حضور لافت للموسيقى الأندلسية القديمة في مهرجان «سماع» المصري

يشارك الفنان الإسباني الكبير إدواردو بانيجوا، أحد أشهر مقدمي الموشحات والموسيقى الأندلسية، في فعاليات الدورة الـ14 من مهرجان «سماع الدولي للإنشاد والموسيقى الروحية الدولي»، وهو من الذين يبذلون قصارى جهدهم لاستعادة التراث الموسيقي للعصور الوسطى، وجمع خلال خبرته الفنية الممتدة ألواناً مختلفة منها، وقدم العديد من الأعمال الممتازة التي لاقت إشادة كبيرة من نقاد، فضلاً عن حصولها على جوائز وطنية ودولية، وتتمحور حول عصر «ألفونسو العاشر» المُلقب بـ«العالم»، وهو الذي جمع في بلاطه مسلمين ومسيحيين ويهوداً، وهو ما شكله بانيجوا في عمله المعروف بـ«أحلام الأندلس» يرمز إلى تسامح إسبانيا في العصور الوسطى. وتضم فرقته كلاً من شيخ الدين وافر، وبيدرو بوروزو.
شيخ الدين وافر، المولود في شمال السودان ويحمل الجنسية الإسبانية، موسيقي متعدد المواهب، حيث يعزف على العود العربي والآلات الشرقية، ويتعاون مع فرق متعددة من الموسيقى الإسبانية التقليدية والموسيقى العربية الشرقية وموسيقى البلقان.
بينما وُلد بيدرو بوروزو في برشلونة عام 1964، وقاد في الثمانينات والتسعينات فرقة كلاوستروفوبيا، للموسيقى الطليعية، وتعد مرجعية لكل موسيقى البوب الإسبانية التي يتابعها الآلاف يومياً، وقام بالعزف في جميع أنحاء الدولة الإسبانية وفي دول مثل تركيا أو السودان أو الجزائر، حيث أعاد تفسير تقاليد العصور الوسطى من منظور معاصر وشخصي للغاية، وهو مسلم ويعرف نفسه على أنه (شاعر جوال) القرن الحادي والعشرين، في حب سحر ابن العربي وسان خوان دي لا كروس وجلال الدين الرومي.
وإلى جانب مشاركته بفعاليات المهرجان، مساء أول من أمس، فقد استضافه مركز ثربانتيس الثقافي الإسباني بالقاهرة، أمس (الخميس).
إدواردو بانيجوا المولود في العاصمة الإسبانية مدريد عام 1952 من أبرز الفنانين الذين احتفوا بالموسيقى الأندلسية القديمة، خصوصا أغاني الموشحات التي تعد من أهم معالم الإنتاج الفني الثقافي الذي جمع الثقافات الثلاث على أرض الأندلس، وكشف بانيحوا عن آخر إبداعاته في هذا المجال وقدم شذرات منها أثناء فعاليات المهرجان.
ولبانيجوا أكثر من 50 أسطوانة تحمل شجون الموسيقى الأندلسية وغرامها ومعاناتها، التي تعيد بدورها السامع للعصر الذي عاش فيه ابن زيدون وابن الخطيب والغزال وغيرهم من شعراء الأندلس خلال ذروة ازدهارها وحتى مراحل انحدارها مع تنوع المشاعر والانفعالات.
ويقول بانيجوا لـ«الشرق الأوسط»: «هذه المشاركة تعد الخامسة لي في مهرجان سماع الدولي»، مشيراً إلى أن «الفرق الإسبانية لا تحصل على مقابل مادي من إدارة المهرجان، بل تأخذ دعماً من السفارة أو المركز الثقافي الإسباني بالقاهرة».
وأشاد الفنان الإسباني بمزج مدير ومؤسس المهرجان الفنان انتصار عبد الفتاح بين أغاني ومقطوعات الفرق الموسيقية الدولية لتكوين أغنية واحدة، لافتا إلى أن النتيجة في النهاية تكون مبهرة.
وبشأن انتقاده لعزفه الموسيقى العبرية، يقول: «عندما أعزف الموسيقى العبرية أتعرض لانتقادات من أحد الأطراف، كذلك عندما أعزف الموسيقى العربية أتعرض أيضا لانتقادات من طرف آخر، لكني أقول للطرفين إنها إسبانيا التي احتوت الجميع بأديانها وأطيافها المختلفة».
وأفاد بأنه يشارك في المهرجان من أجل العزف والاستمتاع والتعلم.
وتشارك في الدورة الجارية من مهرجان «سماع» 33 فرقة مصرية وعربية وأجنبية، ويقام المهرجان سنوياً تحت شعار «رسالة سلام إلى العالم»، ورعاية وزارة الثقافة ووزارة السياحة والآثار ومؤسسة حوار لفنون ثقافات الشعوب.
واختار المهرجان دولة الأردن لتكون ضيف شرف المهرجان في دورته الـ14، في إطار مشاركة مصر احتفالات الأردن بمئوية تأسيس الدولة الأردنية. كما يحتفي المهرجان أيضاً بتونس وبتاريخها الطويل في مشاركات فرقها المتنوعة بفعاليات الدورات السابقة.
ويؤكد رئيس المهرجان انتصار عبد الفتاح أن حفل الختام سيكون ضخماً لمشاركة مجموعة كبيرة من فرق الدورة الـ14 به، عبر الورشة الدولية التي تعكس حالة التناغم وقيمة الإنسان واحترام ثقافته.