، بدلاً من تزويدها بـ200 ميغاوات فقط».
وبدل اتباع الحكومة سياسات اقتصادية لتخفيف الخسائر وحماية الإنتاج المحلي أصدرت سلسلة قرارات عطلت بيئة العمل كالقرارين 1070 و1071 اللذين عرقلا الاستيراد والتصدير، لعدم وضوح تعليماتها التنفيذية التي أدت إلى حجز البضائع عند الحدود، حسب ششمان الذي قال: إن «التجار لا يعرفون كيف سيصدرون ويستوردون»، مشيراً إلى أن قرار حاكم المصرف المتعلق بإعادة قطع التصدير بنسبة 50 في المائة جاء مفاجئاً و«أربك المستثمرين والصناعيين والتجار لا يعلمون كيفية التعامل مع القرار».
وكان حاكم مصرف سوريا المركزي قد أصدر الشهر الماضي قراراً يقضي بتعهد إعادة قطع التصدير بنسبة 50 في المائة، وإلزام المصدر بتوقيع تعهد لدى أحد المصارف المحلية ببيعه 50 في المائة من قيمة البضاعة المصدرة للخارج إلى المصرف المنظم للتعهد، وفق نشرة المصارف والصرافة في تاريخ التسديد، مضافاً إليها «علاوة تحفيزية» تحدد بشكل يومي من قبل المصرف المركزي. وبعد اعتراض المصدرين تم الاتفاق بين اتحاد غرف الصناعة السورية وحاكم المصرف المركزي بداية سبتمبر (أيلول) الجاري على السماح للمصدرين بتصريف 50 في المائة من عائدات القطع الأجنبي الناتجة عن التصدير وفق سعر السوق السوداء. وهو ما يتناقض مع المرسومين 3 و4 المتعلقين بالتداول بغير العملة المحلية ويطالب الصناعيين والتجار بتعديلهما.



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.