«المركزي} التركي يذبح الليرة بالانحناء لضغط إردوغان

المعارضة اتهمت الرئيس بإفقار الشعب... ووسم «الدولار» يتصدر

هوت الليرة التركية إلى أدنى مستوياتها في التاريخ عقب قرار  البنك المركزي خفض الفائدة استجابة لضغوط إردوغان (إ.ب.أ)
هوت الليرة التركية إلى أدنى مستوياتها في التاريخ عقب قرار البنك المركزي خفض الفائدة استجابة لضغوط إردوغان (إ.ب.أ)
TT

«المركزي} التركي يذبح الليرة بالانحناء لضغط إردوغان

هوت الليرة التركية إلى أدنى مستوياتها في التاريخ عقب قرار  البنك المركزي خفض الفائدة استجابة لضغوط إردوغان (إ.ب.أ)
هوت الليرة التركية إلى أدنى مستوياتها في التاريخ عقب قرار البنك المركزي خفض الفائدة استجابة لضغوط إردوغان (إ.ب.أ)

هوت الليرة التركية إلى أدنى مستوياتها في التاريخ خلال تعاملات أمس (الجمعة) غداة قرار البنك المركزي بخفض سعر الفائدة الرئيسي 100 نقطة أساس لينخفض معدل الفائدة من 19 إلى 18 في المائة.
ووجّه البنك المركزي التركي بقراره ضربة صاعقة إلى الليرة التي تترنح في أسواق الصرف في مواجهة العملات الأجنبية منذ الهبوط الكبير في منتصف أغسطس (آب) 2018، عندما فقدت نحو 40 في المائة من قيمتها على خلفية أزمة بين الولايات المتحدة وتركيا بسبب اعتقال القس الأميركي أندرو برونسون، واتهامه بالضلوع في محاولة انقلاب فاشلة شهدتها البلاد في 15 يوليو (تموز) 2016، إلى جانب أسباب داخلية وجيوسياسية تتعلق بالتدخل في سوريا وملفات أخرى بالمنطقة؛ إذ بقيت العملة التركية متذبذبة منذ ذلك الوقت، كما فقدت منذ مطلع العام الحالي 16 في المائة من قيمتها.
ووسط تصاعد غضب المعارضة التركية من سياسات الرئيس رجب طيب إردوغان والضغوط التي يمارسها على البنك المركزي لخفض سعر الفائدة، جرى تداول الليرة أمس عند مستوى 8.85 ليرة للدولار، و10.38 ليرة لليورو، وسط استمرار في تراجع مؤشر بورصة إسطنبول منذ إعلان المركزي قراره خفض سعر الفائدة مساء أول من أمس.
وأعلن البنك المركزي خفض سعر الفائدة 100 نقطة أساس على عمليات إعادة الشراء لأجل أسبوع (الريبو) ليصبح سعر الفائدة 18 في المائة، بدلاً عن 19 في المائة، وذلك في ختام اجتماع لجنته للسياسة النقدية التي استمرت حتى وقت متأخر أول من أمس.
وقال «المركزي»، إن المؤشرات الرئيسية تظهر أن النشاط الاقتصادي المحلي يسير بشكل قوي في الربع الثالث مدفوعاً بالطلب الخارجي، وإن ظروف الطلب الخارجي الإيجابية والسياسة النقدية المشددة التي يتم تنفيذها تؤثر بشكل إيجابي على ميزان الحساب الجاري.
وأشار البيان إلى أن زيادة سرعة التطعيم باللقاحات المضادة لفيروس كورونا على مستوى العالم، وبخاصة في الدول المتقدمة، تدعم عملية التعافي في الاقتصاد العالمي، وأنه على الرغم من زيادة معدلات التطعيم، فإن السلالات الجديدة للفيروس تبقي المخاطر السلبية ماثلة على النشاط الاقتصادي العالمي.
وتوقع البنك، أن يكون هناك فائض في الحساب الجاري في الفترة المتبقية من العام، حيث يؤدي الاتجاه التصاعدي القوي في الصادرات والتسارع القوي في التطعيم إلى تحفيز الأنشطة السياحية.
وسبق أن كشف «المركزي التركي» عن عجز كبير في الحساب الجاري في شهر يوليو الماضي، حيث سجل ملياراً و306 ملايين دولار بعجز قدره 683 مليون دولار. وبهذا بلغ عجز الحساب الجاري خلال 12 شهراً نحو 27 ملياراً و832 مليون دولار. وأكد البنك، أنه سيواصل، بحزم، استخدام جميع الأدوات المتاحة له حتى تظهر مؤشرات قوية تشير إلى انخفاض دائم في التضخم ويتم تحقيق هدف 5 في المائة على المدى المتوسط بما يتماشى مع الهدف الرئيسي المتمثل في استقرار الأسعار.
ويقف التضخم السنوي حالياً عند 19.25 في المائة، ويشكل ضغطاً كبيراً على البنك المركزي للاستمرار في تشديد سياساته النقدية، بعدما تجاوز معدل التضخم سعر الفائدة الرئيس، ليواجه البنك ضغوطاً مزدوجة ما بين استمرار انعدام القدرة على كبح جماح التضخم وضغوط الرئيس إردوغان من أجل خفض سعر الفائدة، الذي يصفه بأنه «السبب في كل الشرور» ويخالف جميع النظريات التقليدية للاقتصاد بتأكيده أن خفض الفائدة، التي أعلن نفسه «عدواً لها» من شأنه خفض التضخم، وكذلك إنعاش الليرة التركية المتدهورة في مواجهة العملات الأجنبية.
وتوقعت وكالة «فيتش» الدولية للتصنيف الائتماني، أن يبلغ المعدل السنوي للتضخم في تركيا 17.2 في المائة للعام الحالي، و13.4 في المائة للعام 2022، و10.5 في المائة للعام 2023، وهي نسب بعيدة تماماً عن توقعات البنك المركزي التركي، البالغة 5 في المائة بحلول نهاية العام الحالي.
ويواجه إردوغان ضغطاً حقيقياً بسبب ارتفاع التضخم، وبخاصة التضخم في أسعار المواد الغذائية، الذي فاق 30 في المائة، وتعهد منذ أيام بالتصدي لانفلات الأسعار والغلاء الفاحش، وذلك مع بدء تحضيراته المبكرة للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة في يونيو (حزيران) 2023.
وتفاعلت الليرة التركية على الفور مع قرار البنك المركزي، وهبطت لأدنى مستوى لها في التاريخ. واعتبر موقع «محللون»، أن القرار علامة على أن صانعي السياسة في البنك المركزي يستسلمون لمطالب الرئيس، لخفض تكاليف الاقتراض. وتهدد هذه الخطوة أيضاً بتقويض ثقة المستثمرين في أصول الدولة مع تآكل العائد الحقيقي على الليرة.
وبعد أن وصلت الليرة إلى قاعٍ تاريخي غير مسبوق، ثار الأتراك ضد سياسات حكومة إردوغان، وتصدر وسم «الدولار» موقع التواصل الاجتماعي «تويتر».
وقال أحد رواد موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، ساخراً من إردوغان وحكومته «الحياة قصيرة، والدولار يرفرف عالياً. إذا سألكم أحد، ستقولون إن أوروبا تشعر بالغيرة منا...!».
وأضاف آخر «انخفض سعر الفائدة، وبلغ سعر صرف الدولار 8.80 ليرة. ماذا قال الشاعر (إردوغان)؟ قال أنا خبير اقتصادي...!».
ووجهت المعارضة التركية انتقادات حادة لقرار البنك المركزي خفض سعر الفائدة في ظل التضخم غير المسبوق، وقال كمال كليتشدرأوغلو، رئيس حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، إن قرار البنك المركزي بخفض سعر الفائدة جعل البلاد أكثر فقراً. وأضاف في تغريدة على «تويتر»، أن نتيجة تفاخر إردوغان بأنه خبير اقتصادي، زيادة الفقر في البلاد وغلاء الأسعار وتراكم الفواتير الباهظة على المواطنين.
وأكد كليتشدارأوغلو، أن البنك المركزي لم يعد يتمتع بأي استقلالية، مشيراً إلى أن إردوغان أصدر التعليمات للبنك المركزي بخفض سعر الفائدة أثناء وجوده في نيويورك للمشاركة في أعمال الدورة الـ76 للجمعية العامة للأمم المتحدة، ووجّه حديثه إلى رئيس البنك، شهاب كاوجي أوغلو، الذي توقع أنه سيرحل أيضاً، كثلاثة من سابقيه لعدم قدرته على مواجهة نظام إردوغان غير العقلاني، قائلاً «الآن علمت أنك لست رئيس البنك المركزي، إردوغان هو رئيس البنك المركزي، ولكن عليك أن تتذكر أنك ستحاسَب على أموال الشعب أيضاً».



التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)

ارتفع معدل التضخم في السعودية إلى 2 في المائة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على أساس سنوي، مسجلاً أعلى مستوى منذ 15 شهراً، وذلك عطفاً على ارتفاع أسعار قسم السكن والمياه والكهرباء، والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة وأسعار أقسام السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة، مقابل انخفاض أسعار قسم النقل بنسبة 2.5 في المائة.

وعلى الرغم من ذلك الارتفاع فإن هذا المستوى جعل السعودية البلد الأقل ضمن مجموعة العشرين، في الوقت الذي عدَّه اقتصاديون معتدلاً نسبياً.

ووفق مؤشر الرقم القياسي لأسعار المستهلك، الصادر عن الهيئة العامة للإحصاء، الأحد، ارتفع قسم السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة، وقد تأثر بارتفاع مجموعة الإيجارات المدفوعة للسكن 10.8 في المائة خلال نوفمبر الماضي، بسبب زيادة في أسعار إيجارات الشقق 12.5 في المائة.

المطاعم والفنادق

وكان لارتفاع هذا القسم أثر كبير في استمرار وتيرة التضخم السنوي لنوفمبر 2024، نظراً للوزن الذي يشكله هذا القسم، الذي يبلغ 25.5 في المائة، وفي السياق ذاته، ارتفعت أسعار قسم السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة خلال نوفمبر السابق، متأثرة بارتفاع أسعار المجوهرات والساعات بأنواعها والتحف الثمينة 23.7 في المائة.

وسجلت أسعار قسم المطاعم والفنادق ارتفاعاً بنسبة 1.5 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار الخدمات الفندقية والشقق المفروشة بنسبة 5.9 في المائة، أما قسم التعليم فقد شهد ارتفاعاً بنسبة 1.1 في المائة، متأثراً بزيادة أسعار الرسوم لمرحلتي المتوسط والثانوي 1.8 في المائة.

الأغذية والمشروبات

في حين سجلت أسعار الأغذية والمشروبات ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.3 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار اللحوم والدواجن، 1.9 في المائة. من جهة أخرى، انخفضت أسعار قسم تأثيث وتجهيز المنزل بنسبة 2.9 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الأثاث والسجاد وأغطية الأرضيات بنسبة 4.4 في المائة.

وتراجعت أسعار قسم الملابس والأحذية بنسبة 2.3 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الملابس الجاهزة 4.6 في المائة، وكذلك سجلت أسعار قسم النقل تراجعاً بنسبة 2.5 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار شراء المركبات بنسبة 3.9 في المائة.

تنويع الاقتصاد

وقال كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، الدكتور نايف الغيث، لـ«الشرق الأوسط»، إن ارتفاع معدل التضخم في المملكة إلى 2 في المائة خلال نوفمبر الماضي، مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق، يعكس التغيرات الاقتصادية التي تمر بها المملكة في إطار «رؤية 2030»، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.

وبيَّن الغيث أن العامل الرئيسي وراء هذا الارتفاع كان قطاع السكن والمرافق، حيث شهد زيادة كبيرة بنسبة 9.1 في المائة. وكان لارتفاع أسعار إيجارات المساكن، وخصوصاً الشقق التي ارتفعت بنسبة 12.5 في المائة، الدور الأكبر في هذه الزيادة، موضحاً أن هذا القطاع يشكل 25.5 في المائة من سلة المستهلك، وبالتالي فإن تأثيره على معدل التضخم العام كان ملحوظاً.

ووفق الغيث، أسهم ارتفاع أسعار السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة في زيادة معدل التضخم، وأن هذا الارتفاع يعكس تغيرات في أنماط الاستهلاك وزيادة الطلب على بعض السلع والخدمات في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة.

تحسين البنية التحتية

على الجانب الآخر، يرى كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، أن قطاع النقل شهد انخفاضاً بنسبة 2.5 في المائة، ما أسهم في تخفيف الضغط التضخمي إلى حد ما، وأن هذا الانخفاض قد يكون نتيجة لتحسن البنية التحتية للنقل وزيادة كفاءة الخدمات اللوجيستية، وهو ما يتماشى مع أهداف «رؤية 2030» في تطوير قطاع النقل والخدمات اللوجيستية.

وفي سياق «رؤية 2030»، يؤكد الغيث أنه من الممكن النظر إلى هذه التغيرات في معدلات التضخم كجزء من عملية التحول الاقتصادي الشاملة، مضيفاً أن الارتفاع في أسعار السكن، «على سبيل المثال»، قد يكون مؤشراً على زيادة الاستثمارات في القطاع العقاري وتحسن مستويات المعيشة.

وأبان أن الزيادة في أسعار السلع والخدمات الشخصية قد تعكس تنوعاً متزايداً في الاقتصاد وظهور قطاعات جديدة.

ولفت الغيث النظر إلى أن معدل التضخم الحالي البالغ 2 في المائة يعتبر معتدلاً نسبياً، ما يشير إلى نجاح السياسات النقدية والمالية في الحفاظ على استقرار الأسعار.