الانتخابات النيابية ضرورة لتعطيل «التمديد» وتوفير المساعدات الدولية

سفراء عرب وأجانب ينصحون بإنجازها في مارس

TT

الانتخابات النيابية ضرورة لتعطيل «التمديد» وتوفير المساعدات الدولية

ينصح عدد من السفراء العرب والأجانب المعتمدين في لبنان بتقديم موعد الانتخابات النيابية المقررة في ربيع العام 2022 بما يتيح إنجازها في آخر يوم أحد من شهر مارس (آذار) المقبل، أي في السابع والعشرين منه، ويعزو مصدر نيابي بارز السبب إلى أن إجراءها في 8 مايو (أيار) أي قبل أقل من أسبوعين على انتهاء ولاية المجلس النيابي الحالي، أي في الحادي والعشرين منه، قد يعرّضها إلى انتكاسة أمنية أو سياسية تستدعي ترحيلها إلى موعد آخر، ما يفتح الباب أمام الدعوة للتمديد للبرلمان.
ويؤكد المصدر النيابي البارز لـ«الشرق الأوسط» أن إجراء الانتخابات في 27 مارس يُبقي على الفرصة المفتوحة أمام تحديد موعد آخر في حال تعذّر إنجازها في الوقت المحدد لها، لأن المهلة الزمنية التي تفصل عن انتهاء ولاية البرلمان الحالي ما زالت بإجراء الانتخابات وبإسقاط تذرُّع البعض بأن ضيق الوقت يضغط للتمديد للبرلمان بدلاً من إقحام لبنان في فراغ تشريعي.
ويلفت إلى أن التمديد للبرلمان سيكون الخيار القاتل الذي يمكن أن ينسحب على مطالبة البعض بالتمديد لرئيس الجمهورية ميشال عون بذريعة عدم ترك سدّة الرئاسة الأولى شاغرة، ويقول بأن تقديم موعد إجراء الانتخابات بدعم دولي وعربي يفوّت الفرصة على من يراهن على التمديد لعون لأن هناك ضرورة لتأمين الانتقال السلمي للسلطة بدءاً بانتخاب مجلس نيابي جديد يوكل إليه انتخاب رئيس جمهورية جديد خلفاً لعون الذي تنتهي ولايته في 31 أكتوبر (تشرين الأول) عام 2022.
ويرى المصدر النيابي نفسه أن هناك صعوبة في إجراء الانتخابات النيابية في أبريل (نيسان) المقبل لأنه يتزامن مع حلول شهر رمضان الذي يمتد إلى أوائل مايو لتبدأ بعد هذا التاريخ عطلة عيد الفطر التي تليها عطلة عيد الفصح لدى الطوائف المسيحية التي تعتمد التقويم الغربي ومن ثم العطلة المماثلة للمسيحيين الذين يتّبعون التقويم الشرقي، وبالتالي من الأفضل إجراء الانتخابات قبل انتهاء شهر مارس، وهذا يتطلب منذ الآن السعي لتأمين الشروط السياسية واللوجيستية والأمنية لإنجازها بعيداً عن تبادل الضغوط التي تعطل توفير الأجواء التي تتيح للناخبين ممارسة حقهم في اختيار ممثليهم في البرلمان بحرية بعيداً عن الابتزاز والتهويل.
ويؤكد المصدر نفسه أن تقريب موعد الانتخابات سيدفع باتجاه خفض منسوب التوتر لأنه سيكون حكماً أقل حدّة قياساً على ما ستكون عليه الأجواء في حال أن الانتخابات ستجري في مايو، وهذا يريح الحكومة الميقاتية بتأمين الأجواء الأكثر هدوءاً للمضيّ في تحقيق برنامجها الاقتصادي والمالي. ويعتقد أنْ لا مشكلة تعيق جهوزية الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي للحفاظ على أمن العملية الانتخابية، وهي تواصل استعداداتها منذ الآن رغم أن الجسم الأمني لا يزال يعاني من الضائقة المعيشية أسوةً بالسواد الأعظم من اللبنانيين، وهذا ما دفع قيادة الجيش إلى إعادة النظر بخريطة انتشاره على طول مساحة الوطن للحد من الأعباء الاقتصادية عن المؤسسة العسكرية ولتخفيفها عن كاهل العسكريين من دون أن يؤثر على دورها في الحفاظ على الأمن، مع أن إعادة الانتشار بدأت في الساعات الماضية من الضاحية الجنوبية لبيروت.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن الضاحية الجنوبية التي تشكّل واحدة من أبرز الحاضنات السياسية لـ«حزب الله» الذي يتشارك في حضوره مع حليفته حركة «أمل» تحتضن حالياً الثقل الأكبر من الإجراءات الأمنية التي تنفّذها وحدات من الجيش وقوى الأمن الداخلي والأمن العام، وهذا ما دفع المؤسسة العسكرية إلى وضع خطة أمنية تقوم على إقامة الحواجز الثابتة ونقاط المراقبة وتسيير الدوريات المؤللة بالتلازم مع إقامة حواجز ظرفية يعود للقيادة العسكرية حرية التصرف في تحديد أماكن إقامتها والمواقيت التي ستختارها، آخذة بعين الاعتبار عدم تعريض الخطة الأمنية للاهتزاز خصوصاً بعدما نجحت القوى الأمنية في القضاء على المجموعات الإرهابية وخلاياها النائمة بعد التفجيرات التي استهدفتها. وكشفت مصادر أمنية أن إعادة الانتشار جاءت في أعقاب التنسيق بين القوى الأمنية من خلال غرفة العمليات المشتركة التي كانت قد تشكلت منها، وقالت إن إعادة الانتشار تشمل هذه القوى التي اضطرت إلى خفض أيام العمل للعسكريين للتخفيف من الضائقة المعيشية التي يعانون منها وكانت قد بلغت ذروتها في الأشهر الأخيرة.
أما بالنسبة إلى التحضيرات السياسية المطلوبة من المجلس النيابي ووزارة الداخلية، فعلمت «الشرق الأوسط» أن التوجّه النيابي غير النهائي لإجراء الانتخابات في مارس يتطلب تعديل المهل الخاصة بإنجاز لوائح الشطب وتصحيحها من الأخطاء المتأتية عن عدم إدراج أسماء الناخبين عليها، إضافة إلى تعديل بعض المواد في قانون الانتخاب الحالي الذي لا مجال لاستبداله بقانون آخر على أن تشمل التعديلات تعليق العمل بالبطاقة الممغنطة مع أن إمكانية إنجازها ما زالت قائمة.
كما أن التعديلات ستشمل تعليق العمل بـ«ميغا سنتر» الذي يسمح للناخبين بالاقتراع في أماكن إقامتهم وأيضاً بزيادة 6 مقاعد نيابية توزّع بالتساوي بين المسلمين والمسيحيين وتخصَّص لتمثيل اللبنانيين المقيمين في بلاد الاغتراب على أن يحق لهم الاقتراع من مقر إقامتهم للمرشحين عن الدوائر المسجّلين على لوائح القيد في لبنان.
لذلك، فإن الانتخابات النيابية ستحصل بضغط دولي وبمراقبة أممية للعملية الانتخابية لأنها الممر الإلزامي لإعادة تكوين السلطة ولحصول لبنان على المساعدات الدولية، وهذا ما يعكسه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في إصراره على إنجازها كما تعهد في البيان الوزاري لحكومته.
لكنّ الإصرار على إجراء الانتخابات يتطلب توفير الحماية للحكومة وتحصينها من الداخل للحفاظ على انسجامها وتماسكها، وهذا ما يفرض ترحيل التعيينات الإدارية وإقرار الضروري منها وعدم الخضوع للضغوط لتحويل التعيينات إلى رشى انتخابية، خصوصاً أنه يتردد أن رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، يسعى لإصدار دفعة من التعيينات لتعويم وضعه الانتخابي، مع أنه يدرك سلفاً بأن ذلك لن يفيد للنأي بالحكومة عن التجاذبات وصولاً إلى تحصينها من المواد «المشتعلة» التي قد تؤدي إلى تدمير برنامجها الإنقاذي.
ويبدو أن ميقاتي لا يُبدي تجاوباً مع إدراج التعيينات على جدول أعمال مجلس الوزراء لئلا تنقسم الحكومة، مع أن الغموض يكتنف حتى إشعار آخر خريطة التحالفات الانتخابية ما دامت الطريق إلى بلورتها ما زالت غير سالكة لأن أصدقاء الأمس انقسموا على أنفسهم كحال خصوم الأمس، فيما لم يتمكن «الحراك المدني» حتى الساعة من التوصُّل إلى تفاهم لخوض الانتخابات بلوائح موحّدة.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.